حكيم يماني انتشرت أمثاله الزراعية وأقواله الحكمية في كثير من أرجاء اليمن ,ومع أنه لم يُعرف العصر الذي عاش فيه هذا الحكيم إلا أنه من خلال ما حوته أقواله –إن صحت نسبتها إليه- فإننا نستطيع أن ننسبه إلى بدايات العصر الإسلامي , وسوف نشير إلى ما يثبت ذلك . ومن خلال نقل أقواله بالتواتر من الآباء إلى الأبناء , نستطيع أيضاً تحديد المنطقة التي عاش فيها على وجه الترجيح. أماالقبيلة التي ينتمي إليها فالكثير ينسبونه إلى القبيلة الأصيلة بني هلال التي عاشت في مرخة قبل الإسلام وتبقت منها عشيرة لم ترحل , ومنها انحدر الحميد فلذلك يقال له هلالي. وهناك مقولة يذهب أصحابها إلى أن الحميد هو نفسه (على ابن زايد) الحكيم المشهور في اليمن والذي دونت الكثير من أقواله وحكمه ومأثوراته. وفريق آخر يقول إنه لا وجود للشخصيتين وإن كل هذا الكم من الحكم والأمثال سواء أكانت زراعية أم اجتماعية عامة أو حكمية ماهي إلا نتاج تراكم خبرات المجتمع ترجمها أقوالاً ونسبها إلى شخص لا وجود له. ومع أن المناطق التي تنطق بأقوال الحميد أو تنسب الأقوال إليه أكثر من تلك التي يتردد فيها ذكر على بن زايد إلا أن الحميد لم يحظ بدراسة قدر ما رأيناها في حالة على ابن زايد . فالمناطق التي تنسب الأقوال فيها إلى الحميد تشمل مأرب والبيضاء ويافع والضالع والمناطق الجنوبية الشرقية ؛ شبوة وأبين وحتى حضرموت والمهرة، فذكر الحميد وأقواله تترد هناك , وإن كان انتشارها هناك قليلاً لوجود شخصية أخرى وهو أبو عامر. وتنتشر أقوال الحميد أيضاً في أجزاء كثيرة من إب وتعز , بينما نلاحظ أن المناطق التي يترد ذكر ابن زايد فيها هي ذمار وصنعاء وحجة وصعدة وبعض مناطق من لواء إب . وهناك حكماء آخرون يتردد ذكرهم من قبل العامة أمثال : شرقة وأبو عامر وحزام الشبلي ولكل مجاله وطريقته في تقديم المقولة أو الحكمة الشعبية إن صح التعبير. الحميد في أقلام الكتاب كما أسلفنا لم نر الكثير من الكتاب يشير إلى هذه الشخصية الفذة إلا تلميحاً وبطريقة عابرة , وكان أكثر هؤلاء هو الشاعر عبد العزيز المقالح في كتابه «شعرالعامية في اليمن»؛ فقد أورد بعض الأمثال للحميد وشرح اليسير منها وذكر أنه ينتمي الى المنطقة الشرقية الجنوبية . ولعل الدكتور عمر الجاوي أول من تكلم وبنوع ما من التفصيل في دراسة له عن الحميد, وقد أشار إلى أنه (الحميد) من المنطقة الشرقية أيضاً . ونحن هنا في بحثنا لا يهمنا من أي المناطق أتى الحميد , بقدر ما يهمنا من هو الحميد , وماذا قال وما مدى تأثير أقواله في المجتمع اليمني ؟