قد تصبح صنعاء في فترة تتراوح ما بين خمس وعشر سنوات أول عاصمة في العالم من دون مياه اذ تجف فيها الآبار الجوفية شيئاً فشيئاً كما في مناطق اخرى من اليمن. ويؤكد خبراء ومسؤولون، ان ندرة المياه التي يمكن ان تتسبب بمشاكل لا يمكن التنبؤ بها او ضبطها في المستقبل ، ستثار في اجتماع لندن حول اليمن يوم الاربعاء المقبل . وتعد بلادنا من اكثر الدول جفافاً في العالم اذ ان 125 متراً مكعباً من المياه متوفرة لكل مواطن سنويا فقط بينما يبلغ المعدل العالمي الى 7500 متر مكعب لكل شخص. وتعتبر الامم المتحددة ان انخفاض مقدار المياه المتوفر لكل شخص عن الف متر مكعب سنويا يؤثر بشكل كبير على التنمية. ورأى تقرير لمركز كارنيغي للسلام صدر في فبراير 2009 ان صنعاء يمكن ان تصبح اول عاصمة محرومة كلياً من المياه. وتقع صنعاء على ارتفاع 2300 متر عن سطح البحر, وهي تملك شبكة مياه غير قادرة على سد حاجات سكانها في حين تحرم احياء بكاملها من المياه. ولا يرى سكان احياء اخرى المياه تصل الى منازلهم الا مرة كل عشرين يوماً. ونتيجة لهذا القصور في شبكة المياه, تزدهر تجارة المياه عبر استثمار مئات الآبار الارتوازية الخاصة التي تسحب المياه الجوفية المتضائلة بسرعة, ويتم نقل هذه المياه وبيعها عبر صهاريج ومستوعبات من مختلف القياسات. وقال محمد مؤيد (27 عاماً) الذي يملك احدى تلك الآبار:إن بئري عمقها 480 متراً, وعندما بدأت باستخراج المياه كانت على عمق اربعمائة متر. مستوى المياه ينخفض ثلاثة امتار تقريباً كل سنة”. وفي ستينيات القرن الماضي, كانت المياه تنبع في صنعاء على عمق عشرين مترا بحسب خبير مياه اوروبي فضل عدم الكشف عن اسمه. وقال الخبير «المشكلة هي القات», في اشارة الى استنزاف المياه في زراعة القات التى مع العلم تزرع بكثافة في المناطق الزراعية حول العاصمة اليمنية. واضاف الخبير ان «زراعة القات تستحوذ على ما بين %40 و%50 من مياه الري, فيما الري الزراعي نفسه يستحوذ على %90 من مياه البلاد». كما ان اسعار «المازوت» المدعومة بشكل كبير والتي تباع بقيمة 17 سنتا من الدولار لكل لتر, تجعل عملية ضخ المياه الجوفية غير مكلفة على الاطلاق. ونظرا الى التحذيرات التي تلقتها من خبراء من كل حدب وصوب, اصدرت الحكومة في 2002 قانونا يمنع الآبار الخاصة. وفي حديث مع وكالة فراس برس, قال المتخصص في شؤون المياه ضمن منظمة التعاون الالمانية “دي اي دي” ديرك شلوتر “انه قانون جيد, فمن حيث المبدأ يجب الحصول على ترخيص قبل حفر اي بئر”. “الا ان احدا لا يطبق هذا القانون” بحسب شلوتر الذي قال ان بعض رجال القبائل يحولون دون تنفيذ القانون. وبحسب شلوتر فان “الحل الوحيد هو منع القات, الا ان القات متجذر في المجتمع اليمني بشكل كبير ومنعه مستحيل”. واضاف: المعادلة التي ستطرح قريبا على اليمنيين هي الاختيار بين تخزين القات وبين اعطاء مياه الشرب لاطفالهم”. وبحسب هذا الخبير فإن المياه الجوفية في صنعاء “ستنضب بين 2015 و2017, ولكن لا يمكننا ان نحدد الموعد بدقة اكبر” مشيرا الى وجود “شائعات تسمع بشكل دوري حول خطط لنقل العاصمة الى الساحل ولكن لا شيء في هذا المجال سوى شائعات”. ويمكن ان يتم تأخير ازمة المياه الكبرى في صنعاء عبر جر المياه بواسطة الصهاريج كما هي الحال في مدن اخرى, الا ان ذلك سيرفع اسعار المياه التي تباع اصلا باسعار مرتفعة تقارب في بعض احياء صنعاء الاسعار في عواصم عالمية مثل باريس. ومن شأن ذلك طبعا ان يخلف المشاكل. وغالبا ما تنفجر صدامات منذ عدة سنوات بسبب المياه الا ان السلطات المحلية تعالج الامر عبر مضاعفة اعداد الصهاريج. وخلص شلوتر الى القول بان “الحكومة بين المطرقة والسندان, فاذا حاولت تخفيف زراعة القات ستواجه ردود فعل عنيفة من قبل القبائل ومنتجي القات واذا لم تقم بذلك, ستواجه قريبا دعوات واسعة للمطالبة بالمياه.