ضحايا الألغام، لاسيما الفردية والعنقودية، يعدون بالملايين، في مختلف أرجاء العالم. ولغم الأفراد إذا لم يقتلك، فهو يجعلك معوقا، عندما يبتر واحدا من أطرافك أو أكثر. وهذه الألغام اللعينة التي يخلفها المتحاربون، قد لا يزيد ثمن صناعة اللغم الواحد منها بضعة دولارات، أما نزعها فيكلِّف الألف. فالطرق التقليدية مثل كاشفات المعادن أو الكلاب المدرّبة باهظة الثمن، وتتطلب وقتًا طويلاً. لذا في جنوب الموزمبيق، وجدت منظمة غير حكومية طريقة أسهل وأرخص وذات فعالية عالية: لقد كلّفت مهمة نزع الألغام إلى فئران. وقد خطرت هذه الفكرة لمهندس مكاني بلجيكي، يدعى “بارت ويتجنز”، بعد اطلاعه على مقالة عن حاسة الشمّ المتطورة لدى بعض القوارض التي تسمح لها بالكشف عن المتفجرات. واختار “ويتجنز” إقامة منظمته APOPO في تنزانيا لأن القارة الأفريقية تضمّ أكبر عدد من ضحايا الألغام. وقد بدأت عمليات نزع الألغام عام 2004 في إقليم يقع جنوب الموزمبيق. فهناك عاثت حرب أهلية الخراب في البلاد، طيلة 16 عامًا حتى العام 1992، وخلفت آلاف الألغام المضادة للأفراد. وحتّى اليوم، نظّفت منظمة APOPO حوالي مليون متر مربّع ومن المفترض أن تتخلص الموزمبيق من هذه الآفة كليًا بحلول العام 2014. وعن تفضيل استخدام الفئران في الكشف عن الألغام، قالت “كورتني باجيت” تعيش في بورتلاند بالولايات المتحدة وتعمل لصالح منظمة APOPO:“.. هذه القوارض، خلافًا لكاشفات المعادن، قادرة على رصد ألغام مغلّفة بالبلاستيك. كما إنها خفيفة الوزن بحيث تدوس على اللغم دون أن تتسبب في تفجيره. فلكي ينفجر اللغم يحتاج لضغط خمسة كيلوجرامات والفئران تزن ثلاث مرات أقلّ من ذلك. ولكن، يكلّف تدريبها 8500 دولار أي أربع مرات ما ننفقه على تدريب كلب”. وتضيف: “بعد سنة من التدريب، تصبح هذه القوارض مفيدة، ونحرص على أن تعيش أطول فترة ممكنة (تتراوح مدة حياة الفأر ما بين ست وثماني سنوات).. وبوسع الفأر المدرّب رصد ألغام على مساحة 200 متر مربع في مجرد 30 دقيقة أي ما يفعله عادة نازع الألغام البشري في غضون يومين”.