هي مجموعة قصص وحكايات يحكيها شيخ علماء اليمن القاضي الفقيه محمد بن إسماعيل العمراني أعدها وحققها الدكتور محمد عبدالرحمن غنيم. العنوان لكتاب أدبي مشوق ولطيف من تراثنا الأدبي العربي.. “الجمهورية” تنشر مجموعة القصص والحكايات التي حواها الكتاب لتعميم الفائدة والمتعة للقارئ. يحكي القاضي محمد فيقول: كان هناك امرأة صنعانية فيها تغفيل ,وقد توفى أبوها وأمها منذ فترة , وفي يوم من الأيام كان زوجها في عمله ,وهي جالسة في البيت فدق عليها باب البيت رجل دجال ففتحت له فقال لها: أنت فلانة ,وأبوك فلان ,وأمك فلانة ؟ «بلغة أهل صنعاء وفيها إبدال كاف المؤنث شيناً ,وأبوش فلان وأمش فلانة» , قالت نعم فقال: أبوك وأمك اليوم يتعرسوا في الجنة (أي يعمل لهما عرس في الجنة) وهما يحتاجان إلى ملابس لزوم العرس والزفة فقالت: صدق؟ لابد أن احضر لهما أحسن الملابس.. لكن من أنت؟ قال الدجال : مزين البلى فقال: مرحباً .. أعطني خمس دقائق لأجمع لك خير الملابس ثم جمعت له صرتين كبيرتين واحدة فيها ملابس رجال لأبيها والأخرى ملابس نساء لأمها فأخذهما الدجال وذهب مسرعاً ,وبعد قليل جاء زوجها من عمله متعباً فلما فتحت له الباب قالت: قول لي (أي : قل لي) جنة (جنة وهي عبارة صنعانية معناها) هنأني فقال: لماذا؟ قالت قول لي جنة قال: جنة قالت أبي وأمي هيتعرسوا (أي: سوف يتعرسون) في الجنة فقال: كيف؟ فحكت له الحكاية كلها , فصاح بها وقال: أنت غبية بلهاء هيا جهزي لي الحصان حتى الحق هذا الدجال بسرعة , فجهزت له الحصان فركب عليه وأغذ السير , حتى رأى من بعد الدجال وفي يديه الصرتان , والتفت الدجال فرآه فأدرك أنه زوج المرأة التي خدعها وفكر بسرعة في كيفية الخروج من هذا المأزق وفي أثناء تفكيره رأى رجلاً أصلعاً يحرث في قطعة أرض بجوار جبل وبجواره كومة من القش الكبيرة فأقبل الدجال ناحية الرجل الأصلع , وخبأ الصرتين في كومة القش , ثم قال الدجال للرجل الأصلع: أترى الرجل القادم على الحصان هناك إنه مرسل من قبل السلطان ليصنع من رؤوس الصلع بطاطا (البطاطا: عبارة عن إناء من الجلد ,يوضع فيه السليط أي الزيت) وكان الرجل الأصلع غبياً مغفلاً فصدقه وقال له: وما العمل؟ قال الرجل: أرى أن تحاول الهرب منه فتصعد على الجبل فلا يصل إليك فنفذ الرجل الأصلع ما أشار عليه به الدجال وعندما وصل زوج المرأة إلى الدجال سأله: ألم تر رجلاً يحمل في يده صرتين؟ فقال الدجال: نعم هذا الذي صعد فوق الجبل , فقال زوج المرأة : ولكني لا استطيع أن أطارده فوق الجبل وأنا على الحصان فقال الدجال: دع الحصان عندي أحفظه لك حتى تصعد على الجبل وتمسك بالرجل , فقال زوج المرأة: شكراً لك ولكن حافظ على الحصان فقال الدجال: نعم , نعم طبعاً. ثم صعد زوج المرأة على الجبل ليطارد الأصلع ,فلما أبصره الأصلع يطارده تأكد له أنه يريد أن يصنع من صلعته بطاطا , فلما اقترب زوج المرأة من الأصلع , كان يقول له وهو يطارده : خذ واحدة ودع واحدة ( وهو يريد الصرتين) والرجل الأصلع يضرب على رأسه ويقول: والله مامعي إلا هذه (وهو يريد صلعته). وفي النهاية أخذ الرجل الأصلع حجراً مدبباً وتوقف عن الجري وأخذ يضرب رأسه بالحجر ليشجها ويقول: لا لي ولا لك ولا للبطاط فلما رآه زوج المرأة يفعل هذا استفسر عن السبب فحكى له وعرف أنه ليس هو اللص الذي خدع زوجته وتبين له أن اللص هو الذي ترك عنده الحصان ,فنزل مسرعاً فرأي اللص على بعد لايمكن الوصول إليه وقد ركب الفرس ,ووضع إحدى الصرتين في ناحية على الفرس والصرة الأخرى في الناحية الأخرى فعلم أنه قد ضاع منه الفرس كما ضاعت الصرتان , وأنه خدع كما خدعت زوجته فعاد إلى بيته متعباً محسوراً مخزياً لايدري مايقول لامرأته ,وقد وبخها وشتمها على صرتين ,فماذا ستقول له وقد أضاع الحصان؟! فلما وصل وفتحت له قالت: مافعلتم؟ فقال بسرعة: وجدناه صدقاً وزفتهم يوم الخميس ولم يكن لديهم حصان فأعطيناهم الحصان كمان ليتمخيلوا عليه (أي ليختالوا عليه)!