من رسالة للجاحظ في الحكمة يقول الجاحظ في كتابه “رسائل الجاحظ” :” اعلم أن الحكماء”. لم تذم شيئاً ذمها أربع خلال: الكذب فإنه جماع كل شرّ، وقد قالوا: لم يكذب أحد قط إلاَّ لصغر قدر نفسه عنده، والغضب فإنه لؤم وسوء مقدرة: ذلك أن الغضب ثمرة لخلاف ما تهوى النفس فإن جاء الإنسان خلاف مايهوى ممن فوقه أغضى “ سكت وصبر”،وسمي ذلك حزناً،وإن جاءه ذلك ممن دونه حملة لؤم النفس، وسوء الطباع على الاستطالة بالغضب والمقدرة بالبسطة “ القدرة، والتمكن” والجزع عند المصيبة التي لا ارتجاع لها، فإنهم لم يجعلوا لصاحب الجزع في مثل هذا عذراً لما يتعجل من غمِّ الجزع،مع علمه بفوت المجزوع عليه، وزعموا أن ذلك إفراطاً من الشره، وأن أصل الشره والحسد واحد، وإن افترق فرعاهما، وذموا الحسد كذمهم الجزع لما ينفجل صاحبه من ثقل الاغتمام وكلفة مقاساة الاهتمام من غير أن يكون عليه في ذلك شيء، وقال بعض الحكماء: الحسد خلق دنيء، ومن دناءته أنه يبدأ بالأقرب، وزعموا أنه لم يغدر غادر قط إلاَّ لصغر همته عن الوفاء، وخمول قدره عن احتمال المكارة في جنب نيل المكارم”. في الزهد والتصوف لقد أصاب ابن السماك حيث قال لهارون لما قال له عظني، وكان بيده شربة ماء، فقال له: يا أمير المؤمنين لو حُبست عنك هذه الشربة أكنت تفديها بملكك؟ قال:نعم، ياأمير المؤمنين لو شربتها وحُبستْ عن الخروج أكنت تفديها بملكك؟قال :نعم،فقال له: لا خير في ملك لا يساوي شربة ولا بولة، وقال ابن شبرمة: إذا كان البدن سقيماً لم ينفعه الطعام، وإذا كان القلب مغرماً لم تنفعه الموعظة، وروي أن أبا العتاهية مرّ بدكان ورَّاق،وإذا بكتاب فيه: لا ترجع الأنفس عن غيها مالم يكن منها لها زاجر فقال: لمن هذا البيت؟ فقيل: لأبي نواس قال للخليفة هارون الرشيد حين نهاه عن حب الجمال، وعشق الملاح، فقال: أودَدِت أنه لي بنصف شعري.