حسب ما أتذكر من معلوماتي الفقهية أن بين صلاتي المغرب والعشاء مدة لا تقل عن الساعة بحسب آراء كثير من أهل العلم.. وهذا في ماعدا رمضان فكيف برمضان لكن الغريب أن أئمة المساجد هذه الأيام بالذات لا أدري متى تعشوا ولا متى توضأوا ولا متى ذهبوا إلى المسجد لصلاة العشاء وبعده مباشرة صلاة التراويح وبدون فاصل أو إعلانات.. وكل هذا بعد نصف ساعة أو أقل أو أكثر من صلاة المغرب. إن طبيعة الإنسان البيولوجية بعد أن يتناول الأكل وقد كان طفلاً أن يحتاج للغفوة أو الحمام أو الاسترخاء قليلاً حتى تهدأ أمعاؤه الداخلية لكثرة تدفق الدم إلى جهازه الهضمي وبالتالي فهو بحاجة لاسترخاء ولوضوء جديد ليبرد جسمه ثم بعد ذلك يذهب للصلاة وقد توارى الأكل من معدته وابتعد عن الفم والبلعوم وهدأ قليلاً وهذا أسلم طبياً ودينياً.. لكن الكثير من عباد الله يتزاحمون على صلاة العشاء والكثير منهم لا زالت آثار العشاء وروائحه على يديه وفي فمه ولا زالت التجشؤات تصعد في حلقه وهي محملة بغاز الخردل والبقل والشفوت.. بينما يأتي أحدهم والقات في الكيس مرمياً بين يدي الله وصاحب القات يتأمل موضع سجوده خاشعاً وخاضعاً للقات. أية صلاة هذه التي تشعر أنها تأدية واجب وتسجيل حضور وانصراف والسلام.. أية صلاة تلك التي تشعر فيها أنك تحمل فوق رأسك خبراً تأكل الطير منه وفي معدتك ترى أنك تعصر خبزاً. أية صلاة هذه تلك التي تمارسها وكأنها طقس من طقوس رمضان لا أقل ولا أكثر وليس عبادة تستوجب الخشوع والإنصات والاستسلام والخضوع لله. إننا بحاجة إلى توعية إئمة المساجد الذين لا يهمهم إلا عدد الصفوف وكم عدد الآيات التي سيتم قراءتها وبصوت من وتناسوا قول المصطفى “أرحنا بها يا بلال”؟.. وحينئذ يمكن تسميتها التراويح.. من الراحة وليس من الترويحة.. أو الروائح.