الحياة في اليمن أشبه بالحياة في(بوليود) أو الأفلام الهندية فالمتأمل للأفلام الهندية يجد أن اللحظات الأخيرة في الفيلم هي اللحظات الحاسمة، والتي تتغير فيها مجريات الأحداث واللحظات التي يدّخر فيها المخرج كل الحبكات والعُقد والمفاجآت ثم يعرضها في آخر لحظة من الفيلم..وهكذا هي الحياة في اليمن..فقبل رمضان يهرع اليمنيون إلى الأسواق لشراء مقاضي رمضان وحاجياته وذلك كله قبل يوم أو يومين من رمضان، وحين يأتي العيد ينتظر الناس للأيام الأخيرة من رمضان لشراء ملابس العيد وتكتظ بهم الأسواق والمحلات والشوارع التي تمتلئ بالكراتين والقراطيس ..والغريب أيضاً أن الكثيرين وأنا منهم يعتمدون على الساعات الأخيرة في كل شيء فعلى سبيل المثال أيضاً(حلاقة الرأس) تخيلوا حين تمتلئ الصوالين بالرؤوس الشعث المتشابكة كحشائش الاستبس أو غابات السافانا فتلتقي ليلة العيد ويصبح الحلاقون أشبه بحلاقي الكباش في الأرياف.. حيث لا يمكنك في هذه الليلة الطلب من الحلاق أن يهتم بك أو يتفنن في حلاقته لك..المهم أنك تصعد على الكرسي وكثر الله خيره.. ناهيك عن أن هذه الحلاقة رغم رداءتها إلا أنها مرفوعة الأجر لأن الحلاق يستخدم عشرات المقصات في اليوم الواحد وأصابعه لا تكف عن القصقصة والشعر يملأ أرضية الصالون.. هذه وهي حالات اليمنيين في كل شهر وفي كل عيد.. إن الساعات الأخيرة أو اللحظات الأخيرة متجذرة فينا في كل حياتنا وتأملوا معي حالتنا حين ننتقل إلى عالم آخر من حياتنا وهو عالم الرياضة، ففي كل مرة يشارك فيها منتخبنا في مباراة خارجية نظل نترقب نهاية الشوط الأول ثم نهاية الشوط الثاني ثم إذا لم يحالفه الحظ بالفوز نعقد الأمل على الشوط الإضافي الأول، وهكذا الثاني ثم نعلق أشد الآمال على مباراتنا الثانية أو الثالثة وهكذا.. وهذه حالتنا جميعاً في كل أمور حياتنا..لكن الأكثر ها بروزاً هو شراء كسوة العيد ومتطلباته... فمعظم الناس يعتمدون على رواتبهم التي تأتينا إلا قبل العيد بأيام أو في ليلة العيد، ومعظمهم أيضاً ينتظرون لما يسمى بالإكرامية أو الراتب الثاني أو المعجزة تأتي من السماء في الأيام الأخيرة وهكذا... فبالتالي يتحرك الجميع ويضربون السوق ضربة رجل واحد حتى يتفرق مخزونه على القبائل ولا يكاد يمر يومان على العيد إلا وتجد محلات تعديل الثياب فاتحة أبوابها لتعديل الملابس التي تم شراؤها عن طريق الكلفتة والسرعة وتقصقص لك قصقص...!! وهناك بعض الناس الذين لا يملكون ما يؤمن لهم مصاريف العيد ولا كسوته فتظل أعينهم معلقة بالسماء لعل وعسى أن تجود بفضل من الله في الساعات الأخيرة في رمضان وتظل قلوبهم وحلوقهم مملؤة بالحسرات على أولادهم الذين سيخرجون يوم العيد لا يملكون ثياباً جديدة ليبتسموا كما يبتسم الناس ولو حتى ابتسامة مصطنعة وهؤلاء الناس أقوال لهم إن العيد الحقيقي هو أن تكون معافى وبصحة جيدة فما الفائدة من ثياب تكسو بها جسداً مريضاً وما أحلى الخبز اليابس في فم الجائع.. والعيد هو عيد العافية فلا تبتئسوا... وكل عام والجميع بخير. ومن العايدين.