كثفت الحكومة البريطانية اتصالها مع الجانب الفلسطيني وسط مساع دبلوماسية أوروبية وأمريكية لتجنب الوصول إلى مأزق كبير مع اقتراب استحقاقات أيلول وتمسك القيادة الفلسطينية بخيار اللجوء إلى الأممالمتحدة. والتقى السفير الفلسطيني لدى بريطانيا ايمانويل حساسيان، عددًا من كبار المسؤولين البريطانيين في اليومين الأخيرين، وتم تبادل وجهات النظر إزاء التطورات المقبلة. وأكدت الحكومة البريطانية على لسان وزير الخارجية وليام هيغ ومسؤولين آخرين، موقف بريطانيا الداعم لإقامة دولة فلسطينية وفق حدود عام 1967 عاصمتها القدس، وأن المستوطنات غير قانونية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. وتفضل بريطانيا الوصول إلى ذلك عبر المفاوضات استناداً إلى مرجعية تؤكد إقامة الحل في حدود عام 1967 والقدس عاصمة وحل لقضية اللاجئين، وهي قضايا وردت في خطاب الرئيس أوباما وتطرقت لها كاثرين اشتون منسقة السياسة الخارجية البريطانية في رسالتها إلى الرئيس أوباما الأسبوع الماضي، والتي تم صياغتها بالتوافق ما بين بريطانيا، فرنسا، إسبانيا، إيطاليا وألمانيا. وتم نقل محتواها إلى الجانب الفلسطيني. وقد وافقت هذه الدول على صيغة بيان تصدره اللجنة الرباعية ويحدد مرجعيات التفاوض تحت مظلتها والسقف الزمني المطلوب. وتتحفظ إسرائيل على قيام الاتحاد الأوروبي واللجنة الرباعية بأي دور فاعل وتصر على مفاوضات مباشرة بإشراف أميركي، ومازالت تعارض التفاوض على أساس مقترحات تثبت أن حدود عام 1967 كحدود للدولة الفلسطينية، إضافة إلى رفض بحث قضية اللاجئين الفلسطينيين واعتبار القدس عاصمة لدولتين. . ويرى السفير الفلسطيني أن بريطانيا تحاول تجنب المزيد من التعقيد والإحباط في العملية السلمية والإحباط مع قدوم سبتمبر. وأنها تقدر الموقف الفلسطيني الإيجابي، وأكدت استمرارها في دعم عملية بناء المؤسسات الفلسطينية.. وكانت مصادر صحفية في لندن قد نقلت أمس، عن مسؤولين بريطانيين ما يفيد بأن بريطانيا قد رصدت ما يزيد على 260 مليون جنيه إسترليني لدعم برامج التنمية الفلسطينية للسنوات الثلاث المقبلة لتمويل عملية بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية في مجالات الاقتصاد والأمن والقضاء واللاجئين الفلسطينيين من خلال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. من جهة أخرى طالب رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون أمس السبت، بضرورة إيقاف عمليات تهويد مدينة القدس، والتي سرعت سلطات الاحتلال من وتيرتها مؤخراً.. وقال الزعنون في تصريح صحفي تلقت “وفا” نسخة منه: إن الاحتلال بدأ بتهويد منطقة القصور الأموية الملاصقة للمسجد وتحويلها إلى مطاهر ‘للهكيل المزعوم”، وتحويل محيط المسجد والبلدة القديمة بالقدس إلى حدائق توراتية، فيما بدأت بتغيير أسماء الشوارع في المدينة إلى أسماء يهودية. وأشار إلى أن هذه الأعمال وغيرها من تدمير للمعالم الإسلامية الأثرية التاريخية والسيطرة على أوقاف إسلامية تابعة للمسجد الأقصى تتم بسرية تامة وبسرعة فائقة بإشراف مهندسين ومتخصصين ومراقبين من الصباح الباكر وحتى وقت متأخر من الليل، وقد أنجزوا حتى الآن تركيب عشرات الأدراج الحديدية في منطقة القصور الأموية، عدا عن المنجزات التي لم تظهر بعد. وحذر الزعنون من خطورة هذه الإجراءات، محملاً المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والثقافية والهيئات البرلمانية، مسؤولية الإسراع في القيام بواجبها تجاه وقف انتهاك حقوق الإنسان والتعدي على المؤسسات الدينية والتاريخية والثقافية في القدس الشرقية، من قبل سلطات الاحتلال التي لا تعير وزناً لأي قرار أو نداء. على نفس السياق أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أمس أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية ومدينة القدسالمحتلة يشكل العقبة الرئيسية في وجه عملية السلام في الشرق الأوسط. ووصف عريقات الاستيطان الإسرائيلي بأنه “هو المدمر لعملية السلام” مؤكداً أن “الحكومة الإسرائيلية عندما خيرت بين السلام والاستيطان اختارت الأخير”. ورأى “أن الحكومة التي يقودها بنيامين نتنياهو هي حكومة مستوطنين واستيطان بامتياز”، مشدداً على أن “ما يجري يثبت كل يوم أنه ليس لدينا في إسرائيل شريك في عملية السلام وأن حكومتها تتحمل مسؤولية انهيار هذه العملية”.. وكان المسؤول الفلسطيني يعلق على إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك رفضه الاستجابة لمطالب الفلسطينيين بتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية قبل أن يدعوهم إلى “القبول بوجود هذه المستوطنات والتعامل مع هذا الأمر كواقع موجود”. في سياق متصل أكد عريقات “أن الجانب الفلسطيني أكد لمبعوث الإدارة الأمريكية ديفيد هيل، والذي بدأ زيارة للمنطقة قبل يومين أن استئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يعتمد على قبول حكومة تل أبيب بمبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967”. وقال: “إن المبعوث الأمريكي أبلغ كذلك بوجوب وقف إسرائيل لكافة أعمال البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وكذلك وبشكل محدد في منطقة القدس الشرقية” إذا ما رأت الأخيرة استئناف المفاوضات. وكان هيل والذي اجتمع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في العاصمة الأردنية عمان أمس الأول قد أعلن وفق ما تردد من تصريحات على لسانه “معارضة بلاده لخيار التوجه الفلسطيني إلى الأممالمتحدة لطلب الاعتراف بدولة فلسطين”. وعلق عريقات على تصريحات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس والتي قال فيها: “إن من سيرفض مبدأ حدود عام 1967 سيخسر العالم” بالقول: “إن هذا الكلام موجه إلى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو”. وأشار إلى “أن نتنياهو هو الوحيد في العالم الذي يرفض مبدأ الدولتين” مشدداً على أنه “كان الأجدر ببيرس أن يوجه حديثه الواضح جداً، وأن يقول لنتنياهو: إن رفضه لهذا المبدأ سيعزل إسرائيل”. وعبر بيرس في تصريح نقلته صحيفة (هارتس) أمس عن قلقه “من جمود عملية التسوية وتأثيرها على مصير إسرائيل التي قد تتحول إلى دولة ثنائية القومية”، مشيراً إلى “أننا نسير إلى الهاوية وسنصطدم بالحائط وسنخسر الدولة اليهودية”. ونبه عريقات إلى “أن مفتاح عملية السلام في المنطقة بات الآن في أيدي رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو وهو المسؤول عن إخراجها عن مسارها”. على نفس الصعيد وصف عريقات تهديدات وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان من أن إسرائيل ستكون في حل من أي اتفاق إبرم بين الجانبين بما فيه اتفاق “أوسلو” إذا توجه الفلسطينيون إلى الأممالمتحدة للحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية “أن أقل ما يقال عن هذه التصريحات هو أنها استفزازية”. وأشار إلى “أن ليبرمان يعرف تماماً أن حكومته لا تعمل وفق الاتفاقيات الموقعة معنا بأي شكل من الأشكال.. سواء من جهة وقف الاستيطان ولا احترام المرجعيات”.