كثيرة هي محافظات اليمن الجميلة والساحرة ،لكن محافظة إب لها سحر خاص يأسر الزائر من أول نظرة..أمطار لا تنام وجبال وسهول مفروشة بعسجد الاخضرار ،ونسائم عليلة تنعش الأبدان،وشلالات تتدفق سعادة فتغسل القلوب الممتلئة بغبار الحياة وصدئها ،إنها المحافظة التي لا يشبع القلم عن الكتابة عنها كما لا يشبع المطر من عناقها...صحيفة الجمهورية زارت هذه المحافظة الرائعة في الاستطلاع التالي: لوحة بريشة الإبداع كانت عقارب الساعة عند العصر ،وكانت السحائب الكريمة تتاخم جبل بعدان وجبل ربي،وخيوط الماء بدأت في الانهمار في مشهد طبيعي تتراقص له حتى تلك القلوب التي أثقلها الهم الثقيل فأعماها عن كل ما هو جميل،واشتد انهمار المطر فاشتدت معه الفرحة..فيما بدأت المياه تجري في مجاريها في الجبال مهرولة صوب الوديان واهتزت السنابل ،فتوقفت بنا السيارة لنطالع من خلال زجاجها ذلك المشهد البديع الذي لا يتكرر فقط سوى في مدينة إب أكثر من سبعين مرة عن بقية المحافظات الأخرى كما يقول عبدالباسط المعمري المرافق لرحلتي،ويضيف في سياق حديثه: إننا لا نعرف قدوم فصل الصيف سوى من خلال محافظة إب، فهي المدينة الوحيدة التي يرسم فيها هذا الفصل الأخضر بريشته الإبداعية أحلى اللوحات على ملامحها فيجعلها كعروسة ،بل يجعلها كملاك ،وما يميز إب عن غيرها أن الإنسان الزائر لها لا يحس بالملل على الإطلاق ،نظرا لما تحتويه من مناظر بهيجة تعيد للعيون بريقها ،وتستعيد للعيون ما سلب عليها الجفاف من بصر،ويضيف الأخ عبد الباسط في سياق حديثه: بمجرد أن يذكر فصل الصيف تذكر معه محافظة إب لظهوره جليا فيها منذ ولادته وحتى نهايته وانتصار فصل الشتاء عليه ،وما أحلى مدينة إب حين تغسل السماء وجهها.. حيث يتبدى بريق منازلها،حتى انه من فرط الاخضرار تكاد الأشجار أن تنبت على الصخر والاسمنت والبلاط ،وفي كل تربة ،وهذا يضفي للنفس متعة الجلوس وقضاء الإجازة في متنزهات هذه المدينة الخلابة ،والغريب في الأمر انك منذ اللحظة الأولى التي تلامس أقدامك هذه المحافظة ،وحتى آخر تربة منها تجد الاخضرار والأمطار لا يفارقانك وعلى كل شبر فيها،وهذه نعمة أنعمها الله على هذه المحافظة المليئة بالبركات. سحر خلاّب ويطول التجوال في أرجاء إب ،فيما نعتلي جبل مشورة الشامخ كجناح صقر ،ويتبدى الجمال الطبيعي على امتداد البصر ،فوق جبال جبلة ومشورة وشبان والتعكر وجبال وقرى أخرى لا عدّ لها ولا حصر،وتناهت إلى سمعي ثناءات الزميل محمد خالد وهو يقول: بأعلى صوته مندهشا:رائع ..رائع ..رائع ،وتتراجع أقدامه خطوات وهو يقول: أهذا الجمال الساحر والخلاب في اليمن ،ثم يضيف في سياق حديثه: كنت أتمنى أن يتم الترويج السياحي ويضاعف الاهتمام الأكبر بهذه المدينة كونها العاصمة السياحية لليمن ،وذات الثوب الأخضر الذي يتألق كلما مر يوم ، حيث تتزاحم الأبجديات الخلابة فيها..السحب والضباب والزهور الملونة والعصافير المختلفة والمطر والمدرجات الجبلية والسهول والأودية والشلالات ..إنها المفردات التي تسر القلب وتريح النفس ،بل إن الإنسان يشعر من خلال هذا الجمال الرباني انه غسل كل همومه ،وانه يعيش بكارة الحياة السعيدة الخالية من الهموم والغموم، وليست الطبيعة الخلابة هي ما يميز محافظة إب، فمبانيها الأثرية وقلاعها وحصونها العتيقة تضفي عليها جمالاً آخر . عالم من الدهشة ويتزاحم الزوار لهذه المدينة الرائعة من كل مكان ،وكل زائر يحمل في أعماقه عوالم من الدهشة والانبهار كما هو الحال مع العقيد علي يحيى المضواحي الذي عقدت الدهشة فاهه في مدينة كما يقول: منحته السعادة والفرح والطمأنينة ،ومتعت أنظاره بأجمل المناظر الخلابة التي تترسخ في حجرات الذاكرة فلا تمحى منها،ويستطرد العقيد علي المضواحي في سياق حديثه بالقول: في البدء اسأل الله أن يحفظ بلادنا الحبيبة،وبالنسبة لمحافظة إب فالحديث عنها ذو شجون ،وان الدهشة منها تحتوي كل زائر لها،أو حتى المقيمين في إطار محافظة إب، وتعد المحافظة سياحية من الدرجة الأولى ،ففيها يستطيع الإنسان إن ينفس عن نفسه سواء في جبالها وسهولها أو في وديانها ،لكنني لا بد أن أتوقف عند حاراتها وأزقتها حيث يلاحظ الزائر أو المقيم في المدينة ازدحام السيارات في المحطات البترولية التي تقع داخل المدينة وفي الجولات والأماكن الضيقة،اصطفافا للحصول على مادة الديزل الأمر الذي يؤدي إلى عرقله السير ،وإننا نأمل من المسئولين في الشركة اليمنية للنفط التركيز على المحطات الموجودة في مداخل ومخارج المدينة لأنها قد تسبب عرقلة كبيرة في السير كالحاصل داخل المدينة ،مع العلم أن جميع من في المحافظة يدركون أن الأخ المحافظ القاضي احمد عبد الله الحجري من المحافظين المتميزين الذي يقدره ويكن له أبناء المحافظة كل التقدير والاحترام لما يولي المحافظة من اهتمام بالغ وكبير ،ثم يختتم العقيد المضواحي حديثه بالقول: مثلما منحتنا محافظة إب عوالم الاخضرار والسرور من أقصاها إلى منتهاها فإنني امنحها كل عشقي وحبي ،فكل الحب لك يا إب الخضراء يا ملهمة الفنانين والشعراء. حنين وشوق شرقي المشنة والعدين جنة ..هكذا تنداح هذه الكلمات من خلال احد الكاسيتات ،والزمن يتسرب من خلال أصابعي كالماء ،فحاولت أن ارشف كل ما في الطبيعة من سعادة..تلك السعادة السرمدية التي لا تنتقص ،وودعت إب وفي قلبي حنين إلى كل أبجديات الطبيعة الساحرة.