قد يقول قائل «ما سر إقامة حملة تحصين ضد شلل الأطفال طالما أعلن مسبقاً خلو اليمن من هذا المرض؟». سؤال وضع الكثير من علامات الاستفهام لكن الإجابة عليه تضع القارئ أمام مفردات الواقع.. نعم ليس هناك وجود على أرضنا الطيبة لفيروس شلل الأطفال والحمد الله وذلك منذ يقارب من خمس سنوات ونيف، وما عاد يشكل تهديداً لفلذات الأكباد بالصورة التي كان عليها سابقاً ولن يكون كذلك، بمشيئة الله – طالما والناس حريصون جميعاً على تحصين أبنائهم دون سن الخامسة باللقاح المضاد لهذا الفيروس إلى جانب تحصين من هم دون العام من العمر تحديداً بالجرعات الروتينية التي من بينها جرعات لقاح شلل الأطفال. لكن هذا لا يغفل حقيقة إمكانية تسلل الفيروس من بلدان الإقليم مع موسم الحج وتوافد الكثير من الحجاج إلى بيت الله الحرام من بلدان موبوءة في أفريقيا كنيجيريا، أو من آسيا مثل أفغانستان إذ مازالت إلى اليوم في خضم صراعها مع فيروس الشلل ولا تنفك خطورته عن أطفالها الذين يصابون بهذا المرض. ولدى عودة الحجاج اليمنيين إلى ديارهم فيحتمل أن يكون أحدهم أو عدد منهم قد تلقى العدوى ليجد المرض ضالته إذا ما صادف وأن تلقى العدوى بعد ذلك أطفال قل حظهم من التحصين ضد شلل الأطفال، بما في ذلك من يعانون سوء التغذية حيث إنه مضعف لمناعتهم وخاصة الذين لا يتجاوزون سن الخامسة وما يجعلهم منالاً سهلاً للإصابة ليشكلوا بؤرة للمرض تعيد له الحياة في اليمن بعد طول غياب لا قدر الله. فإذا استمر بعض الآباء والأمهات في حرمان أولادهم الصغار من حقهم في الوقاية بمنعهم من التحصين ضد شلل الأطفال خلال مرحلة التحصين الروتيني المعتاد الذي تقدمه المرافق الصحية للأطفال دون العام من العمر، إلى جانب تحصينهم من هم دون سن الخامسة خلال الحملات ومنها هذه الحملة الوطنية التي تنفذ بشكل احترازي خلال الفترة 14 16نوفمبر 2011م فمن شأن ذلك أن يتيح للفيروس المسبب للمرض إذا ما تسلل إلى البلاد إمكانية معاودة تهديده فلذات الأكباد. وأشدد هنا على ضرورة تحصين سائر الأطفال بمن فيهم المواليد حديثاً وجميع من حصنوا مراراً وتكراراً ضد هذا المرض. وأقول ناصحاً للمنقادين للشائعات بألا ينجروا وراء الادعاءات المشوهة للتحصين والتي يروجها البعض خطأً ضد التحصين لتجد لها القبول عند البعض كالزعم بأن لقاح شلل الأطفال يحتوي على مواد كيماوية أو هرمونية لها آثار جانبية يمكن أن تؤدي إلى العقم أو أنه يحتوي على مواد نجسة ضارة بالبدن وما إلى ذلك من ادعاءات.. فهي ترهات لا أصل لها وليس حقيقية على الإطلاق وعلى الآباء والأمهات أن يعوا هذا جيداً والوثوق بأن التطعيم ضد داء الشلل وألا عذر سيقبل إذا ما فات الأوان ووقع من لم يحصن أسير الإعاقة والعجز؟ ومهما يكن ليس لنا إغفال ظهور إصابات جديدة، لا سمح الله، مع أن المرض أساساً قد اختفى من بلادنا وعلى مدى ثلاث سنوات متواصلة لم تظهر أية حالة إصابة جديدة به ونالت على ذلك إشهاداً عالمياً بخلوها من فيروس شلل الأطفال في شهر فبراير من العام 2009م وذلك بعدما استوفت الشروط والمعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية لمنح هذا الإشهاد ما يعيد إلى الأذهان تلك العودة الشرسة لفيروس الشلل بعد أن تسلل إلى اليمن من دول افريقيا كالسودان وبلدان القرن الأفريقي وانتشاره بضراوة في البيئة مخلفاً المئات من الإصابات، ذلك لكونه ينتمي إلى سلالة جديدة غير معهودة على الإطلاق في اليمن ليأخذ بسرعة قياسية في الانتشار مخلفاً المئات من الإصابات بين الأطفال المحرومين من التحصين بالمقام الأول وبالمقام الثاني من تنقصهم المناعة الكافية ضد هذا الداء حتى أن عدد الحالات تجاوزت 450 حالة إصابة خلال أسابيع. إذن ليس لأحد الحق في منع فلذات الأكباد المستهدفين من التطعيم بحجة حصولهم على الكثير من جرعات اللقاح مسبقاً أو لكونهم حديثي الولادة أو بسبب الانقياد وراء الشائعات ولا حق لهم أيضاً في حرمان أطفالهم دون العام من التحصين بكامل جرعات التطعيم الروتيني الذي يشرع البد بإعطاء جرعاته أساساً في وقت مبكر بعد الولادة، كما أؤكد على ضرورة الالتزام بمواعيد كل زيارة من زيارات التطعيم الروتيني المدونة في الكرت الخاص بالجرعات فهي لصالح أطفاله وتؤمن لهم الوقاية والسلامة. نأتي للختام فيه أذكر بأن الحملة الوطنية ضد شلل الأطفال الشاملة ستنفذ في سائر محافظات الجمهورية وتستهدف جميع الأطفال دون العام من العمر خلال الفترة من 14 16نوفمبر 2011م والأصل والمغزى من إقامتها أن تؤمن مناعة كافية ضد فيروس الشلل لدرء خطره متى وقع المحذور وتسلل إلى البلاد لا قدر الله عبر الحجاج الذين يقصدون بيت الله للحج القادمين من بلدان موبوءة بالمرض خاصة وأن أرض الحرمين ليست ببعيدة عن اليمن والحدود واسعة بين البلدين ويحتمل مع كل هذا أن يتلقى شخص أو عدد من الحجاج اليمنيين عدوى الفيروس فينقلونها لدى عودتهم وإذا ما أهمل الآباء التحصين فإنهم يفتحون كل احتمال لانتشار فيروس شلل الأطفال لا سمح الله. إذن لابد من إعطاء جميع المستهدفين المزيد والمزيد من جرعات اللقاح الفموي عند كل حملة تحصين ضد شلل الأطفال بلا استثناء دون استبعاد أحد من هم حتى المرضى الذين يعانون من الأمراض الشائعة كالحمى العادية والرشح والزكام والحصبة والإسهال الطفيف لا يستبعدون ولابد من تحصينهم جميعاً مادامت أعمارهم لم تتجاوز الخامسة بعد بلا استثناء. وليكن معلوماً لدى الجميع أن الطفل الذي يعاني من الإسهال تعاد له الجرعة في وقت لاحق عقب توقف الإسهال لضمان حصوله على الفائدة المرجوة. وبهكذا استجابة عبر تحصين الأطفال في هذه الحملة الوطنية في عموم محافظات الجمهورية يمكن الحد من عدوان فيروس شرس شديد البأس مرد على التربص بالأطفال الصغار للنيل من عافيتهم حاضراً ومستقبلاً وإلا ما عسى الوسائل إذا ما حلت الكارثة على أي طفل أن تجدي نفعاً لإيقاف فيروس الشلل وصده ودحره عن جسده الغض الصغير؟ المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي بوزارة الصحة العامة والسكان