سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تمكين الموظفين ! يقول ابراهام لنكولن: يمكنك تمكين الناس بعض الأحيان ويمكنك تمكين بعض الناس في كل الأوقات ولكن من الصعب تمكين كل الناس في كل الأحيان والأوقات.
بدأت الأدبيات الغربية تهتم بموضوع التمكين الذي يتضمن منح المرؤوس حرية واستقلالية في العمل وفرصة للمشاركة في اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية بشكل أكبر. وقد تزامن ذلك مع انحسار دور النقابات العمالية ودور القطاع الحكومي والمؤسسات العامة وتخفيف القوانينDeregulations والتشريعات التي كانت تُفرض بواسطة الدول. وقد صدرت مئات المقالات والمؤلفات والأبحاث في موضوع التمكين خلال السنوات العشر الماضية لما لهذا الموضوع من أهمية في إعتاق الفرد من الرقابة التقليدية والسياسات الصارمة واللوائح المُلزمة. هذا الموضوع ليس موضوعا يكتب به لترفيه المدير أو إثراء معلومات القارئ أو لترف فكري، وإنما هو موضوع في غاية الجدية في زمن العولمة وثورة المعلومات والثورة الرقمية والثورة المعرفية، وغيرها من المستجدات المتسارعة التي لا تنتظر الإنسان الذي يفكر ببطء ولا ذلك المدير المتردد. وهذا الموضوع ليس للتسلية إنه في غاية الأهمية وهذا الكلام ليس من أجل التسويق أو لغايات الدعاية أو لإثارة الأهمية، فموضوع التمكين له أهمية خاصة لارتباطه بمجموعة قضايا مهمة على رأسها موضوع اللامركزية الإدارية، والجودة الشاملة، وإعادة الهندسة، وإعادة الهيكلة، وعمل الفريق، والمؤسسة المتعلمة، والمؤسسة الأفقية، وغيرها من القضايا التي تتعلق بنجاح المؤسسة وتفوقها وقدرتها التنافسية. فهذه المفاهيم لها علاقة وثيقة بموضوع التمكين وهذه العلاقة تكاد تكون في بعض الأحيان إما سبباً أو نتيجة. فالفرضية المطروحة أمام القارئ بشكل عام وببساطة تتمثل في: “إنّ مزيدا من التمكين يؤدي إلى مزيد من النجاح الإداري، ولكن بشروط لا بد من توافرها”. لذلك سيتم إفراد فصول مستقلة لشرح مفصّل لأهم المقومات التي لا بد من توافرها، إضافة إلى النتائج التي يمكن تحقيقها من خلال ممارسة مفهوم التمكين وتنفيذه بصفته منهجاً إدارياً معاصراً. ماهية التمكين من أهم التعريفات التمكين وأوضحها هو ما جاء عند (Bowen and Lawler): “ التمكين يتمثل في إطلاق حرية الموظف، وهذه حالة ذهنية، وسياق إدراكي لا يمكن تطويره بشكل يُفرض على الإنسان من الخارج بين عشية وضحاها. التمكين حالة ذهنية داخلية تحتاج إلى تبني وتمثُل لهذه الحالة من قبل الفرد، لكي تتوافر له الثقة بالنفس والقناعة بما يمتلك من قدرات معرفية تساعده في اتخاذ قراراته، واختيار النتائج التي بأن يصل إليها”. العلاقة بين الموظف والإدارة يكمن سر نجاح الكثير من الشركات العالمية الناجحة في التوافق بين ثقافتها وأهدافها ورضا الزبائن، فهي معنية بإكساب الموظف التمكّن والرؤية والرضا والثقافة التي تمكنه من تحقيق الانتماء لأهداف المؤسسة، من خلال إرضاء الزبائن، فيشعر الموظف بالتوافق والانسجام بين دوره في التعامل مع الزبائن والحلقة التي يلتقي فيها معهم من جهة، ودوره في التعامل مع الإدارة وشعوره الإيجابي اتجاهها في ممارساتها نحوه من جهة أخرى. تاريخ التمكين بدأ مفهوم التمكين المعاصر يتبلور في أدبيات الإدارة وفي ممارسة بعض المؤسسات في البيئة الغربية بعد التسعينيات من القرن العشرين. فلم يظهر فكر التمكين بشكل مفاجئ، وإنما ظهر نتيجة تراكمية وتطّورية عبر ما يزيد عن مائة عام من التطور في الفكر الإداري بمفاهيمه المختلفة بشكل عام، وبالمفاهيم التي تتعلق بإدارة الموارد البشرية وإدارة العلاقات مع الإنسان داخل المؤسسة (العاملين) أو خارج المؤسسة ( الزبائن). ومر التمكين بملامح التطور والتدرج في مفاهيم ونظريات الفكر الإداري من خلال بعض المفكرين والفلاسفة الذين ساهموا أكاديميا، وعلميا في تطوير نظريات ظلت ترتقي بالفكر حتى مهدت السبيل لمفاهيم ومصطلحات ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بمفهوم التمكين المعاصر، وذلك اعتماداً على التسلسل التاريخي لنظريات الإدارة في الفكر الإداري الحديث (النظريات التقليدية (الأساليب الكلاسيكية) في الإدارة - والأساليب السلوكية في الإدارة - الأساليب الحديثة في الإدارة - ما بعد الأساليب الحديثة في الإدارة- وغيرها). أساليب التمكين وتتعدد اساليب ووسائل التمكين في الفكر الإداري الحديث بدءًا من أسلوب التمكين النفسي، مروراً بالتفويض بالصلاحيات والسلطات الجزئية، واساليب القيادة، وأسلوب التميكن الفردي والجماعي، وكل تلك الأساليب والوسائل يرى علماء الإدارة إنها تصل بالمؤسسة أو الشركة إلى درجة الجودة الشاملة. مقومات التمكين على الرغم من شيوع التمكين مصطلحاً ومنهجاً تطبقه العديد من المؤسسات بأشكال مختلفة، إلا أن هذا المصطلح بقي عصياً على الفهم والوضوح للكثيرين. فبينما يرى البعض التمكين على أنه تفويض للسلطة، في حين يزعم (Bowen and Lawler) بأن تفويض السلطة والصلاحيات ما هي إلا جزء وشكل من أشكال التمكين، وأن التمكين هو في إعادة الحرية المسلوبة من الفرد تلك الحرية التي يمتلكها أصلاً بفطرته وبما يتوافر لديه من قدرات ذهنية وحسية تمكنه من القيام بعمله باستقلالية وحرية. ومنهم من نظر إلى التمكين على أنه وهم وخيال ). إلا إن الجميع يتفق على إن التمكين يقوم على مقومات أساسية لا بد منها وهي: - العلم والمعرفة والمهارة. - الاتصال وتدفق المعلومات. - الثقة بين القائد والمرؤوسين. - الحوافز المادية والمعنوية. • من كتاب ( التمكين مفهوم إداري معاصر) ل: د. يحيى ملحم