اعلامي مقرب من الانتقالي :الرئيس العليمي جنب الجنوب الفتنة والاقتتال الداخلي    احتجاجات للمطالبة بصرف الراتب في عدن    "تسمين الخنازير" و"ذبحها": فخ جديد لسرقة ملايين الدولارات من اليمنيين    الكشف عن آخر التطورات الصحية لفنان العرب "محمد عبده" بعد إعلان إصابته بالسرطان - فيديو    دورتموند يقصي سان جرمان ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    ردة فعل مفاجئة من أهل فتاة بعدما علموا أنها خرجت مع عريسها بعد الملكة دون استئذانهم    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يجدد فوزه امامPSG    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    اتفاق قبلي يخمد نيران الفتنة في الحد بيافع(وثيقة)    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    إهانة وإذلال قيادات الدولة ورجالات حزب المؤتمر بصنعاء تثير غضب الشرعية وهكذا علقت! (شاهد)    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    شبكة تزوير "مائة دولار" تُثير الذعر بين التجار والصرافين... الأجهزة الأمنية تُنقذ الموقف في المهرة    الأمم المتحدة: لا نستطيع إدخال المساعدات إلى غزة    صنعاء.. إصابة امين عام نقابة الصحفيين ومقربين منه برصاص مسلحين    البنك المركزي اليمني يكشف ممارسات حوثية تدميرية للقطاع المصرفي مميز    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34789 شهيدا و78204 جرحى    قيادات حوثية تتصدر قائمة التجار الوحيدين لاستيرات مبيدات ممنوعة    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    الاتحاد الأوروبي يخصص 125 مليون يورو لمواجهة الاحتياجات الإنسانية في اليمن مميز    أبو زرعه المحرّمي يلتقي قيادة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في مديرية بيحان بمحافظة شبوة    ارتفاع اسعار النفط لليوم الثاني على التوالي    العين يوفر طائرتين لمشجعيه لدعمه امام يوكوهاما    تنديد حكومي بجرائم المليشيا بحق أهالي "الدقاونة" بالحديدة وتقاعس بعثة الأمم المتحدة    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    الأمم المتحدة: أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة مميز    مجلس النواب ينظر في استبدال محافظ الحديدة بدلا عن وزير المالية في رئاسة مجلس إدارة صندوق دعم الحديدة    باصالح والحسني.. والتفوق الدولي!!    وصول باخرة وقود لكهرباء عدن مساء الغد الأربعاء    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    مليشيا الحوثي توقف مستحقات 80 عاملا بصندوق النظافة بإب بهدف السطو عليها    الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسئول هندي التعاون العسكري والأمني    تهامة.. والطائفيون القتلة!    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة النثر 2-2
نشر في الجمهورية يوم 13 - 11 - 2011

نحن نظن بأن قصيدة النثر العربية المشطرة خاطئة لأنها خرجت أولاً على واحد من أهم شروط قصيدة النثر، ألا وهو شرط شكلها المقطعي، وهو شرط لم ينتج اعتباطاً ولم يوضع لكي يتميز بشكله عن شكل قصيدة التفعيلة في زمن نشوئها فقط، وإنما هو شرط نابع من طبيعة شكل النصوص النثرية الذي تنتمي إليه قصيدة النثر.وكذلك هي خاطئة بسبب نسيانها دوافع التشطير في الشعر. فتشطير القصيدة، يعني وجود إيقاع وموسيقى داخلية أو خارجية مفروضة عليها من قبل النظام الذي تكتب به (كقصيدة التفعيلة) وأحياناً من قبل الشاعر الذي يكتبها (كالقصيدة الحرة). بمعنى أن حجم وشكل الشطر الشعري يتبع شروط الأسلوب الشعري الذي تُكتب به.
ولهذا نقول بأن بناء الجملة في القصيدة الحرة أو شكلها العام لم يظهر اعتباطاً بشكلها المشطر. فعلى الرغم من أن شكل القصيدة الحرة لا يتبع الأوزان المعروفة، إلا أن هندستها بالشكل المشطر ظهر بسبب الإيقاع أو الموسيقى الشعرية التي تملى على الشاعر من أعماقه في لحظة كتابته، وهي إيقاعات مستمدة بالأساس من مزاجه النفسي والذاتي ومن المزاج العام الموضوعي المحيط به، أي من طبيعة حركة وإيقاع الحياة المحيطة بالشاعر، غير أن الفرق بينها وبين إيقاعات قصيدة التفعيلة، أن الأولى تكتب من دون إطار محدد مسبقاً لموسيقاها وإيقاعاتها، بينما الثانية تُكتب حسب أطر إيقاعية مسبقة وثابتة. ومن يدري ربما سيظهر لنا (فراهيدي) آخر في زمن ما، ويحدد للشعراء طبيعة الإيقاعات التي كتب على غرارها شعراء القصيدة الحرة.
والشيء الآخر الذي يدعونا للتحفظ على قصيدة النثر العربية المشطرة، هو تجاوزها على الشكل العام للقصيدة الحرة ولقصيدة التفعيلة أيضاً. فلا يجوز مثلاً أن نقول عن القصيدة العمودية بأنها قصيدة تفعيلة سيّابية مثلاً، وكذلك لا يجوز أن نقول عن القصيدة السيّابية إنها قصيدة حرة، مثلما لا يجوز أن نقول عن قصيدة التفعيلة إنها قصيدة نثر، وهكذا. فلكل هذه الأشكال الشعرية شروطها وقوانينها الأساسية التي خلقتها ومن ثم خلقت تسمياتها.
إن ما يكتبه الشعراء العرب بشكل عام هو القصيدة الحرة وهو النمط الشائع الآن تقريباً في أوروبا وأمريكا وربما في العالم. ولكن تسميتهم لهذا النوع الشعري خاطئ. ففي غالب الأحيان يطلقون هذا المصطلح على قصيدة التفعيلة، وأحياناً أخرى يطلقون مصطلح قصيدة النثر على القصيدة الحرة، إلى الحد الذي أوصلنا إلى عدم تناول مصطلح القصيدة الحرة في الشعر العربي المعاصر مع أن الكثير منه ينتمي إلى سياقها.
قد يظن البعض أن قضية التسمية والمصطلحات ليس لها أية أهمية تذكر، بل وليس لها أية علاقة بشعرية النص الشعري. ونحن نقول إن هذا التصور خاطئ أيضا. لأننا حينما نكتب قصيدة نثر، فإنه سيتبادر إلى أذهاننا أن بناء الجملة فيها وبناءها العام هو بناء نثري، أي أن اللغة المستخدمة فيها في الغالب وليست دائماً لكي نتوخى الدقة في الكلام، هي لغة نثرية بالأساس أكثر مما هي لغة شعرية. بينما لغة القصيدة العمودية والتفعيلة والحرة، هي لغة شعرية بالأساس ونثرية أحياناً قليلة. ولهذا فحينما يكتب البعض قصيدة حرة بلغة غير لغتها، أي بلغة قصيدة النثر مثلاً، فإنه يُحدث خللاً لا يستهان به في شعرية القصيدة الحرة، وهنا مكمن الإساءة إلى الشعر بشكل عام.
حينما يكتب شاعر ما اعتقاداً منه بأن قصيدة النثر هي الشكل الأخير للشعر (وهي ليست كذلك طبعاً)، ولاعتقاده بأنها نتاج السياق الشعري الخالص فإنه سيكتب الشعر وخصوصاً القصيدة الحرة بلغة النثر أكثر مما يكتبها بلغة الشعر. أي أنه سيجعل الجملة وسيلة توصله إلى الصورة الشعرية، أكثر مما هي كائن مستقل يمكن أستخراج السؤال والرؤى والتصورات الشعرية منها.
الشيء الذي نود قوله إن الخلط بالتسميات للأشكال الشعرية ليس هيناً وليس عابراً، لأنه يؤثر بشكل أو بآخر في شعرية القصيدة. فقصيدة النثر ليست الشكل الأخير للشعر، وإنما برأينا أن (القصيدة الحرة) هي الشكل الشعري الأخير النابع من السياق الشعري الخالص.
وحتى هذه اللحظة فإن الكثير من شعراء أوروبا وأمريكا والعالم يكتبون القصيدة الحرة بالدرجة الأساس على اعتبار أنها الشكل أو القالب الأخير في كتابة القصيدة الشعرية الذي يناسب إيقاع العصر وموسيقاه ويناسب مزاج الشاعر النفسي في الوقت ذاته. بينما تأتي كتابتهم لقصيدة النثر لأنها تستوعب شحناتهم الشعرية الانفعالية المتشكلة على هيئة النثر في أعماقهم وليس على هيئة الشعر المعروفة.
فكما هو معروف أن النثر سلسلة متواصلة من الجمل، وهذه السلسلة تكون مترابطة عبر أدوات النثر المألوفة، بينما جمل الشعر المشطرة غير مترابطة أو متواصلة بطريقة النثر، على الرغم من ترابطها وتواصلها الظاهر والباطن. وسبب اختلاف شكل الشعر عن شكل النثر برأينا هو بسبب أن الأول شعر، وأن الثاني نثر. أي أن سبب اختلاف الشعر عن النثر، ليس بسبب تحكم الأوزان التقليدية به، وإنما لأنه شعر قبل كل شيء، والشعر، لا يختزل بالأوزان والإيقاعات، وإنما هو أكبر وأوسع من هذا الجانب. ومن هذا المنطلق نقول إن الشعر يكمن في كل شيء في الوجود، بما فيه النثر.
الشيء الذي نود قوله إن قصيدة النثر بالأساس لم تظهر لكي تزيح شكلاً شعرياً سابقاً لها، وإنما ظهرت لكي تصبح إضافة فنية راقية للأشكال الشعرية السائدة، كالإضافة الشعرية الجميلة التي ستنتشر في المستقبل أكثر من قبل والمتمثلة (بالنص المفتوح) أو (النص متعدد الأجناس) كما يحلو لنا التعبير عنه. حينذاك سنجد أن الشعراء سينشغلون بهذا النوع الكتابي أيضاً وسينشغلون بالتنظير للشعرية الكامنة فيه، وهي موجودة طبعاً، ولكن ليس ليثبتوا بأنه الشكل الشعري الأخير لأنها ليست كذلك برأينا، وإنما لأن النص المفتوح سيكون مؤهلاً لاستيعاب الشحنات الشعرية والنثرية أكثر مما تستوعبه قصيدة النثر أو القصيدة الحرة، مثلما لا يستوعب النص المفتوح الشحنات الشعرية لقصيدة النثر وللقصيدة الحرة. ومن هنا نصل إلى قناعة أن ضرورة قصيدة النثر نابعة كونها تستطيع استيعاب الشحنات الشعرية الكامنة في أعماق الشاعر التي لا تستطيع استيعابها القصيدة الحرة، مثلما لا تستطيع قصيدة النثر استيعاب الشحنات الشعرية التي تستوعبها القصيدة الحرة.
فالعلاقة بين قصيدة النثر والقصيدة الحرة، علاقة قائمة على المودة والصداقة وليس على النزاع والصراع، لسبب بسيط جداً هو لأنهما يسيران بخطين متجاورين وليسا متصادمين. إذن لندعهما هكذا ولنبعد عنهما شروط الصراع لأن الشعر لا يصارع نفسه ليقهرها وإنما ليجعلها تتوهج أكثر فأكثر كتوهج النار في المواقد القديمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.