كان أبوالحسن علي بن جبلة بن مسلم المعروف بالعكوك من فحول الشعراء ومشاهيرهم، ولد أعمى، وكان من الموالي.. قال عنه الجاحظ(كان أحسن خلق الله إنشاداً مارأيت مثله بدوياً ولاحضرياً) كما روى ذلك عنه ابن خلكان. يروي ابن المعتز في طبقات الشعراء: لما بلغ المأمون خبر قصيدة قالها العكوك في حميد بن عبدالحميد الطوسي التي قال فيها: إنما الدنيا حميد وأياديه الجسام فإذا ولى حميد فعلى الدنيا السلام غضب غضباً شديداً، وقال: اطلبوه حيثما كان وأتوني به، فطلبوه فلم يقدروا عليه لأنه كان مُقيماً في الجبل، فلما اتصل به الخبر هرب إلى الجزيرة الفراتية، وقد كانوا كتبوا إلى الآفاق أن يؤخذ حيث كان فهرب إلى الشامات فظفروا به فأخذوه، وحملوه مقيداً إلى المأمون فلما صار بين يديه، قال له: يا ابن اللخناء، أنت القائل في قصيدتك للقاسم بن عيسى وهو أبودلف: كل من في الأرض من عرب بين بادية إلى حضره مستعير منك مكرمة يرتديها يوم مفتخره جعلتنا ممن يستعير المكارم منه والافتخار به. قال: يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت لايقاس بكم، لأن الله اختصكم لنفسه من عباده، وآتاكم الكتاب والحكم، وآتاكم ملكاً عظيماً، وإنما ذهبت في قولي إلى أقران وأشكال القاسم بن عيسى من هؤلاء الناس. فقال: والله ما أبقيت أحداً ولقد أدخلتنا في الكل، وما استحل دمك بكلمتك هذه ولكني أستحله بكفرك في شعرك، حيث قلت في عبد ذليل مهين فأشركت بالله العظيم وجعلت منه مالكاً قادراً وهو: أنت الذي تنزل الأيام منزلها وتنقل الدهر من حالٍ إلى حالٍ وما مددت مدى طرف إلى أحدٍ إلا قضيت بأرزاقٍ وآجال ذلك عزوجل يفعله، أخرجوا لسانه من قفاه، فأخرجوا لسانه من قفاه فمات وكان ذلك في سنة ثلاث عشرة ومائتين ببغداد(1).هوامش 1 - بتصرف عن (الكلمة والسيف) صالح الورداني93.