خمسة ابراج لديهم الحظ الاروع خلال الأيام القادمة ماليا واجتماعيا    حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    7000 ريال فقط مهر العروس في قرية يمنية: خطوة نحو تيسير الزواج أم تحدي للتقاليد؟    "حرمان خمسين قرية من الماء: الحوثيون يوقفون مشروع مياه أهلي في إب"    انتقالي حضرموت يرفض استقدام قوات أخرى لا تخضع لسيطرة النخبة    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    فضيحة: شركات أمريكية وإسرائيلية تعمل بدعم حوثي في مناطق الصراع اليمنية!    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    المجلس الانتقالي يبذل جهود مكثفة لرفع المعاناة عن شعب الجنوب    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    رفض فئة 200 ريال يمني في عدن: لعبة القط والفأر بين محلات الصرافة والمواطنين    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    مسلحو الحوثي يقتحمون مرفقًا حكوميًا في إب ويختطفون موظفًا    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    شرح كيف يتم افشال المخطط    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التيار الإسلامي تغير.. ولم يُقنع النخب بتغيره
خالد الرويشان ل( الجمهورية ):
نشر في الجمهورية يوم 25 - 01 - 2012

- لا يجوز بقاء أحد في الحكم بعد قتل شباب مسيرة الحياة
- أسكن في حي لم تدخل فيه خدمة المياه منذ عشرين سنة
- الحكومة مشغولة بالعمل السياسي أكثر من الخدمي
يحمل جزءاً من (الفوبيا) نحو التيار الإسلامي وينصح حزب الإصلاح بتسليم دفة القيادة للشباب ويرى بأن المثقف العربي لا يجد متنفساً لهمومه وهو منقسم على نفسه بين متفاجئ بإندلاع الشارع بهذه الطريقة وخائف من القادم, وزير الثقافة السابق وعضو مجلس الشورى - خالد الرويشان في حوار مع (الجمهورية):
أستاذ خالد.. بعين المثقف البصير.. كيف تنظر إلى ما يعتمل اليوم على الساحة العربية بشكل عام وعلى المستوى المحلي بشكل خاص؟
- من يتأمل أحوال العام العربي خلال السبعين عاماً الماضية وتحديداً منذ قيام الثورة المصرية عام 1952م وحتى هذه اللحظة سيجد أن تلك الفترة التي حاولت الشعوب فيها أن تقيم الدولة الوطنية بعد التحرر من الاستعمار قد تعثر أداؤها وتراجعت أحلامها في إقامة هذه الدولة الوطنية القومية، قد تكون نجحت في جوانب معينة لكنها فشلت في جوانب أكثر، وكان السبب في هذا الفشل من وجهة نظري هو الديكتاتورية الفردية وأخطاء الحكام بشكل عام، ما أدى إلى إجهاض المشروع الوطني العربي التحرري لإنشاء الدولة الحديثة، حتى جاءنا الربيع العربي في2011م، وقد يظن البعض من الناس وحسبما أسمع أن هذا الربيع كان نتاج ذلك الشاب التونسي “البوعزيزي” الذي أشعل نفسه في الشارع وكان ذلك الشرارة التي أشعلت الحريق أو النقطة التي فاض بها الكأس، وقد تلاه آخرون أحرقوا أنفسهم في مصر والجزائر، والواقع أن أسباب وعوامل قيام هذه الثورة كانت كامنة ومختمرة حتى كانت تلك الشرارة التي أشرنا إليها ولا زلنا إلى اليوم نعيش دخان حرائقها، بمعنى أن هذه الثورات لو كانت مجرد شرارة أو حدث عابر لكانت قد خمدت، لكن ما حدث أكبر بكثير من مجرد اندلاع شرارة، الثورة اختمرت في النفوس قبل أن تندلع على أرض الواقع، ولذا استمرت ونجحت..
.. الملاحظ أن هذه الثورات بدأت من بلدان جمهورية غير ملكية خلافاً لما يقتضيه الأمر ربما وعلى غير المتوقع.. ما هذه المعادلة الطردية؟
- في الواقع هناك ما أسماه المفكر العربي المعروف هيكل “صدفة الجغرافيا” بمعنى أن النفط في هذه البلدان كان هو المصدر الأساسي للدخل وبالتالي فقد كان البلسم الذي هدأ الجراح وخفف الآلام، والحقيقة أنها قد شهدت انتفاضات في هذا الربيع في البداية, الأمر الذي جعل قادتها يسارعون إلى رفع مرتبات شعوبهم 100% بل إن دولا صرفت آلاف الدولارات كمكافآت لكل المواطنين كالكويت والبحرين والإمارات وعمان والسعودية، بل إن مجلس التعاون الخليجي مد بصره إلى الدولتين الملكيتين في المنطقة وهما المغرب والأردن، لضمهما إلى ناديه، وهما دولتان مستواهما الاقتصادي معقول وجيد، ولا تنس أن هناك هبة شعبية في الأردن لا يزال دخانها يتصاعد إلى اليوم، وفي المغرب حصلت هذه الهبّة غير أنه حصلت تنفيسات سياسية ذكية جداً، قام بها الملك الشاب، فسلم الحكومة للمعارضة والآن المعارضة تقود الحكومة بالمغرب. لقد بلغ الفساد درجة كبيرة حتى إن الجمهوريات التي كانت محطة أمل للتغيير في الوطن العربي كانت قد تبنت مشروع التوريث الذي نعرفه جميعاً في سوريا ثم مصر واليمن وأيضاً ليبيا، هذه المشاريع كانت خاتمة المطاف لهذه الدول، وكانت ذروة الفساد الذي أصبح مقننا ومشرعا له، حتى في مصر وهي الدولة المتقدمة والتي عرفت المجالس النيابية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني منذ العشرينيات من القرن الماضي كانت قد بدأت في اتجاه التوريث، بالإضافة إلى الإهمال الكامل للأجيال الجديدة التي تمثل تقريباً 70% من السكان، ولذا تلاحظ مقدار التشابه الكبير في طبائع المشهد العربي الذي يكاد يكون واحداً في كل الدول التي اندلعت فيها الثورات، نفس الوجوه، نفس الأعمار، نفس المطالب حتى الميادين وأسماءها، المظاهرات في أكثر دول الخليج العربي لا تزال سارية غير أنها مقموعة وبعيدة عن عدسات الإعلام، هذا جيل جديد ظهر فجأة قافزاً من على أسوار المدارس والجامعات وهبَّ إلى الساحات خاصة في مصر واليمن بنفس الأهداف، بنفس المعاناة، الثورة تكاد تكون واحدة وفي مشهد واحد، في أسبابه ومظاهره، بمجرد أن هب المصريون إلى ميدان التحرير وسط القاهرة بدأ اليمنيون يلملمون صفوفهم باتجاه ميدان التحرير في صنعاء، لولا أن السلطة كانت قد سبقتهم إلى احتلاله وهذا حدث بعدها بيومين فقط، كنت أتابع هذه الحالة ساعة بساعة، وقد خرجت ذات يوم من مجلس النواب ورأيت الخيام منصوبة في ميدان التحرير بصنعاء بمجرد أن هب المصريون إلى ميدانهم في القاهرة، مع أن الظلم في اليمن أكثر، وقد يقول قائل: في اليمن أحزاب وديمقراطية وانتخابات و..إلخ، إنما أنا أؤكد أن الظلم في اليمن كان أكثر، تخيل مقاعد الدراسة في الجامعة أصبحت محتكرة ومحدودة حتى إن من أراد أن يلتحق بأيّة كلية عليه أن يدفع رسوم التعليم الموازي وبالدولار أو يظل بلا تعليم، وذلك ما لم يحدث في مصر ورغم أن عدد سكانها يقارب 90 مليونا، لا يوجد طالب هناك يحصل على 80% أو 85% ولا يستطيع الالتحاق بالجامعة، مستحيل، كليات كثيرة مفتوحة، لكن عندنا العكس عليك أن تدفع الموازي وبالدولار أيضا، مع أن هذه الرسوم لا تذهب إلى خزينة الدولة وأنا أعرف هذا الكلام ولطالما حاولنا من وقت مبكر إيجاد الحلول المناسبة والتدخل لوقف هذا العبث لكن دون جدوى. والعجيب أن الرئيس علي عبد الله صالح كان يعتقد أن هذه هوجة او موجة عابرة حسب تعبيره, وغير مصدق بحقيقتها، وقد قال ذلك، مراهناً على تكتيكاته السياسية التي عرف بها واكتسبها خلال مسيرته السابقة، لم يكن يصدق أن الشباب سيصمدون وسيناضلون صابرين تحت وابل الرصاص والخوف وعلى الحر والبرد وعلى المشاق والمتاعب إلى هذا الحد، لم يكن مدركا للأسف للأسباب الحقيقية وراء هذه الثورة، وعزمها وإصرارها على التغيير، لم يكن يخطر على باله أن تأتي مسيرة راجلة من تعز إلى صنعاء حاملة كل العناء والمتاعب بما فيها القتل والرصاص وقد تساوى لديها الحياة والموت، والحقيقة أن ساحات الشباب قد مثلت لليمن ساحات إنقاذ وتحوّل نحو المستقبل.
.. برأيك ما هي التحولات الثقافية التي طرأت على المشهد منذ البداية وبهذه الصورة العجلى التي لم يكن يتوقعها أحد؟
- الواقع أن الثقافة العربية في حقيقتها شديدة الحيوية، يجب أن نؤمن بأهمية التراكم الثقافي التاريخي، ولا يمكن لحدث ما بهذا الحجم أن يحدث هكذا فجأة بلا محددات أو خلفيات تاريخية أو ثقافية مكتنزة في اللاوعي، لو تتبعت تاريخ العرب خلال المائة سنة الماضية لوجدت أنهم قاتلوا وناضلوا في سبيل التحرر من الاستعمار والاستبداد، وواصلوا المسيرة أيضا مناضلين باتجاه قيام الدولة الوطنية المدنية التحررية، ولا فرق عندهم بين محتل خارجي أو مستبد داخلي..
.. ألا ترى أن سبب الانتكاسة التي لحقت بالشارع العربي تكمن في طبيعة الشخصية العسكرية التسلطية التي أمسكت بزمام الأمور بعد الاستعمار وإلى اليوم؟
- أعتقد أنه خلال فترة من الفترات ربما إلى السبعينيات كان وجود العسكر مشروعاً ومقبولاً، كونهم الأقدر على بناء القوة العسكرية والجيش لمواجهة الصراع إبان الاستقطاب الدولي ، وكانت الظاهرة العسكرية موجودة في كثير من بلدان العالم، وكانت الدولة تعتمد على مركزية التخطيط الاقتصادي الأقرب إلى التجربة الاشتراكية، ثم جاءت فترة ما بعد السبعينات، والتي كان يجب التنبه لها وطبيعة التحول الطارئ في مساراتها، وفي تقديري أن ما حدث في ليبيا وما يحدث اليوم أيضاً في سوريا كان من المفترض أن يحدث عام 1990م أو 89م مع هبّة التحول التي حصلت في أوروبا الشرقية في ذلك الوقت، في الدول الشمولية، تأخرت هاتان الدولتان -سوريا وليبيا- على وجه التحديد عشرين عاما!
.. برأيك لماذا تأخرتا؟
- تأخرتا لأن القوة العسكرية والقبضة الأمنية كانتا فيهما ضاربتي الجذور إلى حد كبير، مع أن رؤساءها وقياداتها قد شاخوا وتجاوز بعضهم السبعين، هؤلاء مزجوا الفكر العربي القومي بالفكر الاشتراكي الذي ادعوه، كانت تجربة البعث العربي تعبر عن إرادة أمة في التغيير كفكرة وكحلم، لكن الأنظمة أساءت إلى هذه الفكرة وإلى هذا الحلم.. الشعوب العربية تأخرت عن سير الزمن في كثير من الجوانب كالديمقراطية وحقوق الإنسان..تخيل في هاتين الدولتين لا توجد حزبية حتى اليوم!! هذه دول تسمي نفسها جمهورية! المغرب أو الأردن وهما ملكيتان أفضل حالا منهما، فيهما حراك سياسي وحزبي لا يقارن بسوريا أو ليبيا، فيهما حراك مدني لا بأس به، الأنظمة الفردية في هذين البلدين تحديداً زادت عتواً وظلماً على شعوبها، سعت إلى التوريث وحققته كما في سوريا، وكانت مصر واليمن بعدهما في هذا الجانب ولو لاحظت العشر السنوات الأخيرة في كل هذه البلدان لرأيت حجم الفساد المهول فيها جميعاً بسبب التوريث الذي كانوا يسعون إليه.
نحن وصلنا في اليمن إلى مرحلة أبناء الأبناء، ولم نقتصر على الأبناء فقط! أصبحت مانشتات الصحف مملوءة بأخبار التخرج من الكليات العسكرية في لندن وأخبار الفروسية وغيرها، الصحف أصبحت في يوم من الأيام تكاد مقتصرة على التهاني بتخرج أحد الأبناء من كلية معينة أو بالفوز في الفروسية، وكان هذا يثير التساؤل كثيراً، العشر السنوات الأخيرة تغلغل الفساد فيها بشكل عجيب حتى أن موظف الدولة لا يعرف من يرضي في هذا البلد! الوزير نفسه لم يعد وزيراً أو لم تعد له قيمة! لا تعرف من يدير البلد، أفراد من الأبناء ينشئون القنوات الفضائية يتسابقون على البرامج والمسلسلات.. لم يكن الوضع هكذا سابقا، لا في السبعينيات ولا في الثمانينيات، حتى في التسعينيات، اليوم اكتملت الحلقة واكتمل التراكم..
.. نحن لم نفض في الحديث عن الأثر الثقافي في طبيعة التحول إلى المشهد الثوري الذي سألتك عنه؟
- يتم الحديث عن الثقافة عادة من محورين أساسيين: محور الثقافة في بنيتها الثقافية والاجتماعية والحضارية ودورها في السلوك، من جهة، أو من محور دور المثقف وما يجب أن يضطلع به. فعلى أي مستوى تريد الحديث؟
.. ليكن من المحورين معا..؟
- أقول: الثقافة العربية في حد ذاتها فيها روح التمرد، الشعر العربي وهو خلاصة مهمة في الحضارة العربية وفكرها الإنساني البديع يلخص الشخصية العربية في أدق تفاصيلها، العربي متمرد بطبيعته ومتجدد أيضا، وله صولات وجولات في هذا المضمار، في اليمن الشعر العربي مرآة واضحة وصادقة لطبيعة الشخصية اليمنية من خلال شعراء الثورة الدستورية وثورة 62م و63م أيضا.
المثقف العربي انقسم على نفسه بين مفاجَأ بما حدث، وخائف مما قد يحدث, لم يكن يتخيل أن يندلع الشارع بهذه الطريقة، لأنه لم يحس بمعاناته أصلاً من قبل، هذا المثقف إما مغترب في أوروبا، وإما أنه جزء من سلطة ما، وربما كان تحت وهم الخوف من التيار الإسلامي وأقولها صراحة بكل أسف، لا يجد متنفساً لهمومه.. هو بين طرفين اثنين: بين كراهيته للنظام، وبين خوفه من التيار الإسلامي..
.. هل هذا الخوف موضوعي مبرر؟ أم مجرد فوبيا ووهم لا داعي له أصلاً؟
- في بعض جوانبه موضوعي ومبرر، المثقف العربي خلال خمسين سنة مضت دخل في مشروع التنوير، أنظر إلى جابر عصفور أو كمال أبو ديب أو أحمد عبد المعطي حجازي، خذ أدونيس مثلا، هو موجود وتابع ما يجري في تونس وفي سوريا.. في الحقيقة أنا أحمل جزءا من هذه “الفوبيا” التيار الإسلامي الذي تغير ولم يقنع الآخرين أنه تغير، لم يقنع النخب التي في الساحة معه بمدى التغير الذي وصل إليه..
.. تراهم يمارسون سلوكيات من نوع ما هي مخيفة على المستقبل؟
- كما رأينا في ليبيا مثلاً الثورة لم تكن مقنعة في بعض تصرفاتها، وقد تستغرب أنني أحمل القذافي مسؤولية ذلك وقد أفضى إلى ما قدّم، هذه نتيجة حكمه خلال العقود الماضية، هذه ثقافته التي زرعها في هذا البلد، لم يترك قيادات مقنعة وكفؤة تدير البلد من بعده، حتى طبيعة مقتله، كانت بشعة، لكن عندما تدرس الموضوع بتأن تدرك أن هذا التصرف هو في النهاية محصّلة عصر كامل, القذافي كان قائده وربانه، لم يعلم شعبه كما يجب، لم يوجد جامعات كما يجب، كل ما فعله هو الممارسة السياسية الخاطئة على كل المستويات، أربعين سنة تستطيع أن تخلق شعباً من العدم، فما بالك بشعب عريق كالشعب الليبي؟ جرّف القذافي كل موهبة في طريقه خلال فترته السابقة حتى لا تنبغ وتنافسه بحسب أوهامه وحمق أفكاره.
.. في اليمن مثلا إلى أي حد ساهم النظام في إخافة الناس والجمهور من الإسلاميين؟
- لا أعتقد أن النظام ساهم خلال فترته السابقة في تشويه صورة الإسلاميين، في اليمن موضوع الإسلاميين مختلف، يختلف عن مصر التي كانوا مضطهدين فيها أو حتى في ليبيا أو سوريا، في اليمن موضوع آخر، المنظومة الإسلامية في اليمن خلال الفترة الماضية إلى حد ما كان مرضيا عنها بكل فصائلها تقريباً، كانت بطريقة أو بأخرى متحالفة معه، لم يكن ثمة تشويه بأي معنى، لأن النظام أولاً لا يمتلك أدوات التشويه لأنه نظام تعود على التحالفات المؤقتة وعلى المزايدات، تعود على الباطنية السياسية المؤقتة والتكتيكات اليومية، لذلك لا يمكن القول أنه شوه الجماعة.. والحقيقة أن الجماعة الإسلامية في اليمن على قدر عال من الذكاء والحكمة وقد أدركت المتغيرات الحالية..
.. هل أنت متفائل بما تسير عليه الجماعة الإسلامية؟ بمعنى هل تلمح في مسيرتهم مشروعا رائدا للتغيير؟
- حتى هذه اللحظة للأسف المشروع الحزبي هو الأبرز في المشهد. وما أريد أن أقوله تحديدا أنه يجب على السياسيين في اليمن وتحديدا الإسلاميين التكيف مع وضع جديد متحرك، وضع يشبه الزلزال الضخم والبركان الكبير، أن يتم النظر إليه بعين المشروع الوطني الكامل، والمشروع الوطني لا يتنافى مع أدبيات الجماعة الإسلامية، العالم كله اليوم اعترف بها، والحقيقة أن التغيير في اليمن لم يحدث بعد. ربما سبقنا المصريون الذين كنت أظنهم متأخرين، الحركة الإسلامية في مصر تغيرت بشكل معقول، وهو تقدم كبير محسوب لهم. تغيرهم إيجابي.
وفي اعتقادي أن حركة النهضة في تونس هي النموذج الأمثل للحركات الإسلامية في الوطن العربي. في اليمن, وبشكل عام, هناك خطباء جيدون في الساحات ويحاولون أن يقدموا خطاباً جديداً ومتقدما، وهناك آخرون أيضا لا يزالون متأخرين يمكن أن يكونوا من الحرس القديم، نريد أصواتا شابة جديدة, أريد لهذه الأصوات أن تكون معبرة عن الساحة الشعبية برمتها لأنها الأكبر وهي الشعب إن صح التعبير، نريدهم أن يقنعوا الأطراف التي لا تزال متوجسة منهم.
.. ما ذا عن تقييمك للمشهد الثوري لسنة كاملة في اليمن من يناير 2011 إلى يناير 2012م، كيف ترى المشهد؟
- هذه سنة كانت صعبة ودامية، لكنها لخصت مشروع شعب كامل في التغيير والطموح، هناك علامات مهمة دمغت هذا العام لا يمكن نسيانها أو إغفالها في المستقبل، هذه المعالم الأساسية، هي فاعلية الشباب وديمومتهم في الثورة، الشباب بكل تياراتهم والذين يجب أن يتصدروا المشهد القادم، وأظن أنه على الإصلاح تحديدا أن يسلم دفة القيادة فيه للشباب من الآن وصاعدا, إلى الأجيال الجديدة فيه..
.. ترى أن قيادته الموجودة شاخت؟
- لا أقول أنها شاخت، لكن المرحلة الجديدة تفرض وجوهاً جديدة وخطاباً جديداً وعالماً جديداً، لا بد أن يتناغم وأن يتحاور بمرونة مع من حوله في الداخل والخارج.
.. الإصلاح فقط أم كل القوى الأخرى التي يجب عليها ذلك؟
- الكل في الحقيقة، إنما الإصلاح بدرجة رئيسية أكثر من غيره، لأنه الشقيق الأكبر، ولأنه الأكثر تنظيماً وفاعلية وقوة، ولديه كادر بالفعل، وهم الأكثر حاجة من غيرهم لهذا التغير الجديد، أقول ذلك من موقع ناصح، لا مزايدة أو نقدا، كما قد يفهم البعض.
أما عن العلامات فهناك جمعة الكرامة وهي علامة فارقة في مسيرة الأزمة التي حولت المشهد إلى ثورة بالفعل، ثم الحرب التي شنت على بيت الأحمر، وهي حرب كانت ظالمة إلى درجة غير معقولة، لم يحدث في تاريخ اليمن أن ضربت أسرة ووجهت إليها هذه الكمية من النيران الكثيفة التي لا تشبهها إلا حرب غزة، وربما أسوأ مما حدث في غزة، رأيت الحصبة قبل أيام, كان مشهدًا مهولاً، هناك بيوت ومبان دمرت لا علاقة لها بالحرب، حرب أسوأ من الانتقام، حصار على الحي، وعلى البيوت، كان بيتي يهتز من دويّ الضرب, وأنا في جنوب المدينة فكيف بالبيوت التي تتلقى الضرب؟! ثم المبادرة الخليجية والتوقيع عليها, حادث النهدين قبل ذلك سيظل علامة استفهام ضخمة.
ومما يلفت النظر أيضاً ما حصل يوم الاثنين 16 يناير الحالي من احتلال لقلعة العامرية في رداع من قبل جماعة مشبوهة، فمن يعرف رداع ويعرف قبائلها ويعرف شدتهم وبأسهم لا يمكن أن يصدق أن جماعة مسلحة صغيرة قد تسيطر على هذه القلعة الكبيرة وذلك الجامع التاريخي العريق الذي تم ترميمه في العام 2006م، وكنت مشرفا على ترميمه، وهو يعتبر من أهم المساجد في العالم الإسلامي ويزيد عمره عن 500 سنة وأخذ جائزة دولية على مستوى العالم الإسلامي.. كيف خطر ببال هذه المجموعة المشبوهة أن تسيطر على هذه القلعة التاريخية وأن تسيطر على المدينة كما قيل مؤخرا؟! أخشى أن يكون هناك سلسلة لأحداث جديدة، ونعرف نحن تفاصيل هذا المسلسل وإشاراته وملامحه وطرائقه، أقول: لا أستطيع الجزم حاليا بأن السلطة وراء ذلك، لكن بقرون استشعار أحس بذلك، وأحمّل بعض مراكز القوى في الدولة المسئولية..
.. وبالمقابل أيضاً هل ترى أن القاعدة بأفرادها قادرون على فعل ذلك؟
لا.والحقيقة أنه لا حاجة لزعيم قبيلة بحجم الشيخ الذهب أن يدخل القاعدة، هذا ابن الشيخ أحمد ناصر الذهب وأسرته من الأسر العريقة في قيفة وفي اليمن, وأهل البيضاء وأهل رداع لديهم من الشهامة والنبل ما يحول بينهم وبين هذه التصرفات، البيضاء مدينة ثورية بامتياز، المظاهرات فيها بشكل يومي. ما هذه الجرأة من القاعدة إن صح أنها القاعدة؟ هذا أمر عجيب! أتمنى على الرئيس ألا ينهي حكمه بهذه الطريقة، وأن يجد من الحكمة ما يردع هؤلاء!.
.. أستاذ خالد نشهد اليوم ثورة المؤسسات داخل كل مرفق حكومي تقريباً.. ما دلالة هذا المشهد من وجهة نظرك؟
- هذه من العلامات المهمة، ودلالة ما يحدث أخطر مما حدث سابقاً، وأن يخرج هؤلاء الذين كانوا غير محسوبين على المعارضة ثائرين على مسئوليهم فهو تلخيص لمرحلة بكاملها، هؤلاء الناس في مناصبهم لا أقول شاخوا فحسب؛ بل واهترأوا ولم يعودوا مجديين إطلاقا لا في أعمالهم ولا في إداراتهم، هي طبيعية في النهاية، نعرف نحن بعض تفاصيل هذه الجهات ومدى الرعونة التي كانوا يتعاملون بها مع الناس، والله أقولها: لو أن هناك 20% فقط من الموظفين يكرهون مسئولهم الأول في أي مؤسسة لكان هذا سببا كافيا للرحيل، لأن يرحّل نفسه قبل أن يرحله الآخرون، هذا لو كان هناك احترام للنفس، بعضهم له عشرات السنين في بعض المواقع.
يا أخي حالة المرور عندنا في صنعاء لم تتغير أبداً لا تزال على سوئها مع وجود وزير داخلية جديد، تقاطعات مهولة، نصف المدينة لا تستطيع المشي فيها، شوارع بكاملها مقطوعة وساحات وميادين لأن فيها منزل فلان أو علاّن! نحن نعاني كثيرا في الدخول والخروج. على وزير الداخلية أن يشعر الناس بنوع من التغيير على الأقل,.. يتم التعامل اليوم مع المقولة الشعبية المنسوبة لواحد من ذمار يخاطب القدح الشعير: “والله لا أكيلك من زوّه لا زوّه لاما ترجع ربع قدح”.
.. ما التحديات التي تراها كامنة أمام الحكومة خلال المرحلة القادمة؟ وما الذي يجب عليها أن تفعله؟
- الحكومة مشغولة على ما يبدو هذه الأيام بالعمل السياسي أكثر منه بالعمل الخدمي المتعلق بيوميات الناس، على الحكومة سرعة معالجة ما يتعلق بالبنزين والغاز والديزل والكهرباء، والمرور، هذه من القضايا المهمة والعاجلة. الكهرباء محور أساسي من محاور الأزمة ويلخص كل مساوئ النظام خلال ثلاثين سنة، يا أخي إذا كنت عجزت خلال كل هذه الفترة عن توفير هذه الخدمة البسيطة في البلد فما الذي تمن به علينا؟ انقطاع الكهرباء قضى على أشياء كثيرة..على مقومات البلد وهي خدمة أساسية وقد أصبحت اليوم بدائية في بعض الدول! كأن السلطة تريد التخلص من آثار الإعلام,.. من الجزيرة وسهيل والفيسبوك، وخلاص اقطع الكهرباء وأرح نفسك! الدولة هي المسئولة عن هذا الوضع.
أنا أسكن في حي لا كهرباء فيه من الدولة، ولا مشروع ماء من الدولة, أنا أسكن في هذا الحي وخلال عشرين سنة لم تدخل فيه خدمة المياه!! لم تدخل بيتي قطرة واحدة من مياه الدولة, لا توجد مدارس عامة، ندرس أبناءنا في مدارس خاصة، الصحة كذلك. هذا في منطقتنا في حي الأصبحي، وحتى لو دخلت إلى داخل المدينة لا تجد سريرا لمريضك. الخدمات الأساسية غير موجودة. فما الذي تمن به علينا هذه السلطة؟ ما هي الدولة إذن. نتحدث عن الوحدة، الجنوب اليوم ينادي بالانفصال وغير راض عنها! نتحدث عن الاستكشافات النفطية والبترول غير متوفر وإذا وجد فبسعر خيالي!! الإخوة في الجنوب محتقنون بالآلام والأحزان مما حصل لهم وأنا أسمع بشكل دائم من البعض أنينهم وتذمرهم مما يجري. قضية صعدة أيضا.. البلد ممزق.
.. لك مقال بديع أستاذ خالد عن مسيرة الحياة الراجلة من تعز.. ما الذي خرجت به وأنت تتأمل تفاصيل هذه اللوحة البديعة؟
- رأيتهم وهم حفاة جائعين منهكين تتقرح أقدامهم، بعد خمسة أيام من المشي ومع هذا يضربون بالرصاص الحي ويلقى عليهم الغاز المسيل للدموع على أبواب صنعاء بينما لم يتعرض أحد منهم لأذى وهم يمرون بتلك المدن والقبائل أبدا، هل من المعقول ومن أجل ألا يمروا بشارعٍ ما, يُقتلون؟!! يا أخي ليمروا من شارع تعز أو من السبعين لا فرق، لو حصلت منهم أية اعتداءات على أبواب الرئاسة هم الذين سيتحملون مسئوليتهم، هم يسيرون والقنوات الفضائية العالمية تنقل مسيرتهم، ما حدث في دار سلم مأساة والله. وكأنه لا قيمة للإنسان. فهل يجوز بقاء شخص واحد في الحكم بعد قتل شباب تعز الذين وصلوا بذلك المنظر المهيب؟ سمعتهم بنفسي ينادون: يمن واحد، ورأيتهم وهم يُضربون ويواجهون بالرصاص والغاز المسيل للدموع! كانت الدماء تسيل من أقدامهم من أثر المشي وسالت من أعناقهم بعد ذلك من الرصاص!
.. توقعاتك للمشهد اليمني القادم؟
- أتمنى أن يلطف الله بهذا البلد وألا يكون هناك سيناريو معدّ لمفرقعات تشوّه حال هذا البلد الذي تحمل الكثير، وعموما أنا متفائل بالتغيير القادم إن شاء الله، لي وجهة نظر فيما يتعلق بالدماء والأموال المنهوبة خاصة النفط والغاز, يجب أن تحال هذه القضايا إلى القضاء ليقول كلمته فيها، قضايا القتل كذلك، قضية الكهرباء ومن تسبب في التلاعب بها ومن أهمل ومن غمز بعينه من بعيد، هذه يجب أن يحاكم مرتكبوها, أما ما يتعلق ببقية الصراع السياسي الآخر فلتشمله الحصانة لا مشكلة في ذلك، ولو أن هذه الحصانة غريبة من نوعها، دخل فيها كل من عمل لمدة 33 سنة بمن في ذلك المعارضة بكافة أطيافها، كان الزنداني يوما ما عضو مجلس الرئاسة وكان ياسين سعيد نعمان رئيس مجلس النواب، حصانة فارغة المضمون لا معنى لها، لأنه لا يصح إلا الصحيح في النهاية، لكني أشدد مرة ثانية وثالثة على قضايا الدماء وقضايا النهب للمال العام وقضايا الكهرباء، هذه يجب ألا تدخل ضمن الحصانة.
.. الكلمة الأخيرة؟
- الكلمة الأخيرة يمكن أن تكون رسالتين: الأولى إلى الحكومة تتعلق بالخدمات المهمة, وبسرعة إيجاد هذه الخدمات في أقرب وقت كالوقود والكهرباء والمرور، الثانية: أقول: آن الأوان لأن يشعر اليمنيون وخاصة بقايا النظام، ولأول مرة أستخدم هذا المصطلح آسفاً لذلك, بأنه يجب أن تطوى صفحة الغموض الذي يلف كل قضايا البلد، مجزرة جمعة الكرامة حتى الآن لا أحد يعرف تفاصيلها. وهناك غموض بشأنها، مسألة تفجير جامع الرئاسة لا أحد يعرف ما الذي حدث حتى الآن! قضية قتل المتظاهرين في أماكن متعددة هناك صور لملثمين نراهم يأتون من الشوارع الفرعية يقتلون الشباب وبطريقة بشعة، قضية رداع الأخيرة وقلعة العامرية، تخيل قناة العقيق وهي تعبر عن اتجاه معين تنشر خبرا في مانشت عريض عن الحادث كما لو أنها تحتفي بذلك، وهذا خطأ فادح. “القاعدة تزحف على ثلثي اليمن، وهي في طريقها إلى دمت”!! وكأن هناك إيعاز أو ارتياح لما يحدث، أقول كفاية غموض إلى هنا وبس، لا داعي لما يحدث!
.. كان لدى البعض نظرة غير إيجابية عن القبائل لكن الأحداث الأخيرة أثبتت غير ذلك ما الذي تراه أنت هنا؟
- لن أخوض في مسألة القبائل اليمنية وتاريخها وعلاقتها بالسلطة وبالصراع هذه مسائل أخرى، سأتحدث عن تعامل السلطة خلال ثلاثين سنة مضت مع هذه القبائل، أقول: تعاملت السلطة مع القبائل تعاملاً سلبياً مثلاً محافظة صنعاء هذه المحافظة الكبيرة والمأهولة بالكثير من البشر والممتدة من تخوم صنعاء حتى تخوم تهامة، وريمة وذمار ومن همدان حتى حجة والمحويت ومأرب والجوف، هذه المحافظة ظُلمت كثيرا، وتعاملت معها السلطة كما لو أنها مخزن للرجال، عتاد بشري لوقت الحاجة للتجنيد تحديداً في الجيش والأمن وتم حرمانها من مشاريع التنوير والتثقيف والعيش بكرامة، مثلاً بني مطر، لو خرجت كيلو متراً واحداً بعد منطقة بيت بوس لا تجد الاسفلت ولا الطريق ولا الهاتف ولا الكهرباء ولا المياه ولا المدارس، استخدمتهم السلطة وقودا للحرب فقط، هذه المحافظة التي كان لها الدور الكبير في تاريخ الإسلام وفي تاريخ الفتوحات جُعلت مركزاً للجهل والظلام.
.. برأيك لماذا اتخذت السلطة معهم هذا الأسلوب؟
- هكذا تعاملت معهم مخزناً للرجال لحماية السلطة، أقصى ما يحلم به شاب منهم هو أن يصبح جندياً في الجيش أمياً لا يقرأ ولا يكتب، تعامل لا يليق ولا يجب أن يستمر، ورغم هذا ظهرت القبيلة في أحسن أحوالها ودخلت الساحات وتركت أسلحتها خلفها وهي ظاهرة ممتازة نشجعها كثيرا وقد آن الأوان أن تتحضر القبيلة وتتمدن من الآن وصاعدا وتتوفر لها سبل الحياة الكريمة. وأنا متأكد أن القبيلة عندها قابلية التحضر، القبيلة هي أساس اليمن، المدن في اليمن قليلة جدا، صنعاء إلى قبل الثورة كانت خمسين ألف نسمة فقط، المدن محوّطة وقديمة ومسورة، فأصبحت المدن اليوم قرى كبيرة لا مدنا بالمعنى الحضاري للمدينة لأننا أردنا لها أن تكون كذلك بالشكل البدائي والعشوائي.
.. ما تعليقك أستاذ خالد للمسار الجديد الذي اختطته صحيفة الجمهورية في أيامها الأخيرة؟
- أعتقد أن صحيفة الجمهورية في وضعها الحالي وفي سمتها الذي نراه الآن هو الوضع الأمثل لأي صحيفة في دولة متقدمة في العالم، بمعنى ليس بالضرورة أن تكون معارضاً أو تكون موالياً بالطريقة البدائية التي عاشتها الصحيفة وغيرها في زمن مضى أو تعيشها حتى اليوم بعض الصحف الحكومية الأخرى، هذه هي الحقيقة المجردة, عدم التعصب والمهم, العمل بنزاهة وشرف وحيادية وصدق تجاه الخبر وتجاه الحقيقة، باعتبارك مؤتمناً من القارئ في نقل الحقيقة إليه، حقيقة أنا أهنئ الجريدة على هذا السّمت الجميل والطريق الجديد وأهنئ الأخ الأستاذ سمير اليوسفي الذي يفاجئنا دوماً بشخصه الأثير في هذا الخضم الزلزال الذي نعيشه اليوم، ولعل هذا أن يكون فاتحة للصحافة اليمنية حكومية وأهلية وحزبية خلال الفترة القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.