محاولات مجلس القضاء الأعلى لإيجاد حلول تنهي “ثورة القضاء” تقف في طريقها مطالب تؤكد المنتديات القضائية ألا تنازل عنها باعتبارها مطالب مشروعة تأتي وفق منظومة لإصلاح القضاء واستقلاليته. وفي بيان ختامي للاجتماع التشاوري لأعضاء السلطة القضائية الذي انعقد خلال اليومين الفائتين وسط مقاطعة معظم المنتديات القضائية؛ تم التأكيد على ضرورة تعميم مشاريع قانون السلطة القضائية على كافة منتسبيها وكذا المنتديات القضائية للمساهمة في إثرائها ورفدها بالآراء التي تضمن التحقيق الفعلي لاستقلال القضاء كما نصّ عليه الدستور, وأكد البيان المطالب القانونية المشروعة للمنتديات القضائية التي عقدت في المحافظات, وضرورة تسكين عضو السلطة القضائية في الدرجة القضائية للوظيفة المعيّن فيها فور صدور قرار التعيين مالم تكن درجته القضائية أعلى من تلك الدرجة مراعاة لمبدأ الحقوق المكتسبة. البيان الختامي للاجتماع التشاوري لأعضاء السلطة القضائية وصفه أمين عام الحراك القضائي وضاح سلطان القرشي ب«المراوغ».. وقال القرشي ل “الجمهورية”: “الاجتماع التشاوري التفاف على مطالب السلطة القضائية”.. وأضاف: “حين خرجنا كانت لنا مطالب ومن أهمها إقالة مجلس القضاء الأعلى أو تقديم استقالته”. وقال القرشي: “إذا لم تتم إقالة هذا المجلس أو استقالته؛ فإننا سوف نطالب بمساءلتهم ومحاكمتهم لما ارتكبوه من جرائم وضياع مستحقات أعضاء السلطة القضائية”. ولوّح أمين الحراك القضائي برفع دعوى بعدم دستورية أي قرار أو قانون سيصدر بشأن موازنة السلطة القضائية في حال لم يقر البرلمان موازنة القضاء كون ميزانيتها تقدّم كرقم واحد ولا يتم إنقاصها أو تعديلها من السلطة التنفيذية أو التشريعية. وطالب القاضي نبيل الجنيد, عضو اللجنة الإعلامية للمنتدى القضائي مجلس القضاء بعدم حرف مسار “ثورة القضاء” في مواجهة السلطتين التنفيذية والتشريعية وتخفيف الضغط عليه. وقال الجنيد ل “الجمهورية”: لا نريد من هذا المجلس أن يحقق مطالبنا في المرحلة القادمة؛ لأننا قادرون على انتزاعها من السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ لأن المجلس يرتهن في قراراته إلى قوى سياسية تريد أن تسقط حكومة الوفاق الوطني. وأضاف: “مستمرون في إضرابنا واحتجاجاتنا حتى تحقيق كافة مطالبنا الإصلاحية وعلى رأسها استقلال القضاء, وإخراج العناصر الأمنية والحزبية والسياسية منه, وإقالة مجلس القضاء الأعلى”. الإشكالية القائمة داخل السلطة القضائية قديمة, وتكمن في صياغة نصوص السلطة القضائية التي جعلت السلطة التنفيذية مهيمنة على السلطة القضائية بحسب القاضي هزاع اليوسفي, عضو المحكمة العليا..وقال القاضي اليوسفي ل “الجمهورية”: الاستقلالية المالية والإدارية تكفل تسيير القضاء كسلطة مستقلة بعيداً عن هيمنة السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ بحيث تستطيع السلطة القضائية كسلطة من سلطات الدولة الثلاث أن تقدّم ميزانيتها المالية دون أن تتدخل السلطتان الأخرتان في الانتقاص منها”. وأكد القاضي اليوسفي أن الإشكالية الأساسية هي في تعديل قانون السلطة القضائية ومنه يبدأ الحل؛ لأنه لا يجوز الجمع أيضاً بين عضوية المحكمة العليا والمنتدى القضائي. وأضاف: “كما لا يجوز المطالبة بانتخاب مجلس القضاء الأعلى قبل إصلاح قانون السلطة القضائية, وإذا استقال مجلس القضاء؛ يتعيّن على السلطة القائمة في البلد وفقاً لهذا القانون الذي لا يعطي الاستقلالية للسلطة القضائية أن يعيّن بديلاً لمجلس القضاء في حالة استقالته”. وقال القاضي اليوسفي: “إن بقية مطالب القضاة التي يعلنون عنها قانونية يجب تلبيتها؛ إذ لا يصلح مجتمع إلا بإصلاح القضاء, ولا حكم إلا بالعدل”. مضيفاً: “يجب على المجتمع ككل والسلطة القائمة حالياً ابتداءً من رئيس الجمهورية, مروراً بمجلس الوزراء تلبية مطالب القضاة, وكفالة حقوقهم, والوفاء بمتطلباتهم وفقاً لما قدّرته السلطة القضائية في موازنتها, وإقرار تلك الموازنة ضمن موازنة الدولة كرقم واحد وفقاً لما نصّ عليه دستور البلاد”.