باتت مسألة التحكيم هماً يؤرق معظم الفرق المشاركة في دوري الدرجة الأولى لكرة القدم،بعد أن كثرت الأخطاء التحكيمية هذا الموسم بشكل أثار حفيظة اللاعبين والأجهزة الفنية. بوسع أحدنا تفهم غضب الفرق وحساسيتها حيال أخطاء الحكام،لكن الضرورة تحتم علينا النظر إلى الأمر من جوانب مختلفة،فالخطأ صفة إنسانية بحتة ومن الإجحاف أن ننصب المشانق للحكام بسبب بعض الهفوات،خاصة إذا أدركنا أن(الحكم) يكون مطالباً باتخاذ قرار سريع في وقت قياسي لايتجاوز أجزاء من الثانية الواحدة. لست هنا في موقع التبرير لبعض الحكام عن أخطاء ساذجة يرتكبونها أحيانا ً متأثرين بنقص في جوانب اللياقة البدنية أو إصابتهم بحالة من الترهل واللاتركيز. لكن من الإنصاف أن نسأل أنفسنا:ماالذي قدمناه لهؤلاء الحكام من أجل تطوير مستوياتهم؟ إن الأخطاء المرتكبة لاتخص الحكام فقط..إذ أن الاتحاد العام لكرة القدم يتحمل جزءاً من المسئولية إلى جانب اللجنة العليا للحكام فقط..إذ أن الاتحاد العام لكرة القدم يتحمل الوزر الأكبر في هذا الجانب من حيث التقصير في تنظيم الدورات التأهيلية والسكوت عن مسألة الأجور المنخفضة التي يتقاضونها وتجعلهم عرضة للبيع والشراء. قبل أيام وصلتني رسالة من أحد حكام الدرجة الأولى يتحدث فيها عن نية اللجنة تنظيم دورة في عدن خلال فترة توقف الدوري العام بين محطتي الذهاب والإياب وتتضمن اختبارات جديدة «للكوبر تست»..الغريب في الأمر أن لجنة الحكام سربت أخباراً عن عدم وجود مخصصات مالية لهذه الاختبارات،حيث سيتحمل كل حكم نفقاته الشخصية ونفقات إقامته وتنقلاته وفقاً للحكم ذاته وحين التواصل مع رئيس اللجنة الكابتن جمال الخوربي للتأكد من هذه المعلومة بدا مراوغاً ولم نخرج منه بإجابة شافية تؤكد أو تنفي هذه المعلومات..صحيح أننا تعودنا على نظام(الكلفته)من اتحاد الكرة بشكل عام ولجنة الحكام ليست استثناء منه، لكن ماقاله الحكم أمر محبط للغاية. سنفترض إن شحة الامكانات وضعتهم في هذا الحرج سيكون من الأجدر إبلاغ الحكام أن من يفشل في الاختبارات يتحمل نفقاته ويعطي الحكام الذين سيجتازونها بنجاح مقابل الإقامة والمواصلات التي يفترض أن لاتدفع من قوت أولادهم وأسرهم حتى لايكونوا عرضة للتلاعب بذممهم من قبل أندية المال والسطوة. أنا أدرك جيداً حجم الفخ الذي أوقعت لجنة الحكام نفسها فيه لدى تنظيمها اختبارات «الكوبر تست» السابقة بطريقة الوجبات السريعة التي حاولت أن تراعي فيها ظروف البلد فكان أن نجح الكثير منهم دون جدارة..الأمر الذي وضع اللجنة في مأزق خطير نتيجة عدم إمكانية استيعابهم جميعاً لإدارة مباريات المسابقة وماترتب على ذلك من احتجاج حكام بعض المحافظات ومقاطعتهم للدوري. لكن معالجة الخطأ بخطأ آخر سيبدو نوعاً من الجنون وسيأتي بانعكاسات سلبية أخرى، يجب على لجنة الخوربي تحمل مسئوليتها،فأما أن تكون قادرة على تغطية النفقات وإما لاداعي لإقامة الدورة والاختبارات،وحينها سيتعين عليها أن تكون جريئة في مسألة اختيار حكام المباريات وفقاً لقياساتها الخاصة حتى لاتزيد من حجم الضغوط التي يتعرض لها قضاة ملاعبنا الكروية.