لا يستطيع أي شخص مهما كانت صفته (قائداً أو حكيماً أو خبيراً) أن يمنح مذاق الحرية لشخص آخر لأن الحرية تنبع من الداخل , ولذا يجب إشراك المقهورين في تحرير أنفسهم, عندئذٍ فقط يتحقق لهم التمكين والقدرة على التحرر. إن الظلم ليس مجرد قهر خارجي وتفرقة, بل مجموعة من الرسائل السلبية تقوم الجماعات المقهورة بتخزينها داخلياً في أنفسهم حيث تدمر احترامهم لأنفسهم وتزعزع الثقة بالنفس، وهذه العملية التي يتم من خلالها إضعاف واحترام النفس تعرف بالقهر الداخلي. ولذا فإن القهر الداخلي يحط من مقدرة البشر من الدفاع عن حقوقهم, ويدفع الأفراد الذين ينتمون إلى جماعة واحدة إلى مهاجمة بعضهم بعضا, مثل الأحزاب تهاجم بعضها والجماعات والحركات والتكتلات والجمعيات. كما يؤدي القهر الداخلي أيضا إلى تدمير أي بناء للتحالف والتضامن لأن الأفراد الذين يعانون من عدم احترام النفس إنما ينفسون عن ذلك بتوبيخ الجماعات الأخرى التي تعاني من غبن آخر. وباختصار: فإن القهر الداخلي يحد من ثقتنا بأنفسنا وهذا ينعكس على الشجار غير الرشيد الذي يشتعل داخل جماعتنا, كما يظهر في عدم مقدرتنا على الحفاظ بتحالف قوي مع الجماعات الأخرى. ولذا فنحن بحاجة إلى تبنى عملية التغير في أنفسنا أولاً قبل أن نحمل هم تغيير الآخرين لإعادة بنا فخرنا بأنفسنا, وبناء مقدرتنا على دعم بعضنا بعضا وعلى مساعدة حلفائنا, وإنها لمهمة صعبة إلا لمن كان صاحب قرار وينظر بعين الرضا لكافة الأمور التي تدور من حوله. قال الشاعر: دواؤك فيك وما تشعر :: وداؤك من وما تبصر وتحسب أنك جرم صغير :: وفيك أنطوى العالم الأكبر * مدرب ومحاضر دولي [email protected]