الشهيد مهيب مهيوب سيف تبدأ القصة من منطقة الوازعية التي تبعد 60 كم عن محافظة تعزمسقط رأس مهيب مهيوب سيف أحمد .. تربى في تلك المنطقة الهادئة في أسرة صغيرة “بنتان وولدان” لكن مهيب كان الابن المدلل كونه الأكبر, ولكبر سن الحاج مهيوب فهو يؤمل عليه كثيراً ليصبح يعول أسرته، تعلم مهيب خبرة إصلاح الأجهزة الالكترونية من أحد أقربائة وهو ما يزال يدرس المرحلة الإعدادية حتى اشتهر في منطقته بخبرته وذكائه حتى بلغ العشرين من عمره، وبدأت شرارة الثورة اليمنية لم يكن يدرك مهيب أنه سيكون مشاركاً فيها لبعد المسافة عن صناع القرار, لكن الأقدار شاءت بأن تكون ساحة الحرية بتعز هي المتنفس الثوري للحرية مهيب، فشباب المنطقة لديهم سيارات يسافرون كل خميس وجمعة إلى ساحة الحرية ليشاركوا المعتصمين ثورتهم فانظم إليهم ، أصر والده على أن يزوجه ليرى أولاده. لم يكن قد مضى على زواجه سوى ستة أشهر حتى اندلعت الثورة وفي التاسع عشر من رمضان وكعادته كان ضمن الصفوف الأولى للمسيرة وإذا بالرصاص من كل جانب في إحدى المسيرات السلمية التي كانت تخرج ليلا ونهاراً تجوب شوارع تعز أصيب بطلقة نارية في أسفل بطنه أُسعف على إثرها إلى مستشفى الروضة وهو يعاني من صدمة نزيفية من الدرجة الثانية وتمزق في الكلى والحالب الأيسر وضرر في الأمعاء الدقيقة والقولون وجرح في المثانة وكسر عظمة الفخذ وأجريت له فتحة في البطن تم توصيل الأجزاء الممزقة وخياطة الحالب وتركيب قسطرة وعملية تبرز صناعي عبر البطن واستمر لمدة شهرين كاملين طريحاً على سرير المستشفى ووالده بجانبه تاركاً أولادة في حالة يرثى لها. بعدها تم تحويله من المستشفى الميداني بتعز إلى المستشفى الميداني بصنعاء الذي بدوره أحاله إلى مستشفى الثورة العام بصنعاء فأجرت له عملية إقفال فتحة التبرز من البطن وتثبيت قسطرة الحالب الأيسر وبقي يعاني من كسر لعظمة الفخذ والناسور المثاني المعوي الملتهب وفي مستشفى الثورة بقي ثلاثة أشهر كلما زاد الألم زادوا في حقنه بالمهدئات مما اُضطر والده أن يخرجه من المستشفى بدون تصريح وبسرعة .. لتدهور صحة ولده وخلال فترة إقامته بالمستشفى اتصلوا بوالده بأن هناك إمكانية سفر ولده إلى تركيا للعلاج رد عليهم: لا أمتلك قيمة إخراج الجواز ولا حق السيارة التي ستنقل مهيب إلى الجوازات فأرسلوا بدل مهيب جريحاً آخر، أخرج الحاج مهيوب من المستشفى الميداني وهناك وضع على سرير جديد لتبدأ معاناة جديدة استمر ليوم واحد فقط حتى ساءت حالته فطلب من المستشفى إرسال ابنه إلى مستشفى جامعة العلوم فاضطر مع بقية الجرحى داخل المستشفى بالتجمهر والاعتصام للضغط من أجل إرساله إلى مستشفى العلوم .. نقل وهو في حالة غيبوبة وقال حينها الطبيب المناوب في مستشفى العلوم بأن مهيب حالته سيئة ولديه تعفن بالدم وخلل في وظائف الكبد أدخل إلى العناية المركزة لم يفق من غيبوبته حتى فارق الحياة الساعة الثانية بعد منتصف ليلة الأربعاء 16/ 5/ 2012م لينقل بعدها إلى مسقط رأسه ليصلى عليه ويدفن هناك وقد ترك بعده عدة أسئلة: من المسئول عن علاج جرحى الثورة؟ ومن المسئول عن تدهور صحتة مهيب؟. من المسئول عن سفر الجرحى إلى الخارج؟ وكيف يتم اختيارهم؟ جرحى الثورة أصبحوا يسافرون إلى الحياة الآخرة بدل السفر إلى الخارج للعلاج..!