عن استقلالية القضاء.. وهل القضاء المستقل ينسجم وسياسة التوافق القائمة، يتحدث القاضي وضاح القرشي معرجاً خلال حديثة عن الواقعة الأشهر في مسار حياته.. المتمثلة باختفاء والده المناضل سلطان القرشي منذ أكثر من “33” عاماً مستنجداً هذه المرة بمن يعرف شيئاً عن تلك التفاصيل أن يبوح بها الآن.. .. القاضي وضاح لو بدأنا معك بسؤال أين يقف القضاء في سلم التغير؟ نحن نسعى ونأمل للوصول إلى تحقيق قضاء نزيه وعادل ومستقل, الجميع يبحث عن قضاء يليق بالدولة اليمنية الحديثة التي نطمح لها جمعياً, ونحن نعتبر أن الثورة انطلقت من القضاء وحصلت ثورة في القضاء. .. كان هذا هو السؤال حول النزول الأول للقضاة والاعتصام الذي سبق الاعتصامات الشبابية السلمية في الساحات، ما طبيعة ذلك النزول؟ الذي حصل أنه في نهاية 2010م نزل القضاة معتصمين بجوار وزارة العدل وكان هناك بداية الإضراب والاعتصام وعندما انطلقت الثورة الشبابية الشعبية في فبراير من العام 2011م أعلنا انضمامنا الكامل وتأييدنا للثورة الشبابية الجديدة؛ كونها تلبي المطالب التي خرجنا من أجلها, وانتقلنا في اعتصامنا من أمام وزارة العدل إلى ساحة التغير أمام جامعة صنعاء, ونحن لنا السبق في الاعتصام والخروج قبل خروج الشباب ضد الوضع السيئ الذي يعيشه القضاء بشكل خاص والبلاد بشكل عام. .. حتى يكون للقضاء هيبة شبيهة على الأقل بدولة مثل مصر ما الذي نحتاجه, ممكن تذكر لنا ذلك بنقاط؟ نحتاج إلى ثورة شاملة داخل القضاء وتغيير جذري.. .. تبدأ ملامح هذه الثورة من خلال؟ تبدأ من أعلى السلم القضائي إلى أسلفه. .. أفهم من كلامك أنك مع تغيير الأشخاص الآن في المرافق القضائية أم مع تغيير الآلية والبنية القضائية السابقة وتشكيل بنية جديدة تواكب التغيير والثورة الشبابية الشعبية؟ التغيير في الآلية والتغيير للأشخاص معاً, كون التعيين في النظام السابق كان يفتقر إلى المعايير القانونية في التعيين.. وأقترح أن يكون القضاء مستقلا استقلالا كاملا بحيث يتم فصل الجانب الحكومي عن الجانب القضائي، وأن لاتكون وزارة العدل يجب أن لا تكون عضوا في مجلس القضاء الأعلى, بحيث يكون عمل الوزير تنسيقيا لا أكثر, والذي يحصل الآن هو تداخل بحيث إن وزير العدل ينفذ سياسة الحكومة وهنا لا حديث عن استقلال القضاء ومن هنا من الطبيعي أن يكون القضاء هيئة مستقلة يلجأ إليها الجميع, بحيث يعود إليها السياسي والمواطن وكل فرد في الدولة. النقطة الثانية وهي انتخاب مجلس القضاء من القضاة أنفسهم ونلغي مسألة التعيين نهائياً, وهذا لن يتم إلا من خلال تعديل في القانون, بحيث لا يقوم رئيس الجمهورية بتعيين رئيس للقضاء الأعلى؛ وإنما كما أشرنا من خلال الانتخاب المباشرة من القضاة, هذه هي الأسس في بناء صرح قضائي قوي ومتماسك في المرحلة القادمة كحد أساسي وأولي. .. لماذا لا يكون لكم منتدى قضائي على غرار ما هو حاصل في مصر مثلاً؟ عندنا المنتدى القضائي وكان محتوى من قبل الحزب الحاكم سابقا, ونحن كنا قد شكلنا رابطة قضائية مقابل المنتدى القضائي الذي يتحكم به النظام السابق وشكلنا حراكا قضائيا، وكنت أمين عام الحراك القضائي واستمر هذا التفاعل لغرض إيجاد نقابة حقيقية للقضاء وعملنا انتخابات على مستوى الفروع وبقي انعقاد المؤتمر العام من أجل انتخاب هيئة عليا. .. منذ دخول الحكومة التوافقية الجديدة، هل هناك مؤشرات جيدة على الأقل، فيما يخص القضاء بشكل خاص؟ فيما يخص الوزير الجديد هو جاء وفي ظرف صعب ومرحلة شديدة التعقيد وفي إطار استقلال القضاء كما أشرت سابقاً من خلال المادتين اللتين هما مطروحتان على مجلس النواب وهي كمرحلة أولية من خلال فصل المحكمة العليا عن مجلس القضاء الأعلى وأعتقد أن الوزير الجديد له دور بارز في هذه الجانب. .. كونك وكيل نيابة، هناك شكاوى حول انتهاكات داخل السجون، وصلت حسب ما بثت الأسبوع الماضي أحد القنوات إلى التعذيب حتى الموت؟ أنا أولاً في نيابة المخالفات, وفيما يخص النيابيات المختصة سواء كانت شرق وغرب حسب الموقع الجغرافي, وهذه النيابيات من مهامها الإشراف على أماكن الحجز لتلقي البلاغات وشكاوى المواطنين, كما أنه يدخل ضمن اختصاصها تفتيش الحجز (السجون الاحتياطية) وإذا كان هناك شخص قد تعرض إلى تعذيب كون هذا العمل يعد جريمة ومخالفة صريحة للقانون وهنا على المواطن أن يتقدم ببلاغ وشكوى إلى النيابة العامة للتحقيق في مثل هذه الجرائم, والنيابة هي جهة تحقيق وضبطية في هذا الجانب. ... هل هناك ما يجيز التعذيب للسجين أو الموقوف في ثنايا القانون اليمني تحت أي بند من البنود؟ لا يوجد أبداً والتعذيب يعد جريمة ولا يوجد مادة تبرر عملية التعذيب, بل إن أي حجز للحرية تعد مخالفة للقانون, وتعتبر جريمة, وهنا يعود هذا الأمر بالذات إلى مستوى الوعي لدى الناس. ذكرت قبل قليل أن من مهمة النيابة مراقبة السجون, حيث إن السجون اليمنية حسب تصريحات لمنظمات محلية ودولية وتحقيقات صحفية وواقع لا يخفى على أحد أنها سجون تفتقر لأبسط الحقوق الإنسانية. يوجد سجون خاصة تشرف عليها النيابة بشكل مباشر وتقوم بتفتيشها بشكل دوري وإذا وجد مكان للاحتجاز بشكل غير لائق يتم إغلاقها والتحقيق.. وأنا أعرف أنه تم التحقيق مع بعض المسئولين حول هذه القضايا التي تذكرها، وتم إغلاق بعض هذه السجون وإذا كان وضع السجون كما تقول فمن حق النيابة أن تتدخل مباشرة وتغلق مثل هذه السجون, وأنا أقول العيب ليس في القانون وإنما وأنا هنا أدعو كل مواطن أن يبلغ عن وضع أي سجن تتوافر فيه هذه المخالفات التي ذكرتها ويمكن أن ينشر في الصحافة وكل ما ينشر في الصحافة يعد بلاغ إلى النائب العام مباشرة بحيث يقوم النائب العام بالتحقيق فيها مباشرة. .. فيما يخص قانون العدالة الانتقالية كان لك بعض الملاحظات على هذه القانون؟ أولاً أنا أشعر أن هذا القانون لم يعبر عن الضحايا بالشكل الطبيعي والقانوني, وبعد قراءتنا لتفاصيل هذه المشروع وجدنا أن هذا القانون لا يعبر عن أسر الضحايا! أولاً في التعريف القانوني لمشروع العدالة الانتقالية أنه لا بد أن يحتوي على معايير قضائية ومعايير غير قضائية, ومشروع القانون اليمني في النقطة الأولى أنه لم يحتو على التدابير القضائية, مثلاً قانون الحصانة الحالي يعد حصانة لعلي عبدالله صالح و الذين معه, ولمن كان لهم إخفاء وقتل وممارسة إجرام بحق الآخرين. .. هذه ملاحظة وكان الأولى أن تكون صياغة القانون؟ من مهام القانون في الدرجة الأولى الكشف عن الحقيقة واعتراف المسئولين عن تلك الجرائم ثم المحاكمات إذا كان أولياء الدم يطلبون ذلك، ثم التصالح وجبر الضرر والمرحلة الأخيرة وهي إحياء الذكرى ومن هنا فإن القانون يرتكز على هذه النقاط السالفة ومن هنا أقول إن القانون الحالي يقدم مشروع عدالة عرجاء ونصف قانون لا أكثر. .. هل تتفق مع من يرى أن مشروع قانون العدالة الانتقالية يخدم في الدرجة الأولى بقايا النظام السابق؟ هذا القانون بما هو علية الآن هو حماية للحصانة التي منحت للنظام السابق وإقراره بهذه الطريقة كذلك لا يلبي مطالب العدالة كونه خاليا من المساءلة لمن تورطوا في جرائم بحق الناس, ونستطيع أن نقول إن القانون الحالي هو قانون للتعويض فقط. .. هل القانون يمنع المجرمين من مزاولة أي عمل سياسي في الفترة المقبلة؟ لا , بل الهيئة التي ستشكل داخل القانون تنص المادة على أن ثلاثة منهم يكونون ممن لم يشتركوا في الصراعات السياسية من أصل تسعة واحتمال أن الستة الباقين يكونون من الذين شاركوا في عمليات الإخفاء القسري والقتل وجرائم أخرى, كما أن القانون لم يحدد بشكل نهائي من الأشخاص الذين سيدخلون ضمن هذه الهيئة, وأنا هنا أقدم مقترحا على حالتين، إما أن يدخل هذا القانون في بنود الحوار الوطني القادم بين كافة الأطراف أو أن يؤجل إلى ما بعد الانتخابات القادمة. ..لو عدنا إلى المحور الأخير في هذا الحوار ، أنكم في صدد الانتهاء من تشكيل منظمة تعنى بالمخفيين قسرياً ما طبيعة هذه المنظمة؟ أولاً هذه منظمة يمنية وأنت الآن ترى النظام الأساسي أمامك, وهي تشكلت من عائلات المخفيين قسراً وكانت البداية من عشرين أسرة من مختلف محافظات الجمهورية حضروا لتشكيل هذه المنظمة وعلى أساس ذلك تم تأسيس هيئة إدارية وتم انتخابي رئيسا لهذه المنظمة ومقرها في صنعاء ونادية شعفل عمر نائبة للرئيس وهي في عدن ومنسقة للمناطق الجنوبية وعلي زهرة قناف في التوثيق وفاروق علي ثابت مسئولا ماليا ويسرى البكري مسئولة علاقات وجميعهم من أسر المخفيين, وطبعاً هناك فريق قانوني وفريق صحفي يتبع المنظمة. .. كم عدد الملفات التي وصلت إلى المنظمة حتى الآن؟ مجموعة من الملفات هناك عشرون ملفا جاهزا ومكتمل التوثيق ويوجد حالات في عدن وقد وصلت حتى الآن إلى 120 حالة مقيدة في المنسقية وإذا أدخلنا منطقة مثل صعدة يمكن العدد يصل إلى المئات أو الآلاف. .. كونك أحد أبناء المخفيين قسراً ما هي المعلومات الأولى التي أوصلت والدكم إلى السجن؟ الرسالة التي خرجت منه بأنه لم توجه إليه أي تهمة مدة بقائه في سجن حنظل في الأمن الوطني, والرسالة خرجت بعد ثمانية أشهر من السجن وثلاثة أشهر من صعود علي عبدالله صالح إلى السلطة, ويقول في الرسالة إنه لم توجه إليه أي تهمة, وأنهم مسجونين في زنزانة ,ولم يتم تغير الثياب التي عليهم ويقول إن دخولهم إلى الحمام لفترة دقيقتين فقط, وكل منا لا يعرف من في الزنزانة الأخرى إلا بطريقة غاية في الالتواء من خلال الكتابة على الجدران. .. ما الذي يمثله سلطان القرشي حتى يتم إخفاؤه كل هذه المدة؟ كان له ثقله السياسي وهو رجل عسكري شارك في فك حصار السبعين وهو ضابط في الاستخبارات العسكرية وشارك في تأسيس الأمن الوطني، وشخصية مثل سلطان القرشي كانت تخيف بشكل أساسي شخصا مثل علي عبد الله صالح. وفي تلك الفترة كان هناك نوع من التنافس بين الناصريين والبعثيين والضباط. .. ما هي آخر المعلومات عنه حتى الآن؟ المعلومات التي وصلت لنا وهي شفاهية من أنه مسجون تحت القصر في النهدين مع عدد من المساجين الآخرين, وهذه معلومات حصلنا عليها من بعض الضباط من الذين انضموا إلى الثورة من الحرس الجمهوري. ..كيف قرأتم تصريح القيادي الناصري عبدالله المقطري من أن علي عبدالله صالح المسئول المباشر عن قتل مشايخ الحجرية في عام 78م فهل هذا النظام يمكن أن يبقي على شخصية مثل سلطان القرشي كل هذه المدة؟ القتل تعد عندنا عقوبة وهي بالنسبة لنا أهون من الإخفاء القسري, وهذا تعذيب نفسي لا نستطيع أن نبت فيه حتى الآن أما إذا كان قد تمت التصفية فهي عقوبة أخف مما هو عليه الآن بالنسبة له وبالنسبة لنا. .. ما هي الخطوات التي ستقومون بها خلال المرحلة القادمة ومن خلال المنظمة التابعة لكم؟ أسسنا هذه المنظمة على أساس جمع ملفات المخفيين قسرياً وتحريك تحقيق مباشر للكشف عن المخفيين قسراً وعلى أساس أن يكون هناك تعاون مع المنظمات المحلية والدولية بحيث نخلق جوا من التضامن مع هذا الملف الإنساني, كي يتم مساءلة المجرمين عن سبب هذا الإخفاء. .. هل سبق أن قدمتم بلاغا إلى النائب العام مثلاً أو رفعتم قضية إلى أي محكمة أو رفعتم ملفا إلى محكمة دولية؟ نحن في إعداد التقديم ويمكن في خلال أسابيع سوف نقدم ملفا إلى النائب العام. .. ماذا تتوقع عندما تقدم بلاغا إلى النائب العام أو إلى المحاكم اليمنية أو الدولية؟ نتوقع أننا سوف نحصل على أفضل النتائج وسوف يتم التجاوب معنا؛ كون ملف المخفيين قسرياً نحن نطالب بالكشف عن جثث الذين قتلوا في 78 ما يسمى بالانقلاب على النظام السابق نطالب المنظمات المحلية والدولية أن تضغط للكشف عن مكان تواجد جثثهم حتى يتعرف عليها أقاربهم والدولة اليوم معترفة أنها هي من قتلتهم كونهم انقلابيين, نريد الكشف عنهم على الأقل. .. هل صحيح أن جماعة الحوثي تقدمت إليكم بملف حول الكشف عن مصير حسين بدر الدين الحوثي؟ نعم تقدموا بطلب استمارات، وأنهم سوف ينضمون إلى المنظمة وهم يطالبون بالكشف عن مصير بدر الدين الحوثي، ونحن قلنا لهم احضروا إلى مقر الرابطة, ونحن هدفنا إنساني بغرض الكشف عن الحقيقة. .. هل تقدموا إليكم بكونه حياً أم ميتا بحيث يطالبون بالجثة؟ هم لم يقتنعوا أنه قتل كونهم لم يتسلموا جثته حتى الآن وملف المخفيين إذا كانوا قد قتلوا فلتسلم جثثهم لأهلهم أو ليكشف لهم عن أماكن تواجد رفاتهم وجثثهم. .. كلمة أخيرة؟ أنا أتمنى من علي محسن أن يدلي بشهادته حول هذا الملف الإنساني، وأن يساعدنا في الوصول إلى الحقيقة.