الكيان الصهيوني و «تدمير الذات» سيناريو الحرب الكبرى وعبث نتنياهو الأخير!!    صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بحمى الضنك في محافظتين يمنيتين    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    مسؤول روسي يؤكد أن موسكو يمكنها التوسط بين "إسرائيل" وإيران لتسوية الصراع وماكرون يعلق    إيران تستهدف العقل العلمي للاحتلال    حرس الثورة يعلن استشهاد رئيس استخباراته واثنين من معاونيه    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    مرض الفشل الكلوي (8)    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    وزير الكهرباء يتفقد العمل في منطقة كهرباء تعز    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    الرزامي: أكبر صرح طبي في اليمن ينهار    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    إيران تستهدف اسرائيل برشقة صاروخية جديدة    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    معهد وايزمان تدميره أفقد إسرائيل مكاسب كثيرة    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    قصة مؤلمة لوفاة 4 من أسرة واحدة غرقا في بئر ماء في بني عمر في يريم    محافظ ابين يوجه بمعاينة طريق ثرة والرايات البيضاء تواصل حوارتها لفتح الطريق    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    نافذون حوثيون يسطون على أراضي تابعة للأوقاف في بعدان إب    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    سخرية من المعتوه عيدروس الزبيدي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    العرب ومآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    تريم تحتفي بزفاف 134 عريسًا وعروساً ضمن مهرجان التيسير السابع عشر    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان والوسطية المطلوبة
نشر في الجمهورية يوم 31 - 07 - 2012

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: الإسلام منهج وسط للأمة الوسط،وهو يمثل (الصراط المستقيم)،في كل مجال من المجالات،ويجسد التوازن والاعتدال في كل شيء: في العقيدة،وفي العبادة،وفي الأخلاق،وفي المعاملات والتشريعات كلها،بعيدا عن الغلو والتفريط. والإعراض عن هذه الوسطية هو الهلاك بعينه،والضياع في الدين والدنيا معا.. والخير كل الخيرفي التوسط والتوازن بين الغلو والتقصير،أو بين الإفراط والتفريط،أوبين (الطغيان والإخسار) سيكون حديثنا عن الوسطية بثلاث وقفات ..
الوقفة الأولى :الوسطية في فهم التميز والتفرد.. يقول الله عز وجل (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) مع أن الله عز وجل قد ذكر لنا في الآية التي سبقت هذه الآية أنه قد فرض علينا الصيام ، كما فرضه على الأمم السابقة ،وعلينا أن ننفذ أمر الله سبحانه وتعالى ، بصيام شهر رمضان لأنه واجب ، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
نعود إلى النص القرآني (شَهْرُ رَمَضَانَ) علينا أن نفهم أننا الأمة الوسط التي قال عنها الله جل شأنه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) تفردت تميزت بشهر رمضان ، فجعل الله صيامها لشهر التوبة والغفران ، في شهر رمضان ، وجعل سبحانه وتعالى شهر رمضان ، شهراً قمرياً ، لتتميز أمة الوسط ، بصيامها عن سائر الأمم ، فلم تكن الأمم السابقة تتعامل بالأشهر القمرية ، فميز الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بشهر رمضان وجعله شهراً قمرياً ، (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلتوتتاتاتَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) تتقلب هذه الأمة بصيامها في هذا الشهر القمري شهر رمضان ، في فصول السنة ، فمرة تصوم الأمة في فصل بارد ، ومرة في فصل معتدل ، ومرة في فصل حار ..وهذه نعمة عظيمة من المولى جل وعلا لهذه الأمة الوسط ، الشاهدة على الأمم السابقة يوم القيامة ، التي غالت وتطرفت وحادت عن الوسطية ،وقد حذر المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه أمته من الغلو والتطرف فقال ( صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي : إمام ظلوم غشوم و كل غال مارق)
جاء في الأثرً ( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى فاعمل عمل امرىء يظن أن لن يموت أبدا واحذر حذرا يخشى أن يموت غدا).. فلو كان النص القرآني قال: شهر يناير ، لصامت الأمة في جو بارد ولشق عليها ذلك ، ولو كان قال شهر يونيو ، لصامت الأمة في جو حار ولشق عليها ذلك .. فمن رحمة الله عز وجل بهذه الامة أن جعل أجورها في تحملها لمشاق العبادة ، بتنفيذ أوامر الله كما جاءت بدون اعتراض (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)
الوقفة الثانية :الوسطية في استقبال رمضان.. كل واحد يعد العدة لاستقبال رمضان بطريقته ، وبأسلوبه .. يوجد من قد تهيأ لاستقبال رمضان ، بتكديس الأطعمة والمشروبات ،وهذا مباح له (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ولكن !! الذي ليس مباح له التبذير (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) تبذير من أجل التقرب إلى الله بعبادة قال عنها المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه (الصيام جنة وهوحصن من حصون المؤمن وكل عمل لصاحبه إلا الصيام يقول الله : الصيام لي وأنا أجزي به ) تبذر مع وجود جوعى يتضورن (ما جاع فقير إلا بتخمة غني) قال عليه الصلاة والسلام (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به).. المطلوب هو التوسط ، وليس التطرف .. ويوجد كذلك من استعد لرمضان بالتقتير ، مع أن الله منعم عليه وعنده ما يستطيع وفوق ما يستطيع أن يوسع على أهله في رمضان ، قال عليه الصلاة والسلام ( أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تطرد عنه جوعا أو تقضي عنه دينا) لكنه استند إلى نصائح الخطباء والوعاظ ووجدها فرصة سانحة له يدخل منها إلى ما يريد ، أن شهر رمضان شهر الروحانيات ، شهر الجوع ، شهر العطش في سبيل الله ، شهر يؤجر فيه المسلم على الصبر فيه على الطاعة ، ليوفى أجره بغير حساب ويتلو قول الله عز وجل (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) استغل هذا الحصر والقصر الإلهي في الرصيد الرباني لأصحاب الصبر ، وضيق على أهله ،وحرمهم من نعيم الله في شهر رمضان ، شهر الجود والكرم ، على المستحقين من المسلمين ، فكيف بالأهل قال عليه الصلاة والسلام ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت)
فيا أيها الأخ الحبيب مطلوب منك أن تكون كريما سخياً في رمضان ، لأن رمضان شهر الكرم ، شهر السخاء ، مع كل المسلمين وفي مقدمتهم الأهل ومن تعول (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) قال عليه الصلاة والسلام :( و إن نفقتك على عيالك صدقة و إن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة و إنك أن تدع أهلك بخير خير من أن تدعهم يتكففون الناس)
ويوجد من قد هيأ نفسه للعبادة في رمضان بدون توسط ، سأصلي تراويح في المسجد الفلاني ، الذي يطول الإمام فيه بالصلاة ،وصوته حسناً ، ويبكي ويخشع معه المصلين ..سأقرأ من القرآن الكريم في اليوم الواحد كذا من الأجزاء ..سأعوض ما فاتني طوال العام من العبادات والنوافل والطاعات والقربات ، يشمر من بداية الشهر وما هي إلا خمسة أيام أو عشر وبدأ يخف تواجده في المسجد القريب من مسكنه وداره فضلاً عن المسجد البعيد الذي كان يذهب إليه ، كان مطلوبا منه التوسط ،والتدرج حتى ينتصف الشهر وهو في نشاط ،وينتهي الشهر الكريم وهو في نشاط أكبر من أول يوم بدأ فيه الشهر ، ليكون هذا النشاط ملازماً له طوال العام ، وعنده همة وحيوية في العبادة والنوافل في كل الأوقات ..قال عليه الصلاة والسلام ( اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا و إن أحب العمل إلى الله تعالى أدومه و إن قل)
ويوجد كذلك من قد تهيأ لرمضان بتطرف وليس بوسطية ، أنه سيأخذ إجازة من عمله ..وقد يترتب على هذه الإجازة تعطيل مصالح الناس ، لا ليعتكف في المسجد وينكب على العبادة ، ويتفرغ لدراسة القرآن الكريم وتدبر معانيه ، وهذا ليس مطلوباً منه إذا كان سيترتب عليه ضررا بالأخرين ، لأن قضاء حوائج الناس مقدمة على العبادة .. قال عليه الصلاة والسلام :( لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا و من كف غضبه ستر الله عورته و من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة و من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام) لقد تهيأ هذا وبرمج نفسه لينام طوال النهار حتى عن أداء الصلوات المكتوبة في أوقاتها ، وينام إلى قبيل المغرب ، ويستيقظ يتشاجر مع الأهل والأولاد ،وتسمع لهم شجاراً وضجيجاً ،وكأنه أتى مرهقاً من العمل طوال اليوم ، مع أنه نائماً على الفراش ،وطوال الليل تخرين للقات وتقليب للقنوات .
الوقفة الثالثة :الوسطية في الإنفاق على العيال.. لاحرج في التوسعة في الأكل والشرب والنّفقة في أيام وليالي رمضان من غير إسراف،(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) نهى الإسلام عن التبذير وأيضاً نهى عن البُخْل والإمساك؛ لأن البُخْل مذموم ، والبخيل مكروه من أهله وأولاده ، كما أن البُخْل سبب من أسباب الركود والبطالة والكساد التي تصيب المجتمع ، فالممسك لا يتعامل مع المجتمع في حركة البيع والشراء ، فيسهم ببُخْله في تفاقم هذه المشاكل ، ويكون عنصراً خاملاً يَشْقى به مجتمعه ... إذنْ : فالتبذير والإمساك كلاهما طرف مذموم ، والخير في أوسط الأمور ، وهذا هو الأقوم الذي ارتضاه لنا المنهج الإلهي ... وكذلك في مجال المأكل والمشرب ، يرسم لنا الطريق المعتدل الذي يحفظ للمرء سلامته وصحته ، ويحميه من أمراض الطعام والتُّخْمة ، قال تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) يقول فضيلة الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه :(علَّمنا الإسلام أن الإنسان إذا أكل وشرب على قَدْر طاقة الوقود الذي يحتاجه جسمه لا يشتكي ما يشتكيه أصحاب الإسراف في المأكل والمشرب )
وهنا لا بد أن نوجه رسالة إلى البعض من الناس الذين فهموا أن التوسعة على العيال مقصود به الذكور دون الإناث ، وهذا فهم خاطئ فيه تطرف ، وليس فيه أدنى وسطية ، فيعطي مصروفاً يومياً للولد ،ولا يعطي للبنت ، بحجة أنها قابعة في البيت ،ولا تخرج كما يخرج الولد ، يجعل ابنته تشتهي ما في أيدي الآخرين ، وتغبط أقرانها من بنات جنسها ، على ما أعطاهن أهليهن من العطاء ، ومن البنات من تشكوا والدها إلى الأخريات كلما زارت جيرانها وتبكي لهن من شدة الحرمان ، ولربما أصابتها أمراضاً ، من شدة ما حرمها والدها ، مما في يديه ،وفي مقدوره ، فيجعل الآخرين يعطفون عليها ويعطونها ،وكأنها يتيمة ، والسبب سوء تصرف وتقدير من الأب ، وتطرف منه ، أن يعطي إخوانها أمام عينيها وهي تنظر ، دون مراعات لأحاسيسها ومشاعرها ، فلم يتوسط في عطائه لأولاده ، الأولاد والبنات على حد سوى.. قال عليه الصلاة والسلام ( اتقو االله واعدلوا بين أولادكم) من الوسطية والاعتدال أن يعطى المصرف للولد والبنت سواء بسواء .. ولا داعي للاجتهاد اعطاء الولد مصروفاً أكثر من البنت ، والبنت أقل منه ، بحجة أن الشرع أعطاها النصف ، هذا في الميراث ،وليس في المصروف والمأكل والمشرب والملبس ، فالأكل والشرب ، هي والولد سواء بسواء .
أيها الآباء إن بناتكن يشتكين سوء المعاملة ، وتفضيل الأولاد عليهن ، يوجد من الآباء من يعطي الولد مصروفاً يومياً ، حتى لغير المأكل والمشرب ، كحق القات مثلاً والدخان ، والمشروبات الغازية ، والبنات من هذا المنطلق يشتكن الحرمان والتقصير ، حتى من أبسط الأشياء ، أما تعلم أيها الأب أن البنت تأكل البسكويت والشكولاتة ، وتشرب العصائر والمشروبات الغازية كما يشرب الولد ، وتلبس الملابس الأنيقة كما يلبس الولد ، وتحب أن تظهر بين صويحباتها كما يظهر الولد بين أصحابه .
وسعوا على أولادكم واعدلوا بينهم ،ولا تحرموهم وبخاصة البنات مما أعطاكم الله ومنحكم إياه ، وتجعلوهم ،وعلى وجه الخصوص يدعون عليكم ، بدلا من أن يدعون لكم ، ويعبسوا في وجوهكم ، بدلا من الابتسامة المعهودة على محيا البنات ، الأسيرات ، سيسألكم الله عن الأسرى في البيوت ، وسعوا عليهن يوسع الله عليكم من اوسع به ، ويرزقكم من حيث لا تحتسبون ... فعلى الآباء إذا وعدوا الأولاد بشيء أن يفوا بوعدهم ، ولو باليسير ، وإذا كان ليس بمقدورهم الوفاء بالوعد ، فعليهم منذ البداية أن لا يعدوهم بشيء حتى لا تتأثر شخصية الوالد في نظر الولد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) فالولد يتأثر سلباً أو أيجابا بوالده ، ولا احسن ولا اكمل ولا اجمل أن يتأثر الولد بصدق والده .
يا معاشر الآباء والأمهات / إن للتمييز بين الأطفال بين الأبناء أضرارا جسيمة بالغة الخطورة سواء على الشخص المميز أو المميز عليه ومن ذلك : قد يسبب ذلك علاقة تنافريه، حيث يميل الطفل المميز ضده إلى كره أخيه الآخر وغيرته منه كونه مقرب من والديه، وحسده على الحنان والرعاية التي يحظى بها والتي جاءت على حسابه، وقد يصل الأمر إلى تمني أن يصاب أخيه بأي مكروه حتى يحتل مكانه ويحظى باهتمام والديه.بل ربما يتطور الأمر إلى ما هو أسوء من ذلك فهذه قصة لفتاة في السادسة عشر من عمرها تناقلتها لنا الروايات عن طريق المختصين بالشئون الأسرية ،والعلاقات التنافرية بين الأطفال الأشقاء ، تقتل أخاها ذو السابعة طعنا بسكين وفي التحقيق اعترفت أن السبب هو والداها فقد كانا يميزان الولد عليها ، وما قصة يوسف عليه السلام وإخوته عنكم ببعيد ، ويجب مراعات شعور الأطفال أثناء مداعبة الأطفال الصغار حديثي الولادة ...قد يؤدي التمييز بين الأطفال إلى إصابة الأطفال المميز عليهم إلى إصاباتهم بأمراض نفيسة وعصبية ..ناهيكم عن الأطفال اليتامى الذين تموت والدتهم ، ويتزوج الأب بأخرى ، فتحن لأولادها وتعطف عليهم ،أمام أطفال الأولى المتوفية ، فينشأ أطفال المرأة التي توفيت أو طلقت مصابين بأمراض نفسية وعصبية ،وعندهم حقد على إخوانهم ، ولديهم دافع غريزي للانتقام منهم ، لأنهم حصلوا على الحنان الذي حرموا هم منه .. وقد يسبب لديهم شعورا بالاحباط ، ويسبب لهم التوتر والصراع النفسي ، والفشل في الدراسة ، وبعض الأطفال المميزين ، قد يستغلوا التمييز لهم من والديهم ، فيستثمروه لصالحهم ، لإلحاق الضرر بإخوانهم ، وقد يشترك الآباء في ذلك من خلال تجريح بقية أولادهم ، وتعييرهم ، أعرف أسرة ميزت أحد أبنائها ، فما كان منه إلا أن آذى بقية إخوانه ، ويدعمه والده ، فأصيبوا بأمراض نفسية وعصبية ، وشردوا من البيت ولم يعثر عليهم .. وأشياء كثيرة لا حصر لها ولا عد .وبإمكانكم الرجوع الى الكتابات والدراسات التي قام بها المختصين في هذا المجال ، فيما يتعلق بالتمييز بين الأطفال .. حتى تقول أحداهن ضربني والدي ضرباً تألمت منه كثيراُ ، أثر في جسمي لأسابيع ، لكسري فنجان قهوة ، من غير قصد ، جاء في الأثر ( لا تضربوا إماءكم على كسر إنائكم فإن لها أجلا كآجال الناس) بينما أخي كسر المكتبة بأكملها ،ولم يعنف ، ولم يوبخ , وزاد والدي وكافأه بلعبة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.