ميز الله الأزمنة وفضل بعضها على بعض.. ولو أمعنا النظر في تفاصيل الزمان لوجدنا أن رمضان في الطليعة.. فهو خير شهور العام, وفيه ليلة القدر ونزل فيه القرآن الكريم.. هو شهر الرحمات تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران .. ما إن يهل الهلال حتى يبدأ الرجال في المساجد بالتهليل والتكبير والترحيب وأداء بعض الأناشيد الدينية المعروفة، وترتسم البسمات على شفاه الأطفال والآباء الذين استعدوا لاستقبال رمضان في شراء احتياجات الأسرة، فيما تتبارى النساء في إظهار براعتهن في إعداد الأكلات الخاصة. الأيام الأولى منذ شهر ويزيد وكثير من اليمنيين يستعدون لاستقبال شهر رمضان المبارك والتحضير له كعادتهم بتجهيز مستلزمات مائدة الشهر الكريم، ومتطلباته المختلفة على اختلاف المستويات، ففي حين تحرص معظم الأسر اليمنية قبل حلول الشهر المبارك بعدة أيام على تجهيز الحبوب كالذرة والشعير ومكونات الشربة والمرق والحلويات إلى جانب المواد الأخرى المرتبطة بالمائدة الرمضانية.. تسارع كثير من الاسر اليمنية لشراء حاجياتها من خرق العيد وملابسه مسبقاً تحسباً من الغلاء أو شحة السلع الجيدة، حيث تعج الأسواق اليمنية بالسلع والبضائع المتنوعة وفق احتياجات ومتطلبات الناس من خرق وملابس وثياب وغيرها قبيل وخلال الأيام الأولى من الشهر الكريم. أوجاع متزايدة ولم تكن من ميزة رمضان الاهتمام بالمرق والخرق فقط! فهناك في المقابل تنشط أيضاً عدد من المؤسسات المهتمة بالأوراق المالية من أهمها الجهات الزكوية والجمعيات الخيرية التي تنشط وبصورة استثنائية في شهر رمضان من خلال برامجها الخاصة بجمع الزكاة وتنفيذ الأنشطة الخيرية وجمع التبرعات لمساعدة الفقراء، وما أكثر الفقراء والمعوزين والأيتام والمحتاجين والنازحين واللاجئين والمرضى وغيرها من أوجاع اليمنيين المتزايدة على الدوام. حلة رمضانية وفيما يستقبل اليمنيون رمضان هذا العام وسط موجات من الحر الشديد, خاصة في المناطق الساحلية في ظل غياب كبير لمعظم الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وفي خضم أجواء مشحونة بالتحديات الأمنية وتهديدات القاعدة وتوعدها بالانتقام بغوغائية غير مسئولة، ولم تمنع كل تلك التحديات من أن تتجلى مظاهر الشهر الفضيل في المناطق ذات الصبغة التاريخية والإسلامية المحضة، كمدن تهامة وزبيد التاريخية لتزين المساجد ودور العبادة وأربطة العلم ومعظم البيوتات العلمية أيضاً من خلال تزيينها وتجديد طلائها بال(النورة) وتهيئتها لتبدو فيها بحلة رمضانية أكثر بهاءً وروحانية تلائم طبيعة وروحانية الشهر الكريم!. مباهج هناك الكثير من مباهج استقبال هذا الشهر الكريم واستعدادات الناس لاستقباله بطرق مختلفة ومتعددة بتعدد مناطق اليمن وتنوع عاداتها، بدءاً برؤية هلال رمضان وتهاليل المساجد بالتكبير والترحيب بهلاله المبارك وأداء الأطفال للأناشيد الدينية المعروفة والمعبرة والمرحبة بقدوم شهر رمضان وابتهاجهم ببرنامجه المتميز دينياً وترفيهياً وخروجه عن رتابة معظم الشهور، وكذا إتاحته للأطفال والكبار فرصاً كثيرة للممارسة الأنشطة الرياضية واللعب والاستمتاع بمشاهدة القنوات الفضائية والتي عادة ما تكون اغلب برامجها ومسلسلاتها أكثر كوميدية، وحلقات أطفال، ومسابقات دينية، وثقافية، وعلمية، وغيرها من مباهج استقبال رمضان وأفضاله والذي للأسف يندر أو يقل الحديث عنها بقدر ما يكثر انشغال وحديث الناس ب”خرق وورق ومرق” رمضان!. طلب الرزق - الأطفال يرددون أشعار التماسي بأهازيج تطرب الجميع: إدى لأبي قرعة دراهم يا رمضان يا بو الحمائم إدى لنا مخزن بضائع يا رمضان يا بو المدافع ومقصد النشيد طلب الرزق لأن احتياجات هذا الشهر كثيرة وهو ايضاً مصدر من مصادر الرزق من عند الله تعالى.. مائدة مائدة الإفطار اليمنية أخذت مكاناً راقياً بين الموائد العربية لتعدد أصنافها غير أن هناك وجبتين تكاد لا تخلو منهما أي مائدة في عموم اليمن هما (الشفوت، والشربة) فالأولى مصنوعة من رقائق خبز خاص واللبن والثانية مصنوعة من القمح المجروش بعد خلطه بالحليب والسكر أو بمرق اللحم حسب الأذواق، وهناك أيضاً الكبسة والسلتة والعصيدة والسوسي وهي أفضل الوجبات لدى اليمنيين .. أما حلويات اليمن الرمضانية فهي خليط من الحلوى اليمنيةوالهندية ك(بنت الصحن، والرواني، والكنافة، والعوامة، والقطائف، والشعوبية، والبسبوسة، والبقلاوة) التي انتقل الكثير منها من الهند إلى اليمن من خلال التبادل التجاري الذي شهدته البلدان.