عاجل: العثور على الرئيس الإيراني وطاقمه بعد سقوط مروحيتهم والكشف عن مصيره ووكالة فارس تدعو "للدعاء له"    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن في عهد الأئمة
تأسست حينها مدارس ومشاريع طرق عملاقة..

ربما لا شيء يعرفه غالبية اليمنيين عن فترة حكم الإمام يحيى حميد الدين ومن بعده أحمد، أو الملكية كما تسمى، والتي أطاحت بها ثورة ال 26 من سبتمبر 1962م، سوى الاستبداد والجهل والتخلف والعزلة والفقر والمرض وما إلى ذلك، غير أن هناك من يرى نوعاً من التحديث في تلك الفترة وفقاً لإمكانيات وظروف الزمان والمكان.
كما هو معروف تسلم الإمام يحيى حميد الدين السلطة من الاتراك في نوفمبر 1918م، وبهذا بدأ حكم هذه الأسرة لليمن فعليا، ورغم الصورة المعروفة للجميع، إلا أنها حققت بعض المظاهر والإنجازات الحضارية الحديثة، التي ظل الحديث عنها في الاعلام وتحديدا الحكومي محظورا طوال عقود، وسنستعرض هنا مشاريع الطرق والتعليم.
مدرستان للأيتام
في العام 1925م وفي رواية 1922م أسس الإمام يحيى حميد الدين في صنعاء مدرسة الأيتام الشعبية (دار رعاية الأيتام حاليا) كأول مؤسسة تعليمية من نوعها في الجزيرة العربية، وكان مقرها آنذاك بجانب قصر السلاح أمام قبة البكيلية (قيادة هيئة الأركان حاليا)، وانتقلت إلى مبناها الحالي في شارع تعز بأمانة العاصمة عام 1978م.
عبدالحفيظ قرعش –البالغ من العمر 58 عاماً تقريباً، هو احد الأشخاص الذين التحقوا للتعليم بمدرسة الأيتام الشعبية بصنعاء في العام 1963م، ولم يتجاوز عمره حينها 9 سنوات.
يقول قرعش: “كان التعليم والمنشآت التعليمية قبل ثورة 26 سبتمبر منحصرا في أرقام ومناطق محددة، وكذلك المناهج الدراسية وعدد الطلاب، ولم يكن يحمل الطابع النهضوي الكبير، وكنا ندرس المواد الدينية والحساب واللغة العربية، على ايدي معلمين يمنيين توفوا جميعا أبرزهم محمد حسين عامر، عبدالله الذماري وغيرهما”..وأضاف: “نجحت مدرسة الأيتام الشعبية بإعداد كوكبة مستنيرة بالعلم والمعرفة والإدراك بضرورة التغيير وتحسين المستوى التعليمي واستطاعوا ان يقودوا دفة اليمن ومن بوابتها تخرج عديد ثوار ثورة 48م ابرزهم المروني، ومفجر الثورة ضد الملكيين عام 1962م الملازم علي عبدالمغني، فاليمنيون كانوا يطمحون إلى التغيير الكبير، والثورة فتحت آفاقاً لا تقارن بالوضع السابق في شتى المجالات وفي مقدمتها التعليم”.
كما جاء من بين طلاب هذه المدرسة رئيسان للجمهورية هما الرئيس اليمني الأول المشير عبدالله السلال والرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتشكلت من خريجيها حكومات بكاملها.. ويتذكر قرعش ايضاً وجود مدرستين في صنعاء قبل ثورة 62م (المدرسة المتوسطة، المدرسة الثانوية)، وتؤكد المصادر أنهما ضمن مشاريع الحكم الملكي التعليمية في صنعاء..من جانبه يتذكر عبدالله عبدالجبار البجيح- البالغ من العمر 80 عاما، توفي بعد لقائي به باسبوع مدرسة أخرى للأيتام في صنعاء إلى جانب مدرسة الأيتام الشعبية، اثناء حكم الإمام أحمد، الذي يتوقع انه مؤسسها أو والده، وكان مقرها بجوار سجن القلعة المسمى حاليا قصر السلاح.
وبحكم أن البجيح كان حينها يمتلك مطعما في صنعاء فقد التقى عديد الطلاب ممن تلقوا تعليمهم في هذه المدرسة سواء في مطعمه أو اماكن اخرى بعد الثورة، وكان له قصص انسانية معهم، لكنه لا يتذكر اسماءهم مع كبر سنه، غير أنه أكد جودة التعليم مقارنة بواقع تلك المرحلة وظروفها.
معاودة التعليم الرسمي
في ثلاثينيات القرن الماضي اتخذ الإمام يحيى حميد الدين بعض المحاولات الحذرة لتحديث دولته المنتمية إلى القرون الوسطى، ذلك ما قاله مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، فيصل سعيد فارع، الذي رفض في البداية الحديث للصحيفة حول هذا الموضوع أو ما يتعلق بالإنجازات التي يروجون أنها تحققت، حد قوله، مضيفا وبحسرة شديدة “لم يتحقق شيء حتى الآن منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م ومما ناضل وحلم من اجله اليمنيون”، غير انه تراجع عن قراره وأرشدنا إلى ما اورده في كتابه (تعز فرادة المكان وعظمة التاريخ).
يقول فيصل سعيد فارع: “في عام 1935م ارسل الامام يحيى مجموعة من الشباب إلى العراق للحصول على التعليم العسكري، واستقبل اليمن عام 1938م اخصائيين مصريين افتتحوا بعض الورش وثلاث مدارس لإعداد العمال المهرة”..وقبل ذلك شهدت مدينة تعز محاولة لمعاودة التعليم الرسمي بعد أن كان متوقفا منذ رحيل الاتراك تقريبا، يضيف فيصل: “اصدر امير تعز علي الوزير عام 1930م أمرا بإنشاء المدرسة العلمية على أن تكون في مقر المدرسة القديمة بدار الذهب، والتعليم فيها على مرحلتين متوسطة وثانوية، وشكل اول فرقة كشافة مدرسية في نفس العام”.. جاء ذلك رغم موقف الوزير المعادي للتعليم الحديث، كما قال فيصل “موقف الوزير معلوم من التجربتين الرائدتين في شمال اليمن والمتمثلتين بالمدرسة الأهلية في تربة ذبحان التي عمل على اغلاقها وكذا مدرسة حيفان لإدخالهما العلوم الحديثة”.
مدارس مهنية وتقنية
بعد اغتيال الامام يحيى حميد الدين في 17 فبراير 1948م من قبل الثوار وما تلاها من احداث تمخضت عن سيطرة الإمام احمد يحيى حميد الدين الكاملة على صنعاء، اتخذ للمرة الأولى في تاريخ الإمامة الزيدية، من مدينة تعز السنية، عاصمة لحكمه، واعلن منها قيام “المملكة المتوكلية اليمنية” التي استمرت من 1948م – 1962م.
وبحسب استاذ التاريخ الحديث والمعاصر والعلاقات الدولية بجامعة صنعاء الدكتور محمود الشعبي، أنجزت تعز في عهد الإمام احمد الكثير من مشاريع البنية التحتية والتطويرية العملاقة وبدأت الأوضاع تتغير، ووضعت حداً فاصلاً بين حكم الإماميين، وغيرت من نظرة العالم لليمن، وأخرجته من العزلة، رغم شدة الصراع والتنافس القوي على الحكم، بين الإمام أحمد وأفراد اسرته، والمحاولات الانقلابية الدموية المتكررة التي قامت ضده في تعز والحديدة.
يقول الشعبي: “نفذت في تلك المرحلة عديد المشاريع التعليمية، المتمثلة في المدارس المهنية والتقنية، وأسس الألمان اول مدرسة مهنية في تعز، وكان يدرس فيها فنيون في مجال الكهرباء وكل ما يتعلق بالتدريب المهني في عديد المجالات، وهي اقدم مراكز التدريب المهني الموجودة حاليا في تعز، إضافة إلى وجود مدرسة علمية شبيهة بالمدرسة الثانوية، وبعض المدارس الشبيهة بالإعدادية، وفي عام 1958م كان في مصر اكثر من 350 طالباً يمنياً يتعلمون على نفقة اليمن، وتم استدعاء معلمين من مصر وفلسطين وغيرهما للتدريس بالمدارس الموجودة في اليمن آنذاك”.
المدرسة الاحمدية
لم يكن ارتباط الإمام احمد بمدينة تعز وليد اللحظة، فهذه المدينة كانت على موعد جديد بدخول عام 1938م عندما قدم اليها أحمد اثناء ولايته للعهد، منهياً فترة اميرها السيد علي الوزير، وفيما بعد أصبحت العاصمة الأولى لليمن باستقراره فيها.. وإلى جانب ازدهار التجارة والنشاط التجاري في تعز نهاية فترة حكمه، أكد مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة فيصل سعيد فارع أن فترة حكم الإمام أحمد شهدت العديد من التطورات خاصة في ما يتعلق بالجانب التعليمي، حيث انشئت المدرسة الأحمدية بتعز، وتم افتتاح مدرسة للتمريض بالمدينة عام 1957م، وكانت تلك بداية لتعليم الفتاة تعليما حديثا، وبعد بضعة أشهر كان المستشفيان الوحيدان في المدينة يستوعبان المتخرجات من هذه المدرسة.
واضاف فيصل: “تضامنا مع طلاب مدارس صنعاء هتف خلالها الشباب ضد الإمام ونادوا بالجمهورية فوجه الامام أمرا بإغلاق المدرسة على من فيها فقبل الطلاب التحدي وبدأوا اعتصاما وقف فيه الأهالي إلى جانبهم وأمدوهم بالمواد الغذائية اياما متواصلة، وحينها اقنع الإمام بمخاطر هذه الحالة، وسمح للطلاب بالمغادرة، وكان للحركة الطلابية دور متميز بعد الثورة، فمنها خرج زعماء سياسيون بارزون في الحركة السياسية كالقيادي الناصري البارز عيسى محمد سيف”.
من جهته أكد الدكتور محمود الشعبي أفضلية وجودة التعليم في تلك الفترة مقارنة ببعض المدارس الموجودة حاليا، رغم محدودية المدارس والطلاب الملتحقين بها وعدم كثافة المواد الدراسية حينها، بدليل ظهور كثير من العلماء والساسة والمثقفين أمثال القاضي عبدالرحمن الإرياني، وأحمد محمد نعمان وغيرهما، حد تعبيره.
طرق عملاقة
حتى منتصف خمسينيات القرن العشرين لم يتم شق أي طريق عصري يربط بين المدن اليمنية الرئيسية.
يقول الدكتور محمود الشعبي: “تعز كسرت مرحلة الجمود والتخلف وتجاوزتها أثناء تواجد الامام احمد فيها كعاصمة، حيث ربطت مدن اليمن الرئيسية ببعضها بشبكة مواصلات حديثة سهلت حركة النقل والسكان، ونشطت العمل الاقتصادي، وطورت من العمل السياسي والاجتماعي، وربطت اليمن بالعالم الخارجي برا وبحرا وجوا، خاصة بعد بناء ميناء الحديدة من قبل السوفييت والذي اكتمل العمل فيه قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، وتأسيس شركة الخطوط الجوية اليمانية، وعدن للطيران، وشبكة التلفون، وإذاعة صنعاء (الموجة القصيرة) التي بناها الألمان الشرقيون”.
يضيف الشعبي: “تم شق ورصف وسفلتة طريق الحديدة- صنعاء من قبل جمهورية الصين الشعبية عام 1958م، واكتمل العمل فيها قبل ثورة 26 سبتمبر، بتكلفة قدرها 35 مليون فرنك تقريبا، وقام الروس بشق ورصف وسفلتة طريق الحديدة - تعز واستمر العمل فيها إلى ما بعد الثورة، وشق ورصف طريق المخا - تعز من دون اسفلت من قبل امريكا واستكملت بعد الثورة، وكالمثل طريق تعز - صنعاء والتي تم تحسينها بعد عام 1970م، وكان هناك مشروع يربط تعز بالمناطق المحمية الجنوبية، وحصلت اليمن على تمويل لهذه المشاريع التي انجز معظمها بعد الثورة، على شكل مساعدات وهبات أو قروض طويلة الأمد تحولت فيما بعد إلى مساعدات”.. واكد الشعبي انه لا يمكن تجاهل تأثير تلك المشاريع أو التقليل من اهميتها خاصة مشاريع الطرق كونها طورت اليمنيين وسهلت لهم تسويق منتجاتهم واستيراد ما يحتاجونه من مناطق أخرى أو من الخارج بسهولة، منوها بأن شبكة الطرق تلك شبيهة بالدورة الدموية عند الإنسان، كونها ربطت (صنعاء، الحديدة، تعز، المخا) ببعض وتعد أهم شبكة طرق في اليمن، لافتا إلى انه لم يتم انشاء طرق شبيهة لها حتى الآن من حيث الجودة والمسافة والأهمية.
تميز ببعض التنوير
وفوق ذلك والحديث للدكتور الشعبي: “لا استطيع القول إن الإمام أحمد كان متنوراً، فهو حاكم مطلق مستبد، لكنه تميز ببعض التنوير فيما يتعلق بإنشاء بنية تحتية، كذلك ابنه البدر، وكان لديهما رغبة لإجراء بعض الإصلاحات في البلد، وهناك امثلة كثيرة تفيد أن الإمام أحمد كان يبدأ في عمل بعض الاصلاحات ثم يتراجع عنها عملا بنصائح الفريق المتطرف”.. وخير مثال ملاحظة الإمام أحمد التقدم الكبير للسعودية عند زيارته لها عام 1954م ورغبته في القيام بمثله في اليمن، يضيف الشعبي: “حينها طلب الإمام مشورة الوزير (المتنور فكريا) القاضي محمد عبدالله العمري لمعرفة الطريق الأمثل للقيام بإصلاحات في اليمن، ورد عليه العمري بنصيحة مشجعة، قائلا افضل طريقة تكمن في اعداد خطة ثم البدء في العمل، وبعد عودة الإمام من السعودية تراجع عن تلك الرغبات، بسبب تخويف فريق الصقور له، وهو الفريق المطالب بالإبقاء على سياسة التخلف، وتزعمه، المفتي زبارة، وأمير الجيش، ورئيس الاستئناف يحيى بن محمد عباس، وزاد من تردد الإمام، المحاولة الفاشلة لقلب نظام الحكم، التي خطط لها الأمير عبدالله مع الضابط الثلايا عام 1955م، وتعرضه لإطلاق نار عام 1959م وهو في حالة مرضية سيئة”.
الدگتور /
محمد عبدالجبار سلام:
صحيفتا الثورة والجمهورية طبعتا بمطابع الإمام وعام 1946م بدأ أول بث اذاعي
شهدت فترة الحكم الملكي في اليمن ظهوراً لوسائل الاعلام الحكومية، والمتمثلة بالإذاعة والصحافة، بدا بصحيفة الإيمان التي صدرت في صنعاء عام 1926م وتوقفت عام 1957م، والتي كانت تطبع بمطبعة الأتراك.
وقال استاذ الاعلام والعميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالجبار سلام، أن أول بث اذاعي في اليمن بدأ عام 1946م، يضيف: “هذا العام سافر الأمير عبدالله إلى امريكا وعاد بجهاز لاسلكي عسكري هدية من الأمريكان، وقام بتحويله إلى اذاعة بثت في نفس العام من صنعاء، بمعدل ساعتين في الأسبوع مرة واحدة، ولاحقا مرتين في الاسبوع، وكانت تتناول نشرة الأخبار التي يكتبها الامام يحيى وبعض القصائد الشعرية التي تمدح الإمام، وأخبار ذات علاقة بالأمراء الهاشميين في العراق والدبلوماسية السوفيتية نظرا لعلاقته الجيدة بالسوفييت حينها”، منوهاً باستمرارها في البث حتى عام 1948م عندما اغتيل الامام يحيى، واستخدمها الإنقلابين فيما بعد لمدة اسبوعين ثم توقفت.
وأوضح سلام أن الإمام أحمد يحيى حميد الدين أصدر عام 1950م صحيفة “النصر” بشكل جديد، وسماها بهذا الاسم ضمن تسميته لكثير من الأشياء تعبيرا عن مدى فخره بإحباط محاولة انقلاب 1948م وانتصاره على الأحرار، مشيرا إلى أنه ساهم في صدورها نجاح الإمام في جلب مطبعة صحفية من مدينة عدن إلى تعز، كانت مملوكة للأحرار هناك.
ارضاء غروره
إلى ذلك أكد مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة فيصل سعيد فارع في كتابه “تعز فرادة المكان وعظمة التاريخ” أن مدينة تعز شهدت في فترة حكم الإمام احمد صدور صحيفتين اهليتين إلى جانب النصر الحكومية، هما صحيفة سبأ التي تأسست في 1 يناير 1949م، وصحيفة الطليعة في 14 اكتوبر 1959م، وتم طباعتهما بمطبعة “النصر” - النهضة سابقاً، التي كانت ملكاً للجمعية اليمانية الكبرى في عدن، وحصل عليها الإمام بمبادرة وحرص ممن بقي من المعارضة على ارضاء غروره بإهدائه المطبعة مقابل عطفه على من يسجوننه من رجال المعارضة.
وبين فارع أن الإمام احمد استورد عام 1951م مطبعة جديدة، تعمل بالكهرباء اتوماتيكية، عملت على فتح قسم خاص لتعليم التجليد والطباعة تحت اشراف الخبير جودت، واختبر لها طلبة من مدرسة صنعاء الثانوية ومدرسة تعز المتوسطة.
وأضاف: “في أواخر عام 1959م استوردت حكومة الإمام ما اسمته جريدة النصر، وهي ماكينة جديدة من أحدث طراز مع اجهزة أخرى بحيث تصبح “المطبعة مزودة بجميع (الجهازات) الكافية والأدوات اللازمة” وتتوقع جلب جهاز زنكوغراف قريبا وأشارت إلى ان الإمام أمر ببناء غرف جديدة لمطابع النصر”.
وأكد الدكتور محمد عبدالجبار سلام، أن “مطابع النصر” هي التي قامت بعد قيام ثورة ال 26 من سبتمبر 1962م، بطبع صحيفة الثورة الصادرة في 29 سبتمبر 1962م من مدينة تعز وكذلك صحيفة الجمهورية، التي صدرت بعد شهر تقريباً، منوهاً باستمرار ذلك لعدة سنوات وحتى انتقلت صحيفة الثورة للصدور من صنعاء عام 1964م.
وأضاف سلام: “توقف البث الإذاعي حتى بدأ بث الإذاعة الرسمية الجديدة عام 1955م في فترة حكم الامام أحمد، (اذاعة صنعاء حالياً)، وكان عبارة عن جهاز صغير تم شراؤه من تشوسلوفاكياً، وتم البث على مدى 24 ساعة، واستمر ذلك حتى قيام ثورة سبتمبر، واستخدم أيضاً بعد الثورة واستبدل بجهاز آخر كان في القصر الملكي، وفيما بعد اهدى المصريون للجمهورية العربية اليمنية الوليدة جهازين (25 وات)، استخدما في تعز وصنعاء، وهكذا استمرت الإذاعة بتطوراتها حتى اليوم”.
حول طريق صنعاء - الحديدة..
قال باحث ومؤرخ في مجال التاريخ أنه لا يوجد ما يمكن احتسابه منجزاً للحكم الملكي في اليمن سوى مشروع شق وسفلتة طريق الحديدة - صنعاء، الذي لم ينجز بقناعة الإمام، وإنما تحت ضغط وإصرار ثوار ثورة 26 سبتمبر 1962م.
وأشار الباحث اليمني علي الذيب إلى أن هذا المشروع الذي تبنته جمهورية الصين الشعبية، واستغل من خلاله الإمام أحمد رجال القبائل، فضلاً عن عدم دفع التزامات حكومته تجاه المشروع للصينيين، وعندما ذهبوا للتحاور معه رد عليهم بعبارته المشهورة (عطفوا حقكم الفردة)، منوهاً بأن ذلك اغضب الصينيين بشكل أكبر وجعلهم في مقدمة الدول المعترفة بالنظام الجمهوري عقب ثورة سبتمبر.
وأضاف: “انشأ الإمام يحيى بداية ثلاثينيات القرن الماضي في صنعاء ما يعرف بالمدرسة العلمية، واقيمت في مقر الولاة العثمانيين بميدان شرارة (التحرير حالياً)، تحديداً في المبنى المعروف حالياً بمدرسة جمال جميل ومدرسة الوحدة، غير أنه لم يكن يسمح للإلتحاق بها إلا بإذن شخصي من الامام وشريطة ان يكون الملتحق ملتزماً بالمذهب الهدوي الشيعي”.
واوضح الذيب ان اهم الكوارث التي ارتكبها النظام الملكي تدمير كافة الأعمال والإصلاحات التي قامت بها الخلافة الإسلامية العثمانية والتي شكلت بداية عصر النهضة في اليمن، وفي مقدمتها الطرق الحديثة ومشروع السكك الحديدية، فضلاً عن اغلاق المدارس والجامعات وتحويلها إلى سجون، كما هو حال الجامعة الصناعية (المتحف الحربي حاليا)، التي حولها الإمام إلى سجن سمي بسجن الصنايع، تنفيذا لسياسة الانغلاق والتجهيل التي انتهجها.
من جهته اعتبر عبدالحليم محمد عبدالله البالغ من العمر 64عاماً، أنه من الخطأ تجاهل تأثير وأهمية مشروع طريق الحديدة صنعاء كمنجز اكتمل العمل فيه قبل الثورة.
وقال: “هذا المشروع منجز للحكم الملكي في اليمن وساهم في القضاء عليه، حيث نقلت من خلاله المعدات والآلات العسكرية و50 ألف جندي مصري إلى صنعاء، وكذلك عديد المواطنين ممن شاركوا في ثورة 26 سبتمبر 1962م”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.