أقامت منظمة يمن للدفاع عن الحقوق والحريات بصنعاء حلقة نقاشية خاصة بإصلاح القضاء ومعايير الدستور الجديد، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، وبالشراكة مع ملتقى منظمات المجتمع المدني المستقلة. وفي البداية قال رئيس منظمة يمن علي الديلمي في كلمته الترحيبية إن الحلقة تأتي ضمن أنشطة ملتقى المنظمات لصياغة رؤيتها لضمان حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية وبناء الدولة المدنية والمواطنة المتساوية في كافة السياسات العامة والدستور والقوانين النافذة. وأضاف الديلمي أن المنظمات قامت بعدة أنشطة في عدد من المحافظات اليمنية، حيث تضمنت قضايا مختلفة تهم مستقبل اليمن في المرحلة الانتقالية التي تعشيها اليمن، مؤكداً أن ملتقى منظمات المجتمع المدني المستقلة ستخرج برؤيتها في القريب العاجل. بعدها قدم الدكتور عبدالله الذبحاني استاذ القانون بجامعة صنعاء ورقة خاصة بمعايير الدستور لليمن في ظل التوجه نحو العمل بنظام الفيدرالية وحكم الأقاليم، مشدداً في بداية طرحه للورقة على تلازم الدستور بالدولة كمتلازمة حتمية وجودية لا ينفكان عن بعضهما البعض. وتناول الدكتور الذبحاني عدة محاور يجب الأخذ بها عند صياغة دستور جديد لليمن وتمثلت في أوجه القصور والاختلالات التي عابت الدستور الحالي، خصوصاً في طور تحديد معالم الدولة الجديدة بموجب ما سيتم الخروج به من مؤتمر الحوار الوطني الشامل، كما تناول نقاطاً عدة من الأهمية بمكان عدم إغفالها كمعايير لازمة عند صياغة هذا الدستور، حيث أكد ضرورة تحديد وسائل حماية الدستور نفسه من حيث التعديل أو عند الرغبة في صياغة دستور جديد وهو ما يجب أن ينص عليه لتحديد اجراءات التعديل وضرورة الرقابة على سلامة اجراءات التعديل. وتحدث عن قصور الدستور حول البنية الفنية له من حيث شكل الدولة والأقاليم وهيئة الرئاسة وتحديد معالم الهيئات المستقلة كالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وكذا تحديد التمثيل السياسي للمناطق عند الفيدرالية (أقاليم) والوضعية الإدارية الوظيفية للأعضاء الممثلين لهذه الأقاليم وألا يغفل الإشارة بدقة عن أعمال السيادة التي لا يمكن الطعن فيها وضرورة تحصينها من الطعن فيها، مشيراً إلى تمديد معيار ازدواجية الجنسية لمن يشغل مناصب كبرى في الدولة عند الترشيح. وذكر الدكتور الذبحاني أن هناك أمراً واجبا في تحديد التبعية والرقابة للأجهزة الاستخباراتية وضرورة حظر هذه الأجهزة في التدخل في شأن تعيين المؤسسات وأنه يجب بناء المؤسسات للشعب لا لهذه الأجهزة. كما ذكر أن من ضمن الأولويات تجاوز الاختلالات الموجودة حالياً أنه لم يتم النص على الحق في تكوين الشركات المهنية كمكاتب المحاماة القانونية وأن هذا الحق أصيل لا يستوجب الإخطار بما فيها تكوين الأحزاب والمنظمات وغيرها، مشدداً على ضرورة النص على إنشاء محكمة دستورية بدلاً من الدائرة في المحكمة العليا، وأضاف أن الدستور الحالي ذكر محظورات يمتنع على القيادات العليا ممارساتها غير أنه يجب أيضاً ذكر الجزاء في حال تم ممارستها وأن ينص في الدستور الجديد على حظر عقد اتفاقيات سرية كما هو حاصل الآن. من جانبه قدم القاضي عبدالوهاب قطران عضو الرابطة اليمنية لأعضاء السلطة القضائية ورقة خاصة بإصلاح القضاء وبدأها بذكر الاختلالات الدستورية والقانونية التي شابت السلطة القضائية وخاصة استقلالية القضاء وتدخل السلطة التنفيذية المباشرة في شؤون القضاء. وذكر القاضي قطران أن المواد التي تضمنها الدستور الحالي المتعلقة بالسلطة القضائية لا تعدو عن كونها لتزيين الدستور فحسب حيث الواقع يثبت تبعية مفضوحة للسلطة التنفيذية، كما ذكر عدة مواد دستورية وقانونية تؤكد هذه التبعية. وقال القاضي قطران: إن مشكلة القضاء التي كانت في السابق تعاني من عسكرة وبولسة القضاء، تعاني الآن من أخونة وسلفية القضاء. وحدد القاضي قطران عدة نقاط كضمانات دستورية يجب النص عليها في الدستور القادم لضمان استقلال القضاء كتفصيل صلاحيات ودرجات القضاء وتبعية النيابة العامة للسلطة التنفيذية بدلا من السلطة القضائية لتتواءم مع المعايير الدولية كون النيابة العامة تمثل صالح المجتمع (الصالح العام) وانتخاب مجلس القضاء الأعلى وتحديد حجم الموازنة للسلطة القضائية، مؤكدا ضرورة اجراء تعديلات خاصة على قانون السلطة القضائية، مطالباً بإلغاء وزارة العدل نهائيا ووضع شروط نقل وتعيين وحماية القضاة وتقييمهم وتبعية هيئة التفتيش القضائي للمجلس المنتخب، وعرج القاضي قطران في النهاية على المنتدى القضائي الذي وصفه بأنه في حالة موت سريري بسبب تدخلات السلطة التنفيذية وأن القضاء لا نقابة لهم حتى الآن. بعد ذلك قدم المشاركون في الحلقة عدة مداخلات أكدت جميعها ضرورة ثبات النصوص الدستورية وعدم الإخلال بها بالإكثار من عملية الإحالة إلى القوانين وضرورة أن يتضمن الدستور القادم الحقوق والحريات العامة والمواطنة المتساوية كنصوص ملزمة تحترم هذه الميادين. وتناول الدكتور محمد عبدالملك المتوكل في مداخلته عدة قضايا أهمها أن السبب في اختلالات القضاء وهشاشة الدستور أن الجميع أمام ظاهرة غياب الدولة المدنية العادلة والتي لا يمكن حصول التطور إلا بها، مشددا على ضرورة الدفع بمخرجات الورقتين في الحلقة النقاشية إلى مؤتمر الحوار الوطني للأخذ بها عند صياغة مستقبل اليمن السياسي بشكل متكامل، كما شدد على ضرورة وضع معايير بناء القوات المسلحة واستقلال القضاء وقاعدة: الدين لله والوطن للجميع، وضمان حرية ونزاهة الانتخابات حتى يطمئن المواطن إلى وجود الدولة والركون إليها.