تأليف الدكتور: عبد الواسع الحميري كتاب جديد للناقد المفكر أ د عبد الواسع الحميري، يأتي ليشكل مرحلة جديدة من مراحل البحث العلمي للدكتور الحمير ي، بعد رحلته مع النص والخطاب في عدد من مؤلفاته، التي بدأها بالذات الشاعرة في شعر الحداثة العربية، وأعقبها بعدد من المؤلفات أبرزها ما الخطاب وكيف نحلله، شعرية الخطاب في التراث النقدي والبلاغي، في الطريق إلى النص، اتجاهات الخطاب النقدي وأزمة التجريب، خطاب الضد، في آفاق الكلام وتكلم النص. ويتوجها بهذا الكتاب الذي شكل مرحلة جديدة أو منعطفًا جديدًا يأتي ضمن مشروع يؤسس للمعرفة منطلقًا من رؤية القرآن الكريم لها، هذا الكتاب تلته عدد من المؤلفات التي تجسد مشروعه المعرفي أبرزها دولة الخطاب ويوتيبا الدولة، وهي نقد للفكر السياسي العربي الإسلامي من خلال مصادره المعرفية، وكتاب الخطاب السياسي البنية والدلالة. إن هذه المؤلفات التي يقدمها الأستاذ الدكتور الحميري تأتي ضمن مشروع معرفي عميق يتميز بالأصالة فهو لا يجيد التسول من الآخرين، ولا التقليد لتجاربهم، وحينما توغل في قراءة نتاجه المعرفي تتيقن أنك أمام فرد مفرد متفرد في ما يكتبه، يحمل تجربته الخاصة وبصمته المستقلة المنبثقة عن وعي أصيل وقراءة حصيفة للمنجز المعرفي العربي الإسلامي، فضلاً عن قراءته للمنجز النقدي المعاصر، قراءة مبصرة مستوعبة، ينطلق الناقد في قراءته للمعرفة من قراءة عميقة في النصوص والظواهر وليس مما قيل عنها، لا ينقل ولا يستنسخ، وليس مسكونًا بعقدة الانبهار بالآخر انبهارا أعمى. يبرر الحميري في تناوله لنظرية المعرفة في هذا الكتاب من كون القرآن يعد نصاً تأسيسياً بامتياز، يؤسس الذات ويؤسس الموضوع ويؤسس شبكة العلاقات الناشئة بينهما ويؤسس الأفكار والتصورات والرؤى والقيم ويؤسس قبل ذلك وبعده مناهج النظر وطرائق المعرفة بأشكالها كافة .كما أنه الكتاب الوحيد الذي أولى المعرفة ما تستحقه من العناية والاهتمام فأجاب عن الكثير من تساؤلاتها المطروحة وحل كثيرا من مشكلاتها المعقدة. يحاول الكتاب الإجابة عن جملة من التساؤلات، أبرزها ما المعرفة؟ ما الفرق بين العلم والمعرفة؟ أين تكمن الحقيقة؟ وكيف نصل إليها؟ ما العلاقة بين العارف والمعروف؟ وبذلك فإن المؤلف يناوش أسئلة عميقة في الفكر الإنساني بأسلوبه العميق، وبقلقه المعرفي الذي يشعل فيه فتيل التحدي والمغامرة، فيقدم لنا هذه المؤلفات العميقة الجديرة بأن تلتفت إليها الساحة الفكرية في عالمنا المعاصر.. إن الناقد الحميري ناقد مفكر بامتياز، ولا أقول هذا الحكم جزافاً، إنما أقوله من طول تلبث وقراءة لمؤلفاته وإدراك لأهميتها، ولا أخفي القارئ سرًا إن قلت: إنه من الكتاب القلائل في الوطن العربي، الذي أشعر حين قراءة مؤلفاتهم بأني في موقف تحدٍ.. هو مؤلف يتحدى قارئه ضمنًا بعمق المادة التي يقدمها وطريقة تقديمها، ويرتقي بقارئه إلى فضاءات لا تحد، إننا نعتز بأن نتتلمذ على مؤلفاته. كما نتتلمذ على محاضراته العلمية ونقاشاته المعرفية. ويسعدنا كثيراً أن نقدم اليوم نبذة عن كتابه (نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة)، فالحميري قامة علمية ينبغي للساحة المعرفية أن تصغي جيدًا لأطروحاته العلمية، وتقدر هذا الإنجاز.