«كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد للصلة الحضارية بالعروبة وترسيخ لمناخ الاستقرار الإقليمي والعالمي
الوحدة اليمنية..
نشر في الجمهورية يوم 22 - 05 - 2013

الوحدة مثلت الأصل في تاريخ اليمن، وأصبحت راسخة في الأرض والنفس، وتصحيح الأخطاء كفيل بحمايتها من العواصف..مثلت الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو 1990، نبراساً مضيئاً في سماء التشتت العربي والانكسارات المتواصلة في حياة العرب، وكانت بحق الحدث العربي الوحيد في التاريخ العربي الحديث والمعاصر ذي الأهمية البالغة في حياة الشعب العربي قاطبة، واليوم ونحن نعيش أجواء أفراح ذكرى ذلك الانتصار الوحدوي، نتطلع مع كافة أبناء شعبنا اليمني العظيم إلى مستقبل مشرق في ظل دولة حديثة يسودها الأمن والرخاء والقانون.
الوحدة السبئية
الأخ علي محمد الناشري مدرس التاريخ القديم بقسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة الحديدة تحدث عن الوحدة السبئية،حيث قال:
لقد تتبعتُ الصيغة الاتحادية لمكاربة وملوك سبأ خلال حقبة ماقبل الميلاد والقرون الثلاثة الأولى للميلاد،من خلال ماخلفته نقوشهم المسندية من ألفاظ تعبر عن الاتحاد أو الوحدة السبئية, ومنها على سبيل المثال كلمة[ح ب ل م] ثم[ح م رم], والحبل هو الميثاق والحلف والتواصل, ومنه قوله تعالى:«واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» أما حمر فهي أيضاً إشارة إلى نوع من عهد أو ميثاق, أو حلف بين جماعات، ولقد ركزتٌ في دراستي للوحدة على الوحدة السبئية،لأن سبأ هي أقدم وأهم الممالك اليمنية, وتاريخها يمثل تاريخ الوحدة اليمنية في عصور ماقبل الإسلام, في فجرها وازدهارها وأفولها.
الفدرالية القديمة
ويضيف الناشري موضحاً الصيغة الوحدوية للدولة السبئية فيقول: واستنادا إلى آثار سبأ وانتشارها نلاحظ أن مُلك سبأ يمتد من مأرب ليشمل اليمن كله والمستوطنات السبئية في الحبشة وشمال وغرب الجزيرة العربية على امتداد طرق التجارة إلى الحبشة وغزة، كما أن نظام الحكم في اليمن القديم ذا الصبغة الاتحادية [الفدرالية] على أقل تقدير كان كلما اهتز بالصراعات الداخلية عاد في نهاية كل مطاف إلى الاستقرار بناء على صيغة تحالفية ودية اتحادية تعقد بها مواثيق وعهود قائمة على التراضي المتبادل بين الشعوب.
جهود شمر يهرعش في توحيد اليمن
الأستاذ الدكتور واثق إسماعيل الصالحي كلية الآداب بجامعة صنعاء تحدث عن جهود شمر يهرعش في توحيد اليمن حيث قال: تميزت الأوضاع السياسية في جنوب الجزيرة العربية خلال النصف الثاني في القرن الثالث الميلاد بالصراعات الحادة، وقد لمع نجم الملك شمر يهرعش ملك سبأ وذي ريدان من خلال جهوده في توحيد اليمن، حيث بدأ فيه مشاركاً في الحكم لأبيه ياسر يهنعم في المدة بين 265-281، ثم حكم منفرداً باللقب الملكي نفسه واستطاع تثبيت حكمه في المناطق الشمالية [سبأ] والغربية [حمير]، وتشير النقوش إلى تحركاته العسكرية التي انتهت بضم مملكة حضرموت إلى سلطته واتخاذه لقب “ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت”، وبهذا يكون قد حقق وحدة اليمن، وربما امتد حكمه إلى الأعوام 305 310م.
الوحدة الأصل أم الاستثناء ؟
الدكتور عبد الله أبوالغيث أستاذ تاريخ الجزيرة العربية والحضارات السامية القديمة بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة صنعاء تطرق إلى سؤال موضوعي يبحث في كون الوحدة تمثل الأصل أم أنها الاستثناء في التاريخ حيث قال: إن أول وحدة يمنية سجلها لنا التاريخ هي الوحدة التي تمت على يد الملك السبئي كرب إيل وتر في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد، ولكن لايعني ذلك أن اليمن لم تعرف التوحد قبل ذلك بقدر مايعني أن الأدلة التاريخية التي تثبت ذلك لم تصل إلينا بعد، لأننا لم نعثر على النقوش التي تعود إلى الحقب السابقة لعصر هذا الملك، كما أن الوحدة التي تمت في عهد كرب إيل وتر لم تنته بموته،ولكنها استمرت في عصر خلفائه ملوك سبأ الذين امتد عصرهم إلى مطلع العصور الميلادية، ومن الخطأ الاعتقاد أن دولة سبأ كان مثلها مثل الدول الأخرى المعاصرة لها [قتبان، معين، حضرموت، أوسان]، ولكنها كانت عمود التاريخ اليمني القديم وذروة سنامه، ويمكن بكل ثقة أن نعدها الدولة المركزية في اليمن القديم،ومن خلال تتبع الأحداث السياسية في اليمن خلال العصر الوسيط والعصر الحديث والمعاصر، يتضح لنا أن الوحدة كانت هي الأصل والتشطير هو الاستثناء،ولذلك عندما نتوجه إلى التاريخ لمعرفة ذلك يجب أن يكون سؤالنا الذي نطرحه هو ماالحقب التي تجزأت فيها اليمن؟ لأن هذه هي الصيغة الصحيحة، وليست الصيغة المعتادة التي يطرح بها هذا السؤال في معظم الأحيان، حيث جرت العادة أن نسأل عن الحقب التي توحدت فيها اليمن، وهذا يتناقض مع المعطيات التاريخية،حيث اتضح لنا أن الوحدة كانت هي السمة المميزة لمعظم أزمان التاريخ اليمني،ولم تقتصر على أزمان محددة، أو ترتبط بعهود حكام بعينهم كما هو الشائع.
الجهود الوحدوية الرسولية
الدكتور محمد أحمد الكامل أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة صنعاء تحدث عن جهود السلطان نور الدين عمر بن علي بن رسول في توحيد اليمن حيث قال: شهدت بلاد اليمن عبر مراحل التاريخ المختلفة،تحولات سياسية متنوعة بتنوع اتجاهات الدول والممالك التي قامت على رقعتها الجغرافية، ومن هذه التحولات التاريخية السياسية تلك الجهود التي بذلت من أجل تحقيق وحدة اليمن [أرضاً وإنساناً] تحت كيان سياسي موحد،وقد تكللت جهود بعض الزعامات بالنجاح في تحقيق هذا الهدف،ومن هؤلاء الزعامات السلطان المنصور نورالدين عمر بن علي بن رسول، إلا أن استمرارها لمدة أطول، كان مستحيلاً في ظل ظروف غير مساعدة،وبتحليل جهوده تتضح العديد من الحقائق ومن أهمها:أن الوحدة اليمنية مرَّت بتجارب تاريخية متعددة وعبر مختلف العصور التاريخية، وأن الطبيعة الجغرافية التي تتسم بها اليمن عكست نفسها على الحياة البشرية بمختلف مجالاتها، فكانت من أهم عوائق تثبيت وإرساء دعائم تجارب ذلك التوحد، كما أن الوحدة النموذجية – تاريخياً- كانت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد الخلفاء الراشدين من بعده، ومن ثم فتغير سياسة وظروف الخلافة الإسلامية منذ مابعد عهد الخلافة الراشدة، أدى إلى عودة اليمن إلى حالة التمزق السياسي والفكري والمذهبي خاصة مع ظهور المذاهب والتيارات الفكرية المتنوعة، فقامت فيها عدد من القوى المتنافسة والمتصارعة على الحكم والنفوذ، ومن ثم فقد كانت جهود [نور الدين عمر بن علي بن رسول] - مؤسس دولة بني رسول - في توحيد اليمن من أكثر الجهود التي قام بها زعماء تلك الدول الإسلامية المستقلة نجاحاً -إلى حدٍ كبير- حيث استطاع أن يبسط سيطرته على مختلف المناطق اليمنية، بل يمد نفوذه إلى الحجاز وذلك لما تميز به عمر بن رسول من حسن تخطيط وسياسة في تعامله مع الواقع من حوله، وبذله جهوداً جبارة من أجل حماية وتثبيت ماوصل إليه من توحيد المناطق المختلفة، غير أن عنايته وأبنائه من بعده، بتقديم الخدمات الإنشائية والإشراف الإداري المباشر موجهة إلى المناطق السنية، وإهمال المناطق الزيدية في اليمن،جعل هذه المناطق مناطق فتن واضطرابات أعاقت مسيرة التوحد،وللحفاظ على وحدة اليمن المعاصرة يجب الاستفادة من التجارب التاريخية السابقة لمعرفة أوجه الخطأ والقصور في تلك الجهود والتي لم يتحقق لها النجاح لمدة أطول،ولابد من تعزيز الوعي الوطني بأهمية المنجز التاريخي المتمثل بالوحدة اليمنية، وتنشئة الأجيال اليمنية تنشئة وحدوية، حتى تتوحد جهود اليمنيين نحو تحقيق الهدف الذي قامت من أجله الوحدة، وهو؛ القضاء على رواسب الماضي المؤلم والسعي نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للنهوض باليمن على امتداد رقعته الجغرافية الطبيعة نحو آفاق المستقبل بخطى ثابتة.
الوحدة الحضارية
الدكتور محمد عبد الله باوزير أستاذ التاريخ القديم في كلية التربية صبر في جامعة عدن تحدث عن حول الوحدة الحضارية بين اليمن القديم والوطن العربي: يشكل الوطن العربي إطاراً جغرافياً واحداً, تباينت بنياته الجغرافية الأصغر سواء كانت مناطق جبلية أو ساحلية أو صحراوية, ولكنها تكاملت وكانت الوعاء الذي احتضن على مر العصور شعوباً وحضارات قد تبدو متمايزة للوهلة الأولى إلا أنها في جوهرها تحمل قواسم مشتركة كثيرة جعلت منها حضارة واحدة تلتقي في خطوطها العريضة وعلى مختلف الأصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والروحية،ولاشك أن كثيراً من النقوش اليمنية القديمة التي عثر عليها داخل اليمن وخارجها تعد وثائق مهمة للعلاقات والصلات الحضارية بين اليمن والوطن العربي القديم,وأن شواهد تلك النقوش قد استطاعت أن تنقل لنا كثيراً من الصور الحية عن تلك العلاقات والصلات التي كانت تربط المجتمع اليمني القديم بالمجتمعات العربية القديمة سواء داخل شبه الجزيرة العربية,أو خارجها وخاصة دول الجوار [بلاد الرافدين ومصر والشام], علماً أن تلك العلاقات لم تقتصر على الجانب التجاري، وإنما تمخض عنه اتصال وتفاعل حضاري وثقافي فاعل ونشيط، وبالتالي فيمكن القول أن بلادنا تواقة إلى الوحدة, وأنها لم تكن معزولة تماماً عن محيطها العربي – منذ القدم – بل كانت في إطار ما يمكن أن نطلق عليه الدائرة الحضارية الكبرى التي امتزجت شعوبها, وتعمقت علاقاتها, وتعددت سبل التأثير والتأثر فيما بينها..وفي نهاية المطاف لو أمعنّاً النظر فيما تقدم سنرى أن شعبنا اليمني قد نسج علاقات متينة, لعل من أسبابها رابطة الدم والجوار والمصالح الاقتصادية المشتركة، وعلى هذا الأساس نجده ومنذ عصور قديمة كان وحدوياً أو تواقاً إلى الوحدة.
الخلفية التاريخية لدولة الوحدة المعاصرة
الدكتور صالح علي باصرة تحدث عن الخلفية التاريخية لاستعادة الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990 حيث قال: إن إعلان الوحدة اليمنية وتأسيس الجمهورية اليمنية لم يكن حدثاً صغيراً ولا وليد لحظته، بل كان حدثاً كبيراً في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر سبقه ومهد له كثير من الأحداث المحلية والعربية والدولية،ولم تكن هذه الوحدة حالة حديثة أو جديدة وطارئة في اليمن بل إعادة توحيد يمن انشطر وتشطر مدة زمنية طويلة بعد توحده أزمان تاريخية أطول وأكبر من أزمان التشطير.
إن اليمن الموحد هو القاعدة والتجزؤ والانشطار هو الاستثناء في كل تاريخ اليمن القديم والإسلامي والحديث والمعاصر،فاليمن أرضاً وشعباً موحد جغرافياً وحضارة وثقافة ولغة ،وسلوكاً وعادات وفي إطارها العام والتنوع في اللهجات والفلكلور أو حتى الملابس أو مائدة الطعام هو تنوع يثري هذا التوحد ويعززه،وظل التجزؤ أو الانشطار في بعض الحقب التاريخية تجزئة سياسية أي وجود أكثر من مملكة أو دولة أو دويلة.
صفحات التشطير طويت
ويوضح باصرة أبرز ملامح الخلفية التاريخية للوحدة المعاصرة بقوله: فرغم التشطير المفروض فقد ظل اليمن موحداً في علاقات شعبه وفي نضاله ضد الاستعمار البريطاني والحكم العثماني وغادر العثمانيون شمال اليمن في نهاية الحرب العالمية الأولى وهذا أحد نتائجها، وظهرت على أنقاض منطقة النفوذ العثماني ماعرف بالمملكة اليمنية، واستمرت وحدة الكفاح اليمني ضد الاستعمار البريطاني ونظام الإمامة ورافقت هذا الكفاح حلم إعادة توحيد اليمن واقتربت لحظة تحويل الحلم إلى حقيقة عشية سقوط نظام الإمامة في 26 سبتمبر 1962، وتقلصت مسافة الوصول إلى الوحدة اليمنية بقيام ثورة 14 أكتوبر 1963 في الجنوب وجلاء الاستعمار البريطاني في 30 نوفمبر 1967، ولكن حالت دون الوصول إلى الحلم عشية خروج آخر جندي بريطاني من عدن ظروف الحرب الباردة، وبعض التحضيرات الداخلية وكذا جملة من التدخلات الإقليمية.
وأصبح في اليمن بدلاً من النفوذ العثماني والنفوذ البريطاني دولتان يمنيتان، دولة شمالية وأخرى جنوبية،ولم يمت الحلم،بل ظل في عقول وقلوب الشعب اليمني وتباينت طرق الوصول إليه، وشهدت اليمن أكثر من حرب أهلية بعضها بسبب مصالح سلطوية وحزبية داخلية، وبعضها بتغذية خارجية للحيلولة دون الوحدة،ولكن تحت شعار تحقيق الوحدة اليمنية،وتعثرت اليمن بدولتيها في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وتعليمية كاملة ومتكاملة،كما لم تشهد حياة آمنة ومطمئنة وتحت ضغط الجماهير وكفاحهم من أجل الوحدة، غير أن الجهود تكللت بالنجاح في الثاني والعشرين من شهر مايو سنة 1990 حين أنجز الشعب اليمني أكبر وأهم هدف من أهداف ثورته ضد نظام الإمامة والاستعمار البريطاني، بل يمكن القول إنه الثورة الثالثة في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر بعد ثورتي سبتمبر 1962، وأكتوبر 1963، وتأسست في اليوم نفسه الجمهورية اليمنية دولة بديلة للدولتين السابقتين [الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية]، ثم توالت إجراءات تكوين النظام السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والإطار الجغرافي للدولة الجديدة، وارتبط بالوحدة الانحياز إلى الديمقراطية والتعددية الحزبية والتبادل السلمي للسلطة، وبدأت اليمن مرحلة جديدة في حياتها الداخلية وفي علاقتها الخارجية وطوت آخر صفحة من صفحات التشطير الجغرافي والسياسي.
من الحلم إلى الواقع
الدكتور مهيوب غالب أحمد أستاذ مشارك بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة ذمار تحدث عن المسار التاريخي للوحدة اليمنية حيث قال: عن قناعة مشفوعة بدروس الأيام رأى اليمنيون أن استعادة مجدهم الغابر لمواجهة مشكلات العصر الحاضر لا يمكن أن يتم إلا بالوحدة، فهي ملاذهم ودرب خلاصهم. وهذا ماعمل من أجله أبناء شعبنا منذ بداية ستينيات القرن الماضي، وكان عقدي السبعينيات والثمانينيات، الأكثر نشاطاً وحركة من أجل تحقيق الوحدة، وإن اتسما أحياناً بدورات من العنف. إلا أن ذلك كان [كما يبدو] ضريبة المخاض الضرورية، لكي تتم المحافظة على المولود «الوحدة» فيما بعد،لذلك فقد اختلطت عمليات تطبيق مسيرة الوحدة اليمنية بالتغيرات الرئيسية التي عاشها كل شطر من شطري اليمن؛سواء على صعيد تحولاته الاقتصادية والاجتماعية الكبرى أو على صعيد صراع نخبه الحاكمة وانقساماتها..وأخيراً على مدى تماسكها وقدراتها على إشاعة المؤسسية والشرعية القانونية، على أن تلك العناصر مجتمعة، قد تفاعلت سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، خلال العقدين السابقين للوحدة، وشكلت ما عدّه المتابعون لمسيرة الوحدة اليمنية؛ المحطات الرئيسية لها،وهي التي تراكم بعضها فوق بعض لتؤلف فيما بعد نسيج خبرة عملية الوحدة، إلى أن تم إعلان الجمهورية اليمنية في22مايو 1990، على أنه لايمكن اعتبار ماحدث في ذلك التاريخ أن ليس له جذوره التاريخية والعملية، أو أنه منقطع الصلة بتلك الجهود المثابرة الناجحة أحياناً والمتعثرة أحياناً أخرى التي بذلت خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، السابقين لقيام الوحدة.
الفعل المؤثر
وتطرق إلى التحديات التي رافقت قيام الوحدة بقوله: لقد توحدت اليمن في بداية العقد الأخير من القرن الماضي، واتجهت دولة الوحدة إلى بناء الإنسان بصفته أحد أهم عوامل التنمية،كما وجهت كل الطاقات لإحداث تغييرات في البنية التحتية للمجتمع، والتي توفر الخدمات الضرورية لأبناء الشعب. وأصبحت اليمن بعد الوحدة دولة تحظى باحترام وتقدير الأشقاء والأصدقاء،إذ باتت تشكل عامل استقرار في المنطقة،وتؤدي أدواراً إيجابية في المحيطين الإقليمي والدولي، وتساهم في حل كثير من المشكلات التي تواجه جيراننا سواءً في القرن الأفريقي أو في المحيط العربي بشكل عام، غير أنه لابد من الاعتراف أن المهمة أمام دولة الوحدة كبيرة والمشكلات كثيرة وشعبنا ينتظر التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتعمل على الحد من البطالة وترفع المستوى المعيشي للمواطن، كي يتمكن شعبنا من الاندماج في محيطه الإقليمي والعربي، ويستطيع أن يصمد أمام تيار العولمة، خصوصاً أن العالم يسير بخطى بطيئة ولكنها ثابتة نحو العولمة التي ترحم أحداً إذا لم يكن قادراً على الفعل المؤثر والإيجابي في ظلها، وعلى المساهمة المادية والثقافية في العلاقات الدولية.
أهمية الوحدة اليمنية
الدكتور محمد عبده السروري قسم التاريخ بجامعة صنعاء تحدث عن أهمية الوحدة اليمنية في تحقيق الاستقرار في اليمن:
تظهر أهمية قيام الوحدة اليمنية أنها جاءت في ظل هذا التجزؤ والتفكك السياسي للوطن العربي، ليدل على إمكانية تحقيق حلم الوحدة العربية، كما يدل على أهمية الوحدة لليمنيين حلاً أمثل لجميع خلافاتهم،كما تظهر أهمية الوحدة اليمنية من الناحية العسكرية أنها أنهت حروباً متعددة بين اليمنيين عبر الحدود المصطنعة للشطرين، والتي كلفت الشطرين كثيراً من الخسائر المادية والمالية وراح ضحيتها الكثير من دماء أفراد الشعب اليمني، فجاء قيام الوحدة لينهي الصراع العسكري المسلح فيما بين الوطن الواحد، ولدمج جيشي البلدين في جيش واحد خالٍ من أي صراع مسلح، وهذا بدوره يخلف استقرارا عسكرياً في اليمن، وتظهر أهمية الوحدة من الناحية السياسية على المستوى الوطني أنها أنهت مرحلة تقسيم اليمن إلى شطرين، وأنهت مرحلة وضع الحدود المصطنعة بين أبناء الشعب اليمني الواحد، وبذلك أنهت عقوداً من التفكك والتجزؤ السياسي لليمن الواحد وتركت الحرية للشعب اليمني في التنقل عبر حدوده الطبيعية دون حواجز تفصل بين المنطقة والأخرى،كذلك تظهر أهمية الوحدة من الناحية السياسية أنها دمجت كيانين سياسيين في كيان سياسي واحد، وأنها سمحت في الحرية السياسية في التعددية الحزبية داخل اليمن، وصاحب ذلك اتجاه اليمن إلى النهج الديمقراطي الذي يحقق التداول السلمي للسلطة، وهذا بدوره أدى إلى الاستقرار السياسي داخل اليمن وأنهى النزاع حول تولي السلطة بالقوة العسكرية وتحول الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع وعبر الانتخابات وليس عبر المدفع والدبابة.
وتظهر أهمية الوحدة اليمنية على المستوى الإقليمي والدولي أنها حققت نجاحاً كبيراً في حل المشاكل الحدودية البرية والبحرية سلمياً بينها وبين الدول المجاورة لها، وهذا النهج السلمي لحل النزاع أدى إلى الإسهام في الاستقرار السياسي والعسكري الإقليمي والدولي لليمن.
كذلك تظهر أهمية الوحدة اليمنية من الناحية الاقتصادية أنه رافق الاستقرار السياسي والعسكري استقرار اقتصادي في مجالات متعددة،وهذا يعكس أهمية الوحدة في الاستقرار الداخلي وما ارتباط الشطرين بشبكة طرق مواصلات إلا تعبيراً عن خلق علاقات سياسية واجتماعية واقتصادية قوية ومتينة ومتماسكة بين أبناء الوطن الواحد، وبذلك نجد أن الوحدة اليمنية كان لها الدور الكبير في تحقيق الاستقرار السياسي والعسكري والاقتصادي الداخلي والإقليمي والدولي لليمن واليمنيين.
تحديات الوحدة اليمنية
الدكتور أحمد علي الحاج محمد كلية التربية بجامعة صنعاء تحدث عن تحديات الوحدة اليمنية في الوقت الحاضر حيث قال: على الرغم من السلبيات التي رافقت تحقيق الوحدة اليمنية في عام1990، خلال سنواتها الأولى، وما اعترض مسيرتها من صعوبات ومشاكل، استمرت الوحدة اليمنية وتعمقت جذورها، حتى باتت حقيقة ثابتة يفخر بها اليمنيون والعرب، ولكن ليس معنى ذلك أن الوحدة اليمنية باتت في مأمن من المخاطر، وصارت عتية على العواصف؛ وإنما العكس، فهناك عدد من التحديات الخطرة التي قد تؤثر سلباً على هذا المنجز التاريخي، إذا لم توجد معالجات جذرية لتلك التحديات والمخاطر، بعقلية صافية جادة وجديدة، وبروح هادئة مستشعرة للمسئولية، حتى نتجاوز ما علق بالمسيرة الوحدوية من سلبيات وملابسات، وحتى نزيل عوائق الماضي ومخلفاته، وتتمكن اليمن من مواجهة تحديات الحاضر والتغلب عليها في المستقبل .
التحديات الاقتصادية
ويفصل الدكتور الحاج التحديات الاقتصادية التي تواجهها دولة الوحدة بقوله: لعل أهم التحديات التي تواجهها الوحدة في الوقت الحاضر؛ تحديات ناشئة من الأوضاع الاقتصادية والتوجهات التنموية ومنها تلقى الاقتصاد اليمني عقب تحقيق الوحدة اليمنية الضعيف أصلاً صدمات عنيفة، أبرزها ماخلفته نتائج حرب الخليج الثانية 1991 من عودة أكثر من مليون مغترب، وتجمد الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وهبوط مستوى الدخل الحقيقي للفرد مقابل ارتفاع التضخم وتدهور قيمة العملة، وارتفاع نسبة البطالة بين السكان إلى 34%، وأمام التدهور المستمر للاقتصاد اليمني وضعف الأداء التنموي، جعل بعضهم يلقي بتبعات ذلك على الوحدة بصورة أو بأخرى،كما أدى بيع القطاع العام إلى الاستغناء عن آلاف العمال دون تعويضات حقيقية، ماحرم كثيرين من مصادر رزقهم، وبالتالي ضاعف من قوة العمل العاطلة، وزاد من حدة الفقر، مايجعل البسطاء يحملون الوحدة أسباب ذلك، بالإضافة إلى تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري في ظل تراجع أجهزة الرقابة والمحاسبة؛ وهو ماجعل من تعودوا النظام والقانون يحملون الوحدة أسباب ذلك مع أن الوحدة بريئة من هذا وذاك، هذا إلى جانب استيلاء المتنفذين على الأراضي والممتلكات العامة في عدن وغيرها من مدن الجنوب الرئيسية، مما أوجد تذمراً واستياءً عام عدّها بعضهم نتيجة للوحدة اليمنية، والوحدة بريئة من هذه التصرفات، إلى جانب بروز مظاهر الثراء لدى القلة من أبناء المحافظات الجنوبية الذين استفادوا من نظام السوق الحر سبب حقداً لدى الطبقات الفقيرة، ينعكس ذلك في تحميل الوحدة بصورة أو أخرى مسؤولية ذلك.
التحديات الاجتماعية
واستطرد الدكتور الحاج معدداً التحديات المعاصرة لدولة الوحدة بقوله: لقد نجمت عن تغير الأوضاع الاجتماعية في المحافظات الجنوبية العديد من لمظاهر الأنماط الثقافية التي تشكل تحد للوحدة لدى العوام أو التي تضررت مصالحهم منها، لعل أبرزها؛ إحياء الزعامات القبلية التقليدية القديمة كسياسة معلنة تمثلت في إرجاع ممتلكاتهم القديمة حتى لو كانت من أملاك الدولة، ودون معالجة دقيقة للعاملين فيها، وكذا دعم مراكزهم وأدوارهم الاجتماعية، التي بدورها أخذت تلك الزعامات تمارس أدوارها التقليدية، وما ترتب على ذلك من إحياء النعرات القبلية، وانتشار الثارات والقلاقل والفتن بين الأسر والشرائح الاجتماعية التي جميعها حملت ذلك الوحدة، وكذلك إرجاع أراضي الفلاحين التي وزعتها الثورة عليهم، للزعامات القديمة، دون تعويضات عادلة أو معالجات إنسانية؛ ما حرم آلاف الأسر من مصادر دخلهم، وما ترتب على ذلك من نتائج اجتماعية خطرة، حملت الوحدة، وتمييز الدولة في تعاملها مع المشايخ والقبائل أوجد حالة من الاستياء والتذمر لدى الغالبية من الجماهير البسيطة، أرجعه بعضهم وكأنه نتيجة للوحدة اليمنية، بالإضافة إلى ذلك فقد حدث حراك اجتماعي واسع، صعدت من خلاله أفراد وفئات إلى أعلى السلم الاجتماعي في حين هبط آخرون إلى أسفل السلم الاجتماعي وفقاً لمعايير جديدة قبلية وحزبية، وليست معايير الكفاءة والقدرة.
مستقبل الوحدة اليمنية
وفي مقابل تلك التحديات يستشرف الدكتور أحمد الحاج مستقبل الوحدة اليمنية فيقول: تلك هي أبرز التحديات التي تهدد الوحدة اليمنية وتقف حجر عثرة أمام تثبيت دعائمها، وهي إذا كان بعضها وجيهاً وتأثيرها حاصلاً بالفعل، إلا أن بعضاً منها ربما تكون آراءً شخصية أو أحكاماً ساذجة للعوام، وحملوها قسراً الوحدة اليمنية وكأن مشاكلهم ومعاناتهم سبب ونتيجة للوحدة، غير أن الخطورة في آراء وأحكام هؤلاء الأفراد أنها تتجمع مع الحقائق الأخرى الحاصلة فعلاً، لتكون رأي عام، يتسع ويتعمق كلما حمّل الآخرون مشاكلهم ومعاناتهم الوحدة، حتى تصبح الآراء والأحكام الخاصة عامة؟، والحقيقة التي لامفر من ذكرها هي أن التحديات التي تواجه الوحدة اليمنية تحتاج إلى وقفة مراجعة جدية وجديدة، ومعالجات حكيمة واعية تعيد تصحيح الاختلالات السابقة التي رافقت قيام الوحدة،وماينشأ عن الأوضاع الحالية من مخاطر تهدد الوحدة،أما كيف؟ فإن الإجابة عنه يستدعي أولاً الاعتراف أن هناك تحديات ومخاطر محدقة بالوحدة فعلاً،عندها يسهل معالجة تلك التحديات، وخصوصاً إذا توافرت إرادة سياسية صادقة وأمينة.
الإنجاز القومي الأبرز
د. عبدالمناف شكر النداوي قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة الحديدة تحدث عن دواعي الاهتمام بمستقبل الوحدة فقال: من الحقائق التاريخية أن الوحدة اليمنية تختلف عن كل التجارب والمحاولات الوحدوية والاتحادية التي جرت وتحققت في تاريخ العرب المعاصر لأنها لم تكن توحيداً لبلدين أو قطرين, بل هي إعادة توحيد وتكون والتئام للكيان الواحد،وانطلاقاً من هذه الحقيقة التاريخية جاءت الوحدة المباركة في الثاني والعشرين من مايو عام 1990،وخلال السنوات الماضية ترسخت الوحدة على الأرض وفي النفوس،ونظراً لرسوخ هذه التجربة القومية العظيمة على مرور السنوات الماضية فلابد من الإسهام في رسم الأبعاد المستقبلية لهذا الحدث العظيم،لأن ما تحقق في مايو 1990 لم يكن إنجازاً يمنياً، وإنما إنجازاً عربياً حقيقياً وهو نقطة البداية من أجل تطوير العمل القومي العربي.
ضرورة الوعي بالتاريخ
أما عن رؤيته المستقبلية للوحدة اليمنية فيقول: بعرض موجز تطورات عملية الوحدة عبر كل مراحلها نجد أن المستقبل ينبىء أن ماتحقق على الأرض اليمنية كان ولادة وحدة حقيقية راسخة ثابتة،إذ أن الوحدة لم تكن مشروعاً مؤقتاً ولامحاولة عابرة ولاصفقة لمصالح فرضتها ظروف وحاجات كانت،وأن هذه الوحدة لايوجد أي مجال للشك في أن عقدها سينفصم وأنها ستنهار، وأن عودة أخرى ستكون باتجاه الدولتين – الشطرين،حيث أن الوحدة الآن تجدّد نفسها فهي لازالت شابة بكل عنفوانها وقوتها وحيويتها وإن كل الأجيال اليمنية متمسكة بها بقوة حتى أن التشطير والتجزئة والانفصال أصبحت مفردات مقيتة بالية قديمة، لذلك فإنه في ضوء التصورات والرؤى المستقبلية أرى ضرورة أن ترعى إحدى الجهات الأكاديمية تأسيس مركز بحوث خاص بدراسات الوحدة يضم كل التراث الوحدوي من محاضر الاجتماعات ولقاءاتها وكل مايتعلق بسنوات المخاض 1970 - 1990 من صور وسجلات وكتب ومقالات، فضلاً عن مرحلة 1990 وما بعدها، ثم ماجرى من عملية بناء وحدوي على الأرض..كما أن هذا المركز يهتم بإجراء دراسات وبحوث ميدانية وعمليات استطلاع رأي يقيم الندوات والمؤتمرات والحلقات النقاشية وتكون له مجلة دورية وغيرها من الأمور العصرية التي تحتاجها المراكز البحثية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.