انتشار العلم في المجتمعات: يجعل المجتمع متحرراً من الخرافة والشعوذة والدجل تحت أي مسمى؛ ذلك أن المجتمع المثقف لا ينخدع بالألاعيب؛ لأن لديه وعياً يصل من خلاله إلى التفريق بين الأمور العلمية والشعوذة والخرافة ...الخ.. على أننا في المجتمع اليمني نلاحظ الأمر عكس ما ذكرنا...فأكثر المنساقين مع الخرافة هم حملة الشهادة الجامعية! الأمر الذي يستدعي الوقوف الجاد إزاء هذا الانسياق – بل الهرولة نحو الخرافة ...فهل الخطأ يعود إلى مدخلات التعليم؟ أم هناك سبب أكثر أهمية؟ أم طغيان البيئة الثقافية المتخلفة على العلم والعقل؟ أم أن الإنسان يعيش حالة هدر وقهر متراكم متوارث على مر السنين، وبالتالي يجد نفسه أمام عوامل قهر لا يمكن التخلص منها ...إلا بمعجزات حسب الثقافة المتوارثة ..ومن هنا لوسمع الطبيب قضى أكثر عمره في دراسة الطب، لا يمكن لهذا الإنسان المهدور المقهور أن يقبل بعلاجه، لأن العلاج هنا خاضع للسنن المرحلية ، وهذا المجتمع المهدور يريد علاجاً إعجازياً يخلصه من البؤس بمجرد قطرة أو ضربة، أو بصقه في الفم، أو عشب أياً كان، أو تلاوة من القرآن . ويكون الإنسان المهدور هنا أكثر تصديقاً بالدجال المخرف؛ لأن هذا الدجال في نظر المجتمع قد حصل على العلم في لحظات ولذا فهو سيعالج في لحظات .ولايمكن للإنسان المهدور أو المقهور بل ولا ينفع معه أي حديث حول العلم! ؛ لأن نفسيته تعيش حالة انبطاح للخرافة المتوارثة ، كما يعيش تحت نير الاستبداد بأنواعه الثلاثة – سياسي، اجتماعي، ديني + قسوة الحياة في مجالاتها المختلفة ...وإذن: فهل السبب الرئيس وراء الانسياق للخرافة يعود إلى إطالة السيكلوجية التي ذكرناها – الهدر والقهر الإنساني. لا شك أن المحنة كبيرة – بالأصح إشكالية؛ لأنها تقوم على مرتكزين اثنين، الأول والقهر والهدر الذي يعيشه الإنسان. المرتكز الثاني: الموروث الثقافي الديني الخاطئ، والذي روّج بقوة لفكرة الكرامات ، بل وصل الحال بالموروث الديني أنه أدخل فكرة الكرامات في إطار العقائد بمعنى أن منكر الكرامات دينه ناقص، أو هو مبتدع ، وهذا أخطر من القول بنقصان الدين. ومما يحسن التنبيه إليه في هذا الصدد: انتشار عيادات العلاج بالقرآن. وهذا من دواعي تكريس الإيمان بالخرافة فعند عدم الشفاء سيتجه الاتهام للقرآن، وأشهد بأني سمعت مفتي المملكة السعودية ...لما سألته فتاة أنها مسحورة وأنها قد تعالجت بالقرآن ولم تُشفَ ...فهل يجوز لها الذهاب إلى الساحر؟ أجابها: نعم. وبالمقابل شاهدت أحداصس بأبواب الكنيسة في مصر بيده الصليب يقول للمريضة: لا يمكن أن يبقى الشيطان أبداً إذا رأى الصليب؟ أترك التعليق للعقلاء. وفي الأخير: نريد التحرر من التلفاز ...والبدائل كثيرة. وحسب دراسة فرنسية قامت بها وزارة التربية والتعليم حول الوسيلة الأكثر تأثيراً في عقلية الطفل، فوجدت أن القصة التي تقدمها الأم أو الجدة تفوق عشرات القصص في التلفاز. فهل قومي يعلمون؟.