معركة بدر : هل تولى الله إدارتها كما يحلوا للبعض هذا القول ؟ وهل الملائكة قاتلت حقاً ؟ المتأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم سيجد أن النصر والتمكين الذي أحرزه الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وبعده الصحابة في نشر الدعوة شرقاً وغرباً ، لم يكن نصراً قائم على معجزات وكرامات وخوارق للعادات وإنما هو نصر وهزائم جاءتا وفق السنن التي رسمها الله في النفس والكون والاجتماع البشري .و..و.. ووجود المعجزات إن وجدت فهي بنسبة /1%فقط جاءت لتُعزّز الجانب المعنوي ، ودون أن يشعر بها الصحابة إلا فيما بعد ..يقصها عليهم القرآن لأسرار وحكم ، منها تأديب الصحابة وعدم غرورهم . سنحاول في هذه المعالجة الوقوف سريعاً مع نقاط في الثقافة السننية ، طبقها الرسول صلى الله عليه وسلم فأدت إلى النصر يوم بد يوم الفرقان. طاعة الله : هكذا بلا تردد [ كما أخرجك ربُك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون ] ...إلى قوله سبحانه [ ...كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ] رغم هذا الموقف العصيب خرجوا طاعة لله ولرسوله !!. شورى : الرسول صلى الله عليه وسلم شاور قائلاً : أِشيروا عليَّ أيها الناس ...فتكلم أبو بكر وعمر وغيرهما والرسول يُكرر أشيروا عليَّ أيها الناس فقام الأنصار فقالو (...لو سِرت بنا إلى برك الغماد –أو برك الغمار – لو استعرضت بنا البحر فخضته لحضناه معك ..الخ الكلام . فخرج الرسول بعد قول الأنصار ؛ لأنهم من سيقوم بالتموين ..الخ ، وصورة أخرى للشورى : وهي : المشاورة وسط المعركة ...وهذا مروفوض عند عساكر العصر – شعارهم نفذّ ثم تظلم – لكن الرسول صلى الله عليه وسلم شاور وسط المعركة (...أأمنزلٌ أنزلكهُ الله أم الحرب خديعة ؟ فقال : الحرب خديعة ..قال قم إلى عند الماء. نظام وتنظيم : الرسول يصف الصفوف ويُرتب القوي بجوار الضعيف والراجل بجانب الراكب ، والصبي بجانب الراشد. العدل : الرسول صلى الله عليه وسلم يمشي في صف المقاتلين يأمر المتأخرين بالتقدم والمتقدمين بالتأخر – تسوية الصفوف- . كان المقاتل سويد بن غفلة متقدماً وبطنه بارزةً ، فضربه الرسول ضربة عادية : تأخر يا سويد ، صرخ سويد : أوجعتني فأنصفني ..وقد أمرك الله بالعدل فتقدم الرسول صلى الله عليه وسلم وخضع للعدل ..الخ القصة – العدل له أُثره في النصر أو الهزيمة. روح المبادرة : سيما عند الشباب ، فمعاذ ومعوذ أبني ( عمرو بن الجموح ) سألا الزبير أن يدلهما على أبي جهل فأستغرب الزبير ضاحكاً ، ثم أشار لهما نحو أبي جهل فبادرا إليه وهو راكب فضرباه على ركبتيه فسقط أرضاً. ثبات وتجلد نادر : عندما سقط أبو جهل طلع على صدره معاذ بن عمرو بن الجموح وحاول طعنه فلم يستطع نظراً لقوة درع أبي جهل . فجاء عكرمة وهوى بالسيف نحو معاذ الشاب فزاع من الضربة لكنها قطعت يده من أعلى الزند وبقي منها قطعة جلد قال معاذ فكلما حاولت المشي أثقلتني ، فوضعتها تحت رجلي وسحبتها حتى انقطعت بقية القطعة ؟!. الرسول صلى الله عليه وسلم يتضرع ويدعوا الله...هذه السنة تعني عدم الغرور بالإعداد أو بالقوة أو بهما معاً ؟ وظل يدعوا. حدود المعجزة تقول بعض الروايات لما قدم جيش قريش أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم حُفنة من تراب ورماها تجاه العدو فوصلت ذرات التراب إلى عين كل واحد فشغلته عينه...وهذا دلت عليه الآية (...وما رميت إذ رميتَ ولكنَّ الله رمى...) وفي القضية الإعجازية هنا نظر ، لكن دعونا نعتبرها حصلت . ولكن ماهي الحدود وكم نسبة التأثير ، وهل أدرك العدو هذا السِر حتى يتأثر نفسياً ؟ ربما ؟. المعجزة الثانية : تقليل الكفار في عيون المسلمين والعكس ، والهدف هو الالتحام بين الفريقين وعند النظر في هذه المعجزة فإنه يحصل مثلها عند كثير من القادة العسكريين المتمرسين في الحروب ، فعندما ينظرون إلى الخصم يقولوا : عيوننا تأكلهم – وهذا من المؤشرات الأولى للنصر. دور الملائكة : التثبيت فقط إذ لو كانت الملائكة قاتلت لضرب قريش في لحظات وما بقي منهم أحد وما كان لنصر المسلمين طعماً وما سجّلها التأريخ .إذ كيف...سجّل القرآن شيئاً مكذوباً ؟ حاشاه ؟. الخلاصة : دور المعجزة كان في الجانب المعنوي ، وهذا كما قلنا عوامله عده . والأهم أن الصحابة لم يعلموا هذا إلا بعد انتهاء المعركة . ليحمدوا الله وهذا العلم المتأخر يجعل وجود المعجزة وعدمها سواء.