(رواية الرهينة ) للكاتب اليمني زيد مطيع دماج والتي صنّفت في وقت ما ضمن أفضل مائة رواية عربية تعد من نوعية تلك الروايات التي لا تفارق ذاكرة ووجدان القارئ للعمق الذي تحمله على أكثر من مستوى، إذ تتناول في خطابها الدلالي قضية إنسانية لحقبة تاريخية محددة بالحكم الإمامي في اليمن وعصر سيف الإسلام بن قاسم. فتشير لما عرف في ذالك الوقت من أمر (الرهائن) حيث تحكي الرواية عن تلك الشخصية (الرهينة) أو ما يعرف ب (الدويدار) الذي يُساق من بين أهله قبل أن يبلغ الحلم كرهينة من أبناء القبائل ويخصى ثم يصبح دويداراً أو مايشبه الخادم عند نساء قصر الإمام, رسم زيد في روايته صورة (الرهينة) متمثلة في بطل الرواية وصديقه _ الذي لم يجعل له اسماً حيث إن الرواية وأحداثها كانت تجري على لسان الراوي مونولوجياً (الرهينة) فيحكي منذ أن أخذ من بين أهله وحين أرسل لمعتقل الرهائن إلى أن وصل لقصر نائب الإمام وتعرّف على حياتهم في القصر , وكيف تقبّل قدره الحالي مجبراً, دون أن يسمح لأحد بأن ينال من كرامته, سرد الكاتب تلك المواقف الكاشفة للشخصية بذكاء. ف تعاليه على إظهار مشاعره للشريفة حفصة وضربه للصغير المدلل، الابن غير الشرعي لولي العهد , ورفضه فك القيد وغيرها كل تلك المواقف يبرع في تسييسها للغور في الشخصية وفهمها دون فصلها عن ظرفها الجديد الخاضع تحت إمرة كل من في القصر, ويقابلنا في حادثة صعود الشريفة حفصة للسيارة وتعثرها حتى كادت تسقط وكيف أن الرهينة ظل يقلّب الأمر في رأسه ويحاول أن يفسره منطقياً بما يتسق مع ما يريد تحليل بديع جداً للنفس الإنسانية وكيف أنه يمكن لها أن تخلق سيناريو كاملاً بما يتفق مع اللاوعي بشكل يمنطق الأمور ويجعلها تبدو وكأنها صحيحة , والكاتب في كل ذلك يصف الأشخاص والأماكن والأشياء بشكل عبقري غير متكلف فيدخلك الزمن, تعيش سطوة الحكم الإمامي تتفهم جيداً مأساة الرهائن, ثم يختم الكاتب روايته بمشهد الرهينة والشريفة حفصة على قبر صديقه وهو يختار كرامته وحريته بعد أن تحاول بحيلتها الأنثوية أن ترده عن قراره ولكنه يركض تاركاً إياها وراءه غير آبهٍ بصوتها وحجارتها، ففي الحرية صوت الحب أصدق.