الطفولة حلم مرسوم، وواقع ملموس، وأمل يرجو الوصول، ومستقبل منشود، مقارنة بهؤلاء هناك شريحة مماثلة لهم في العمر لكنهم؛ يعيشون بلا أمل ولا مستقبل، لا نعرفهم سوى من خلال مسميات عديدة: طفل حدث – طفل شوارع – طفل عامل – أطفال السرطان – طفل التجنيد – طفل الكزاز – طفل متسوّل؛ وغيرها من المسميات، وكلهم ظاهرة تسبب فيها المجتمع، كانوا مشكلة لكن التهميش حوّلهم إلى ظاهرة، وقريباً قضية رأي عام. هم أطفال، وما هم بأطفال، فطفولتهم مكسورة في ظل الواقع الوخيم الذي يعيشونه، فهم من لا يعرفون لعباً ولا لهواً كبقية الأطفال، ولا ابتسامة واضحة، هم من يعيشون بين البرد والجوع، أطفالنا اتخذوا من أرصفة الشوارع مأوى وسرائر؛ هم ضحايا الزمن وتقلباته وطبقاته. فهم يعملون ولا يلعبون، يبكون ولا يضحكون، يشقون ولا يفرحون، يعملون أعمالاً هي ليست لهم لكن الزمن أجبرهم على أن تكون لهم، طفولتهم مسلوبة، آمالهم مردودة، لا تعليم ولا صحة ولا حتى غذاء. ففي يومهم العالمي نتساءل: مسؤولية من هؤلاء، وذنب من أصبحت هكذا حياتهم، ومن سيهتم بهم وينادي باسمهم وبحقوقهم، هل حقوق الإنسان أم منظماته أم الاتفاقيات المنعقدة للطفل، أم المجتمع ومبادراته..؟!. كل هذا لا يعني شيئاً في تاريخ فلدة أكبادنا الأليم، السوداء صفحاته، حتى المنظمات الحقوقية، والقوانين المسنونة سابقاً، وكادت أن تُبلى وتتآكل وتنسى من عدم تطبيقها على أرض الواقع. لا أحد منهم يعمل إلا جموع قليلة من المبادرات الشبابية الطوعية المنادية باسم الطفولة، والرافعة شعارات “الطفولة الآمنة.. عنوان الغد المشرق” وبالرغم من كثرتها إلا أن تأثيرها لا يتجاوز ثلث أعدادها المتراكمة، فاللوم ليس عليهم بطريقة مباشرة بقدر ما هو على الدولة. ففي حين يحتفل أشقاؤنا بيوم الطفولة العربي، أي طفولة نزعم امتلاكها لدينا في اليمن، وبأي حقوق نرغب، وبماذا سنحتفل..؟!. هل بالطفولة المنهكة على أرصفة الشوارع، أم بالتعليم المتدنّي الذي يناله البعض منهم، وإن احتفلنا فسيكون تقديساً لبعض ساعات تتخلّلها خطابات فارغة من محتواها، وفي آخر النهار ننسى كل ما أمسينا عليه..؟!. فكل المعاناة التي أوصلت أطفال اليمن إلى هكذا حال هي بسبب الصراعات السياسية التي جعلت من الطفولة في قعر اهتماماتنا، ولندرك بعد أن إهمالنا لطفل واحد يمكن أن يلغي مستقبلنا، فالطفولة هي المستقبل، فقادة اليوم لن يكونوا موجودين غداً بقدر ما سيكون طفل اليوم هو القائد. لذلك ندعو المتصارعين السياسيين إلى التركيز على الأطفال إذا كان همّهم بالفعل هو الوطن والمستقبل، وليكفي الطفولة ما نالها من نكسات نفسية ودفعت الثمن غالياً بسبب نزاعات الكبار والسياسيين، حتى أمست لعب الأطفال هي الأسلحة بدلاً من الدمى والعرائس.