مرت ثلاث سنوات معظمها كان في مطارات الدنيا لا في فنادقها فقط ! ولا اذكر الا اني كنت فيها صاحياً اكثر من نائم لهذا ما عدت احسب بأسماء ايام الاسبوع بل بالارقام والتاريخ ثم اكتشف اني بسبب ذلك اصل كثيراً الى المدن في مواعيد غير مناسبة لأنها تصادف يوم اجازة ولا اجد احد واندهش!! لا أدري كيف اصف ما يحدث ! هل هو الخرف المبكر ام الزهايمر بجد في كل مدينة صرت انسى شيئا من اغراضي ! الان مثلا وصلت الفندق باسطنبول وفتحت الحقيبة واذا نصف الملابس بدولاب بتونس ولدي جاكت بجنيف ! وقميص بالدوحة ! اما الغيارات الداخلية فتوزعت بكل حمامات الدنيا والامر يومئذ لله ّ ** ياتي موعد السفر في اللحظة الاخيرة - رغم انك تعرفه من ايام لكن لا نتذكره الا في اللحظة الاخيرة - تركض لترتيب الحقيبة ولابد ان تنسى شيئاً فوق السرير او بالحمام او بمحل لم تنتبه له في الدولاب ! وبقيت اطلق النكات على حالة الخيبة واحمل القضية والربيع العربي المسئولية كلما فقدت شيئاً من ملابسي على اساس ان لا تعويض للعمر الذي يتبدد والصحة التي تتراجع فخلونا بتعويض الشرابات والقمصان ! ** الشهر الماضي نسيت القميص الجديد في فندف بمنترو وكنت قرب مطار جنيف واتصلت بصديق هناك وبعقلية السويسري سألني: كم سعر القميص وحكيت له فقام بحساب الوقت وتذكرة القطار ونصحني بسرعه - ان تركه اوفر !!!لك - - ولأني اثق بطبيب جيد في بيروت وانا امر عليها في كل رحلة ذهبت الى عيادته اشكو فقد اقنعتني محاضرة اكاديمية بطريقة سوداوية ان هذا زهايمر مبكر وانه علي ان الحق حالي وعشت الدور الى اليوم الثاني بقلق ! واذا بي اتذكر كل شيئ (لكن خلاص ركبت الدور ! ) لهذ قلت: اسأل طبيباً احسن واستمع الرجل بصبر للقصة وقال: اللي عندك ليس فقدان ذاكرة ولا تشتت ذهني عندك فقدان وطن وتشتت شعب وتركني ممدداً على سرير الكشف ومضى وانتظرت ..وانتظرت .. وبعد دقائق طويلة دخلت الممرضة ورأتني على وضعي واندهشت -وقالت : - شو عم تعمل هون الدكتور خرج من نص ساعه ونسي انك هنا !!!! لأنه صار عم ينسى كثير !! وخبطت راسي بيدي يعني الدكتور ايضاً نساني كسقط متاع او كشيئ لا قيمة له! وانا الذي اتيت له ينصحني كيف اقوي الذاكره ّّ. وهل ما اعاني منه فقدان ذاكرة ام فقدان وطن ! ** وهذا الصباح قرأت خبرا مهما وهو ان الانفاق على جراحة تكبير الصدر للنساء في العالم صار مبلغا يفوق بكثير اي مبالغ تصرف على ابحاث علاج الزهايمر وفقدان الذاكرة ! لهذا تجد النساء وان تقدمن بالعمر لديهن صدور ناهده هنا ولكن لا يعرفن هن والرجال لماذا نحتاج صدوراً ناهده لأنه لم نعد نتذكر جميعاً نساء ورجالاً لماذا اردنا ذلك؟؟