سألني أحد الأصدقاء أثناء ما كنت أطرح على بعض الأخوة فكرة إنشاء وتكوين مجموعة أصدقاء تطالب بتخليد الفنان الكبير أيوب طارش عبسي صديقنا كان يقصد بسؤاله الذي جاء بلسان أهل إب والعدين لمو إلا أيوب يعني لماذا لا نطالب بتخليد كل الفنانين والحقيقة أني لا أقصد بفكرة تخليد الفنان أيوب التقليل من شان الآخرين إلا أن الفنان أيوب طارش يتميز بصوت نقي صاف كالزلال صريح كزئير الأسد هادئ كخربشة الأرانب متصاعد كقلقلة الجمل دافئ كقلب العاشق ناعم كالعاصفة صوت يجمع روح الصحراء وندى الحقول وطوفان الدموع وضجيج الأطفال. أيوب طارش ظاهرة فنية جاءت من عالم الفن الأصيل محملة بكنوز الحب ومرصعة بالجمال أثناء ما كان الإنسان اليمني يبحث عن ذاته وهويته في دهاليز الغربة وعناءات الوطن فنان يغني من قلبه قبل حنجرته يفهم معنى الأنغام والألحان الرصينة وقوة تأثيرها في النفوس بارع في التقاط النبض الإنساني اكتشف بحسه المرهف ملامح الحزن الفارقة في وجوه الناس وصاغها ألحاناً من فرط عذوبتها وجمالها نحفظها كما لو أنها وحدنا نرددها في كل الأوقات في يسر وطراوة وحلاوة بعيداً عن الارتجال والابتذال الذي يجعلنا نضطرب أكثر مما نحن مضطربين ونرتبك أكثر مما نحن مرتبكين ظهر هذا الفنان المبدع بصوته القوي الحاد الناعم الدافئ المتدرج في الطبقات والذي يصعد ويهبط ويتقافز يدخلنا في حالة من الهدوء والشفافية والتأمل نحس معها كما لو أننا نتجول في أروقة الحب وقصور العشاق والعالم أصبح ملكنا وحدنا.. انه فنان الأجيال مثل بصوته الجبار علامة فارقة في الأناشيد الوطنية والأغاني العاطفية والفرائحية والابتهالات الترحيبية برمضان والمدائح النبوية فحين نسمعه يغني للمزارع تتلبسنا روح حماسية عالية تقوي انتماءنا للأرض والإنسان وحين يغني للمغترب تتلبسنا حالة فقد حقيقي تشتعل معها براكين الشوق والحنين للأهل والأحباب وحين ينشد المدائح النبوية بنقاء الألفاظ البديعة نحس كما لو أننا نحلق عالياً في ملكوت الله برفقة الأولياء والصالحين حتى نصل إلى حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لنرتشف من أنواره ونعود ونهبط طاهرين تغلفنا الدهشة والبراءة والانكشاف.. أيوب طارش فنان طالما هز المشاعر والوجدان بصوته الأخاذ وألحانه القادرة على إقامة كيان ولغة تتحرك فيها الكلمات جاذبتاً معها أذن وقلب المستمع فتجعله مسكوناً بمس الحب من الوهلة الأولى كما لو أن الفن الأصيل خلق لنسمعه من شفاة هذا الفنان الجبار بصوته الذي جمعت طبقاته من هسيس الرياح وتصادم السحاب ومن بين خياشيم الأسماك وحوافر الجياد ورفرفة أجنحة اليمام ومناوشة الأمواج وزقزقة العصافير وهديل الحمام وزئير السباع وخرير المياه وحفيف الأوراق لقد حقق هذا الفنان التلاقي الرائع بين النغم الأصيل والذائقة اليمنية المتلهفة ولخص بفنه الراقي مأساة الإنسان اليمني في بحثه الدائم وحنينه الجارف إلى حياة كريمة تخلصه من عهر الواقع وعبثيته وهوانه والحقيقة هذا هو عمل الفن الأصيل. فالفن الأصيل صنع كرسالة يوصل بها الإنسان ما يريده ومدى تأثير فنه في متلقيه ومستمعيه وأعتقد أنه لولا أيوب طارش ما كان هناك إنشاد يقبل عليه الناس تسمو معه مشاعرنا ونحس بطعم أفراحنا أيوب طارش آخر فنان وظاهرة فنية لن تتكرر.. جميل أن يتم افتتاح قسم للفنون الجميلة في محافظة تعز والأجمل أن يسمى باسم الفنان الكبير أيوب طارش عبسي. #رئيس مجموعة أصدقاء ومحبي الفن الأصيل للمطالبة بتكريم وتخليد الفنان أيوب طارش عبسي