كلنا نفتخر بالموروث الغنائي اليمني الأصيل الذي استطاع أن يغزو الكثير من الدول العربية والخليجية و يتعملق فيها بكل ثقة رافعاً هيبته وهيبة هذا الوطن الغني بالتراث الغنائي حتى أن الأغنية اليمنية صارت تمثل بالخارج أصل العرب بل هي البذرة الخصبة التي انتقلت إلى كل الدول فكانت هي النبتة التي كبرت وأينعت وتفرعت بغصونها إلى كل دول العالم ليتغنى بها الكثير في أوطانهم ويفضلونها على الكثير من ألوانهم المحلية كونها تمثل نوتة الأغنية العربية الأصيلة. إلا أن ما يحز بالنفس وينكي الخاطر ويؤرق الفؤاد هوا التدخل الساخر والقوي على الأغنية اليمنية وبطريقة غير قانونية تتطلب من حكامنا رفع البطائق أو الكروت الحمراء في وجه كل من يحاول المساس والإساءة لها بعد أن ولجت الأنشودة الدينية أو بالأصح ما يسمى بالأنشودة الدينية إلى ساحتنا وظهر معها منشدون (يأكلون البيض ويحرمون الدجاج) . نعم هذا هو حال الكثير ممن يسمون أنفسهم منشدين لكنهم يحرمون الغناء على غيرهم وإن كان من المؤسف حقاً أن البعض من هؤلاء المنشدين لم يكلفوا أنفسهم أي عناء فهم يسرقون الألحان التراثية لفنانينا اليمنيين الكبار أمثال أيوب طارش والمرشدي والحارثي ومحمد سعد والسنيدار وغيرهم ومن ثم يركبون عليه فقط كلمات بالطابع الديني ومن ثم يؤدونها بذلك اللحن الغنائي الذي اعتكف عليه ولأجله فنانون كبار لسنوات طويلة ليجيزوا بعد ذلك اختياره لأغان وكلمات وضعت على مقاس تلك الألحان ليأتي هؤلاء المنشدون يعارضون الأغنية العاطفية والحماسية والغزلية ويتغنون بلحنها دون أي احترام لحقوق غيرهم وكأن تلك الألحان صارت (جِرار سبيل) على قارعة الطريق لمن أراد أن يشرب ويرتوي.. وإذا كان الغالبية من فنانينا المخضرمين يجيزون ولا يعارضون من يأتي بعدهم ويحاول أن يقلد تلك الأغاني بكلماتها وألحانها التي وضعت لأجلها من قبلهم حتى وأن ظهر شيء من الفوارق البسيطة بالصوت والأداء المهم أنهم يحترمون أهلها وصانعيها ويعترفون لهم بحقوقهم الأدبية وهم من أسسوا بنيانها مثل هؤلاء الفنانين نقول عنهم إنهم قبل أن يكونوا مقلدين لأصحاب الأغاني التراثية اليمنية فهم بنفس الوقت امتداد أخر للمحافظة على إبقاء تلك الأغنية حاضرة مهما تعاقب عليها الأجيال خاصة أن المقلدين ملتزمين بلحنها الحقيقي وكلماتها التي صيغت لنفس اللحن بعكس من جاءوا من الخلف مهرولين أشبه (بالموترات) التي تخصص بعض سائقيها العبور بسرعة بجانب أي شخص ليسلبوه ما بين يديه ويفرون هاربين وهذا هوا حال البعض من المنشدين اليمنيين الذين جاءوا أخيراً ليخلطوا ( الملح بالسكر والزيت بالكيروسين ) وبالهناء والشفاء للمستهلك الذي يخرج من أمامهم وهو يعاني من ارتفاع بالسكر وضغط الدم والتسمم الفكري بنفس الوقت .. فنحن نقول أننا نفتخر بمنشدينا وبحاجة ماسة للمنشد الإسلامي الذي نتمنى أن يكون له حضوره على الساحة أكثر فأكثر لكن بشرط أن يكون توجه مبني على أسس الأنشودة الدينية بحيث تكون مركبة بالكلمات واللحن والأداء وحتى ملامح المنشد عند أدائه للأنشودة كون ذلك يرسم المصداقية في وجه صاحبه ومع ذلك تبقى وتدوم لها خصوصيتها وطابعها المميز وتحتفظ لنفسها بحقوق الطبع والتميز وبنفس الوقت يشق المنشد الديني لنفسه طريقاً خاصاً به حتى إذا ما سار أو تحرك فيه منشداً آخر فأن الآخرين هم من سوف يقفون في وجه الجديد وينتقدون مسيرته وسيرة وسط حقوق الغير وليعلم كل منشد ممن يتعلقون بألحان غيرهم من الفنانين وخاصة من يسرق لحن أغنية عاطفية ليركبه على كلمات دينية يظهر قريباً بالمعنى بمن قيل عنهم ( الرجال المتشبهين بالنساء والعكس ) ونقول من العيب كل العيب أن تصير الحقوق الفنية والأدبية عرضة للنهب والسلب والاستيلاء عليه بطرق ملتوية يستخدمونها لأنفسهم ويجيزون أخذها ما دامت هي ملك لكل الشعب وبعض أصحابها الملحنين قد رحلوا عنا وتركوها تراثاً لمن يريد أن يتسلق عليها ليصل لمبتغاة .. لذا نقول أخيرا لابد أن يكون لوزارة الثقافة دور هام وبارز بل وعاجل أيضاً لإيقاف مثل هذا التطاول والنصب ولو على المستوى المحلي حتى لا نجد بعد ذلك تراثنا اليمني قد صار حقاً لأبن السبيل أي كان انتماؤه وديانته ..