نهاية الانقلاب الحوثي تقترب.. حدثان مفصليان من مارب وعدن وترتيبات حاسمة لقلب الطاولة على المليشيات    الأحزاب والمكونات السياسية بتعز تطالب بتسريع عملية التحرير واستعادة مؤسسات الدولة    لحظة إصابة سفينة "سيكلاديز" اليونانية في البحر الأحمر بطائرة مسيرة حوثية (فيديو)    شركة شحن حاويات تتحدى الحوثيين: توقع انتهاء أزمة البحر الأحمر رغم هجماتهم"    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    يوم تاريخي.. مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة (شاهد اللقطة)    تشافي لا يريد جواو فيليكس    مركز الملك سلمان يمكن اقتصاديا 50 أسرة نازحة فقدت معيلها في الجوف    تفجير ات في مأرب لا تقتل ولا تجرح كما يحصل في الجنوب العربي يوميا    للزنداني 8 أبناء لم يستشهد أو يجرح أحد منهم في جبهات الجهاد التي أشعلها    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام أسود في تعز
المحافظة المدنية تحولت إلى بيئة طاردة للسلام : "انفلات أمني ممنهج، اغتيالات في عز الظهر، رعب في أوساط الناس في وقت يشيد القادة الأمنيون جبالاً من المتارس الإسمنتية لحماية أنفسهم".
نشر في الجمهورية يوم 23 - 12 - 2013

تعز، المدينة والناس، تتعرض لمؤامرة على الدوام.. أبناؤها هم من يغتالونها ويوافقون على تأدية دور “القفازات” لخدمة نافذين وأحزاب لا تحب “تعز” ولكن تحب استخدامها كحلبة رئيسية للصراع.. وللأسف هناك الكثير من أبناء هذه المدينة “العصاة”، ارتضوا لأنفسهم “المهانة” وتأدية أدوار أكثر ما يمكن أن يقال عنها إنها “رخيصة”!
منذ عامين وجدت “تعز” نفسها متلبسة بتهمة الانفلات الأمني غير المسبوق.. وتتصدر للعام الثاني توالياً محافظات الوطن في عدد جرائم القتل.
هناك من يصر على جر “تعز” إلى العنف لإجهاض المستقبل الذي ناضلت من أجله طويلاً في رحمها، فالمسلحون صاروا أكثر من “الطلبة” وجنود الأمن، في مشهد يومي يشعر “تعز” بالإحراج لكنها تبدو عاجزة تماماً عن مقاومة جنون “الفوضى” وعربدة “الموت”..وتعز التي تحاول العودة إلى واجهة “المدنية” استهلت 2013م بتدشين “22” جريمة قتل بينهما امرأتان، وعند منتصف هذا العام المشئوم كانت حصيلة القتل العمد قد وصلت إلى “109” جريمة قتل عمد، وعشرات الجرحى وفقاً لإحصائيات وزارة الداخلية التي اقتصرت مهمتها حيال “تعز”.. على تدوين الإحصائيات وكأن الوضع الأمني في مدينتنا لا يعنيها في شيء؟!
عاصمة الثقافة اليمنية تصدرت قائمة “الجرائم” في العام 2012م ب “180” جريمة قتل عمدي من بين “1190” جريمة وقعت في بقية المحافظات، و”32” جريمة قتل غير عمدي من إجمالي “206” جرائم.. الإحصائيات الأمنية مثيرة للريبة، فرائده الثقافية والمدنية أصبحت تتصدر المشهد الإجرامي، وتتعايش مع الانفلات الأمني والاستقطاب المذهبي المقيت، واختلط فيها الشأن الأمني بالسياسي فكان “الأول” وسيلة ابتزاز قذرة يستخدمها الثاني، ويزايد بها على كل قيم “الثورة” وبنود “الوفاق”.
أصبحت تعز كتيبة، موحشة ومستباحة.. لا أحد يكترث لهذه المدينة، كثيرون بمن فيهم أبناؤها يمعنون في عقابها ويبدو وكما جرت العادة منذ نصف قرن أنها خارج حسابات واهتمامات الدولة!
في صبر ما يزال المستضعفون من أبناء القريتين “المرزوح وقراضة” يتساقطون بعيارات نارية “حميمة” يرسلها أقاربهم، بينما الذين ينجون منهم يتعايشون مع الخوف، وكلما بدأوا في لملمة ذكرياتهم الحزينة تسرع الرصاصات الغادرة التي لم تعد تفرق بين رجل أو امرأة ولا بين طفلة أو مسلح إلى نثرها مجدداً .
شيء ما تكسر في هذه المدينة كأنها تذبح نفسها بنصل صدئ.. هاهي ترسل فلذات كبدها إلى معارك الجهاد الوهمية وهم ممتلئون بالحياة ليعودوا إليها داخل نعوش ، لتكتفي هي بالعويل عليهم وتخليدهم بعبارة “شهيد” على جدرانها المهترئة!.
أخبار الموت تملأ الشوارع، وفي المنازل ثمة أمهات مكلومات يمضغن آلامهن ووحدتهن دون تذمر، ريح الشر تكمن في الأزقة وخلف الجدران والمتارس تندثر المدينة بصمت رهيب ينتصب كصمت المقابر الموحشة.. هنا ثمة أوجاع تجوب الطرقات وتزدهر في “البيوت”.. وهنا يبدو أن لا شيء وفير سوى الرصاص والخلافات والأكفان والشهداء.
ازدهار “البلطجة”
في شوارع تعز التي كانت تتميز بالأمان، تزدهر أعمال البلطجة والتقطعات والاختطافات .. قبل شهر تقريباً قامت عصابة بخطف الشاب محمد منير ابن شقيق محافظ تعز، في وضح النهار لتتحول واقعة الاختطاف تلك- ويعلم الجميع تفاصيلها- إلى قضية رأي عام، قضية تؤرق البيوت التجارية وحتى بسطاء الأسر، وبالرغم من إرجاع محمد منير إلى عائلته الثلاثاء الفائت، إلا أن الأهالي ما يزالون يتوجسون خيفة من قادم مجهول بملامح قاسية طافحة بالشر يختطف أطفالهم أو يصادر أرواح أبنائهم، ومن المؤكد أنهم لن يحظوا بذات التعاطف الشعبي والاهتمام الرسمي الذي حظي به نجل أسرة كريمة كانت وما تزال يدها ممدودة بالخير لكل أهل اليمن، وفي مقدمتهم “التعزيين”.
في أوقات مختلفة من الأعوام الثلاثة الماضية تعرض عدد من الأطفال للاختطاف، ومنهم من لم يعد حتى الآن، والأجهزة الأمنية تتحفظ على أعدادهم وترجع ذلك إلى ضرورة عدم إقلاق الجميع.
“مرسي” و”السيسي”
في شارع “جمال عبدالناصر”
التصرفات الانتهازية والأنانية للسياسيين وسعت هوة الشقاق في مجتمع تعز، وصباح الاثنين الفائت بدا ذلك المجتمع منقسماً بحدة.. دعوة أحزاب اللقاء المشترك إلى الخروج في تظاهرة مليونية من أجل “تعز بلا سلاح.. مدينة آمنة ومستقرة” ، هذه الدعوة قوبلت رغم تأخرها بتفاعل جماهيري جيد، إلا أنها فجأة انشطرت إلى تظاهرتين إحداهما داعمة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وترفع صوره وشعارات “رابعة” والأخرى تهتف باسم وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي، وأيضاً ترفع صوره، فتصاعدت التلاسنات وانتهت المظاهرات بأحداث عنف واشتباكات وشعور بالخيبة لا يمكن وصفه!
تصرفات “حمقاء عبثية” لا هي أعادت “مرسي” لكرسي الرئاسة، ولا عززت من قوة وسطوة “السيسي” ولم تخدم قضية تعز الرئيسية، لكنها زادت من أوجاع “تعز” المسلوبة الإرادة، وصادرت بقايا أمنيات الحالمين من أبنائها.
مفارقة عجيبة فقد صار يسيراً جلب المشاكل العابرة للحدود إلى قلب “تعز” لتعبث فيها كيفما تشاء، بينما لا تستطيع أحلام البسطاء ومطالبهم المتواضعة عبور “حوض الإشراف”!!
مجلس عزاء كبير
الأفراح مؤجلة في مدينة أشبه ما تكون بمجلس عزاء كبير، الأنباء المريحة التي سبقت إعادة “محمد منير” عكرتها حادثة اغتيال ضابط عمليات القصر الجمهوري العقيد صدام حسين غدراً في مكان عام، لتتوالى الأحداث المفجعة.
كانت مدينة تعز القديمة على موعد مع جريمة مازالت تفاصيلها ومرتكبوها مجهولة، وضحيتها “سفيان” الطفل الذي لم يتجاوز ال9 من عمره، حيث وجد مشنوقاً ومتدلياً من على عمود كهربائي.. جريمة شنيعة أعادت إلى الأذهان جريمة اغتصاب وقتل الطفلة “مرام” قبل حوالي عام.. تلك الجريمة التي هزت الرأي العام، وصدر قبل أسبوعين فقط الحكم القضائي الصادر من الشعبة الجزائية بمحكمة استئناف تعز، بإعدام “2” من مرتكبيها.. فيمالا يزال “5” ممن شاركوا في اغتصاب وقتل الطفلة التي لم تتخط سنتها التاسعة، بعيدين عن يد العدالة، ويبدو أن لا أحد من المعنيين الأمنيين مهتم بملاحقتهم!
صلوات وشارات حمراء.. ومدنية مخطوفة
في 27 أكتوبر الماضي رفعت الشارات الحمراء على صدور أغلب شباب مدينة تعز احتجاجاً على الانفلات الأمني، ورفضاً لحمل السلاح.
كانت التنسيقية العليا للمجالس النقابية بمحافظة تعز وراء حملة الشارات الحمراء تحت شعار “تعز مدينة خالية من السلاح” بعد اجتماع قيادة التنسيقية العليا للمجالس النقابية الذي تقرر على إثره رفع الشارات الحمراء في كل المكاتب والمؤسسات وهذا ما حصل بالفعل.
وأدانت التنسيقية في بيان لها قبل أكثر من شهرين، ما تتعرض له المحافظة من انفلات أمني حيث أصبح القتل سمة ملازمة للمحافظة وكأن هناك أيادي تعمل على تغذيتها.
وحملت التنسيقية العليا للمجالس النقابية محافظ المحافظة ومدير الأمن مسئولية الانفلات الأمني... وطالبت من مدير الأمن ومدير المرور وضع حد للدراجات النارية وإخضاعها لقانون المرور، إسوة ببقية المحافظات ،خاصة وأن الدراجات النارية أصبحت أداة للقتل والسرقة وإقلاق السكينة العامة ومصدراً أول للموت والإصابات..
حملة “تعز مدينة خالية من السلاح” لم تحدث الصدى المرجو منها رغم مصاحبتها عديد فعاليات أهمها الحشد لتأدية صلاة الجمعة في أكبر شوارع المدينة، وعديد لوحات تحث المواطنين على الاستمرار في رفع الشارات الحمراء.. غير أن الذي استمر هو العنف ومظاهر التسلح..
ومن يشاهد الشارع التعزي في الأشهر الأخيرة وما يعتريه من تململ وتوهان واستسلام لن يصدق أن ذات الشارع كان شرارة الثورة الشعبية السلمية في فبراير2011وصوت هديرها وأنه لم يكل أو يمل طيلة أكثر من عام!!
انقسم الشارع التعزي، وانجر وراء خلافات سياسية وحزبية، ودخل في أتون صراع مذهبي وفي خضم كل ذاك العبث نسي “تعز” وكل أمانيه ونضالاته ومعاناته من أجلها، وتركها عاجزة في مهب “ الانتقام”..وقد أصبحت مدينة تعز “مستباحة” ولم تعد الحملات الأمنية “الناعمة” نافعة، ولا بيانات الإدانة والاستنكار ذات جدوى.. ولا يمكن للصلوات بقلوب خائفة إيقاف “ الفوضى والعنف” .. الثورة ضد الانفلات والفوضى والقتل والسلاح هي الحل.. الثورة من أجل تعز التي ظلمت وهمشت طويلاً وحين ثارت من أجل إعادة الاعتبار للوطن اليمني عوقبت بقسوة.
ثورة ثانية وبأدوات حضارية وإرادة مسئولة ،وحدهم ناس تعز قادرين عليها.
“الشعيبي” خامس مدير أمن في أقل من 3 أعوام “مشتعلة”.. في ظل إمكانيات شحيحة وعشوائية التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية، ما الذي سيقدمه؟
4 مدراء أمن غادروا “تعز” ولم يغادرها الخوف !!
مع نهاية العام 2011 عام الثورة الشبابية، تصاعدت مطالب عديد قوى ثورية وحقوقية لإبعاد قيادة الجيش من تعز وإقالة مدير أمن المحافظة العميد عبدالله قيران، لأن ذلك - بحسب قولهم - سيؤدي إلى عودة الاستقرار والهدوء في المدينة.
وفعلاً أزيح قيران الذي كان يمثل عصا نظام “صالح” في تعز، ويصفه معارضون وناشطون سياسيون “بالمجرم وقاتل النساء والأطفال وبأنه يقوم بقتل الناس بدم بارد مرة كل بضعة أيام”.
رحل قيران بعد فشله في قمع الثورة الشعبية وبعد إقالته مطلع 2012 بعد أقل من 10 أشهر على تعيينه صدر قرار رئيس حكومة الوفاق محمد سالم باسندوة بتعيين العميد علي السعيدي مديراً لأمن محافظة تعز.
لم يكن مدير أمن تعز الجديد محسوباً على نظام صالح، رغم عمله في جهاز الأمن السياسي على مدى سنوات طويلة من حكم صالح، إلا أن العميد السعيدي أعلن مبكراً انضمامه للثورة الشعبية.. غير أن انحيازه الكامل للثورة فضلاً عن خبرته الكبيرة في الشأن والعمل الأمني لم تشفع له، وبمجرد إعلان قرار تعيينه في مارس 2012 شهدت ساحة التغيير انقساماً حاداً بين مؤيد للسعيدي ومعارضً لقرار تعيينه على خلفيات أخطاء قيل إنه ارتكبها قبل أكثر من 20 عاماً !
السعيدي الذي شرع في مهامه الأمنية وسط أجواء غير مريحة أو تعاونية خاصة قيادة المحافظة ممثلة- آنذاك- بالمحافظ حمود الصوفي والمجلس المحلي، كان يراهن على معرفته الدقيقة بتعز وبعض أبرز الشخصيات الرسمية الاعتبارية والحزبية والقبلية فيها، فاقترب كثيراً من تحقيق نجاح عملي ملموس بالرغم من شحة الإمكانيات الآلية والبشرية إلا أن تعز كانت قد تحولت إلى ساحة مستعرة لصراع سياسي ، لا يفرق فيها الخصوم بين مصالحهم الضيقة ومصلحة تعز المدينة والناس لتشتد حدة الخلافات حول بقاء العميد السعيدي أو ذهابه، وكان أن رحل بعد قرابة الأربعة أشهر فقط ، بعد رحيل العميد السعيدي منتصف يونيو 2012، عُيّن العميد أحمد علي المقدشي مديراً لأمن محافظة تعز منتصف العام الفائت، لكنه واجه مصير من سبقه، حيث لقي قرار تعيينه معارضة من مختلف أطراف العمل السياسي والثوري بالمحافظة، وبالمقابل ازدادت حدة الإنفلات الأمني وأصبحت أخبار الاشتباكات بين المسلحين وقوات الأمن مسألة اعتيادية.
وبدا أن “المقدشي” الذي التزم الصمت خلال فترة ولايته الأمنية في تعز ل«7 أشهر» لم يعد قادراً على لجم الأوضاع الأمنية التي كانت تزداد سواءً يوماً بعد آخر.
وأيضاً غادر العميد المقدشي “تعز” بصمت ليخلفه العميد محمد صالح الشاعري في 19 ديسمبر 2013 لكن الأحوال الأمنية لم تشهد أي تحسن بل على العكس ،فإحصائيات وزارة الداخلية أكدت ارتفاع مستوى جرائم القتل في تعز 2013 قياساً بالعام الفائت.
الشاعري الذي لم يكن يتبادل الارتياح مع كثيرين من مسئولي المحافظة ومثقفيها، كان دائم الشكوى من حالة الارتجال والعشوائية الطاغية على أداء وأوضاع مدراء أمن المديريات ومدراء أقسام الشرطة.
بحسب العميد الشاعري، فإنه ورث تركة ثقيلة داخل إدارة أمن تعز وقد اتفق مع سابقيه في أنه “ لا توجد بنية أمنية داخل تعز مبنية على قاعدة ما يتطلبه العمل الأمني”.
ضاقت تعز بالشاعري وكان واضحاً أنه ضاق بها.. تعامله الصدامي مع كثيرين أكد ذلك وتوجسه من المحيطين به جعله غير قادر على التحكم بدفة القيادة الأمنية فأدخل “تعز” خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الفائتين في حالة قلق ورعب بسبب ما قيل آنذاك بلاغات عن تواجد “9” سيارات مفخخة داخل المدينة.
إجراءات الشاعري الاحترازية الأمنية، كانت دليلاً على ان مدير أمن تعز لم يعد مكترثاً بأمن الناس فيها، فقد اقتصرت تلك الاحترازات على محيط مبنى إدارة الأمن فقط، وقطع الطرق المؤدية إليها والعابرة إلى قلب المدينة.. مما أربك حركة مرور السيارات بصورة كبيرة.
تلك الإجراءات وصفت بالمربكة والهشة، خاصة وأنها تزامنت مع حالة تراخٍ أمني مثير للريبة، تمثلت بعدم ملاحقة وإيقاف عديد سيارات كانت تجوب شوارع المدينة الرئيسية بدون لوحات أرقام وتحمل عشرات المسلحين على متنها!!
تصادم العميد الشاعري مع المثقفين، والسلطة المحلية ورجال القبائل الوافدين إلى تعز ثم بحراسة مشائخ اللجنة الرئاسية المكلفة من رئيس الجمهورية بحل قضية الخلاف بين “المخالفة” وقبائل من مأرب الذي كان سببه حادثة اغتيال الدكتور فيصل المخلافي والذي تطور إلى اشتباك ناري مكثف وعنيف بين الطرفين.
جملة الخلافات والصدامات تلك أدت في النهاية إلى خلاف بين مدير أمن تعز ووزير الداخلية ووصل إلى مرحلة التراشق بالاتهامات المتبادلة عن إطلاق مطلوبين أمنياً سواءً بتوجيهات من الوزير بحسب مدير الأمن أو العكس.
وهكذا، ظل الشاعري مثيراً للجدل، حتى عندما تم نقله إلى محافظة الضالع مديراً لأمنها وتعيين بديل عنه في تعز.
فقد تسبب ذلك القرار بخلاف حاد كان طرفاه رئيس حكومة الوفاق وسلطة تعز المحلية ليتدخل رئيس الجمهورية لإنهاء الخلاف ،قبل ذلك كان الشاعري ببضعة أيام على شاشة قناة السعيدة لأول مرة منذ تعيينه.. حيث كان يدافع عن نفسه ويوضح للرأي العام ملابسات قضية قيام أمن تعز بالقبض على مسلحين متهمين بالسطو على أحد المصارف، اتضح لاحقاً أنهم مرافقون لمشائخ لجنة رئاسية مكلفة بحل قضية اغتيال الدكتور المخلافي، ثم كيف صدرت توجيهات وزارية بإطلاق سراحهم.
مرت أيام قليلة عقب الظهور الفضائي لمدير الأمن الذي تصدرت تعز خلال عهده قائمة أكثر المحافظات في ارتكاب الجريمة، ليأتي العميد مطهر الشعيبي مديراً جديداً و “خامساً” في أقل من ثلاثة أعوام.
في 9 نوفمبر الماضي صدر قرار رئيس الوزراء بتعيين العميد مطهر الشعيبي مديراً لأمن تعز، وبعد أكثر من أسبوع باشر رجل المباحث الجنائية الشهير سابقاً في العاصمة صنعاء مهامه التي استهلها بإزالة بعض الحواجز الأمنية وترتيب وضعية بعضها.. ذلك الفعل على بساطته إلا أنه بعث في نفوس الناس شيئاً من الراحة غير أن المزاج العام تعكر وارتعب مجدداً بفعل حادثتين مروعتين، الأولى اغتيال ضابط عمليات القصر الجمهوري العقيد صدام حسين في شارع عام، ثم اغتصاب طفل وقتله شنقاً..
حالياً يجد العميد مطهر الشعيبي نفسه أمام تحدٍ قد يكون عند مستواه، غير أن الكفاءة وحدها لا تكفي في إعادة الأمن إلى عاصمة الثقافة.
الكفاءة لا تكفي في بيئة تفتقر لأبسط التجهيزات الأمنية فضلاً عن الكوادر المؤهلة والقادرة على العطاء بأمانة ومسئولية وشرف.
نزيف الدم مستمر في “صبر”
في صبر ما زالت الحرب مستمرة بين قريتي قراضة والمرزوح منذ شهر مارس الفائت، ومازالت حصيلة القتلى والحقد ومطالبات الثأر تتزايد مهددة مستقبل أهالي قريتين هم في الأصل أقرباء وأنساب.
لا تمتلك قريتا المرزوح وقراضة قوة الحوثيين أو تنظيم القاعدة، ومع ذلك عجزت السلطات الأمنية والعسكرية في محافظة تعز عن إيقافها!!.
محافظ تعز كان وجه قبل ثلاثة أشهر القيادات العسكرية بالمحافظة بإيقاف حرب الماء في صبر وبالفعل تم اتخاذ بعض الإجراءات المشددة لكنها سرعان ما بدأت تتراخى ..بينما يشكو ضحايا تلك الحرب من عدم تمكنهم من العودة إلى الحياة الآمنة المستقرة ..والموظفون في المكاتب الحكومية والخاصة أصبحوا كالمجاهدين الذين يحملون أكفانهم على أكتافهم وهم غير واثقين من عودتهم إلى منازلهم وعائلاتهم فقد وقع بعضهم قتلى رصاصات لم تفرق بين رجل أو امرأة لأنها انطلقت بحقد أسود وجهل تغتال أقرباءهم الذين وضعهم حظهم العاثر داخل القرية الأخرى.
منظمة “هود” قالت إنه لا مبرر للحرب في صبر ولا سبب سوى غياب النظام والقانون واستهانة الجهات المختصة بحياة المواطنين وأمنهم ..وطالبت المنظمة وزير الداخلية ومحافظ تعز بدرجة أساسية وكل المسئولين في المحافظة أن يقوموا بواجبهم تجاه معاناة أهالي القريتين ..كما تناولت صحيفة الجمهورية في 28 أغسطس الفائت قضية حرب الماء الثانية في صبر في تقرير استعرض بإيجاز مراحل الحربين الأولى والثانية بين قريتي قراضة و المرزوح وعدد قتلى الحربين الذين وصل عددهم حتى تاريخ نشر التقرير إلى 17 قتيلاً وأكثر من “50” جريحاً ،وتفاعلاً مع ما نشرته «الجمهورية» وفي ذات اليوم وتحديداً عند الحادية عشرة من صباح الأربعاء 28 أغسطس استدعى محافظ تعز اللجنة الأمنية بالمحافظة لاجتماع عاجل حيث وقفت اللجنة الأمنية برئاسة المحافظ أمام الخلاف القائم بين منطقتي قراضة والمرزوح ..وأقرت اللجنة تكليف قائد محور تعز ومدير أمن المحافظة وقائد اللواء 35 مدرع والاستخبارات العسكرية بالنزول الميداني إلى مكان الخلاف وإيقاف عملية إطلاق النار بين الطرفين والإشراف على عملية توزيع المياه بين أبناء المنطقتين وفقاً للأحكام القضائية بالإضافة إلى تحريك القضايا الجنائية المتعلقة بالقتلى من الطرفين وفقاً للقانون.
النزول الميداني لم يحقق المرجو منه ولم يحسم الصراع وبحسب أهالي من قراضة والمرزوح فإن اللجنة المكلفة بوقف الاقتتال هناك لم تؤد مهمتها بالصورة المطلوبة وإنها اكتفت بإرسال أطقم عسكرية إلى صبر لمدة أسبوع تقريباً ثم غادرت ولم تعد حتى الآن!!
أهالي القريتين المنكوبتين يستنجدون بالحكومة لإيقاف نزيف دمهم المهدور عبثاً ..ويبدو أن الحكومة كاللجنة الأمنية لا تكترث لحياة أولئك التعساء!!.
مسلح يُحوِّل أحد «الأعراس» إلى كارثة دامية حصيلتها
4 قتلى وجريح .. وذكرى بائسة!
رقصة الموت
آخر الشهر الفائت تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك” واليوتيوب مقطع فيديو من حفل فرح في مدينة تعز، كان حافلاً بالبهجة والأغاني والرقص ثم سريعاً تحول حفل الفرح إلى كارثة دامية، أحد الشباب كان يرقص ببندقيته تتدلى من كتفه إلى قدميه وفجأة اختلطت أهازيج الفرح بأصوات الفاجعة ..ووسط ساحة الرقص سقط خمسة شباب مضرحين بدمائهم أربعة منهم فارقوا الحياة هناك أمام أنظار أمهاتهم وعائلاتهم وأصدقائهم ..والخامس مصاب بجروح خطيرة قيل إن الشاب المسلح كان واقعاً تحت تأثير المخدرات ما جعله غير متحكم بسلاحه ..لكن لماذا سمح له الأهالي بالحضور وهو في حالته تلك؟.
حادث مثل هذا كنا نسمع عنه في محافظات مازالت القبيلة حاضرة فيها بقوة والسلاح أحد مستلزمات المظهر الرجولي لأبنائها،لكننا في السنوات الثلاث الأخيرة تعودنا على مثل هذا الحادث وصرنا معتادين على مشاهد المسلحين في كل أحياء المدينة النخبوية والشعبية!! حادث كهذا تسبب فيه سلاح حمل لمجرد التباهي والشعور بالقوة.. فضلاً عن ثقافة دخيلة على “تعز” وقد حدث في وقت تقول فيه قيادة المحافظة والأجهزة الأمنية فيها بأن حملة أمنية مازالت تمارس مهامها بوتيرة عالية ومسئولية!! حمل السلاح بين كثيرين من شباب تعز أصبح ظاهرة وأولئك الشباب استبدلوا الكتاب بالبندقية، وصاروا يتباهون ليس بكمية المعرفة لديهم وإنما بكميات الأعيرة النارية التي بحوزتهم وهم الآن لا يتنافسون في مجال العلم والتحصيل الدراسي بقدر تنافسهم بنوعية السلاح الذي يحملونه وقدرته على حمايتهم من أي مخاطر!!
إنهم مجرد ضحايا لثقافة دخيلة حولتهم من شباب قدوة إلى مجرد مسلحين يثيرون الرعب في مجتمع يبدو أنه استسلم للظاهرة الخطيرة وانتظر فقط أخبار الموت وصور القتلى “الضحايا” التي تملأ الجدران والمقايل والسيارات داخل هذه المدينة المتوشحة بالسواد!!
ضجيجها الإعلامي لم يمنع الجريمة أو يضبط الانفلات الأمني
لجان أمنية “فشنك”!!
هل ستكون اللجنة الأمنية قادرة على إخراج “تعز” من حالة الفوضى الأمنية المرعبة التي تعيشها منذ أكثر من عامين؟!
سؤال قلق تحركه مخاوف ناس تعز المشتعلة عند الإعلان عن بدء نزول اللجان الأمنية الميداني لمكافحة مظاهر التسلح وضبط حالة الانفلات الأمني.
تنصدم تلك الأسئلة والمخاوف بأداء اللجان الأمنية التي يصاحب نزولها ضجيج إعلامي يفوق جداً النتائج المرجوة من الحملة ..ثم يخفت الضجيج الملمع لتلك اللجان مع تنامي ظاهرة التسلح وتزايد الحوادث بسبب الانفلات الأمني والذي أسقط في بداية الأمر بسطاء المواطنين ثم تطاول ليؤذي شخصيات مسئولة واجتماعية محل تقدير ..إن التهاون في حماية حقوق البسطاء وتأمينهم من قبل الجهات المعنية جعل المجرمين سواء كانوا ضمن عصابات أو يعملون بشكل فردي يوسعون نطاق عربدتهم الإجرامية بحيث لا تستثني أحداً مهما علا شأنه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.