{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }النساء24 . أسيء فهم هذه الآية عند كثير من مفسري السنة وعند جميع مفسري الشيعة حين يرونها دليلاً على مشروعية زواج المتعة, وقد كتب النسفي في تفسيره للآية كلاماً جميلاً يوافق سياق الآيات ويوافق مقاصد الزواج في القرآن, كما كتب بشكل أدق وأوضح الشيخ عبدالكريم الخطيب في تفسيره والآية لا تدل على قولهم, وما يقوله بعض السنة بنسخها بخبر آحاد فإنهم يقعون في موقف ضعيف مع مفسري الشيعة, والحق الذي أراه أن المتعة لم تكن يوماً حلالاً ثم نسخت ولا يصح أن نعتمد على روايات مضطربة في ذلك , فالمتعة زنا ولا يصح أن يكون حلالاً يوماً ثم ينسخ , والآية تتكلم عن متاع الزوج الطبيعي المذكور في كل آيات القرآن وإليكم خلاصة ما يؤيد هذا المعنى مما ذكروه : 1 بدأت الآية بذكر الفئة المحرمة الأخيرة من النساء بعد تعداد المحرمات سابقاً. 2 ثم بعد ذلك حددت أنه بخلاف الفئات السابقة جميعها يمكن للرجل أن يبتغي بماله محصناً؛ أي أن يستخدم ماله في الزواج بحيث يكون هو محصن ومن سيتزوج بها ستكون محصنة. وعليه أن يتزوجها زواجاً تاماً ويحصنها ويحصن نفسه وهذا ما تشير إليه الآية «مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ». أي أن المال قد يساء استخدامه في السفاح، لذا فاحذروا من ذلك وأحصنوا ولا تسافحوا. 3 بما أن السياق جميعه يتحدث عن الزواج فإن قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ يشير إلى الزواج حكماً. فالضمير في به يعود على الزواج ولا يعود على النساء؛ فلم تقل الآية فما استمتعتم بهن أو فما تمتعتم بهن!! أي أن الزواج يجعلكم تتمتعون بحقوق وامتيازات يجب أن تؤدوها حقها؛ وأقل ما يمكن تأديته هو دفع مهورهن لهن ودفع نفقاتهن، سواء وفقاً لما اتفقتم عليه أو ما فوقه أو ما دونه إذا تراضيتم على ذلك. وقد جاء التذكير بالتمتع بهذه الحقوق والامتيازات للحض على تأدية الحقوق ولهذا كانت صيغة الآية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً أما الذين يختارون أن يستدلوا بأن هذه الآية تبيح زواج المتعة المزعوم فعليهم أن يعلموا أنهم يصطدمون بالسياق أولاً، ثم بصيغة الآية ثانياً «فما استمتعتم به منهن وليس فما تمتعتم بهن»، ثم بمفهوم الزواج الذي هو إحصان وعفة وصيانة لكل من الرجل والمرأة، ثم بآيات كثيرة في القرآن الكريم تنظم علاقة الأزواج وعلاقة أفراد الأسرة بعضهم ببعض وتدعو إلى علاقة سليمة كاملة تامة هدفها إنشاء السكينة والمودة والرحمة، حيث يقول تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «الروم 22» فزواج المتعة لا يورث السكينة ولا يصنع حياة ولا سكناً بين الرجل والمرأة ولا علاقة له بالمودة والرحمة. فليس في ذهن كل من الرجل والمرأة إذا قاما به تحقيق أي من هذه المقاصد التي أشار الله تعالى إليها وقدمها على أنها آيات عظيمة أنعم الله بها على الناس وهي تستحق التفكر والتدبر. فمعلوم أن كل ما يريده الرجل والمرأة المتمتعان هو أن يقضيا وطرهما.. وينبغي على القائلين بهذا الزواج المزعوم أن يتدبروا في هذه الصيغة المزعومة من الزواج التي ظنوها حكماً قرآنياً؛ فما الفارق بين زواج المتعة المزعوم وبين الزنا؟ فإن قالوا أن زواج المتعة هو إيجاب وقبول ومهر، وهذه هي أركان الزواج، قلنا إن الزنا أيضا هو قبول بين الرجل والمرأة أيضاً ودفع مبلغ من المال في كثير من الأحيان. فهل مجرد التلفظ ببضع كلمات وتسمية ما يدفع للمرأة بالمهر «مع أن القرآن الكريم يسمي المهر صداقاً وأجراً أيضاً» يحول الزنا إلى زواج متعة؟! وهل يصح أن نعتبر الزنا هو ما لا يدفع فيه الرجل للمرأة أجرها مثلا؟!