«الشباب عندما قاموا في الحادي عشر من فبراير عام 2011 بالنهوض والثورة لم يكن ذلك صدفة» ذلك ما قاله رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي عندما استقبل شباب الثورة من تعز أمس الأول. كذلك فإن إقرار شكل الدولة الجديدة وملامحها الاتحادية عشية الذكرى الثالثة لثورة فبراير واستقبال رئيس الجمهورية لممثلي ثوار تعز ممن فجروا الثورة لم يكن مصادفة أيضاً. فكلا الحدثين «إقرار الأقاليم واستقبال الرئيس لشباب الثورة» له دلالاته ومعانيه العميقة التي تؤكد توازي الفعل الثوري مع العمل السياسي صوب تحقيق أهداف الثورة والثوار. إقرار الأقاليم، ودلالات التوقيع على ذلك عشية الاحتفال بذكرى الثورة الثالثة تؤكد أن شكل اليمن بعد ثورة فبراير لن يكون كشكلها السابق، الذي شوهت ملامحه المركزية بروتينها البغيض وبيروقراطيتها العفنة طيلة أكثر من نصف قرن. فالدولة الاتحادية ستضمن ما خرج من أجله الشباب قبل أعوام ثلاثة، ستضمن العدالة في توزيع الثروة والسلطة، وستضمن المشاركة الفاعلة والأكيدة لجموع الجماهير في صنع القرار، وستضمن أيضاً عدم تسيّد فئة قليلة من الناس على مقدرات الوطن وثروته، كما ستضمن يسر المحاسبة والمساءلة. كما أن استقبال الرئيس لشباب الثورة في ذكراها الثالثة يحمل تأكيداً من فخامته أنه ماضٍ في تحقيق أهداف الشباب كاملةً، حيث اعتبر في حديثه مع ثوار تعز أن 11 فبراير هي البداية فقط، متعهداً بتحقيق أهداف الثورة واستكمال التغيير السلمي على أساس الإنصاف والحرية والعدالة والمساواة. ولعل رمزية اللقاء بشباب الثورة عند رئيس الجمهورية تفوق تصريحاته في التأكيد على أهداف سبق أن طرحتها الثورة السلمية منذ شرارتها الأولى ونادت بها طيلة سنواتها الماضية، حيث يرمز اللقاء إلى تجاوز مرحلة تاريخية عصفت باليمن وأرهقت كاهل الدولة ومثلت عبئاً ثقيلاً عليها ما زالت تجره إلى اليوم.. تلك العواصف التي شارك فيها كل قيادات الأحزاب والقوى السياسية التي عايشت المرحلة الماضية، ها قد آن الآوان لكي تترجل تلك القيادات وتسلم كياناتها السياسية لدماء جديدة، وصفها رئيس الجمهورية بأنها «تستحق تولي العملية»، باعتبار أن «لكل زمان دولة ورجال». الرئيس هادي مؤمن بقدرة الشباب على تسلم مقاليد الأمور في كل مجالات الحياة حتى السياسية منها، فكما شهدت اليمن فساداً كاد يودي بمشروع الدولة فيها. الأحزاب السياسية هي الأخرى تشهد فساداً وديمومة لقيادات لا بد من تجديد دمائها وإتاحة المجال للشباب الذي فجر ثورة فبراير وأعطى لكل مواطن أملاً بغدٍ جديد، وإلا فإن مصير تلك القوى والكيانات الحزبية إلى الزوال إن هي لم ترمّم هرم قياداتها. الذكرى الثالثة لفبراير تشهد إيحاءات عظيمة، فها هي تحل اليوم وقد أنجز اليمنيون أهم مكاسبهم التاريخية على الإطلاق، والمتمثلة في نجاح الحوار الوطني، الذي أصبح مثلاً يحسدنا عليه العالم، وأصبح نموذجاً تحذو حذونا فيه كثير من البلدان التي مزقتها الحروب والاقتتال. إن دلالات فبراير أكثر من كل ذلك.. حيث أثبتت الحشود المليونية التي اكتظت بها أمس ساحات وميادين وشوارع البلاد أن ثورة الشباب ما زالت كدمائهم.. هادرة متدفقة، ولم يكن خروج الملايين أمس مجرد احتفال بقدر ما كان موجة تجدد دماء الثورة وتؤكد لكل من يحلم بإعادة الحكم العائلي أو المذهبي بأن كل ذلك مجرد أضغاث أحلام، ما تلبث أن تتلاشى.. فاليمن الجمهورية محمية بشبابها، فكما حمى الشباب الجمهوري ثورة سبتمبر في فبراير 1968 خلال ملحمة حصار السبعين، هاهو الشباب الثوري يؤكد حمايته لليمن الجمهوري والموحد والخالي من الفساد في فبراير 2014م.