الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفايات خطرة مازالت تهدد حي الجراف في أمانة العاصمة..!
سكان يقولون: الجريمة بدأت قبل سنوات وتم التستر عليها.. واللجنة الفنية تُنهي تنفيذ معظم مهامها..
نشر في الجمهورية يوم 08 - 03 - 2014

هي كارثة صحية وبيئية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وبحسب عدد من سكان منطقة الجراف شمال العاصمة اليمنية صنعاء، فإن المبيدات التي تم اكتشافها مدفونة في إحدى الأراضي المسورة بمنطقتهم، ما زالت تفوح منها رائحة كريهة، ويطالبون بإجراء فحوصات طبية دقيقة وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم من هذه الجريمة الأولى من نوعها في العاصمة...لاحتواء الكارثة
في ال 16 من شهر نوفمبر 2013م عثرت السلطات الرسمية على كمية كبيرة من المبيدات السامة وشديدة الخطورة مدفونة في حوش أرضية في منطقة عرهب بحي الجراف شمال العاصمة صنعاء، بعد يوم واحد من إبلاغ السكان لقسم الشرطة الذي لا يبعد عن الموقع سوى أقل من 100 متر، بعد انبعاث الروائح الكريهة منها. وأنهت لجنة فنية مكونة من وزارتي الزراعة والمياه والبيئة وأمانة العاصمة (شكلت لاحتواء الوضع الكارثي والتعامل مع المبيدات المدفونة تمهيدا للتخلص منها وفقا للإجراءات والمعايير الدولية المعتمدة)، تنفيذ معظم مهام المرحلة الرابعة التي تضمنت عملية الحفر وإزالة المبيدات المدفونة والتربة الملوثة من الموقع...
الروائح الكريهة ما زالت
وقال أحمد العصيمي، وهو أحد السكان المجاورين للأرضية التي دفنت فيها المبيدات ل«الجمهورية»: “قبل وصول وزارة الزراعة والجهات المختصة إلى الموقع، كنا لا نستطيع الخروج إلى الشارع بسبب رائحة السم القوية، نغلق النوافذ والأبواب ونجلس داخل البيت، رائحة سم سم تدي الزكام والصدر يأثر عليك وعلى الأطفال والنساء الحوامل... لأنه سم معروف ومبيدات بكمية كبيرة، والأضرار كبيرة وعتكون في المدى البعيد مش المدى القريب...”.
وقال العصيمي، الذي لا يبعد منزله عن موقع الجريمة سوى عدة امتار، إن الروائح الكريهة ما زالت قائمة حتى اليوم لكنها أقل من السابق، يضيف: “نطالب المحكمة أنهم يعوضوا الناس على المدى البعيد لأن السم هذا هو يؤثر في المدى البعيد يعني بعد فترة على الأطفال والنساء والرجال...”.
بدروم!!
وقال راجح سليمان، هو الآخر أحد سكان الجراف القريبين من الأرضية: “القضية واضحة مش هي قضية مغطية، في صلاة الفجر ما تقدرش تمشي من وسط الحارة من الرائحة التي قامت... كان الناس يعتقدون أن الرائحة بسبب انفجار أسطوانة غاز والجميع يروح يتأكد في بيته، وكان عندي شك أنها رائحة سم، وهو الذي اتضح في الأخير...”.
وأضاف راجح سليمان: “منذ عدة سنوات كان بيجوا يكبسوا وعندما كان يجي الذي يكبس (يقصد داخل حوش الأرضية المسورة)، نسأله ما هو قال نحفر عشان نفعل دور نازل (بدروم)، وهو يبرح على أساس أنه يردموه (يدفن مبيدات منتهية الصلاحية)، وسنة بعد سنة، له حوالي 7 أو 8 سنوات على ما سمعنا...”.
وتعد هذه الجريمة الخطيرة (دفن المبيدات) الأولى من نوعها في العاصمة صنعاء، وبدأت قبل حوالي سنتين وتم التستر عليها، غير أنها كُشفت في نوفمبر الماضي نتيجة انتشار الروائح وتبليغ أبناء الحي أجهزة الشرطة عنها، والحديث هنا للشاب عبدالرحمن الكندي، أحد سكان المنطقة: “سمعنا أنه قبل حوالي سنتين تقريباً رآهم واحد قبل ما يدفنوا المبيدات (يقصد المتهمين بالقضية) وبلغ الشرطة، وقام أحد ضباط الشرطة بالبحث في القضية ومدري بعد ذلك ما عمل وجلس سنتين وطلع الشم من جديد... قبل أسبوعين كان الشم موجود”.
عبدالرحمن الكندي: “نحن نطالب بإجراء فحوصات للأهالي الساكنين بجوار الأرضية لأنه كثير منهم متضررون، مطالبنا انهم يؤخروا السم (إخراج المبيدات من الموقع)، والتحقيق مع الضابط الأول ليش سمح لهم بوضع السم هانا...”.
تواطؤ
من جانبه، قال المواطن راجح سليمان، إن السلطات الرسمية عند إبلاغها بالقضية لم تباشر إجراءاتها الأولية بالسرعة المطلوبة، “جت وزارة الزراعة لا هانا... المهم حصلت قليل من المتاهات والمجاملات المجاملات على حساب المواطن المسكين اللي مجاور له (للأرضية)، لا عد استطاع أنه يخرج ولا يدخل...”.
وتابع: “مطالبنا أن يعوضوا المواطنين بما يحصل عندهم، لو حصل أي حاجة يصبح المسئول والمخاطب هو صاحب الأرض نفسه، لأنه جاء وشل الأرض على أساس أنه تلوح له الفرصة يدخل في أي وقت محد يقوله ما معك، طرح له حارس هنيك، مسكين الحارس ذلحين بالحبس لا في بطنه ولا في ظهره... ذلحين عبوا لنا التراب بأكياس ما نفعل به، التراب موجود الآن بالأرضية نفسها لو حصل مطر السيول عتنزل لا داخل الحفرة، ولو نزلت الحفرة خلاص راحت على الأبيار (الآبار) وأصبحنا ضحية “.
ويؤكد راجح سليمان، أن المشكلة ما زالت قائمة (يقصد الروائح الكريهة بين الحين والآخر)، “ها هي الرائحة تعود من جديد، أنت تشمها الآن...” ويشير إلى داخل الأرضية أثناء مرافقته لي لمشاهدتها من أعلى تبة بجوارها.
جهات وتجار نافذون
وقال مسؤولون في وزارة الزراعة والري في وقت سابق إن جهات نافذة تقف وراء المبيدات السامة التي عثر عليها مدفونة بمنطقة الجراف بصنعاء، وإن الجهات ذاتها تعمل على عرقلة سير التحقيقات التي تجريها النيابة في القضية.
وفي وقت سابق نقلت صحيفة “الوحدة” الحكومية عن مسئول في وزارة الزراعة قوله إن هذه المبيدات، وهي من الأنواع المحظورة دولياً وذات السمية العالية تحمل مخاطر عظمى على البيئة والمياه الجوفية خاصة وأنها “سائلة”، ولم تدخل البلاد بطريقة قانونية، وعبر المسئول عن أسفه الشديد ل “عدم محاكمة أي من المهربين الكبار رغم ما اقترفوه من جرم في حق البيئة والإنسان اليمني”. وأضاف: “حقيقة هناك من التجار من يمتلكون النفوذ ولا يستطيع أحد أن يكلمهم أو يطالهم القضاء”.
تشكل تهديداً للصحة والبيئة
إلى ذلك قال رئيس اللجنة الفنية للتخلص من المبيدات المدفونة في منطقة الجراف بصنعاء، المهندس علي الذبحاني، ل”الجمهورية” إن حجم هذه الكارثة كبير جداً ويشكل تهديداً للصحة والبيئة، يضيف “لأنها دفنت بشكل بشع وعشوائي، الدفن العشوائي لنفايات خطرة يؤدي إلى تلوث مياه سطحية ومياه جوفية وتلوث التربة...”.
وأكد المهندس الذبحاني، وهو أيضاً مدير عام السلامة الكيميائية والنفايات الخطرة بالهيئة العامة لحماية البيئة، وجود تلوث كبير وغير عادي بسبب هذه الجريمة، بالإضافة إلى الأضرار الصحية التي لحقت بسكان تلك المنطقة كأمر طبيعي جداً نتيجة الروائح التي تصاعدت من المبيدات.
وتابع: “نحن أبلغنا النيابة أن الأهالي الساكنين في المنطقة، خاصة المحيطين بقطعة الأرض التي دفنت فيها هذه المبيدات الخطرة، يجب أن تجرى لهم فحوصات طبية في أحد المستشفيات المتخصصة جداً داخل اليمن... ومن ثبت أنه مصاب يُعالج ويعوض التعويض العادل بحسب قانون حماية البيئة رقم 26 لسنة 1995م، الذي حدد في مادته رقم 53 أنه يمنع منعاً باتاً دفن أي نفايات خطرة أو سامة في الأراضي اليمنية، والمادة 79 من القانون نفسه التي نصت على التعويضات وإزالة الضرر من السكان والبيئة وتعويض الأشخاص المتضررين...”.
طنان مبيدات
وقال، المهندس علي الذبحاني، إن اللجنة الفنية نفذت أربع مراحل موكلة إليها للتخلص من المبيدات السامة التي عثر عليها مدفونة، وتقدر كميتها ب 2 طن، تشمل 13 نوعاً من المبيدات، ثلثان منها من الأنواع الممنوعة والمحظورة من بينها نوعان ممنوع ومقيد، بينما الثلث الأخير مبيدات مسموح تداولها في اليمن لكنها منتهية الصلاحية بعضها منذ عام 2006م وبعضها من 2009م.
وأشار إلى أنه تم تجميع المبيدات وفرزها فرزاً دقيقاً (كل نوع على حدة)، ووضعت في حاوية خاصة، ومن ثم سلمت وحرزت من قبل النيابة العامة.
وأضاف المهندس الذبحاني: “في مختلف المراحل استخدمنا الحفر اليدوي والحفر بالبوكلين (الشيول)، واتضح أن المساحة السطحية التي توجد فيها المبيدات داخل الأرضية هي «8 متر × 5 متر»، في البداية أزلنا كامل المبيدات من هذه المساحة بعمق مترين، عمقنا الحفر حتى وصلنا إلى 3 أمتار ونصف ولا حظنا أن التربة ما زالت ملوثة بشدة، السبب هو تسرب المبيدات من علب البلاستيك نتيجة الضغط، واصلنا الحفر حتى وصلنا إلى عمق 5 متر، وما عد قدرناش نكمل لسبب أنه بدأ يطلع معانا الصخور والسيالة... وكما هو الحال في مختلف المراحل أخذنا عينات من التربة عند عمق 5 متر وأجرينا لها تحاليل كيميائية في مختبر الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس واتضح أنها ملوثة...”.
نفايات خطرة
وقال المهندس علي الذبحاني، إن اللجنة جمعت كميات كبيرة من التربة شديدة التلوث (مشبعة بالمبيدات) في أكياس بلاستيكية سوداء محكمة الإغلاق وتم وضعها في حاوية سميت الحاوية رقم 2، وأن ما تم تخزينه حتى الآن بحدود 40 طناً، يضيف: “بقي معنا جزء من التربة الملوثة الشديدة وجزء من التربة متوسطة إلى خفيفة التلوث، يفترض أن تُخزن، الآن هي معبأة في أكياس بلاستيكية ضمن شوالات مربوطة بإحكام، سنجمعها كلها في حاوية...”. وتابع الذبحاني: “حالياً هي خرجت من مسألة المبيدات لأنها انتهت صلاحيتها، وبحسب اتفاقية بازل الدولية التي تعنى بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، واليمن موقعة عليها، تقول إن هذه نفايات خطرة منشؤها مبيدات... الآن نتعامل معها كنفايات خطرة...”.
مليونا يورو الكلفة الإجمالية
وقدر رئيس اللجنة الفنية المهندس علي الذبحاني، بأن تصل الكمية الإجمالية للمبيدات مع التربة الملوثة التي تم تجميعها من الموقع (نفايات خطرة) إلى قرابة 200 طن.
وقال الذبحاني إن هذه الكمية سيتم تصديرها إلى خارج البلاد للتخلص النهائي منها وفقاً للإجراءات والمعايير الدولية المعتمدة، عبر التعاقد مع شركة خاصة، مؤكدا أن هذه المرحلة مكلفة جداً وأن بعض الشركات طرحت بحسب الكمية 2000 يورو للطن الواحد تخلصاً نهائياً، شاملة عملية النقل والتغليف والشحن...ما يعني أن التكلفة الإجمالية لمرحلة التخلص النهائي قد تصل إلى 400 ألف يورو، ما يعادل 118.000.000 ريال يمني.
وفوق ذلك يقول مختصون إن تكلفة إجراء تحاليل طبية للمواطنين الساكنين في المنطقة (حيث دفنت المبيدات) وبعض التكاليف الأخرى قد تصل إلى ضعفي المبلغ السابق (أي 800 ألف يورو)، وأن مرحلة إعادة تأهيل الموقع إلى ما كان عليه قبل دفن المبيدات ستكلف أيضاً ما يقارب ال 800 ألف يورو...أي أن الكُلفة الإجمالية لهذه الجريمة لا تقل عن 2 مليون يورو (ما يعادل 590.000.000) ريال يمني.
مأساة الروائح الكريهة
وأكد مدير عام السلامة الكيميائية والنفايات الخطرة بالهيئة العامة لحماية البيئة، المهندس علي الذبحاني، أن اللجنة الفنية عالجت إشكالية الروائح الكريهة الناتجة عن المبيدات والتربة المجمعة، تحديداً التربة شديدة التلوث، وذلك بإضافة مادة تعمل على امتصاص الروائح منها، وكانت النتائج إيجابية جداً، لافتاً إلى أنهم عالجوا أيضاً بؤرة الحفرة التي خزنت فيها المبيدات والتي تبلغ مساحتها ثمانية في خمسة أمتار سطحي وعمق خمسة أمتار، وأن الأهالي منعوا اللجنة من عملية ردمها (الحفرة) دون قرار من المحكمة...
وعلى الرغم من ذلك، فإن المهندس الذبحاني أقر بأن المادة التي استخدمت لامتصاص الروائح لن تدوم طويلاً ولها فترة معينة ستنتهي بتشبعها، الأمر الذي يعني أن مأساة الروائح الكريهة ستعود للسكان من جديد.
وأوضح الذبحاني أن نقل هذه المواد(نفايات) إلى مكان آخر من شأنه إحداث تلوث بيئي كبير، وأن الحل الأمثل بقاؤها في مكانها ضمن حاويات والتخفيف من الرائحة شريطة أن لا تطول هذه العملية، والبدء بإجراءات المرحلة الأخيرة (التخلص النهائي) في أسرع وقت ممكن..
تفاقم تهريب المبيدات
لليمن تاريخ طويل ومستمر مع التهريب بشكل عام، لكن تهريب المبيدات على وجه الخصوص تفاقم بشكل جنوني في السنوات الأخيرة، وتعد هذه القضية من القضايا الهامة والحساسة خصوصاً وأن خطورة المبيدات تهدد الحياة البيئية والصحية وينجم عنها كوارث وأمراض خطيرة.
يقول مسئول تسجيل المبيدات في الإدارة العامة لوقاية النبات بوزارة الزراعة والري، علي محمد محرز: “مشكلة كبيرة طبعاً المبيدات المهربة عندنا، نتوقع أن كميات المبيدات التي تستهلك سنوياً 3500 طن، هذا استهلاكنا المحلي. نجي نشوف الذي منحنا بها تصاريح رسمية خلال العام 2012م وصلت إلى 600 طن فقط، والباقي حوالي 2900 طن تدخل مهربة...”.
وبحسب تقرير رسمي صادر عن وزارة الزراعة والري فإن إجمالي ما تم ضبطه من المبيدات المخالفة والمهربة خلال الفترة مارس 2012م وحتى مارس 2013م بلغ «61.22» كجم/ لتر، وتوقع التقرير ارتفاع الكمية إلى أضعاف مضاعفة في حال تم إجراء مسح دقيق للمبيدات المهربة.
وبالتالي فإن نسبة كبيرة من المبيدات المتداولة في الأسواق المحلية (أكثر من 80 بالمائة) هي مبيدات مهربة ومزورة ومجهولة المصدر ومحظور استخدامها دولياً.. ووفقاً للمسئول الحكومي علي محرز، فإن من بين الأنواع المهربة مبيدات مسرطنة (تسبب أمراض السرطان)، مشيراً إلى أن 70 بالمائة من إجمالي المبيدات المتداولة في الأسواق تستخدم لرش أشجار القات.
وقال علي محرز إن معظم المبيدات المهربة تدخل إلى اليمن عن طريق المخا (الشريط الساحلي الغربي وخاصة الذيل الممتد بين منطقتي المخا ورأس العارة)، قادمة من دول الجوار بدءا بجيبوتي بدرجة رئيسية والسعودية ودبي ومناطق كثيرة، يضيف “سواحلنا كبيرة تمتد إلى ما يتجاوز 2000 كيلو متر، ولذلك ما قدرناش نحكم الحدود... جهات كثيرة تتحمل مسئولية توارد المبيدات بهذا الشكل المخيف، الزراعة ما تقدرش تضبط التهريب، التهريب يضبط من الداخلية وخفر السواحل والقضاء والزراعة جهات كثيرة لازم تنسق وتتخذ إجراءات من شأنها الحد من عملية تهريب المبيدات...”.
مشكلة استخدام
والمبيدات الزراعية هي مركبات كيميائية مختلطة بمواد حيوية تساعد على وقاية النباتات من الآفات الزراعية وتزيد من مقاومة النبات وتسرع في نموه، وتستخدمها جميع دول العالم، وفقاً لضوابط وقوانين محددة، على عكس ما هو قائم في اليمن..
وبحسب خبير متخصص في الزراعة - أفضل عدم ذكر اسمه- فإن مشكلة المبيدات في اليمن ضخمت أكثر من حجمها، يضيف: “بدأت هذه المشكلة عام 2007م عندما أصدرت وزارة الزراعة لائحة خاصة بالمبيدات المسموحة والممنوعة (رغم أنها متعارف ومصادق عليها دولياً)، وبموجبه تم حظر عدد من المبيدات التي كان مسموحا بتداولها والبلد بحاجة لها، وهذا ما أدى إلى التهريب، وإذا ما تمت مراجعة القوائم الممنوعة فسنجد أن عدد منها غير ممنوعة عالمياً ومتداولة في معظم دول الجوار، ما يعني أننا غير قادرين على منع دخولها.. فلماذا لا نسمح لها بالدخول بطرق شرعية ونراقبها!؟ خصوصاً وأنها حالياً تدخل بطرق غير شرعية، ونجهل مدى مأمونيتها وصلاحيتها من عدمه”.. وتابع: “المبيدات مشكلتها هي مشكلة استخدام فقط، مثلها مثل الأدوية، وبالتالي وزارة الزراعة معنية بإرشاد المزارعين بالاستخدام السليم للمبيدات”.. بدوره يقول المهندس علي الذبحاني:” تهريب المبيدات المحظورة أو المقيدة جريمة بحد ذاتها، لكن الإشكالية أن معظم المبيدات المهربة إلى اليمن هو المسموح باستيرادها، ما يعني أن هناك خللاً ما، وتقريباً هذا الأمر ناتج عن ارتفاع التكلفة الجمركية لهذه المبيدات، الجمارك ارتفعت بشكل كبير...”.
السرطان والقلب وتسمم الدم
ومهما يكن من أمر فهناك مخاطر صحية كبيرة تخلفها المبيدات، بحسب رئيس الجمعية اليمنية للسلامة الحيوية، الدكتور خالد الشيباني: “متبقيات المبيدات تسبب أضرار للصحة العامة، فدخول كميات كبيرة منها إلى جسم الإنسان سواء عبر الجلد، أو الجهاز الهضمي أو التنفسي، وينتج عنها تأثيرات حادة مصاحبة تظهر في صورة قيء وإسهال وتشنجات. تأثيرات تراكمية مزمنة، حيث تتراكم التراكيز الصغيرة تدريجياً في الجسد خصوصاً في أنسجة الكبد مما يحدث خللاً في وظائف الكبد”.
وفوق ذلك يقول الدكتور خالد الشيباني، إن “زيادة متبقيات الأسمدة والمخصبات الزراعية، مثل النترات، والفوسفور، والبوتاسيوم: وهي مركبات كيماوية ثابتة تلوث المياه وخاصة المياه الجوفية، أمر غير مقبول ممكن يسبب آثار صحية ضارة وتمثل خطراً على الصحة العامة وذلك عن طريق: مياه الشرب، الأغذية النباتية والأطعمة المجهزة وكثير من المشروبات”.
ويؤكد الدكتور الشيباني، إن المبيدات الكيماوية تسبب الكثير من الأمراض أبرزها: السرطان، العقم، القلب، تسمم الدم... وغيرها، ويمكن أن يفسر هذا الرأي، جانباً من مصادر الإصابة بالأمراض المستعصية وفي المقدمة السرطانات التي يبلغ ضحاياها سنوياً حوالي 22 ألف شخص.
رؤية مشتركة
من جهته قال مدير عام السلامة الكيميائية والنفايات الخطرة بالهيئة العامة لحماية البيئة، المهندس علي الذبحاني، إن معظم اليمنيين المصابين بأمراض خطيرة ومزمنة بما فيهم أولئك الذين يذهبون للعلاج في الخارج هم ضحايا المبيدات، وأن هذه الحالات غير واضحة لعدم توفر مراكز طبية متخصصة، ومراكز أبحاث حقيقية لدراسة الأثر المتبقي للمبيدات في الإنسان أولاً، ثم في المياه والمنتجات الزراعية (المحاصيل) والتربة.
وانتقد الخبير البيئي، وزارة الزراعة والري لعدم اهتمامها بقياسات الأثر المتبقي في المحاصيل الزراعية والمياه والتربة، وعدم إصدار تقارير(أسبوعية، شهرية، سنوية) حول هذا الجانب.
وقال علي الذبحاني: “المبيدات تستخدم وبشكل كبير جداً في اليمن، ومن الصعب القول بمنع استخدامها، والمطلوب تنظيم هذه العملية وتقنينها بشكل سليم، يجب أن تجتمع كل الأطراف المعنية وتدرس القضية من مختلف النواحي للخروج برؤية مشتركة وواضحة تحقق الفائدة للجميع، أما ترك الأمر على ما هو عليه بشكل عشوائي غير صحيح ...”.
نتائج مشجعة على المدى القصير
عندما تعلل المسؤولون في وزارة الزراعة والري بالإمكانيات كسبب لهذا التدهور في سوق تجارة واستخدام المبيدات، قال لي أحد الشباب ممازحاً: “إن تطبيق معايير رقابة وتنظيم على محلات بيع المبيدات(يتجاوز عددها 650 محلاً في مختلف محافظات الجمهورية)، وإرشاد المزارعين بالاستخدام السليم للمبيدات، تحتاج إلى مؤتمر مانحين مستقل لهذه المهمة”.
في المثل العربي يقال: “درهم وقاية خير من قنطار علاج”، ولا يريد اليمنيون سوى وقايتهم من إصابة مؤكدة بالمرض.. وعلى المدى القصير يمكن أن تظهر نتائج مشجعة لناحية انخفاض فاتورة علاج اليمنيين في الخارج البالغة 900 مليون دولار سنوياً.
«الزراعة» تطالب بإلزام المتهمين تحمل نفقات تجميع المبيدات والتربة الملوثة ونقلها إلى الخارج
غداً الأحد.. مواصلة جلسة المحاكمة الثانية في قضية مبيدات الجراف بصنعاء
من المقرر أن تواصل محكمة الأموال العامة بأمانة العاصمة يوم الأحد القادم جلسة المحاكمة الثانية في قضية المبيدات الزراعية المدفونة في حي الجراف بصنعاء.
وتطالب وزارة الزراعة والري بضرورة أن يتضمن الحكم القضائي في هذه القضية إلزام المتهمين تحمل كافة نفقات إخراج وتجميع تلك المبيدات والتربة الملوثة ونقلها إلى خارج البلاد لإتلافها في المحارق العالمية وتحت إشراف لجنة فنية متخصصة، وإلزام التاجر المستورد تسديد كلفة المحاليل الخاصة بفحص المواطنين الساكنين في المنطقة...
كما تطالب بسرعة البت في القضايا المتعلقة بالمبيدات والمهربين كونها من المخاطر التي تهدد صحة وسلامة المواطنين وتأثيرها خطير على حياة الجميع وبحسب مختصين فإن الكُلفة الإجمالية لهذه الجريمة (دفن المبيدات في منطقة الجراف بصنعاء) لا تقل عن 2 مليون يورو (ما يعادل 590.000.000) ريال يمني.
وكانت محكمة الأموال العامة بأمانة العاصمة أقرت في جلستها الأولى في ال 24 من فبراير الماضي إغلاق مؤسسة “دغسان للمبيدات الزراعية”، على خلفية هذه القضية.
وأعلنت المحكمة المتهم الرابع محمد حسن على أحمد الشهاب (حارس الأرضية التي دفنت فيها المبيدات) وكذا المتهم الأول صالح أحمد دغسان (صاحب مؤسسة دغسان للمبيدات الزراعية (فار من وجه العدالة) والثاني عبدالعظيم أحمد دغسان (فار من وجه العدالة) والثالث على أحمد دغسان (مدير مركز الخير للتجارة والخدمات الزراعية ) (فار من وجه العدالة)، لحضور الجلسة القادمة، وإغلاق المؤسسة التابعة لهم. بحسب وكالة “سبأ” الحكومية.
وتضمن قرار الاتهام قيام المتهمين الأول والثاني والثالث بتهريب مبيدات ممنوع دخولها إلى الأراضي اليمنية بدون إذن من الجهات المختصة، وبعد انتهاء صلاحيتها قاموا بتصريفها وذلك بدفنها في حوش الأرضية الكائن في منطقة عرهب بحي الجراف واحدثوا أضراراً في التربة.
كما تضمن القرار قيام المتهم الرابع بالاشتراك مع المتهمين الأول والثاني والثالث في ارتكاب الواقعة بأن قدم مساعدة معاصرة في ارتكاب الجريمة وذلك بدفن المبيدات في الحوش وحراستها والحفر مرة ثانية لإخراجها تمهيدا لنقلها إلى مكان آخر، وكذا اعتراف المتهم الرابع أنه بأمر من صاحب الأرضية وهو المتهم الثاني بالحفر وإخراجها لنقلها إلى مقلب الأزرقين، والذي قدم وصفاً عن عبوات المبيدات، وأنه لم يتمكن من إكمال المهمة نظراً لانتشار الروائح وتبليغ أبناء الحي عن الواقعة وضبط أجهزة الأمن له.
وكلفت المحكمة وزارة الزراعة بحظر منح المتهمين أي تراخيص استيراد مستقبلاً وإيقاف التراخيص الحالية، وتكليف النيابة بنقل المواد محل الدعوى إلى مكان آمن بعيداً عن المواطنين، وتمكين أطراف الدعوى صورة من ملف القضية للاطلاع وتقديم ما يلزم إلى الجلسة القادمة المقررة في العاشر من مارس الجاري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.