صانع بصمتنا لهذا اليوم هو عبدالرزاق سند، من مواليد 1966م متزوّج وأب ل 3 ذكور و4 إناث، دكتوراه في العلوم الإدارية للمناقشة، حاصل على دبلوم المدرّبين من عدّة جهات عالمية، حاصل على دبلوم في القضايا الاجتماعية من الكويت، رئيس المنظمة اليمنية لمدرّبي التنمية البشرية، مدير مركز التواصل للتنمية الإنسانية «رشد» ورئيس مؤسسة إبداع للتنمية وتمكين الشباب، وعضو مؤسس كرسي النور الدولي مقرّه الكويت، وممثّل الأكاديمية العالمية لإعادة الاتزان البشري لندن، ومدير مالي معتمد من IPM وزمالة جامعة ميزوري الأمريكية.. يتحدّث عن البدايات الأولى له مع التدريب فيقول: بدايتي لم تكن محض الصدفة ولكنها كانت رغبة قديمة؛ حيث كنت أقدّم محاضرات أمارس فيها أساليب تدريبية متنوّعة، فنحن في اليمن وإن كان الموضوع مطروحاً إلا أنه لم يكن بنفس الأهمية، وبعد التخرُّج من دراستي الجامعية التحقت بدورات تدريبية تأهيلية مطولة في تدريب مدرّبين قدمها مجموعة من خبراء التدريب العالميون لمدة عامين تم فيها تأهيلي لإعداد وتنفيذ البرامج التدريبية، ثم قدّمت عدة دورات تدريبية وجاءتني الفرصة لأسافر إلى الكويت ممثّلاً عن اليمن للدراسة في القضايا الاجتماعية والأسرية، وقد قدّم الدراسة ما يقارب 24 خبير تدريب دولي متخصّص في القضايا الاجتماعية، وهناك شاركت في تأسيس كرسي النور الدولي وأصبحت عضواً مؤسساً فيه، ولا أنسي أن أول استفادتي في عالم التدريب كانت من مشروع البناء الذاتي والذي شاركت فيه اليمن وهولندا وسوق الدول الأوروبية المشتركة والحكومة الأمريكية؛ حيث قدّمت بعض الدورات التدريبية نلت منها فائدة كبيرة، وأكثر المدربين تأثّرت بهم الدكتور علي الحمادي - الأمارات، وكذلك الدكتور طارق السويدان - الكويت، والدكتور إبراهيم الخليفي - الكويت، والدكتور محمد الثويني - الكويت، والدكتور جاسم المطوّع - الكويت، والدكتورة هبة قطب - مصر. وكان سبب توجهه إلى التدريب حسب قوله: إيماناً مني بأهمية التدريب في تطوير الأفراد والمؤسسات والمنظمات ومواكبتها لما يحدث في العالم؛ اتجهت إلى التدريب كي أسهم في تنمية نفسي والإسهام في التنمية الشاملة لبلادي، وكذلك امتلاكي رؤية واضحة للمستقبل في عالم التدريب. ولذلك فالتدريب يعني له الحياة فيقول: إنه باختصار العالم الذي أحيا به، ومن خلاله أقدّم ما أتصوّره من نفع يعود إلى الناس بالخير والفائدة، وعندما أتحدّث عن التدريب؛ فهو عالمي الذي أسعى فيه وأبذل كل جهدي حتى أحقّق فيه كل ما أحلم ومن خلاله أقدّم كل ما أستطيع لخدمة وطني. وعن رأيه في موضوع التخصُّص في التنمية البشرية «مجال واحد» أم يفضّل أن يكون مدرّباً متعدد المجالات يقول: في البداية يجب أن نعرف ماذا يعني التخصص في التنمية البشرية؛ فهناك تدريب إداري وقيادي إداري وذاتي «مهارات حياتية» وهناك تدريب التسويق والمبيعات، وهناك تدريب مهني وفني، فإذا ما تخصّّص المدرّب في أحد أنواع التدريب فهو أمر حسن؛ لأنه يساعد الإنسان على الإبداع والابتكار، وقد يقدّم المدرّب دورات في مجالين مختلفين ولكن لابد أن يكونا غير متناقضين. وعن مواصفات المدرّب الناجح من وجهة نظره يقول: الموضوع هنا طويل ولا يتسع المجال لذكرها؛ ولكن سأذكر بعض الصفات، فالمدرّب الناجح يتمتع بعدد من الكفاءات المعرفية والمهارية والسلوكية، ويمكن الإشارة إلى بعضها؛ فهو يعرف الدور الأساسي للمدرّب، ويعرف الأسس المادية لعملية الاتصال، ويعرف خصائص المتدرّبين الثقافية، وينوّع مصادر معلوماته ويدرك خصائص تعليم الكبار، ويفهم دوافع المتدرّبين ويفهم اللغة غير اللفظية ويستمع إلى المتدرّبين وينظم الفريق في مجموعات عمل وينظم الوقت ويحدّد أهداف التدريب ويحدّد احتياجات المتدرّبين ويوزّع مهام العمل على المتدرّبين ويخطّط لإشراك المتدرّبين ويعمل مع المتدرّبين لا من أجلهم ويحاور ويفاوض ولا يضع المتدرّبين في مواقف دفاعية ولا يحتكر الحديث. وعن أسباب انتشار معاهد ومراكز التدريب في اليمن "معاهد ومراكز تدريب التنمية البشرية" يقول: هذا الانتشار أمر إيجابي؛ لأن المنافسة تخلق نوعاً من الجودة؛ ولأن الكم يولّد الكيف في حالة التزام الجميع بضوابط ومعايير أخلاقيات التدريب، وإذا لم تلتزم بتلك الضوابط والمعايير فإنه ستحدث فجوة واسعة بين هذه المؤسسات والأهداف التي من المفترض أن تحقّقها في الارتقاء بالكوادر البشرية في مختلف المجالات وتنمية القدرات والمهارات التي تساعد كافة الشرائح التي تستهدفها هذه المراكز وتجعلها شرائح اجتماعية فاعلة تسهم في خلق مجتمع منتج في كافة مجالات الحياة، هذه العملية تحوّلت إلى مصدر للاسترزاق في بعض المراكز على حساب المواطن في ظل غياب الجهات الرقابية المنظمة لهذه المؤسسات والمراكز والمعاهد التدريبية والتأهيلية، وهناك إشكاليات عديدة في هذا الجانب تعتبر أحد أهم أسباب هذه الفوضى وتتركّز في عشوائية إصدار التراخيص وتعدُّد الجهات التي تمنح هذه التراخيص؛ وهو ما يؤدّي إلى انتشار تعليم وتدريب وتأهيل تجاري كمّي غير نوعي. وعن كثرة انتشار وصف “المدرّب الدولي” بين المدرّبين وخاصة الجدد يقول: إن توصيفات المدرّب يمنحه إياها المتدرّبون، وليس هو من يطلق على نفسه الألقاب وتخضع هذه التوصيفات لعملية التقويم والمتابعة للمدرّب من خلال أدائه في الدورات التي يعقدها، والمدرّب هو من يستطيع أن يتلمّس احتياجات الأفراد ويصقل ويغيّر قدرات ومهارات المتدرّبين، عادة الألقاب التي تُمنح للمدربين يجب أن تحكمها معايير محدّدة واليوم نعيش في عصر انهزام البديهية والجودة، ومعضلة الفوضى في التدريب”، ونحن في المنظمة اليمنية لمدرّبي التنمية البشرية نسعى إلى تحديد معايير لتوصيفات المدرّبين وفي الوقت نفسه نراقب ونقيّم المدرّبين، والمدرّب هو الشخص القادر على تصور كامل للبرنامج التدريبي الذي سيقدّمه، وأن يكون حاصلاً على دورة تدريب مدرّبين، وممارساً لتخصصه، ولن نبدأ من الصفر؛ فهناك بلدان سبقتنا في وضع معايير لتوصيف ومنح الألقاب للمدرّبين، وهناك تصنيفات دولية معطاة، وليس هناك صعوبة في منح الألقاب؛ لأن هناك معايير جودة، وهذا يحتاج إلى سلطة محلية لتطبيق ما وضع، وأن سنوات الخبرة الطويلة نسبيّاً والممارسة العملية للمدرّب المتخصص في مجال معين هما اللتان تحددان المدرّب المخوّل بالتدريب، وهناك أشخاص يطلقون على أنفسهم لقب «المدرّب الدولي» لمجرد أنهم حصلوا على دورة إعداد مدرّبين وهؤلاء نصنّفهم ب«اليافعين» في التدريب وهناك معايير وضوابط وضعت من قبل خبراء في التدريب، ولكن ليس لها أساس أكاديمي ملزم ولكن الأقرب من وجهة نظري أن يكون مرّ عليه أكثر من عشر سنوات في عالم التدريب وقد درّب أكثر من خمسين شركة معروفة وتخرّج على يديه مدرّبون متمكنون يمارسون مهنة التدريب بصورة فعالة. وعن التطوّع في حياته يقول: في البداية يجب أن نعلم أن العمل التطوعي له في التدريب مكانة واسعة، فالتدريب نستطيع من خلاله أن نقدّم العمل التطوعي في أرقى صورة، ولقد قدّمت الكثير من الدورات التدريبية التطوّعية في المجال الإداري والمجال الاجتماعي والأسري لعدة جمعيات ومنظمات عديدة؛ وليعذرني القراء لعدم ذكر الأسماء والأرقام. وعن بصمته في الحياة التي يفتخر بها أنه قدّم من خلالها خدمة للمجتمع يقول: تخرّج على يدي أكثر من 1000 مدرّب في برنامج تدريب المدرّبين من اليمن – السعودية – سوريا – جيبوتي – العراق – مصر، ومنهم من امتلك القدرة على التدريب في بلده وقام بتأسيس مركز تدريبي يمارس فيه التدريب، وفي السوق يوجد كتابي «صناعة المدرّب المعتمد» وقريباً إن شاء الله سيصدر كتاب «الاستقرار الأسري.. بين تحديات الواقع وأصالة الماضي». وعن المشاكل التي يرى أنها تقف أمام تطوّر التدريب في اليمن يقول: هناك مشكلات كثيرة وسأذكر البعض منها؛ فمثلاً افتقار مجال التدريب والتنمية الإدارية في اليمن إلى التقنين العلمي الموضوعي لمعايير النجاح والفعالية، ويعني ذلك غياب الأدوات اللازمة لتقويم فعالية أي مركز أو مؤسسة تدريبية في ضوء مجموعة من المعايير العلمية المحدّدة وعدم القدرة على التطوير وإعادة التأهيل للمؤسسات التدريبية، حيث إن معظم مؤسسات التدريب الخاصة افتتحت في مبنى مؤجّر لا يملكه صاحب النشاط ومع تغير الإيجارات بمرور الوقت أصبحت هذه الإيجارات تمثل عائقاً آخر يضاف إلى ما يعانيه صاحب المؤسسة، وبالتالي تصبح فرصة الانتقال إلى مبنى آخر تتوافر فيه مواصفات أعلى تراعي المتطلبات والمعايير التي تحدّدها الوزارة في ظل الظروف السابقة “غاية صعبة المنال”. وكذلك المستجدات والظروف الراهنة وتأثيرها على المؤسسات التدريبية الخاصة، نظراً لتأثُّر السوق بالظروف الاقتصادية العالمية التي ربما وليس لزاماً أن تأثّر في الظروف الاقتصادية المحلية، وكذلك عمليات التعيين لدفعات كبيرة من الملتحقين بسوق العمل في ظروف معيّنة تؤثّر تأثيراً كبيراً على المستهدفين من هذه المؤسسات التدريبية، ولا أنسى التشابه والتطابق بين غالبية هذه المؤسسات في البرامج والخدمات التدريبية المقدّمة، حيث تكاد تكون جميع المعاهد لديها نفس برامج التدريب بنفس المسميات والمحتوى، وكذلك ضعف الوعي بالأثر العائد للتدريب لدى أرباب المؤسسات. وعن تفسيره لظاهرة السفر من قبل البعض لحضور برامج تدريبية خارج الوطن مع ارتفاع كلفتها يقول: الموضوع فيه رؤى مختلفة، فالتدريب في الخارج أمر مفيد؛ ولكن ينبغي استثماره بشكل جيد وذلك ببذل الجهد في اختيار الدورات واختيار المتدرّبين وبإتاحة الفرصة للمتدرّبين بتطبيق المهارات المكتسبة بعد التدريب ونقل ما تعلموه لزملائهم أثناء العمل أو بعقد ندوات أو محاضرات تدريبية، والمشكلة تظهر عندما يتحوّل التدريب في الخارج إلى وسيلة لإتاحة الفرصة لبعض العاملين للسفر والتنزه، أو عندما لا يتم اختيار الدورات التدريبية بعناية أو عندما لا يكون هناك الجو الذي يمكننا من استثمار المهارات المكتسبة في التدريب، وهذا لا يعني ضعف المدرّب المحلي؛ فكثير من الأحيان يقدّم المدرّب المحلي أفضل مما يقدّمه المدرّب الخارجي ولكنها عقدة الأجنبي، وأيضاً التجربة يكون لها دور؛ فمثلاً استخدام مدرّب محلي ضعيف يؤثر على قرارات اقتناء المدرّب الخارجي. وعن رؤية البعض أن التدريب “كسب مادي” وتناسي الرسالة التي يحملها المدرّب قبل البحث عن المادة، يقول: أعتقد أن دخول الكبير والصغير في التدريب مع قلّة الخبرة هو الذي جعل من التدريب ميداناً للتنافس المالي، فالتدريب يحتاج إلى مهارات حتى يستطيع أن يكوّن مهارات ويبني اتجاهات وينقل معلومات، ولن يستطيع الإنسان مهما بلغ مستواه العلمي أن يكوّن هذه المهارات إلا بعد المزاولة المستمرة والطويلة، والتدريب عندنا كأنه تجارة رابحة، وهو ما أسميته من قبل «اللا وعي بالخبرة» وأعتقد أن الخلل يكمن في القيم التي تشكّل شخصية المدرّب والتي اكتسبها من مدرّبه أو مدرّبيه، ونحن لا نعارض الكسب المادي من التدريب ولكن بما لا يخلُّ بمبادئ التدريب وأهدافه. وعن الرسالة التي يحملها كمدرّب يقول: الرسالة هي أن الحياة دون تدريب كجسد بلا روح، وهذه الكلمة أعتقد أنها لا تحتاج إلى توضيح فهي شارحة لنفسها. وعن انخراط المرأة في التدريب، يقول: بصراحة لا أرى أن هناك فرقاً بين الرجل والمرأة في التعليم والتعلم وكذلك في التدريب، والمرأة كالرجل تحمل المسؤولية معه لأنها تعيش معه في المجتمع وتؤثّر وتتأثر، ووجود مجموعة من المدرّبات إنما هو دليل على إن المرأة لها القدرة على الخوض في هذا المجال وابتكار المفيد والجديد فيه، وهنا أريد التأكيد على سبيل الإنصاف ومن خلال التجربة أن المرأة مبدعة في تصميم المادة التدريبية. وعن الرسالة التي يوجّهها إلى المدرّبين الجدد يقول: رسالتي إلى المدرّبين الجدد هي بعض التوجيهات التي لا تستغرب إذا وجدت أن بعض الممارسين المحترفين في مجال التدريب والتنمية البشرية قد يفاجئون وهم يختلسون النظر إلى هذه التوجيهات، وذلك أن أفضل المدرّبين يحتاج إلى التذكير وتنشيط الذاكرة حول هذه الأساسيات، وأتمنّى أن يجعل المدرّب الجديد حياته المهنية أكثر فعالية ومتعة وسهولة، وعليه أولاً الإعداد، الإعداد، الإعداد ثم وضع أهداف بصورة علمية، ولا ينسى إشراك المتدرّبين إشراكاً كاملاً في عملية التعلُّم، ويعد ويراجع خطة العرض بصورة مستمرة ويعمل بها، وعليه استعمال أساليب تدريبية مبتكرة ومرتبطة بالواقع والبيئة، وعليه توجيه الدورة نحو احتياجات المشاركين وكذلك زيادة عملية تبادل المعلومات بين المشاركين ويحوّل المعرفة إلى مهارة، وأن يضع نصب عينيه كيف سيضمن أن المشاركين يطبّقون عملياً ما تعلموه؛ لأن التدريب لا يتوقف عند انتهاء البرنامج التدريبي، ويجب عليه كمدرّب أن يركز في حث المشاركين على مواصلة عملية التعلُّم خارج القاعة التدريبية وتطبيق ما تعلموه عملياً، وعليه ألا يجعل همّه الأكبر في التدريب الكسب المادي فقط، ويضع أمام عينيه الرسالة الأساسية للتدريب؛ لأن رزقه سيأتيه في وقته الذي أراده الله تعالى. [email protected]