المغترب اليمني يتمتّع بصفات النباهة والتميُّز عندما يجد البيئة التي تساعده على الإبداع خاصة خارج الوطن، حيث يجد المغترب اليمني طرق وسبل النجاح مهيّأة له أفضل من الداخل؛ ولذلك فلا غرابة أن نسمع بين فترة وأخرى عن يمنيين مبدعين في عملهم خارج الوطن ومتفوقين في دراساتهم وأبحاثهم، وسبق لخبير التدريب والتنمية البشرية الدكتور صبري الريشاني أن وصفهم بأنهم مبدعو ومتصدّرو التدريب في مجال التنمية البشرية وخاصة في دول الخليج..صانع بصمتنا اليوم هو يمني نشأ في دولة الإمارات العربية المتحدة وعمره ستة أشهر، وهو شخصية لديها من القدرات والإمكانات العلمية التى تجعلك تنبهر لشخصه، وأنت تقرأ سيرته بين عدد من السير التي تحكي تاريخ ومشوار حياته تشعر بالفخر والاعتزاز أن يكون يمني بتلك الصفات، إنه المغترب عبدالله حمود مانع الحربي، متزوّج ولديه ثلاث زهرات «مروان، نوف، وسارة» مهندس كمبيوتر، يقول: أعشق التكنولوجيا والشبكات اللا سلكية، مصوّر فوتوغرافي محترف، عضو جمعية الإمارات للتصوير الضوئي وجمعية مصوري الإمارات، محاضر معتمد من قبل بعض الجامعات، الجهات الحكومية والمعاهد داخلياً وخارجياً في علوم الموارد البشرية. ويقول الحربي: أعتبر أن الإنسان لايزال يحتاج إلى العلم والبحث حتى آخر كلمة يعرف معناها، اهتمامي بعد الله سبحانه وتعالى بأسرتي، وكذلك كل ما هو جديد في عالم الشبكات وتقنيات الحواسيب والهواتف، أعشق التصوير؛ فهو فرصة لإرضاء طموحي والإفصاح عمّا في مكنوني، أطمح لأن أكون ذات قيمة لمجتمعي ووسام فخر لعائلتي ووطني، لدى إيمان أن الابتكار عنصر حاسم لتحقيق النجاح والريادة، وأن الإبداع هو المحرّك الأساس لكل عملية تغيير نحو الأفضل، لي أهداف في حياتي، وأطمح لأن أحقّقها حسب ما هو مخطط لها، هذا بعض من واقعي، وأرجو أن يكون مردوداً لكشف هويتي. عبدالله الحربي يتذكّر أولى انطلاقاته ولحظات حياته مع التدريب فيقول: كانت تجربتي الأولى في التدريب عام 2004 عندما قدّمت محاضرة لمجموعة من الموارد البشرية عن أحد الأنظمة الالكترونية التي استحدثتها الدائرة آنذاك، ولكوني مهندس كمبيوتر ومبادراً كان لي السبق في إلقاء المحاضرة، حيث إن الذي دفعني للتدريب هو الوازع الديني في المقام الأول من منطلق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» ومن ثم حبي لإفادة الآخرين بالعلوم المختلفة، وليقيني أن الإنسان لايزال يتعلّم حتى آخر يوم في حياته. ويقول: اخترت مجال التنمية الذاتية لأن هذا المجال يوجد به نقص كوادر بشرية، ونحن لم نصل إلى ما وصله الغرب في هذا المجال؛ ولكن كل الذي لدينا هو عبارة عن علوم مترجمة لا أكثر، كما أن قدوتي في الحياة ديني ثم أناس وشخصيات أثّرت فيّ وجعلتني ما أنا عليه اليوم، أكن لهم كل المعزّة والتقدير والاحترام، أقدّم العديد من ورش العمل في المجالات التقنية منها الكمبيوتر والأنظمة الحديثة في مجال البرمجة وكذلك التصوير الفوتوغرافي، ولدي بعض المحاضرات عن الأهداف وكيفية صناعتها، وكيفية تنمية الإبداع، وقيادة التغيير، وكذلك أمور الجودة المختلفة مثل برامج التميُّز المؤسسي والوظيفي. الحربي يقول: لو كنت في اليمن لا أعتقد أنني سأحقّق النجاحات التي تظهر في حياتي؛ لأن الداعم الأول لأي مبدع هو البيئة المحيطة به ورغبته في النجاح ومن ثم أسلوب الحياة الذي يعيشه، وفي نهاية الأمر لكل إنسان هدفه في الحياة، فالهدف هو الذي يحدّد ماذا ستكون عليه بعد فترة زمنية، ونحن في اليمن ينقصنا التفكير القريب المدى وبعيد المدى. المدرب الحربي له رأي في مقولة “عارف بكل شيء” أو كما يقول إخواننا المصريون “بتاع كله” فيقول: أنا ضد هذه المقولة؛ لأن التخصُّص في الشيء يجعل الإنسان قادراً على الإبداع في مجاله، ولا أقصد الإبداع بمعنى أن يكون على معرفة بأساليب الكلام، ولكن الإبداع هو أن تأتي بالجديد، فلدينا الكثير من المحاضرين ولا أسمّيهم محاضرين بقدر ما هم ذوو بلاغة في الكلمات ويعيدون في كل مرة ما قدّموه سابقاً، الابداع هو إضافة الجديد في كل مرة، بمعنى آخر أنني لو حضرت لك محاضرة اليوم ورغبت في حضور محاضرة بعد شهر سأجد معلومات قد أضيفت إليك، بالإضافة إلى ما قيل سابقاً، هذا الذي يجذب المستمع إلى الحضور مرة أخرى لأنك ستضيف إليه شيئاً جديداً. وعن أسباب ندرة التخصُّص في مجال تدريب التنمية البشرية من وجهة نظره، يقول: أولاً الظروف الاقتصادية وعدم الاهتمام بالتدريب في كافة الدول العربية، كما أن اليمن خاصة يعاني من أزمة تلو الأخرى، ومجال التعليم في اليمن للأسف مثل السلسلة غير المترابطة بتاتاً، وفي الدول الأخرى وبخاصة دول الخليج توجد صحوة ثقافية في مجال التنمية البشرية، نشهدها في الفترة الأخيرة بشكل كبير. وعن المعوقات التى يعانيها المدرب اليمني يقول: للأسف أقولها بحرقة؛ لأن اليمني مبدع ومبادر، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أتاكم أهل اليمن هم أرقُّ قلوباً وألين أفئدة) وفيه دلالة كبيرة على مواصفات المدرب الناجح، ولكن البيئة للأسف لا تمنح المبدع مجالاً للإبداع، بل إنها بيئة هادمة له، وسبب ذلك الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد ومن ثم غياب التوعية والتشجيع على التعليم، كما أن وجود «القات» له أكبر الأثر في ذلك. وعن البصمة التي يفخر بها ويشعر أنه ترك من خلالها أثراً في المجتمع، يقول: أفخر أن لي العديد من المتدربين الذين تدرّبوا على يدي، هم من المبدعين في بعض المجالات، كما أنني شجعت بعضهم على شق طريقهم؛ وهم الآن في مراكز كبيرة، كما أن الفخر والبصمة انعكس على عائلتي؛ حيث كان لها الأثر الكبير كذلك، سواء على مستوى مدارسهم أو تفوقهم الدراسي، كما يكفيني فخراً أنني قد درّبت العديد من الأجيال على مدى أكثر من 10سنوات.