نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التائهون» غربة الخطاب وأزمة الذات
نشر في الجمهورية يوم 30 - 05 - 2014

“التائهون كتاب روائي لأمين معلوف ،ترجمة نهلة بيضون ،ط1 - 2013م .. عتبات الرواية “إلى جاكلين دوروميي2010-1913م”ومقولة ل سيمون فايل (1909-1943م)تقول “كل ما تمسه القوة ينحط قدره أياً كان التماس ...فاللطخة هي نفسها سواء اعتدى المرء أم تعرض للاعتداء» ولبنان كهوية وطن وكذوات فردية تعرض وتعرضت للقوة، وكل ما فيه مسته القوة كاعتداء ومعتدى لهذا كان انهيار لبنان وسقوطه في أسر الطائفية والصراع الإقليمي كوكلاء للدولي نتيجة لهذه القوة التي مسته.آدم
الشخصية السردية المحورية في توليد حكايات هذا العمل الروائي، واختيار هذه الشخصية بحوريتها فيه اختزال لقصة لبنان المغترب عن هويته الوطنية والعربية، لبنان المتحول إلى هويات دينية وعرقية، ووكلاء سياسيين لمصالح إقليمية دولية.
تبدأ الرواية بهذه العبارة «قبل يومين من وقوع المأساة سيدّون آدم في مفكرته: أحمل في اسمي ولادة البشرية غير أني أنتمي إلى بشرية تندثر» هو يحمل ولادة لبنان واندثاره في آن.
يحتضر صديقه مراد، ويتصل بآدم كي يراه قبل الموت مراد أحد أصدقاء آدم منذ كانوا في سن الشباب يشكلون “حلقة البيزنطيين” ويحلمون بمستقبلهم داخل وطنهم الواحد لم تكن انتماءاتهم الدينية والعرقية تعني لهم شيئاً لكن الحرب الأهلية فرقت بينهم، مراد أصبح مقاولاً سياسياً وجزءاً من الصراع الطائفي ووكيلاً لأحد تجار الحروب الإقليميين وقد كون سلطة وثروة نمت من خلال الدماء، وآدم هاجر إلى فرنسا تاركاً الوطن لمصيره، والبير بعد أن فكر بالانتحار يغادر إلى فرنسا ثم إلى أمريكا ونعيم إلى البرازيل ورمزي ورامز يبنيان شركة مقاولات عالمية وبلال يقتل في الحرب وأخوه نضال ينخرط ضمن جماعات الإسلام السياسي وسمير أميس تصاب بصدمة نفسية لمقتل بلال ثم تفوق من غيبوبتها، لتدير بعد وفاة والديها فندقاً، وتانيا تزوجت مراد...
التفكير لدى آدم مرتبط بالكتابة
يتساءل آدم بعد اتصال مراد وهو يحتضر طالباً منه أن يراه قبل موته-«ما القيمة التي سيكتسبها في هذه الظروف لقاؤنا المتأخر وغفراننا المتبادل في الحقيقة لا قيمة على الإطلاق ويبدو لي ما جرى أكثر لباقة ومهابة لقد شعر مراد في ساعاته الأخيرة، بالحاجة لرؤيتي فسارعت بالمجيء وسارع هو بالرحيل وفي ذلك شيء من اللباقة التي تشرف صداقتنا الغابرة » ولكن السرد لبناء هذه الرواية يبدأ من رغبة مراد في رؤية آدم، ورحيله لم يكن سوى شروع في كتابة حكايات هذه الرواية «حلقة البيزنطيين» حوالي خمسة عشر شخصاً، والشباب يتفوقون البنات قليلاً ولو طلب إليّ أن أستحضر قائمة بأسمائهم، لنسيت بالتأكيد بعضهم هو وأنا ، وتانيا، بالطبع، تانيا التي لم تكن قد أصبحت زوجته بعد لكنها سرعان ما ستصبح كذلك، والبير، ونعيم وبلال، وسمي الجميلة، ورمزي ورامز “الشريكان “و “المتلازمان” أو بكل بساطة “الرامزان “كما كنّا نلقبهما... كنا ندخل إلى الحياة الطلابية، بيدنا كأس وفي قلوبنا تمرد، ونظن أننا ندخل إلى حياة الراشدين” كانت هذه الرفقة وهذا التمرد الذي يجمعهم على موعد مع حرب أهلية لم يسلم منها أحد سواء الذين ظلوا في لبنان أو الذين هاجروا “لم يسلم منها بيت أو تسلم منها ذكرى لقد فسد كل شيء الصداقة والحب، والإخلاص، وصلات القربى والإيمان كما الفاء وكذلك الموت أجل اليوم حتى الموت نفسه أصبح ملطخاً مشوّهاً “لم تتحول حلقة البيزنطيين “شلة الأصدقاء لا إلى أخوية ولا إلى تجمع، ولا إلى حزب ولا إلى جمعية سرية وظلت لقاءاتنا غير رسمية ومفتوحة عامرة بالشراب عابقة بالدخان صاخبة لا تعرف التراتبية، وإن كنّا نلتقي دوماً بمبادرة من مراد، وعادة، في بيته في الضيعة، على شرفة بيته القديم ».
كان «نعيم» أول الراحلين «مع جميع أهله، أبيه وأمه وشقيقته وجدته لم يكونوا آخر اليهود في البلد ولكنهم ينتمون إلى القلة القليلة منهم التي كانت حتى ذلك الحين تريد البقاء».
يدين السارد الداخلي مرحلة الخمسينيات والستينيات، ويرى أنها كانت نزفاً صامتا للطائفة اليهودية من لبنان “فقطرة تتلو الأخرى وبدون ضجيج، اضمحلت هذه الطائفة بعض أبنائها رحل إلى إسرائيل عبر باريس أو إسطنبول، أو أثينا، أو نيقوسيا، وبعضهم الآخر اختار الاستقرار في البرازيل إنما في فترة متأخرة نسبياً عام 1973م”.
بلال
“كان كائناً مضطرباً، ولكنه نقي أجل وأبعد ما يكون عن الخسة... كنا نتحدث عن فيتنام، والمقاومة البوليفية وحرب إسبانيا، والمسيرة الطويلة، ونتحدث بشيء من الحسد عن الشعراء الملعونين، والشعراء المغتالين عن غارثيا لوركا، والمتنبي، وبوشكين، وكذلك عن جيراردونرفال وماياكوفسكي وإن كان هذان الأخيران قد انتحرا، وكنّا نتحدث أيضاً عن غرامياتنا “يسأل بلال ،آدم “ألا تظن أننا ولدنا في الزمن الرديء “ومتى كنت تريد أن نولد».
“بعد قرن أو قرنين البشرية تتحول وأرغب بمعرفة ما سيؤول إليه مصيرها “ يجيبه آدم بلغة الشيخ الحكيم أتظن أن هناك خط وصول يمكنك أن تذهب وتنتظر عنده؟ لا تنخدع! ففي مسيرة الزمن سيكون هناك دوماً وأينما كنت قبل وبعد أشياء صارت خلفك وأشياء سترتسم عند خط الأفق ولن تأتي إليك إلاّ ببطء يوماً بعد يوم ليس بوسعك أن تشمل بنظرتك كل الأمور إذا كنت الله».
يقلب آدم الرسائل ويقرأ كي يستعيد تسلسل المتاهة، ففي رسالة من مراد إليه أضافت تانيا فيها “لا تحتج!...أنت أكثر الأشخاص تعجرفا، أجل، وكذلك- وسوف يتعاظم احتجاجك – أكثرهم افتقاراً إلى التسامح ماذا تفعل حين يخيّب صديق أملك؟ لا يعود صديقك ماذا تفعل حين يخيّب البلد أملك؟ لا يعود بلدك وبما أنك تصاب بخيبة الأمل بسهولة، سوف تصبح في نهاية المطاف بلا أصدقاء وبلا بلد “.يتنصل السارد الداخلي من موقفه السلبي تجاه الوطن، حين لجأ إلى الهروب وتركه خلفه “إذا كان ثمة من حق، فلكل امرئ الحق في الرحيل، وعلى وطنه أن يقنعه بالبقاء – مهما ادعى رجال السياسة العظام” لا تسأل ماذا يمكن لوطنك أن يفعل لك، بل اسأل نفسك ماذا يمكن أن تفعله لوطنك... على وطنك أن يفي إزاءك بعض التعهدات أن تعتبر فيه مواطناً عن حق، والاّ تخضع فيه لقمع، أو لتمييز أو لأشكال من الحرمان بغير وجه حق “يطالب آدم من الوطن أن يعطيه حقوقه، هو هنا يستجدي حقوقاً ولا يناضل من أجل نيلها “ومن واجب وطنك وقياداته أن يكفلوا لك ذلك وإلاّ فأنت لا تدين لهم بشيء، لا بالتعلق بالأرض، ولا بتحية العلم فالوطن الذي بوسعك أن تعيش فيه مرفوع الرأس، تعطيه كل ما لديك، وتضحي من أجله بالنفيس والغالي حتى بحياتك، أما الوطن الذي تضطر فيه للعيش مطأطئ الرأس، فلا تعطيه شيئاً سواء تعلق الأمر بالبلد الذي استقبلك أو ببلدك الأم فالنبل يستدعي العظمة، واللامبالاة تستدعي اللامبالاة، والازدراء يستدعي الازدراء ذلك هو ميثاق الأحرار، ولا أعترف بأي ميثاق آخر “ في حوار بين آدم وبلال يسأل آدم “ ألا تظن أن العاطفة ستتبدد لو كان بوسعنا أن نتناول تلك المواضيع الحميمية بدون أي شعور بالعيب؟” ويجيب بلال متحدثاً عن العيب بثقافة غربية مغايرة لرؤية الشرقي في الاحتشام “تلك هي الحجة الدائمة لإرغامنا على السكوت في مجتمع مثل مجتمعنا العيب أداة الاستبداد الإحساس بالذنب والعيب هذا ما اخترعته الأديان لكي تقيد حركتنا! ولكي تمنعنا من الاستمتاع بعيشنا! لو تسنى للرجال والنساء الحديث بصراحة عن علاقاتهم وعن مشاعرهم، وعن أجسادهم لكانت البشرية جمعاء أكثر ازدهاراً وإبداعاً أنا على ثقة بأن ذلك سيحصل يوما” لقد كانوا في بداية السبعينيات وما يقوله بلال بحسب آدم كان يتماشى مع روح العصر.
في حوار بين نعيم ووالده يتعلق برحيلهم من لبنان بسبب الحرب بين العرب وإسرائيل “سألته في لحظة من اللحظات خلال ذلك الحديث الذي دار بيننا، هل كنا اضطررنا لاختيار طريق المنفى لو خسرت إسرائيل الحرب فوضع على ذراعي يداً مواسية وقال: “ لا تحاول يا نعيم فلا فائدة لا يوجد أي حل لقد قلّبت المسألة ألف مرة في رأسي مصيرنا مكتوب منذ وقت طويل حتى قبل ولادتك بل قبل ولادتي لو كانت إسرائيل قد خسرت الحرب الأخيرة كان الوضع سيكون أسوأ منِ ذلك، ولكنا تعرضنا للاضطهاد والاحتقار على السواء” لم يتمن والد نعيم يوماً هزيمة إسرائيل لأن ذلك يعني هلاكها “ فالنسبة إلى طائفتنا الصغيرة تبين أن إنشاء دولة إسرائيل أسفر عن كارثة، وبالنسبة إلى مجمل الشعب اليهودي كان مشروعاً متهوراً لكل الحق في أن يؤيده أو أن يعارضه إنما لم يعد بالإمكان التحدث عنه مثل مشروع مبهم تقدم به السيد هرتزل فلقد أصبح الآن حقيقة واقعة ونحن جميعاً منخرطون في تلك المغامرة شئنا أم أبينا...لو خرجت إسرائيل خاسرة من الحرب المقبلة فسيكون المر مأساة ذات أبعاد كارثية لجميع اليهود لقد نلنا نصيبنا من المآسي بما فيه الكفاية ألا تظن ذلك لا يتعلق الأمر بعدم التمني لهزيمة إسرائيل، وإنما يتعلق بتسويغ حروب إسرائيل وكوارثها ووجودها التمددي! الأمر بالنسبة له مجرد سباق غامر الابن بكل ما لدى الأسرة من مال في الرهان على أحد الأحصنة، وكان على الأسرة أن تكيل له اللعنات وأن تدعو له بالنصر والفوز حتى لا تخسر الأسرة مالها!...
تأتي صورة نضال أخي بلال كمتطرف إسلامي يجسد الإسلام السياسي السني كمغاير للشخصية المسيحية التي اختارت الانسحاب إلى الرهبنة عن غنى واقتدار كما هو حال رامز الذي حول اسمه داخل الصومعة إلى باسيل نضال عنيف وباسيل منسحب للحياة ومحب للناس لم يكن رامز نقيضا لرمزي من حيث اختيار الثراء والقصور والأعمال والطائرة الخاصة وبين هجر الدنيا بملذاتها وقصورها وإغراءاتها... التناقض والمقابلة الفعلية كانت بين نضال ورامز بين المسيحي المترهبن الذي طلق الدنيا وبين الشخصية الممثلة للإسلام السياسي ولثقافة الصراع بين الشرق والغرب... يأخذ الحوار بين نضال وآدم منحى صراع بين حضارتين، بين الشرق الإسلامي والغرب العلماني يلتقيان في مطعم ويتم تصوير المطعم وصفياً بشكل يدعو إلى الخوف والعنف فمرافقا نضال يظهران كلما احتد النقاش يشمل الحوار: الخمر والنساء والزوجة والحريات الفردية، والسؤال عن ال «نحن» كهوية جامعة ومفاضلة وبين هم ويصل الحديث إلى دور الاستعمار الفرنسي في فرنسة الجزائر وتصرفهم فيها وكأنها ملكهم إنهم يعتمدون الأساليب كافة لإرغام السكان على التخلي عن اللغة العربية والانصراف عن تعاليم الإسلام ثم وبعد مئة وثلاثين عاماً يرحلون ويخلفون وراءهم بلداً جريحاً مهدماً لم يستطع التعافي البتة وكذلك هجرة اليهود إلى فلسطين وطرد سكانها يصور آدم من خلال شخصية نضال نموذج المتطرف الإسلامي المتربص بالآخر لم التق بنضال منذ أكثر من ربع قرن أما هو فلم يدعني إذا جاز التعبير أن أغيب عن ناظره يحاوره نضال وفي ذهنه معرفة عن قناعات فكرية لآدم فلقد حصل أن استمعت إليك نحاضر ذهبت عدة مرات إلى الجامعة وكنت أجلس في المدرج في الخلف، لاستمع إليك هذه الجملة لم أخترعها إنها لك لقد رددتها مئة مرة الأذية متبادلة سواء اجتاحوا بلداننا، وسواء طردونا من منازلنا، وسواء قصفونا، وسواء صادروا ثرواتنا – فالنسبة إليك الأذية دوما متبادلة ألا يجدر بالمؤرخ أن يظل محايداً؟ آدم بالنسبة لنضال عربي يحرص على ألاّ يعتبر عربياً لكن آدم يصل في الحوار إلى خلاصة هي حكم قيمة بالنسبة إليه المهزومون ينزعون دوماً لإظهار أنفسهم بمظهر الضحايا الأبرياء ولكن ذلك لا يطابق الحقيقة فهم ليسوا أبرياء على الإطلاق إنهم مذنبون لأنهم هزموا مذنبون تجاه شعوبهم، ومذنبون تجاه حضارتهم ولا أتحدث فقط عن الحكام، بل أتحدث عني وعنك وعنا جميعاً إذا كنّا اليوم مهزومي التاريخ، وإذا كنّا مذلين بنظر العالم أجمع كما بنظرنا، فالحق ليس فقط على الآخرين بل علينا أولاً ويصل النقاش إلى موضوع اللحية، وحين يسأل نضال وما شأنك بلحاناً يجيبه آدم ما يعتمل في قلبك ليس من شأني أما مظهرك الخارجي فهو تأكيد علني للآخرين، وبالتالي فهو شأني ويحق لي الموافقة أو عدم الموافقة عليه يحق لي أن أشعر بالارتياح كما يحق لي أن أشعر بالضيق يرى آدم أن لحية نضال وتوجهه نحو الإسلام السياسي المتطرف لأن ذلك موضة العصر ففي السبعينيات من القرن العشرين حين كان نضال في السادسة عشرة من عمره كان يعتمر قبعة جيفارا المزدانة بنجمة حمراء واليوم كذلك لست الوحيد الذي يحمل هذه اللحية الخشنة. وهو ما يسميه الألمان zeitgeist،أو “ذهنية العصر” وحين علق نضال بتهكم على لغة الأستاذية التي يفكر من خلالها آدم، فأجابه أجل أنت محق هذا المؤرخ الذي يتكلم وفي كل عصر يعرب البشر عن آراء ويتبنون مواقف يظنون أنها نابعة من تفكيرهم الخاص فيما هي تأتيهم في الواقع من «ذهنية العصر» تلك وليس ذلك بمثابة القدر المحتوم بل لنقل إنها ريح شديدة القوة يصعب مقاومتها “لقد غيرت الثورة اتجاهها “لقد ظلت الثورة لفترة طويلة حكراً على التقدميين وفي أحد الأيام تلقفها المحافظون...”.
أعدم السارد الخارجي شخصية بلال كشخص متمرد ولا ديني ليحيي شقيقه الإسلاموي نضال الأول لم يكن يؤمن وقتها بالله ولا بالشيطان كان يمثل نوعاً خاصاً من الذين استشهدوا في الحرب الأهلية اللبنانية...
يرغب آدم في جمع حلقة البيزنطيين، أي أن يجمع نضال بألبير الذي هاجر إلى أمريكا، بعد أن كان قد خطط للانتحار، فقام صاحب ورشة باختطافه، لمقايضته بابنه الذي اختطف من ذلك الحي الذي يسكن فيه ألبير بعدها عمل مراد على مساعدته للسفر إلى فرنسا وارتبط مع خاطفه وزوجة خاطفه بعلاقة تبنٍ، فقد اعتبراه ابنهما بالتبني بعد أن علما بمقتل ابنهما، وأن الذي اختطفاه كان يخطط لاغتيال نفسه! ومن فرنسا بعد أن بقي مع آدم لبعض الوقت سافر الولايات المتحدة الأمريكية لقد كان لديه اهتمام بعلم المستقبليات فأصبح يعمل لدى البنتاغون ونعيم اليهودي الذي زار إسرائيل عشرات المرات قناعة آدم هي “أنهم راشدون جميعاً ويجوبون المعمورة وإذا لم يلتقوا حتى الآن بأشخاص يفكرون مثل نضال فستكون فرصة سانحة لهم فالرجل ذكي وعقلاني ويبدو صادقاً وهو يجيد التعبير عن أفكاره “أصدقاء الحلقة راشدون لكن نضال مجرد رجل ذكي وعقلاني ويجيد التعبير عن أفكاره لم تكن شخصية نضال مجسدة لنموذج المتطرف الإسلامي كما وصفه بشكله وفكره لكنه مزج مع أفكاره قيم وقضايا تؤمن بها الشخصية القومية، لقد جمعهما في شخصية واحدة، وألبسها لحية وقيم الإسلام السياسي...
رامز وآدم
بعد أن التقى آدم برمزي ومملكته الممثلة بالقصور وطائرة خاصة وأعمال مقاولات حول العالم يلتقي بشريكه رامز الذي انسحب من كل ما يملك وغير اسمه إلى باسيل، ليعيش في دار العبادة وتأمل لقد استقبله رامز في غرفة تختلف عن الجناح الفخم الذي نزل فيه ضيفا على شريكه رمزي صومعة صغيرة ومتقشفة – فليس فيها سوى سرير ضيق وطاولة وكرسي، ومصباح ودش، وخزانة، أرضها عارية، والنافذة الوحيدة عالية جداً لا تسمح بتأمل المشهد الخارجي إنها على النقيض من مملكة البذخ والمال التي يعيش فيها شريكه رمزي لم يكن آدم ملحدا لكنه لم يكن متديناً كذلك وموقفي من هذه المسألة غير مريح لاسيما وأني لا أشعر بنفسي ملحداً كذلك، لا أستطيع أناً أؤمن بأن السماء فارغة وبأنه لا يوجد بعد الموت سوى العدم... إنني في منزلة بين وطنين... ذلك هو درب النية الذي أسلكه في مجال الدين وبالطبع أسير فيه وحيداً وبدون أن أتبع أحداً أو بدون أن أدعو أحداً لأن يتبعني.
مشاعر آدم تجاه باسيل “رمزي” فيها انجذاب وقدر من الانتماء، ربما لوحدة الدين بينهما، أدى إلى وحدة المشاعر، على عكس اللقاء بين آدم ونضال، لقد كان حوار محاكمة من الطرفين يتأمل آدم باسيل “بمحبة وهو يتصفح كتاب القداس بحثاً عن الصفحات المناسبة كانت حركات صديقي المهندس الذي أصبح راهباً مترددة... لا أكن لمساره سوى الإجلال، وكذلك للحياة التي اختارها لهذا فهو لا يسعى لإقناعه بتعديل مسار حياته وقناعاته التي اختارها على عكس الرغبة في الإقناع، وتعرية الآخر التي تمت بين نضال وآدم! لقد كان خيار باسيل خيار الطريق غير المألوف، ولكنه ليس محنة لكن خيار نضال كان محنة وكارثة تتصارع حضاريا مع الغرب إننا ننزع أحياناً حين يحيد المرء عن الطريق المألوفة إلى معاملته وكأنه في محنة، أو ضحية سجان، أو مضلل، أو ضحية ضلالاته الشخصية... ويجدر بنا احترام مساره فهو ليس متوهماً ولا ساذجاً مثيراً للشفقة، إنه رجل موزون متعلم نزيه، وكادح... فأضعف الإيمان أن نتساءل بتواضع عن السبب الذي دفعه للقيام بذلك ومن المؤكد أن دوافعه ليست دنيئة وهو يستحق أن نصغي إليه، وبدون التنكر له أو الاستخفاف به هذه آراء وتوصيفات مغايرة لموقفه تجاه نضال الذي يتبنى مواجهة الغرب والداخل بخطاب الإسلام السياسي.
يرى آدم أن “المعجزات لا قيمة لها، وأن الرموز لا تخلو من الشطط فعظمة المسيحية أنها تعبد إنساناً ضعيفاً، منتهكاً، مضطهداً، معذباً، رفض رجم الزانية وأشاد بالسامري المهرطق ولم يكن متيقناً من رحمة السماء”.
لم تكن عودة آدم من فرنسا إلاّ لقطف الزهور “وتبين لي أن تلك الحركة التي تقوم على قطف زهرة وإضافتها إلى الباقة التي نحملها أصلاً في يدنا ونضمها إلى صدرنا هي الأجمل والأقسى في آن واحد لأنها تكرم الزهرة إذ تقطف منها حياتها” لهذا فالكتاب الذي عمل علة كتابه كمذكرات عن حلقة البيزنطيين هو قطف لتلك الزهرة” هل في ذلك خشية إحساس بالذنب بسبب الكشف عن الكثير من الأمور الحميمية التي تتعلق بأصدقائي وبلدي ونفسي؟ مؤلف المذكرات هو خائن بالنسبة إلى قومه أو لنقل حفار قبور فجميع العبارات الودودة التي يستحضرها قلمي قبلات موت”.
سميرأميس
هي أحد أعضاء حلقة البيزنطيين، ترى نفسها أول أرملة حرب لمقتل حبيبها بلال وهو يحارب مع إحدى المجموعات المسلحة غرقت باكتئابها بسبب مقتل بلال عاشت أزمة نفسية وجاء انفجار قرب منزل والديها، جعلها تعود إلى وعيها تعيش من فندق ومال تركه لها والدها لقد عاش والدها بمصر كتاجر لبناني وحين قامت ثورة23 يوليو 1952م اصطدم عبد الناصر بالإخوان بعد فترة قصيرة من الثورة، فقام أبوها بإخفاء ابن أحد أصدقائه من الإخوان المسلمين الذين حاولوا اغتيال عبد الناصر في الإسكندرية عام1954م... بعد ذلك قام ببيع جميع ممتلكاته والهرب من مصر قبل حملات تأميم ومصادرة الممتلكات “خوفاً من اكتشاف أمره، الرواية التي تسردها سمير أميس عن حياتهم في مصر فيها نزعة محاكمة لحركات التحرر الوطني وللأنظمة الشيوعية، وأخيراً للإسلام السياسي إنها تنطلق من مسلمات الثقافة الرأسمالية ومن هذا المنظور تحاكم الآخرين فالثورات تسببت بالويلات بحسب قناعة السيدة العراقية، وحين أراد آدم حصرها في منطقتنا بدلاً من التعميم الذي لا يرضاه كمؤرخ، ردت عليه السيدة العراقية التي فرت إلى لبنان مع زوجها الذي كان يعمل مع نظام العراق الملكي، وحين قامت الثورة في العراق فروا إلى لبنان، وعاشوا فيها تصف السيدة الثورات كويلات ليس فقط في المنطقة العربية، وإنما أيضاً بشكل عام “ليس فقط في منطقتنا يا آدم! انظر إلى روسيا! قبل البلاشفة كانت في أوج ازدهارها! خلال بضعة عقود ظهر فيها تشيخوف ودستويفسكي، وتولستوي، وتورغينيف... ثم أطبقت الثورة على ذلك البلد مثل ليل شتوي لا ينتهي، وذبلت البراعم” تواصل الرواية محاكمتها للثورات والتقدميين لم يحسن قادتنا العرب سوى مراكمة الهزائم وأشكال التقهقر وفي ما يتعلق بثوارنا، و«التقدميين» المزعومين عندنا لم يتبدل موقفي إنما تبدل إزاء الآخرين قرأت يوماً الكتاب الذي ألفه سولجنتسين بعد احتجازه في سيبريا نيوم من ايامإيفان دينيسوفيتش، واذكر أن مكتبتي كانت تضم كتاب بيت الأموات لدوستويفسكس، الذي يتحدث فيه عن تجربته في المعتقل ولقد قرأته في فترة لا حقة... أقرأوا الكتابين مثلي بالعكس أولاً قصة القرن العشرين، ثم قصة القرن التاسع عشر بين القصتين فاصل زمني يبلغ مائة عام سوف تكتشفون أن المنفى في زمن القياصرة بالمقارنة مع المنفى في الحقبة الستالينية، يكاد يشبه المخيم الصيفي ولن يكون بوسعكم إلاّ أن تتساءلوا: هل كان ذلك هو نظام القياصرة المقيت الذي كان يتوجب القضاء عليه مهما كلف الأمر؟” هذا الصوت السردي، الذي يترك له الاستطراد لا يقابل برؤية مغايرة، وصوت مختلف إنه الصوت الأحادي في إدانة الثورات مع غلبة الرأسمالية المنتصرة!.
البير والعلاقات المثلية
لم ينجب البير أطفالاً لأنه مكتف بالعلاقات المثلية «في بلده لبنان كان من الصعب التحدث في هذا الأمر» مهما كنّا قريبين الواحد من الآخر لقد ترعرعنا معاً وتعززت صداقاتنا في سن كان البوح فيه يمكن أن يفهم على أنه دعوة وكان الحذر يقتضي الاكتفاء بعدم البوح ...«في أمريكا» توجد أفكار مسبقة ولكن إذا كنت تعرف «طريقة الاستعمال» لن يحولوا حياتك إلى جحيم وأن لا تقول الأمور بطريقة معينة .فتتعطل المنغصات وفي جميع الأحوال، لست من أنصار “العلنية” القسرية على كل امرئ أن يتمكن من اتخاذ قرار بشأن رغبته بالكشف عن هويته أم عدم الكشف عنها وأمام من وبأي اعتبارات والأشخاص الذين يريدون أن يدفعوك إلى تصريحات في غير أوانها ليسوا أصدقاء والأشخاص اللائقون لا يلحون عليك وسواء كانوا مثليين أم لا يكتفون بأن يكونوا أصدقاءك، وزملاءك وطلابك وجيرانك وأنا بدوري لا ألح عليهم، لا بسبب أسلوب عيشهم، ولا بسبب أسلوب عيشي”...”أنا أقول لكل واحد ما بمقدوره أن يسمعه، لا ما يرغب بسماعه إنما ما يستطيع “أهلي بالتبني” لن أقول لهما الحقيقة أبدا لماذا أسبب لهما التعاسة؟ كلما كتبا لي تمنيا لي أن أجد بنت الحلال لا أعدهما بشيء إنما أدعهما يتمنيان ما يعتبرانه أن واجبهما تمنيه».
لا تجتمع «حلقة البيزنطيين» مرة أخرى كما يرغب آدم لكن السرديات المختلفة بفرديتها والمتماثلة في استمدادها لثقافة الغرب الرأسمالي باستثناء نضال فهو كان أخا بلال ولم يكن عضواً أصيلاً بالحلقة، وإنما حضر الحلقة لمرتين برفقة أخيه ومع ذلك فهو نتاج لسياسة الغرب في المنطقة بل وأداة مرحلية في القضاء على القوميين والشيوعيين بالمنطقة العربية وفي أفغانستان – التقت هذه السرديات في هذا الكتاب الذي أسماه “أمين معلوف” “التائهون” بكمية الاغتراب شديدة الكثافة فيه، وذات الخطاب المتماثل حضارياً رؤاه.
يتساءل البير لماذا يحتل الإيمان هذه المكانة في هذه المنطقة من العالم؟ يقصد المنطقة العربية، ويجيبه نعيم إنها مجرد أسطورة والحقيقة هي عكس ذلك تماما ...الغرب هو المؤمن، حتى في علمانيته الغرب هو المتدين حتى في إلحاده وهنا في المشرق لا يكترث الناس بالعقائد الإيمانية بل للانتماءات فطوائفنا عشائر وغلونا الديني شكل من أشكال القومية...يستمر خطاب الرواية في إدانة الشيوعية على لسان سمير أميس، ولو في سياق يتيم يضيف الرأسمالية إلى الدين والشيوعية هي ترى أن العجل الذهبي كرمز للدين هو أسوأ تهديد للديمقراطية كما لجميع القيم الإنسانية لقد استعبدت الشيوعية البشر باسم المساواة، والرأسمالية تستعبدهم باسم الحرية الاقتصادية وبالأمس كما اليوم.
يرى آدم أن ثمة مصيبتين رئيسيتين في القرن العشرين هما الشيوعية ومناهضة الشيوعية وتعلق سمير أميس تنبأ المؤرخ :وفي القرن الحادي والعشرين هناك مصيبتان رئيسيتان :الأصولية الإسلامية ومعادة الأصولية الإسلامية، وهذا بالإذن من عالم المستقبليات الحاضر بيننا يعدنا بقرن من التقهقر.
بعد أن اكتمل البناء السردي للحكايات، لجأ المؤلف إلى حيلة سينمائية في إخفاء آدم عن طريق الغيبوبة السريرية بسبب حادث السير فحين ذهب لاصطحاب باسيل رامز، من صومعته لحضور الاجتماع سقطت السيارة، ليموت السائق وباسيل متفحمين، ويفقد آدم وعيه في غيبوبة دائمة لا تجعله حياً ولا ميتاً، بما يماثل مع اغترابه عن وطنه ولا انتمائه الزمن لا يعود لكن السرديات هي التي تحيا فينا كأزمنة ثقافية متعددة ومتصارعة في مكان واحد لا أحد يعلم ما حدث في الساعة التي أعقبت ذلك، ولم يتحدث أي شاهد عن ذلك، وما باليد حيلة سوى مقارنة الفرضيات أما عن الأحداث نفسها، فالسيارة التي تخص سميرأميس تعرضت لحادث ،ولقي السائق وأحد الراكبين مصرعهما وأصيب الراكب الثالث إصابات بليغة، وفي اللحظة التي تخط فيها هذه السطور لم يكن قد استعاد وعيه بعد” لقد توفي باسيل والسائق واستمر آدم في حالة اغتراب لا ينتمي للأحياء ولا ينتمي للموتى إنه الاغتراب حتى في الرحيل ليس هناك انتماء... لقد كان هناك رغبة لدى حلقة البيزنطيين لإعادة ما انقطع بينهم “إن ثمة رغبة عارمة كانت تتملكهم بإعادة وصل ما انقطع مع أصدقاء الأمس، وكذلك بالتأكيد من خلال هؤلاء الأصدقاء، مع حياتهم السابقة قبل الحرب وقبل التشرذم، وقبل تفكك مجتمعهم المشرقي وقبل رحيل الأشخاص الذين أحبوهم... فالحلم كان سيحول إلى حقيقة، ولكنه كان سيتحطم كذلك بالمعنى الصريح والمجازي على السواء.” الذي ترك وطنه مسافراً إلى أوروبا...غربة آدم كغربة لبنان المهاجر إلى أوروبا ت، وسيطرة التوافقية الطائفية” يقولون إنه سيبقى طويلاً بين الحياة والموت قبل أن ينكفئ إلى هذا الجانب أو ذاك إنه مثل بلده، محكوم بوقف التنفيذ”


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.