هذا الشهر الفضيل جعله الله شهر اً للعبادة، شهراً للصيام والقيام، شهراً لعمل الخير والتنافس في الأعمال الصالحة، ولكن البعض منا ومن المفهوم الخاطئ لهذا الشهر يجعل منه تنافساً في الأكل والشرب والتفنّن في المأكولات والمشروبات، حيث تراهم يُقبلون على الأسواق عند عصر كل يوم ليشتروا ما لذّ لهم وطاب، لتملأ بها موائد الإفطار، في المقابل البعض الآخر لا يجد حبة بلح على مائدته, هنا في حضرموت موائد يحلو بها الصيام، موائد فاخرة تعج بالمأكولات والمشروبات ويُرمى الفائض إلى براميل القمامة، وموائد أخرى خاوية تخلو من كل شيء, يا لها من متناقضات.. الاستطلاع التالي يسلّط الضوء على ذلك: شهر الجود في البداية تحدث إلينا الشيخ عبدالله عوض باجبير قائلاً: رمضان شهر العبادة شهر المنافسة في الخيرات، شهر الإحسان وتفقد المحتاجين، شهر البذل والعطاء، ولقد كان رسول الله (محمد) صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان , والصائم يتقرب إلى الله بترك ما تشتهيه نفسه من الطعام والشراب والشهوات الأخرى, ففي هذا الشهر عبرة وحكمة جعلها الله للأغنياء لمعرفة قدر نعمة الله عليهم والنظر لإخوانهم الفقراء, والناظر اليوم إلى أحوال كثير من الناس يجد أنهم قد اتخذوا من رمضان موسماً للتفنن في المأكولات والمشروبات، مما يسبب لهم الكثير من المشاكل وبسبب ذلك يفقدوا الكثير من الفوائد والحكم من صيامهم, ويصل ببعض الناس إلى حد الإسراف والتبذير، وهذا كله مما لا يرضي الله، قال تعالى {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين}, فادعوا إخواني ألا يجعلوا من رمضان موائد أكل وشرب، بل موائد خير يتنافسون فيها، من تفقد للمحتاجين وتفطير للصائمين وغير ذلك , اسأل الله أن يلطف بنا وأن يغير أحوالنا إلى الأحسن والحمد لله رب العالمين. إسراف الشخصية الاجتماعية عمر علي بن وبر قال: رمضان شهر كريم يستبشر الناس بقدومه، فهو ضيف عزيز عليهم , رمضان شهر عبادة ومودة ورحمة، ولكن ما نشاهده اليوم في هذا الشهر خلافاً لما كان عليه أجدادنا وآباؤنا في السابق، أصبح الناس اليوم يجعلون منه شهراً لملء البطون والإسراف وتزيين الموائد، مما أدى إلى تكليف الناس فوق طاقاتهم، بل جعلهم يتدينون المال لأشياء ليس لها لزوم, وهذا أمر منهي عنه, في السابق كان الناس يتهيأون لرمضان ببساطة وبسلاسة لا بتكلف, هنا في حضرموت الخير كثير، والمودة والرحمة بين الناس موجوده، ولكن ما يعيبهم هو الإسراف في موائد الإفطار، حيث يُرمى الفائض إلى براميل القمامة أو إلى الأغنام وهذا ليس له حاجة، فالأفضل لهم أن يأكلوا على قدرهم , نسأل الله الصحة والعافية وأن يتقبل منا صالح الأعمال. سوء هضم توجهنا إلى طوارئ مستشفى القطن العام بعد الإفطار مباشرة، وكان هناك الطبيب المناوب عبد العزيز لكمان، والممرضين خالد بن عويد وعلي باسلامه، فسألناهم عن أحوالهم وأحوال المرضى فأجابوا: الحمد لله على كل حال هنا في الطوارئ زادت الحالات المرضية عما هي عليه في الأيام العادية، حيث شخصت الكثير من الحالات في سوء الهضم والاسهالات، وارتفاع ضغط الدم، والسبب هو الإفراط في الأكل عند الإفطار مباشرة، وكذا الإكثار من أكل اللحوم. غياب الجمعيات الخيرية الشخصية الاجتماعية عمر سعيد مدرمح تحدث قائلاً: الحديث عن شهر رمضان ذو شجون حيث تمتزج فيه الروحانية بتعب الصيام , فيه من العادات والتقاليد الجيدة وغير الجيدة فيه التكافل الاجتماعي بين الأسر , ولكن ما يعيب الناس في هذا الشهر الإسراف والبذخ في موائد الإفطار لدى البعض بينما البعض الآخر وهم الناس المحتاجون والذين اعتادوا على إحسان الجمعيات الخيرية، وما يعطى لهم من الميسورين تجد موائدهم خاوية إلا فيما ندر، وفي هذا العام اختلفت أحوالهم وأتى عليهم رمضان وهم في ضائقة بسبب قلة دعم الجمعيات لهم، وذلك لأن هذه الجمعيات تعيش أزمات خانقة أسوة بالأعوام الأخرى، ولذلك فالأمر هذا العام اختلف تماماً. الخير موجود لطفي عبدالله، موظف في إحدى الجمعيات الخيرية تحدث قائلاً: من المعروف أن الجمعيات الخيرية تنشط في هذا الشهر وتقوم بمشاريع رمضانية منها سلات غذائية، وتوزيع تمور وبرامج إفطار، وتعتمد في ذلك على المعونات التي تأتي من الخارج من المؤسسات الخيرية، هذا العام اختلف الأمر حيث أن الجمعيات والمؤسسات الخيرية تعاني من نقص ذلك الدعم، وتعتمد على ما يتم جمعه من تبرعات ودعم محلي وهذا لا يفي بالغرض على أكمل وجه، حيث أن هناك الكثير من الأسر المحتاجة وبالتالي لم يصلها الدعم بالصورة التي كان عليها في الأعوام السابقة, وبالرغم من كل ذلك لازال الخير وأهل الخير موجودون، ولكن في المقابل هناك أسر تعيش على النقيض من هؤلاء الناس وهذه هي سنة الحياة. مناجاة هكذا تبدو أحوال الناس في حضرموت في شهر رمضان المبارك بين نقيضين، موائد فاخرة وبطون تمتلئ حتى التخمة، وموائد خاوية حولها بطون لا تجد إلا ما يسد رمقها, نسأل الله إن يلطف بعبادة, ونأمل أن يظل شهر رمضان شهر رحمة ومودة وإحسان وعبادات وأعمال صالحة لا أن يكون شهر التفنن في المأكولات..