في كل دقيقة ستمضيها بقراءة هذه الكلمات، يحصد سرطان الرئة حياة ثلاثة أشخاص، حتى يختتم اليوم ب4300 ضحيّة، والعام بأكثر من مليون ونصف وفاة، أما سبب العجز عن علاجه رغم أن الباحثين جرّبوا كل شيء، فقد بقي مجهولاً حتى اكتشفه العلماء أخيراً: إنه يختبئ في جسد الإنسان ل20 عاماً قبل أن يظهر..!!. يقول الكشف الجديد الذي نشرته المجلة العلمية المختصة «Science» إن الطفرات الجينية الأولى التي تتسبّب بسرطان الرئة، قد تبقى خامدة لحوالي عشرين عاماً دون أن تُظهر أية أعراض أو تتسبّب بأية أورام، حتى تتحفز من جديد وتبدأ عملها بإنتاج الورم الخبيث في الرئة، وبالوقت الذي يتم فيه تشخيص سرطان الرئة، يكون قد مرّ زمن طويل على هذه الطفرات، وتراكبت فوقها طفرات جديدة في الخلايا المكوّنة للسرطان، وهو ما يعني أن الوقت قد تأخر كثيراً لعلاج الورم الذي يعد الأكثر فتكاً في العالم. وتتسبّب الطفرات الجينية الأولى بفعل التدخين غالباً كما تقول الدراسة؛ إلا أن هذا المسبّب لا يعود مهماً بعد عشرين عاماً؛ إذ أن تحفيز الخلايا المصابة يؤدّي لإنتاج طفرات جديدة بآليات جديدة، ومن ثم تكاثر الخلايا المصابة بشكل عشوائي، ونشوء كتل من الورم الخبيث. يمكن علاج سرطان الرئة إذاً قد تعني نتائج هذه الدراسة أن الإصابة بسرطان الرئة هي قدر مكتوب في الجينات منذ أعوام طويلة، لكنها تعني للعلماء شيئاً أكثر أهمية، يمكن إذن اكتشاف السرطان قبل الإصابة به بمدة تصل إلى عشرين عاماً، وبالتالي علاجه قبل أن يتطوّر إلى مرض مميت، ويتم تشخيص سرطان الرئة بأجهزة التصوير عادة، ومن ثم بتحليل خزعاتٍ من خلايا الرئة، وهو ما يعني أن تشخيص الإصابة يحدث في مراحل متأخرة تكون فيها الطفرات الجينية قد تراكمت وتكاثرت الخلايا وشكّلت الكتل السرطانية. ويأمل الباحثون بتطوير وسائل تكشف المراحل الأولى قبل تطوّر المرض، كما يعقدون الأمل على جيل جديد من الأدوية التي تعزّز الجهاز المناعي في الجسد، والذي يمكن أن يكتشف الطفرات الجينية فور حدوثها، ويقضي على الخلايا التي حدثت فيها، وبالتالي قد تكون هذه الأدوية واقية من الإصابة بسرطان الرئة خلال الفترة القادمة.