ربما لم يتعرض شعب من شعوب العالم كشعبنا اليمني للضغوطات النفسية والمعاناة جراء الأزمات المتلاحقة وتنوعها من الأزمة السياسية إلى الاقتصادية وصولاً للانزلاقات المجنونة للمواجهات المسلحة وما ينتج عن تلك النزاعات المسلحة التي وقعنا فيها ولا نتمنى أن تعود كما لا نتمنى أن يعيشها أي شعب من شعوب العالم وندعو الجهات المعنية في العالم والإقليم إلى التدخل لوقف كل بؤر التوتر والاقتتال حيثما وجدت لتنعم البشرية بالسلام. أستثني من ذلك شعبنا الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال الغشوم منذ أكثر من ستة عقود وما زال صامداً مناضلاً لاستعادة حقه في الأرض والحرية. إن تلك المحطات التي تعرض لها شعبنا اليمني في أكثر من محافظة شمالاً وشرقاً وجنوباً أحدثت تأثيرات مدمرة ولعل الأكثر تعرضاً لتأثير ذلك هم الفئات الضعيفة الأطفال والنساء وكبار السن وجميع من أرغم على النزوح من منطقته تاركاً خلفه منزلاً وحقلاً ومصدر رزق والكثير من الذكريات التي ربطته بالأرض وتفاصيلها سواءً كانت ريفية أو حي من أحياء مدينة ما. ونظراً لما يترتب على ذلك من آثار وتداعيات على مستوى حياة الفرد رجلاً كان أو إمراة مع تفاوت في الحدة التي تزيد أخطارها لدى الأطفال سيما في الجانب النفسي حيث يقع الكثيرون منهم ضحايا للاضطرابات السلوكية التي تؤثر على جوانب الشخصية المختلفة سيما وهي في طور النمو والتشكل وفي مواجهة ذلك يطالب خبراء علم النفس وعلم الاجتماع بضرورة إخضاع هؤلاء لإعادة تأهيل نفسي واجتماعي وأن تولي الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص الكثير من الاهتمام بالأنشطة الترفيهية والفعاليات التي تنشر الفرحة وترسم البسمة على هؤلاء لإخراجهم من حالة الصدمة والأثر السيكولوجي حيث تسود حياتهم أجواء مشحونة وينتشر السلوك العدواني وكذا الانكفاء على الذات عدا عن أنواع مختلفة من الفوبيا أو الخواف ومن ذلك إقامة المهرجانات الفنية والورش التأهيلية عن طريق اللعب أو الرسم أو القص...الخ. وهذه مناسبة لشكر القائمين على مهرجان محلى هواك الذي احتضنته عاصمة الثقافة اليمنية تعز مؤخراً في حديقة التعاون بتعاون المكتب التنفيذي لعاصمة الثقافة برعاية شركة ماس للإعلان إحدى شركات مجموعة هائل سعيد أنعم وشركائه وشاركت فيه فرق الرقص الشعبي وبعض الفنانين إضافة إلى عرض المنتجات الحرفية والشعبية على مدى خمسة أيام، وما تم على هامشه من تكريم الفنان الكبير وأحد أبرز رموز هذه المحافظة إن لم يكن الأبرز فيها أيوب طارش العبسي من قبل وزير الثقافة في حكومة الوفاق. وأهمية إقامة مثل هذه الفعاليات تأتي من أهمية المكان والزمان والشريحة المستهدفة وجميعناس ولازلنا نعيش حالة من القلق العام بفعل الأوضاع الاستثنائية التي تعصف بالبلاد في مكان ومتزامنة مع هذا المهرجان كنا نتابع تدهور الأوضاع في العاصمة وحالة النهب والسلب وكذا الجرائم التي تقترفها القاعدة وغير ذلك. غير إن إقامة مثل هذه المهرجانات يجب أن تكون بحجم التسمية وتفرض تعاون الجهات الحكومية وقطاع المجتمع المدني وشراكة قوية للقطاع الخاص لتكون هذه المهرجانات محطات ثابتة في رزنامة الثقافة والسياحة سنوياً وما يؤخذ على المنظمين وعلى قيادة السلطة المحلية ما رافق أيام المهرجان من كارثة بيئية طالت جميع شوارع وأحياء مدينة تعز حيث عانى السكان من تكدس أكوام القمامة والروائح المنبعثة منها سيما ونحن نعلم ما يتم رميه من مخلفات ذبح الأضاحي ما سلب من فرحة الناس بالعيد رغم ضيق مساحتها. وكذا ربما ما حرم الكثيرين من الاستمتاع بهذا المهرجان وما عشته المدينة من أمطار متواصلة طيلة تلك الأيام وكان حرياً بالمكتب التنفيذي إقامة مهرجان الفضول في نسخته الثانية حفاظاً على الاستمرارية وتشجيع السياحة خارج المدينة أيضاً.