الثواب والعقاب هي وسائل متعارف عليها في جميع المجتمعات المختلفة وهي أيضاً إحدى أساليب التنشئة أو إعادة التأهيل أمام أي سلوكيات خارجة عن القانون. ويُعد السجن من الأساليب العقابية التي تعتمد عليها كافة الدول والمجتمعات، ويقضي الهدف الأول منه معالجة السلوكيات الإجرامية للإنسان، وحماية للمجتمع. في العام 2012م كشفت إحصائية رسمية عن عدد السجناء المودعين في السجون المركزية بكافة محافظات الجمهورية في بلادنا بلغ (11010) سجين، وبلغ عدد المفرج عنهم في نفس العام، 11 ألفاً و 65 سجينًا. وارتفع عدد السجناء خلال العام الماضي 2013م، حيث بلغ العدد 12 ألف سجين في حين بلغ عدد المفرج عنهم سبعة آلاف سجين.. بينما زاد العدد خلال العام الحالي إلى 14 ألف سجين. ارتفاع معدل الجريمة يشير إلى زيادة عدد السجناء وهو ما يتطلب معه أيضاً تطوير أداء المؤسسة العقابية من خلال الارتقاء بكيفية إعادة تأهيل المسجونين لعدم تكرار الجرائم ودمجهم بالمجتمع من جديد. العديد من المبادئ والقرارات والمواثيق الدولية والملزمة لجميع الدول تشدد على معاملة السجناء بما يليق مع الكرامة الإنسانية والعمل على إعادة دمجهم، وقد نص قرار الجمعية للأمم المتحدة 45/111 المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1990م في عدة فقرات من أهمها : تهيئة الظروف التي تمكن السجناء من الاضطلاع بعمل مفيد مأجور ييسر إعادة انخراطهم في سوق العمل في بلدهم ويتيح لهم أن يساهموا في التكفل بأسرهم وبأنفسهم مالياً.. المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أشارت في تقرير أوضاع السجون العربية ومنها اليمن إلى ضرورة تطوير السجون بحيث تكون مؤسسات تأهيلية قبل أن تكون عقابية وانتقدت ظاهرة السجون غير القانونية في بلادنا وغياب الرعاية الصحية للسجناء، وتكدس السجناء بأكثر من الطاقة الاستيعابية للسجن وأوضاع المرأة اليمنية السجينة. وقد استعرضت العديد من الندوات والمؤتمرات أوضاع السجون في اليمن وخلصت بالقول: إن السجون بحاجة إلى تطوير في الأداء وتوسع في البناء، كون السجون المركزية في المحافظات تعاني من الاكتظاظ وهو ما يؤدي إلى انتشار الأوبئة بين السجناء ويؤثر على صحتهم، كما أن نقص الغذاء والدواء له عواقب وخيمة، ويتطلب الوضع الحالي إلى جدية بالعمل على وضع آلية عملية وعلمية لانتشال الوضع مما هو عليه الآن. وطالبت توفير الدعم المالي لمصلحة السجون لبناء سجون وإجراء ترميم وتطوير للسجون الحالية وتطوير قدرات العاملين بالسجن وتدعيم السجون باحتياجاتها من العاملين من مختلف التخصصات. وبينت بعض الدراسات حول أوضاع السجون في بلادنا بأن الأسرة تكون من أوائل الضحايا حين يسجن من يعول أسرته، يتمثل بالتفكك الأسري بسبب عدم وجود عائل ينفق على الأسرة. وهو ما يتطلب إلى الاهتمام بهذا الجانب والبحث عن إمكانية إقامة مشاريع مصغرة لبعض المصانع والمعامل في السجون لتشغيل السجناء بالشراكة مع القطاع الخاص، وتحفيز القطاع الخاص بهذا الجانب للمشاركة في الإصلاح الشامل وإيجاد المميزات كالخصم الضريبي لتشجيع رجال الأعمال على غرار بعض الدول العربية.. هذا العمل يوفر دخلاً للسجين يستعين به على الاطمئنان لحياة أسرته وحافزاً للعودة الجديدة للمجتمع وضمان لعدم العودة للجريمة وعدم الشعور بأنه عالة على الآخرين.