لايزال التربويون يعانون من الإشكاليات المرتبطة بالكتاب المدرسي، من حيث مدى توفره والنقص الحاصل فيه، إلى جانب جملة من الملاحظات المتعلّقة بمحتوى بعض المواد.. أما تعميم وزارة التربية والتعليم بضرورة استرجاع كتب الصفوف الأولى، فهو ما عدّه المعلمون غير مستساغ إلا في ظروف غير عادية.. الاستطلاع التالي يناقش ما سبق. إشكاليات الكتاب المُسترجع ياسين عبدالرب، وكيل مدرسة قال: لمسنا من بداية العام الدراسي انحسار مشكلة توفر الكتب، وقد بدأنا صرف الجزء الثاني بطبعته الجديدة، لكن نخشى أن يطول عمر تنفيذ التعميم باسترجاع كتب الصفوف الأولية من (1 3) بعد أن كنا نطالب بعدم استرجاع كتب الصفين الرابع والخامس من التلاميذ لعدة أسباب، أولها حاجة التلميذ للكتب كمراجع في صفوف تالية، بالإضافة إلى إشكاليات تصاحب الكتاب المسترجع بما قد يحويه من أخطاء وتلف وبتر وتفكّك لعدم جودة الكتاب. وأضاف : أما التعميم من قبل وزارة التربية باسترجاع كتب الصفوف (123) فلا جدوى منه، لأن عيوبه كبيرة،فالكتب إما أن تكون مهترئة أو ناقصة صفحات كما أنها مليئة بأنشطة نفذها التلاميذ أثناء تعلّم مهارات القراءة والكتابة والحساب والتلوين ما يحرم المستخدم التالي من فرص ممارسة الأنشطة كما ينبغي وبما يحقق الأهداف. وزاد: ويبدو أن الصعوبات أمام الوزارة هي السبب والدافع لاسترجاع كتب الصفوف الأولية كونها كتب أنشطة وكثير من كتب التعليم الأساسي كذلك وتتطلّب وجود دليل معلم ودليل للطالب في الصفوف المتقدمة لفقر محتواها ونماذجها المتطوّرة والمتقدمة على واقع مجتمعنا لا سيما وأن هناك جوانب النقص كبيرة في التجهيزات والوسائل إلا ما يتم إعداده بجهود ذاتية. مسألة فنية من جانبه قال أ. عيدروس عبده سيف، وكيل مدرسة: هناك نقص في بعض كتب الفصل الثاني منها العلوم واللغة العربية ولكن في كل مدرسة كتب مسترجعة يجب تجميعها وصرفها فقد فهمنا من التعميم الجديد أن هناك عوامل موضوعية سبّبت تأخر وصول الكتب الجديدة للفصل الثاني نتيجة تأخر وصول الورق اللازمة للطباعة، وأضاف قائلاً: كانت التربية تصرف “50%” كتباً جديدة وتقوم المدرسة بصرفها وتغطي ال(50%) الأخرى من الكتب المسترجعة من الطلبة، وكانت النسبة قد ارتفعت في بداية العام الدراسي الحالي إلى “70%” من الكتب الجديدة مع نقص في بعضها، ووجدنا تفاعلاً وسرعة في تغطية النقص لاحقاً، ولمسنا أيضاً توجهاً جاداً بأنه تم توفير كتب يعتمد فيها على الأنشطة وتمارين كثيرة، هذا الأمر يعني أن الكتب التي يحتاج كل طالب للاشتغال عليها توفرت ونتطلّع أن يحصل التلاميذ وحتى طلاب وطالبات الثانوية على الكتب “100%” ودون أن يسترجع منهم كتاباً واحداً في الفترة القادمة، وأن يتم التغلب على بعض العيوب بحيث تأتي متميزة من حيث جودة الورق والتغليف والخلو من الأخطاء أو فقر المحتوى وهو ما تميزت به كتب الصفوف من (13) أساسي في الطبعات الحديثة. أما مسألة استرجاع كتب تلاميذ الصفوف الأولى فعمل احتياطي ولابد أن يكون مؤقتاً حتى تزول الأسباب الطارئة، وكلّنا أمل بأن يتجاوز البلد وضعه الراهن عما قريب ونشهد تحولات إيجابية في مجمل جوانب التعليم. أهمية الوسائل ويرى أ. عيدروس إن تعزيز مساهمة المجتمع في دعم التعليم وتفعيل الشراكة بين البيت والمدرسة كفيل بالتغلّب على بعض الصعوبات حيث قال: لابد من التوجيه والإرشاد للأبناء للحفاظ على الكتب وتشجيعهم على التفاعل مع المعلمين لإنتاج الوسائل التعليمية لضرورة وجودها إلى جانب ما توفرها التربية والتعليم من أجل تحقيق الغايات النهائية من المنهج وترابطه، فالطالب يستوعب أكثر من خلال الوسائل التعلمية والاستفادة من المحسوس أكثر من المسموع، ومن المهم أن تكون فصول التمهيدي إلزامية حتى ينتقل الطفل إلى الصف الأول أساسي ليحاكي المنهج ويعتني بالكتاب بدلاً من الانشغال بالبيئة المدرسية الجديدة عليه والتي تأخذ منه وقتاً للتكيّف معها بسبب الاهتمام بالشكليات. نحتاج إلى بذل جهود حتى تصبح المدرسة جاذبة للطلاب من حيث مواصفات المبنى والمرافق ووفرة الوسائل وممارسة الأنشطة المكملة للمنهج، وليس فقط الكتاب الذي هو جزء من المنهج بمعناه الواسع وهذا الأخير بحاجة إلى عملية تطوير مستمرة من حيث الصور الملونة واختفاء الأسود والأبيض. صعوبات أما توفيق الصبري، مدرّس علوم فقال: يهمنا محتوى الكتاب إلى جانب توفره في مدارس الريف والمدينة في بداية العام، وكتاب العلوم مثلاً محتواه لا يكفي لضمان توصيل المعلومات، ويتطلّب من المعلم أولاً أن يكون باحثاً، ومن الطالب ثانياً وإلى وسائل ومعامل مكتملة، وقد لا يتوفر الحد الأدنى من هذه الوسائل والمعامل والمواد المعملية ما يشكّل أعباءً على المعلمين والتلاميذ والأسرة. ففي اليوم الواحد أتلقى اتصالاً أو أكثر من زملاء حول مسائل وصعوبات في كتاب العلوم للصف الخامس أو السادس أساسي. فمادة العلوم تطبيقية، وإذا لم تتوفر الوسائل والتجارب يبقى الكتاب شحيح المحتوى والتحصيل متدنياً، وإعداد الوسائل في المدرسة قد لا يلبي الحاجة. تلف فيما هناء دحان معلمة قالت: نحن لا نشجّع على استرجاع كتب الصفوف الأولى، لأن الأطفال يتركون آثاراً فيها لا تشجّع على إعادة استخدامها ومعها حرص الطفل وأسرته على العناية بالكتاب، فلابد أن يصيبه شيء من التلف. قد يُقال أن للضرورة أحكاماً إذا رأت الوزارة ذلك ولكن نؤكد على ضرورة العمل الجاد من أجل توفير البيئة المناسبة للتعليم وتوفير التجهيزات والوسائل ومعالجة النقص في الكراسي، وليكن إعلان العام 2015م عاماً للتعليم بداية لإنجازات وخطوة على الطريق الصحيح لإصلاح قطاع التعليم وتطويره. مشاعر سلبية وتؤكد رؤوفة حسن، مربية: لا أستطيع تأييد استعادة كتب الصفوف الثلاثة نهائياً، ليس فقط لأن نشاط التلاميذ يتم في هذا الكتاب ولكن لأن توفر كتب حديثة لبعض التلاميذ وكتب مسترجعة لدى البعض الآخر يولد حساسيات وربما مشاعر سلبية تجاه الكتاب لا سيما وأننا لا نضمن كمعلمات وأسر عدم وجود خدوش أو خربشات أو تلف في هذه الكتب، كما أن البعض من الكتب ما لا تقبل المدارس استرجاعه لعدم صلاحيته نهائياً وضياع للبعض وو إلخ. وأضافت: لقد عايشنا مشاعر البعض في صفوف رابع، وخامس وسادس أساسي وهي ذات طبيعة سلبية بسبب حصول البعض الآخر على كتب حديثة.ما بالكم بمشاعر تلميذ الصف الأول والثاني والثالث.. أما إذا كان لا يجد مقعداً للجلوس ويكابد عناء الجلوس على الأرض فلابد أن مشاعره ستكون أسوأ. إرباك ومن المعاناة حسب وصف تربويين وأولياء أمور ماهو مرتبط بأرقام الصفحات، حيث أن كتب الاجتماعيات يتم تحديثها كل عام وينتج عنها تغيير أرقام الصفحات واختلافها عن الكتب المسترجعة لدى البعض وعندما يجدّد المعلم صفحات الواجب لظهر إشكاليات وشكاوى، إذ يحدد المعلم صفحة الواجب بما يقع أمام (ص40) مثلاً وحسب الكتاب الجديد بينما هي في الكتاب القديم في (ص 8) أو 62، أي عدم تطابق أرقام الصفحات وهو ما قد يغفل عنه مدرس هنا أو معلمة هناك، ويؤلم التلاميذ أو يعطي فرصة للاحتجاج أو الإهمال.. وزادت: لكن الأسوأ هو أن تنتهي امتحانات الفصل الأول ولم تصل الكتب الناقصة لطلبة المدارس، والمفزع هو أن تستمر الأوضاع الحالية في البلد وعناء بعض المناطق والمحافظات، حيث تكاد تكون الدراسة متوقفة. النقص مستمر أحمد الحازمي، مدرّس، يرى أن الإشكاليات التي رافقت العملية التعليمية في السنوات الأخيرة تسببت في تأخر وصول الكتب في الوقت المناسب إلى الطلاب وقال: نحن في مديرية ماوية مازلنا نعاني النقص والتأخر في إيصال الكتب ونقص بعضها مصدر عناء في المدينة والريف، ومن المؤكد أن اختلالات تصاحب البرنامج الزمني للفصل الدراسي في ظل وجود مشكلة الكتب، ولأن الوضع مازال غير طبيعي في بلادنا وتداعياته وصل شررها إلى مباني مؤسسات التعليم لذلك نجد العذر للمؤسسة التعليمية والعزاء في العمل والإصرار على متابعة نهج القراءة المبكرة وتوفير الكتاب.