ازدحام الفصول الدراسية مشكلة تزداد تعقيداتها في ظل نقص الوسائل الأساسية في مؤسسات التعليم الحديث، وتتعدد آثار الكثافة في المرحلة الأساسية وتحديداً الفصول الأولية لاسيما إذا ما افتقرت المدرسة إلى الكراسي، بما لذلك من نتائج تتجاوز ضعف مستوى التحصيل العلمي إلى أضرار صحية تصيب التلاميذ وضغوط تستنزف طاقات الكادر التربوي، أما إذا تم استقصاء حقيقة الأمر بارتباطاته بجوانب المنهج وبكل مفرداته من مبنى وإدارة وكتب ومعامل وأنشطة... إلخ إلى جانب زيادة الطلب على التعليم وعلاقته بالمناخ العام، فمن المؤكد أن واقع التعليم بحاجة إلى نقلة نوعية بدأت بإعلان العام 2015م عاماً للتعليم، وهو ما يفرض على الدولة والمجتمع التعاون؛ كون التعليم مفتاح الأمن المادي والنفسي للأفراد والمجتمع. نقلة نوعية الكوادر التربوية في الميدان يرون أن التعليم حظي باهتمام الدولة دائماً، إلا أن مشكلات الوضع الراهن وسوء التخطيط والإدارة وزيادة النمو السكاني والطلب على التعليم زاد من الضغوط. في مدرسة المرحوم عبده محمد راجح بمديرية المظفر تجد المبنى الحديث، ورغم أن المدرسة اعتمدت عام 1999م، وقام المجلس المحلي بتوفير الأرضية وتنفيذ المشروع، لاتزال الفصول الدراسية تفتقر إلى الكراسي، ويصر أولياء الأمور على تعليم أبنائهم فيها لقناعتهم بأن الكادر التربوي في المدرسة ذو دافعية عالية والإدارة كفؤة ومستوى التحصيل متميز، وهو ما يشهد به مكتب التربية والتعليم وأولياء الأمور. مدير المدرسة الأستاذ سعيد أحمد راجح يرى أن هناك مشكلة ينبغي التغلب عليها وتؤدي إلى ازدحام الفصول ترتبط بالتوسع العمراني رأسياً وأفقياً، وزيادة عدد التلاميذ الذين يلتحقون سنوياً بالمدارس، وسوء التخطيط وعدم مراعاة التوسع في مدارس التعليم الأساسي، ما يتطلب نقلة نوعية في سياسة التعليم بناءً وتجهيزاً وتأثيثاً، والأخذ بمعايير سليمة بحيث تسلّم المباني المدرسية مكتملة. وأضاف قائلاً: نحن نعلم التلاميذ في ظل نقص وسائل وافتقار للتجهيزات والأثاث المدرسي والمكتبي، ونواجه كل عام ضغوطاً لقبول التلاميذ لبُعد المدارس الأخرى عن الأحياء المحيطة، ما يجعل من ازدحام الفصول أمراً لابد منه، ونجد تفاعلاً من الموجهين بشأن تجهيز المدرسة وتوفير الكراسي، إلا أن استجابة مكتب التربية غير موجودة، وفي الوضع الراهن نواصل المتابعة ونعمل مع الكادر على تلافي الصعوبات والاستفادة من مساهمات المجتمع وتعاون الشخصيات الاجتماعية، على توفير فرش للفصول لوقاية التلاميذ من أمراض البرد، وتبقى المشكلة في عدم وجود فواصل أو عوازل بين الفصول؛ حيث يدرس الأطفال في المبنى الجديد في حلقات متقاربة ومثلها في المسجد المجاور للمبنى القديم، ما يؤثر سلباً على استيعاب التلاميذ ويرهق المعلمات والمعلمون، والموجهون يدركون ذلك. مشكلة عامة المسؤولون في التربية والتعليم يقولون: إن الموازنة لا تسمح، والكثافة في الفصول مشكلة عامة في كثير من المدارس في الريف والحضر، حسب رأى أ. نزيهة الصوفي - المسؤول المالي المشرف - والتي أضافت: إن التقارير المرفوعة من المدارس حول ازدحام الفصول والافتقار إلى الكراسي والأثاث بشكل عام في بعضها لا تستوعب في الإدارات المختصة في مكتب التربية، وغالباً إذا كانت المدرسة قد بنيت من المجلس المحلي فعليه توفير الكراسي أسوة بمشاريع الصندوق الاجتماعي. وبصفتها باحثة ومحاضرة في جامعة تعز أكدت أن الازدحام في الفصول وخاصة في الصفوف الأولى تقيد الحركة الطبيعية للتلاميذ ويتعرضون للإرهاق، وربما إلى أمراض نتيجة طول وقت النظر إلى المعلم والسبورة، رقبة الطفل لا تتحمل، كما أن برودة الأرضية وعدم طلاء الجدران والتلوث الضوضائي كل ذلك يعيق استيعاب الدروس.. ويلعب تفاني الكادر الشاب والإدارة الجيدة دوراً له بالغ الأثر في التخفيف من المشاكل الناجمة عن العجز في الوسائل، مع تأكيدنا على أن الازدحام ونقص الوسائل يعكران المناخ التربوي والتعليمي، في حين نطمح إلى وسائل حديثة في كل مدرسة. معايير عالمية توفيق قائد صالح قال: كمعلم أجد عناء بسبب ازدحام الفصل وعدم توفر الوسائل، لاسيما غياب الكراسي، كما أن آلام المفاصل وانتقال العدوى بأمراض الشتاء بين التلاميذ أمر وارد، ودائماً يتعثر الواحد منهم إذا تحرك في وسط الزحام فيدوس هذا ويؤلم ذاك أثناء الانتقال إلى مقدمة الفصل والعودة إلى مكانه، إلى جانب سوء الإضاءة في الأجواء الغائمة، وهناك معايير عالمية لتحديد العدد المثالي في الفصل، وفي ظروف اليمن نقبل بالزيادة كضرورة، لكن لا يمكن قبول النقص في الكراسي أو شروط التهوية؛ لأنها تعد معاناة أخرى أمام التلاميذ والمعلمين، وحتى الأسر تتوجس من محتوى بعض الكتب لمادة العلوم.. فهو لا يكفي.. معاناة تتزايد نجاة أحمد علي «مربية» قالت: مشكلة ازدحام الفصول تسيء إلى التعليم، والحديث عنها كثير وإن تفاوتت حدة المشكلة من مكان إلى آخر، فمن المؤكد أن كثافة التلاميذ في المدارس أو الطلاب في الثانوية يحد من دور المعلمين في المتابعة والتصحيح ومعرفة مستوى كل طالب أو تلميذ في الوقت المناسب، أما إذا جمعت إشكاليات الازدحام ونقص الوسائل ولم تتوفر الكراسي أو زجاج النوافذ فالتحدي يكون كبيراً؛ إذ تستنزف قوى المربين وينشغل الإداريون بالمتابعة ومعالجة مشاكل تفرزها هذه الأجواء، والأسوأ أن يجلس تلاميذ في الصفوف الأولى على البلاط فذلك يعرضهم لمشكلات صحية لعدم توفر شروط الجلوس السليم لساعات طويلة في غياب المقاعد والطاولات وعلى المستوى العلمي يتراجع مستوى التحصيل عندما يزيد العدد في الفصل عن 50 وما فوق، والازدحام يزيد من جهد الكادر التربوي ويتطلب متابعة واهتماماً أكبر من الأسرة.على مستوى مدارس الثانوية يرى أ. محمد سفيان أن نقص الوسائل التعليمية ومتطلبات تفعيل المعامل مشكلة يمكن التغلب عليها من قبل الإدارة وتفاني مدرسي المواد العلمية وتفاعل ودعم المجتمع من خلال مجالس الآباء، وقال سفيان: في مدرسة 26 سبتمبر عندما تفاعل أولياء الأمور وتشكل مجلس الآباء واستطاعت الإدارة الحصول على دعم حقيقي من الكادر تحققت نجاحات ومنها بدء خطوات لإنتاج الوسائل التعليمية داخل المدرسة والعمل لتلافي الإشكاليات الناتجة عن نقص الوسائل وكثافة الطلاب في الفصول. تفاعل أما مدير المدرسة أ. نجيب الشميري فيؤكد أن الكادر الشاب والأكثر تأهيلاً هو ما يعول عليه في التغلب على نقص الوسائل ومواصلة تحسين العملية التربوية والتعليمية، وأضاف الشميري: طبعاً تتباين المشكلات من مدرسة إلى أخرى فيما يتصل بنقص الوسائل وكثافة الطلاب ومدى توفر الكادر ودافعيته، لكن أن تعجز عن إيجاد حارس لمدرسة كبيرة أساسي ثانوي أو عامل تنظيف مع وجود أعداد من الطلاب يهدمون مساء ما بني صباحاً كهدم السور فإن وضع مثل هذه الأمور على طاولة البحث وإبرازها إعلامياً مطلب ملح وتحفيز مسؤولي التربية والجهات على التفاعل مع احتياجات المدرسة لابد منه لاسيما من حيث زيادة عدد الفصول لمواجهة الازدحام وكثافة الإقبال على فصول المرحلة الأساسية.. نعم نستطيع التغلب على نقص المواد لإجراء التجارب المعملية، وباشرنا في إنتاج الوسائل من مجسمات وخرائط ووسائل توضيحية، واستفاد الكادر من الدورات التدريبية للعام الماضي إلا هناك تفاؤلاً بشعار العام 2015 عاماً للتعليم، ونحن في محافظة تعز أولى بترجمة الشعار؛ لأن المحافظة مؤهلة لذلك. وقال الشميري: نأمل أن يتم بحث مشكلات تتعلق بما طرأ على بعض الطلاب ومدى تأثير ازدحام الفصول على سلوكهم وافتقارهم إلى الإحساس بأهمية النظم واللوائح المدرسية والإحساس بأهمية التعليم وفرز المؤشرات المرتبطة بالبيئة المحيطة على الطلاب والعوامل المرتبطة بالمناخ داخل المدرسة، وهناك مقترحات نتداولها كتربويين في ضوء المتوقع في مرحلة تطبيق مخرجات الحوار. الشميري استطرد قائلاً: إذا كنا لم نستطع إقناع جهات الاختصاص بإخراج مجموعة من المهمشين سطو على كنتونات في حوش المدرسة واتخذوها سكناً ويمارسون كل طقوسهم اليومية المزعجة للمدرسة، ولم نجد من يحرك ساكناً منذ أحداث الأزمة. مقترحات ومن المقترحات التي يتداولها التربويون حول إشكاليات الازدحام ما لخصه أ. أحمد المجاهد وكيل مدرسة بقوله: أن تأخذ التربية والتعليم بمقترح لعمل فترة دراسية ثالثة تبدأ في الخامسة وتنتهي في الثامنة والنصف مساءً للطلاب المنشغلين بأعمال للإسهام في إعالة أسرهم. تفعيل نظام التعليم عن بعد لمن لا يستطيع الانتظام. إلزام كل المدارس بعمل غرفة أو غرفتين لإنتاج الوسائل التعليمية المناسبة لكل درس. فيما يخص المعلم يجب تقصير مدة عمله في التدريس مع أخذ حقوقه كاملة في نهاية الخدمة المحددة ولتكن 25 عاماً؛ لأن المعلم تضعف قواه البدنية كالبصر والسمع ويتعرض لأمراض في سن مبكرة لها صلة بوظيفته. لابد من عمل مدرسة تختص بالأبحاث التربوية والتعليمية في كل مدينة من أجل تطبيق أنظمة جديدة مقترحة ومدروسة نظرياً لمعرفة مدى نجاحها عملياً على هذه المدرسة ثم تعميم النتائج الإيجابية. رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر