دراسة: عبده سيف قاسم أولاً: ببلوجرافيا النص: بين يدي 55 نصاً أدبياً مختلفاً، وعدد 79 عنواناً رئيسياً وثانوياً، وعدد 1256 شطراً/بيتاً أو جملة شعرية وأدبية مختلفة، وعدد 53 تاريخاً مختلفاً من تواريخ النشر لأعمال أدبية نثرية قصصية وشعرية، نشرت تباعاً لأديبنا الكاتب صادق محمد السامعي على صدر صفحة «أدب وثقافة» بصحيفة الجمهورية خلال الفترة من: 21 يناير 1997م وحتى 15يونيو 2003م، وبالترتيب الزمني لتواريخ الإصدار تأتي قصيدتا “أفول، الصورة” التي نشرتا في 21 يناير 1997م بالعدد رقم 10307 من صحيفة الجمهورية، وقصيدة “حريق الدمع” التي نشرها العدد رقم 12320 بتاريخ 156 2003م. ذلك كل ما حواه الملف الذي وصل إلينا من إنتاج أدبي قصصي وشعري بتوقيع الأستاذ صادق محمد السامعي خلال الفترة الزمنية المشار إليها سابقاً، ولا يعني ذلك البتة أن هذا هو كل ما أبدعه صادق السامعي من كتابات في مجال الأدب وفنونه المختلفة، سواء ما نشر منها أم لم ينشر. فرز محتوى “الملف” من النصوص الأدبية صاغ الكاتب معظم أعماله الأدبية بفنون نثرية وشعرية متعددة تبعاً لتعدد الأغراض والمجالات النثرية والشعرية في الأدب كما هو معروف، فإذا ما استثنينا “6 7” أعمال، أو عناوين من بيلوجرافيا النصوص الأدبية التي بين أيدينا تحوي مجموعة قصص قصيرة، ومثلها كذلك: مجموعة قصائد غنائية مهداة من المؤلّف عينه لفنانين بأسمائهم.. احسبني قد سمعت بعضها لحن وغنّي فعلاً، وأكد لي ذلك “مؤلفها صادق السامعي” غير مرة، ومثلهما أيضاً يحوي “الملف” مجموعة أغانٍ وأناشيد للأطفال نشرت في صحفة أدب وثقافة الطفل في صحيفة الجمهورية خلال نفس الفترة الزمنية “1997م 2003م” لا أدري هنا هل استفاد منها أطفالنا والقائمون على أدب الطفل..؟!. وبعد عملية الطرح “الاستثناء” فقد أظهرت لنا ببلوجرافيا النصوص الأدبية آنفة الذكر أن هناك نحو “26 28” نصاً أدبياً وفنياً كتبها الشاعر صادق محمد السامعي بلغة شعرية فنية جميلة حديثة ومبتكرة، حيث أاختار موضوعاتها وعناوينها بدقة وإتقان، كما نجح أيضاً في صياغة وتشكيل كثير من الهياكل والطرز البنائية لقصائده هذه بصفة عامة؛ وإن تفرّد ببعض خصوصياته هنا وهناك محاولاً ابتكار قوالب فنية ورمزية أو استحداث صور وهياكل بنائية ومعنوية جديدة للقصيدة الشعرية الحديثة، قصيدة “الساعة والساحة” الآن، وإن بدت بعض تلك “المحاولات” تتسم بالعفوية، وأحياناً الاستغراق في حالة السكون والنكوص على الذات القلقة أو لتبدو بهيئة الخواطر العبثية المتمردة؛ غير أن كل ذلك أولاً وأخيراً جدير بالبحث والدراسة المتعمقة قبل إصدار أي أحكام أو تصنيفات جزافاً.. فما يراه “زيد” قد لا يراه “عمرو” وما يقرأه “عمرو” قد لا يفهمه “زيد”..!!. ثانياً: ببلوجرافيا ديوان يضم الديوان “36” قصيدة شعرية ومقدمتين إحداهما مقدّمة الشاعر نفسه، تتوزع قصائد الديوان موضوعياً إلى: 1 قصائد اجتماعية إنسانية بصفة عامة، وعددها “18” قصيدة. 2 قصائد غزلية، وعددها “10” قصائد. 3 قصائد وطنية، وعددها “8” قصائد. كل قصائد “الديوان” من الشعر الحديث، اعتمد الشاعر في بنائها على أساليب الشعر الحر وأغراضه وموازينه وأدواته الفنية، متحرّراً بذلك من كل قيود “بناء” القصيدة العمودية: قراءات في النصوص الشعرية لديوان “عشاق الفجر” أولاً: الشكل البنيوي للقصيدة تظهر قراءتنا الأولى ما يلي: أن معظم قصائد الديوان سهلة الألفاظ، بسيطة التراكيب، موجزة العبارة، مفهومة المعاني المباشرة إلى حدٍ كبير وإن نشرت معظمها بطريقة مشهوهة، ناهيك عن الأخطاء المطبعية التي نلاحظها جميعاً في كثير من الصحف المحلية. بعض قصائد الديوان نُشرت تحت عنوان “قصائد” وقد اعتمد الشاعر على الترقيم أو الترميز لبعض قصائد الديوان أو للمقطوعات الشعرية لبعض القصائد أو لعدة قصائد تحت (زاوية ثابتة) على ما يبدو هي “قصائد” في صفحة أدب وثقافة بصحيفة الجمهورية؛ لكنها بالتأكيد على خلاف ذلك في الأصل عند الشاعر نفسه، وقد تجاوزنا مثل هذه العيوب الفنية في بنيوية القصيدة، عند مراجعتنا مع الشاعر صادق السامعي وإعدادنا للنسخة الأًصلية لقصائد ديوان “عشاق الفجر” كحالة جاهزة للطبع. تتسم معظم قصائد الديوان بالتنوّع والشمول في تناول الموضوعات الاجتماعية والإنسانية وإن كانت بعضها تبدو بسيطة وغير ذات أهمية كما قد يقول قائل، إلا أن شاعرية صادق السامعي وقدرته الإبداعية قد جعلته يصوغها بكفاءة عالية وبطريقة سهلة ومرنة وأسلوب رشيق محكم يصل إلى القلوب والألباب بسرعة ويسر محققاً أهدافه وغاياته المرجوة ما يدلّك فعلاً على موهبة الشاعر وقدرته الفنية الكبيرة على توصيل أفكاره ونقل أحاسيسه ومشاعره إلى الآخرين. كما تتميّز معظم قصائد الديوان بتنوّع الأشكال البنيوية الجديدة للقصيدة الشعرية وبوفرة القوالب الفنية المستحدثة لتلك الهياكل البنيوية التكرار اللفظي شبه المنتظم في بنيوية معظم قصائد الديوان لعدد “9” كلمات مختلفة هي على التوالي “البكاء، الدموع، الحزن، الشجن، الضياع، الضوء، السؤال، الليل، والقمر” التي لا تكاد تخلو معظم قصائد الديوان منها أو إحدى مرادفاتها أو اشتقاقاتها المختلفة مما يكشف بجلاء عن الهوية الشعرية والحالة النفسية والشعورية للشاعر ومعاناته وعمق تجاربه الحياتية الصادقة، يقول في قصيدة “طفل الضياع”: طفلاً أذكرك تتوسّد حجر الأمسيات التعيسة تلثم ثدي الضياع، لا تدري من تك؟؟ في كهف الظلام تنصهر تضيء الشوارع الأزقة أماكن أخرى وتمطر دموع التشرُّد أودية الظمأ ثم تنحني هامة مبتورة الوجود كما يكشف ذلك أيضاً عن مرجعية الشاعر الفكرية وخلفيته والثقافية وقاموسه اللغوي، فنجد خلفيته الثقافية دينية، وفكره إنساني وقاموسه اللغوي عربي حديث ومعاصر يكاد يكون القرآن الكريم مرجعه الأول، أمثلة يقول في قصيدة “أفول”: القمر في كبد السماء الظلام “يعشعش” في البيوت وحدها تبحث عن مأوى عن ملجأ، عن “جبل يعصمها من الماء” وحدها تشق طريقها في الدروب محفوفة بالدم، بالدموع والظمأ لكنه غاب القمر وعادت الأضواء مات المساء ونراه في موضع آخر يستنهض طاقات الأمّة وهممها، متهكماً حيناً على حالات الذل والخوف والخنوع الذي شلّ حركة تقدم هذه الأمّة وأفقدها كل شيء، ثم يتبدى بذاته حين يجلدها مستنهضاً كل طاقاتها وإرادتها السوية وروحها الخلاقة، فيقول في قصيدة “الصمت”: الصمت قتل حلم حياتي وأوردتي آلة حدباء تحيا لا دماء أنامل العشق تلامسني فتزرعني خوفاً فلا كنت يا ليل الغرباء يزرع الهجر تلاقي ينمو زرع حي فيضمّه حناني ويرعاه اشتياقي