يرزح اليمنيون تحت وطأة حرب تفتك بأرواح الآلاف منهم سنوياً، ولا تفرق بين كبير وصغير حينما تحصد أرواحهم، ولا تجد مواجهة حقيقية لصده وضحاياها في تزايد مستمر وبشكل كبير سنة تلو الأخرى.. هذه الحرب يقودها مرض (السرطان) على الساحة اليمنية المثقلة بالفقر مما يزيد معاناة المصابين بهذا المرض الفتاك، في بلد لا تزال من مصاف الدول التي تعاني كثيراً من المشاكل الصحية. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن مرض السرطان يُعد أهم أسباب الوفاة في جميع أرجاء العالم حيث وقد تسبب هذا المرض في وفاة 7.6 مليون نسمة (نحو 13 % من مجموع الوفيات) في عام 2008م. وبحسب منظمة الصحة العالمية حول عدد الحالات التي تصاب بمرض السرطان في اليمن بأنها تصل إلى (22) ألف حالة جديدة سنوياً، يتمكن من الشفاء منهم 40 % فقط و 60 % يلقون حتفهم ويمثلون مقدار 12 ألف حالة تموت سنوياً. وتشير الإحصائيات إلى أن سرطان الثدي هو المرض الأكثر انتشاراً، حيث يشكل 16.5 % من إجمالي حالات السرطان، يليه سرطان القولون و المستقيم بنسبة 9.6 % من إجمالي مرضى السرطان، ويليه سرطان الرئة الذي يشكل 8.5 % من إجمالي الحالات التي تصاب بالسرطان. ويؤكد المختصون أن اليمن تحتل المرتبة الأولى من حيث انتشار مرض السرطان على مستوى الدول العربية خاصة أن وسائل مواجهة هذا المرض ضعيفة للغاية. ويتفق الأطباء المختصون حول أسباب المرض وزيادة انتشاره ناتج عن الاستخدام العشوائي الذي يصل إلى درجة الإفراط للمبيدات الزراعية للخضروات والفواكه وكذلك لشجرة (القات) والتدخين والتلوث البيئي المنبعث من الآلات الصناعية والسيارات والدراجات النارية مشيرين أيضاً إلى خطورة الإشعاعات الصادرة عن محطات الهواتف النقالة، كما أن بعضهم يدرجون ضمن الأسباب المواد الغذائية المعلبة خاصة التي تدخل عن طريق التهريب أو ذات الصلاحية طويلة الأمد، وبدورهم يشددون على تكثيف الرقابة والفحص للمنتجات الغذائية المعلبة وغير المعلبة. ويرجع الأطباء أن معدل الفقر الكبير بين أوساط شرائح المجتمع اليمني يضاعف من المعاناة للمصابين حيث معظمهم يقبعون تحت خط الفقر، والعلاج لمرض السرطان يتطلب إنفاقاً مالياً كبيراً يصل بالحد الأدنى إلى مائة ألف ريال قيمة الجرعة للمريض بالشهر الواحد خلال فترة العلاج التي قد تكون طويلة وتحتاج إلى انتظام على استمرار أخذ الجرع العلاجية ولكن بسبب الفقر كثير من حالات المرضى لا يستطيعون الانتظام وينتج عنها تدهور حالاتهم الصحية والوفاة.. لافتين إلى أن هناك الكثير ممن يلقون حتفهم قبل تلقي العلاج خاصة في الأرياف بسبب وضعهم المالي الذي يكاد يكون لديهم معدوماً. مختصون يعملون في مركز علاج السرطان يشيرون إلى مآس كبيرة يرونها وهو ما يجعلهم يعيشون كل يوم ملازمين للألم الصادر من المرضى ومرافقيهم عند الحديث مع بعضهم حول التكاليف العالية للعلاج ومكابدة المرضى لتوفير احتياجاتهم بغرض استمرارهم في العلاج منهم من يبيع كل ما يملك ومنهم من يتوقف لعدم قدرته على توفير قيمة الجرعة العلاجية. أحزان ومآس بسبب مرض السرطان في هذا البلد الذي يتطلع مرضاه إلى توفير منشأة كبيرة تتوفر فيها المعدات والأجهزة الطبية وكادر طبي يعيد إليهم حياتهم التي يسرقها يوماً وراء يوم هذا المرض الخبيث الذي لا يرحم كبيراً أو صغيراً فمتى يرى اليمنيون هذا الحلم في واقعهم المرير؟!.