وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    أنشيلوتي ينفي تسريبا عن نهائي دوري الأبطال    الاتفاق بالحوطة يخطف التأهل لدور القادم بجداره على حساب نادي الوحدة بتريم.    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    التفاؤل رغم كآبة الواقع    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن في شراك المصالح
نشر في الجمهورية يوم 07 - 04 - 2015


نداء للأخوة: ممثلي الأحزاب والقوى السياسية
تدركون جميعاً طبيعة المخاطر التي يمر بها وطننا الحبيب والمؤامرات التي تحاك ضده من الداخل والخارج وتدركون جميعاً وكل القوى الحاضرة في المشهد السياسي اليمني أن الأحزاب والقوى السياسية صارت جزءاً من المشاكل التي يعاني منها الوطن. وهذا يعود الى عدة أسباب أهمها :تخلي الاحزاب والقوى السياسية عن ممارسة أعمالها الحزبية والسياسية بمهنية وبمسئولية وطنية وركوضها خلف المصالح الشخصية وتقاسم المناصب السياسية والادارية واعتماد بعضها على أساليب الابتزاز السياسي مما وسع الفجوة بين كافة المكونات السياسية عن طريق تعميق ثقافة المشاحنات والمماحكات السياسية والتي اخذت تنخر في جسد الدولة متجهة نحو الإضرار بالنسيج الاجتماعي وشكلت تهديداً لكيان الدولة ولسلامة وأمن ومعيشة المواطن والوطن .
واستشعاراً منا للمسئولية الوطنية والامانة العلمية, وتبرئة الذمة أمام الله والوطن, وانطلاقاً من قول الخالق جل وعلى ((وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين))(الذاريات:55) وقولة تعالى ((لأخير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروفاً أو أصلح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما))(النساء:114)، ومن قوله تعالى ((واتقوا فتنته لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ))(الانفال : 25)
ومن قول خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم( الدين النصيحة ،قلنا :لمن يا رسول الله ؟قال : لله، ولكتابه ، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه البخاري ومسلم. ومن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها , كمثل قوم استهموا على سفينة , فأصاب بعضهم اعلاها , وبعضهم من اسفلها , فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا, فإن يتركوهم وما ارادوا هلكوا جميعاً , وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً) رواه البخاري.
أقدم لهاماتكم هذه الدراسة المتواضعة لعلها تعينكم على إعادة النظر في بعض المواقف . والتفكير الايجابي لحل قضايا الوطن بعقلانية وبمسئولية وطنية وتاريخية بعيداً عن التعصب الأعمى والمغامرات اللامسئولة من باب حرصكم على أمن الوطن وسلامته وبأنكم خداماً لهذا الشعب .
ومن باب الرأفة بهذا الشعب الصابر المحتسب واستغلالاً لما تبقى في جعبتكم من فن المناورة في لم شمل البيت اليمني وقطع دابر الحاقدين عليه من الداخل والخارج ورفض الارتهان على الحلول من الخارج كونها ستزيد الأمور تعقيداً وإذلالاً ومهانة لنا ولكم وللوطن .
ارجو تكرمكم بالاطلاع والتمعن بما تحويه هذه الدراسة المتواضعة وآخذ ما هو ايجابي وترك ما هو سلبي والمعذرة من أي تقصير والله وحدة العالم انني ما قصدت الا خيراً لكم وللوطن بدون أي شكل من اشكال التحيز.
ماذا يجري باليمن:-
برهن الكثير من المحللين أو معظمهم إلى أن اليمن (بظهور الحوثي (أنصار الله) كقوة فاعلة على الملعب السياسي) قد دخل بإمتياز ضمن الدول التي بليت بالنزاعات المذهبية أو السلالية بل يذهب البعض إلى ابعد من ذلك ويسميها طائفية .
وهم بذلك لن تعوزهم وسائل الإثبات وما اسهلها. ففي نظرهم الحركة الحوثية من إسمها تدل على أنها تدعو لإعادة الملكية أو إعادة نظام الحكم الهاشمي للسلالة الهاشمية (الحوثية) بدليل أنها تميز بين المواطنين على أساس سلالي حتى منهم من اتباعها حيث تميز بين القناديل (وهم من ينتسبوا لأحد البطنين) والزنابيل وهم بقية أفراد الشعب حتى ولو كانوا من كبار مناصريهم.
كما أنهم يدعون أن السبب الأهم لتوسع أنصار الله يعود لإنضواء الأسر الهاشمية المنتشرة في أرجاء الوطن تحت رايتهم . وهذا وغيره يدل على عنصريتهم وسلاليتهم
كما لا يجدون صعوبة في إثبات النزعة المذهبية بدليل طالما رددوه وهو أن الحركة الحوثية انتشرت بسرعة فائقة بالمناطق التي يسود فيها المذهب الزيدي حيث شكل المذهب الزيدي حاضنة طبيعية مشجعة ومحفزة لهم كما أن حرصهم على التوسع في المناطق الشافعية بدافع من حقدهم المذهبي لنصرة الزيدية على الشافعية.
وبالمقابل نجد أن كثيراً من المدافعين عن الحركة هم من الشافعية ولا ينتسبون إلى البطنين وبكل بساطة يؤكدون أن إسقاط النظام الجمهوري وإعاده النظام الملكي الكهنوتي ليس من أهدافهم وبتوسعهم نحو المحافظات الشافعية ليس بدافع مذهبي بقدر ما يوجبه عليهم واجب الحفاظ على وحدة وسلامة الوطن من التهديدات الداعشية والقاعدة .وقد دفعتهم غيرتهم على الوحدة إلى حد رفض فيدرالية الأقاليم لما تمثله من خطر جسيم على الوحدة .
ورغم تأكيد البعض على الحقيقة المرة المعاشة في وقتنا الحاضر أو التي يمكن اقتناصها من الإتهامات المتبادلة لشراء الذمم ومعها الأقلام والأفكار والرؤى لتزوير الحقائق .إلا أن الأمانة العلمية تقتضي مع التحري الجاد أن نفترض أن البعض قد يكون خارج هذه الدائرة السوداء وقد قدم اجتهاداً نزيهاً بحسب مايمتلك من قدرات ووسائل.
والأمانة العلمية تقتضي التحلي بالمصداقية والحياد ونكران الذات والابتعاد عن المجاملة والمراهنة واخفاء الحقائق وخاصة أننا في عصر المعلومات .
ولنضع نصب أعيننا أننا أمام قضية وطن هو وطننا ومستقبل شعب محروم هو شعبنا ومستقبل أولادنا و أحفادنا. ومن هذا المنطلق فالباحث سيحاول مشاركة القارئ في الغوص في أعماق المشهد اليمني لنستنبط منه سوياً طبيعة الصراع القائم فعلاً في اليمن وما يترتب عليه وانعكاساته على حاضر ومستقبل اليمن والمنطقة والعالم :
القضية الأولى : هل نحن أمام فتنة سلالية ؟ أو بمعنى آخر هل نحن على أبواب تصفية عرقية من قبل الأسرة الهاشمية ضد غيرها من أفراد الشعب أو بحسب تعبير بعض الكتاب ضد الحميريين أو السبئيين أو.....إلخ فلندع الحقائق تعبر عن ذاتها:
إذا ما تطلعنا أو تعمقنا في الخضم المعاش من تاريخ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية حتى التاريخ نجد أن كبار اللاعبين السياسيين هم على النحو التالي:
1 - الحزب الاشتراكي اليمني والذي يقف الآن بكل قوة ضد المد الحوثي.
هذا الحزب أغلب قادته من أسر هاشمية . نذكر منها فخامه الأخ الرئيس علي ناصر محمد وفخامة الأخ علي سالم البيض ودولة الأخ حيدر العطاس والسقاف الامين العام للحزب وغيرهم كثير .
2 - المؤتمر الشعبي العام : والذي شكل هو الآخر تجمعاً للكثير من التيارات القومية والوطنية والأممية والإسلامية وناضل مع الحزب الاشتراكي وبقية القوى الوطنية ضد الاستعمار والنظام السلالي الكهنوتي والذي لم يمر عام إلا ويذكر الشعب اليمني والعالم بمساوئ النظام البائد نجد أن معظم قياداته سواءً على مستوى اللجنة الدائمة أو الفروع هم من الأسر الهاشمية بل إن السيد يحيى بدر الدين الحوثي ذاته هو أحد أعضاء اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام وكان مرشح المؤتمر الشعبي العام إلى مجلس النواب وحصل على مقعده بمجلس النواب بأصوات اعضاء المؤتمر الشعبي العام .وحتى مع ظهور بوادر التعاون أو التحالف القوي مؤخراً بين المؤتمر الشعبي العام والحركة الحوثية نجد أن التعاون غلب عليه الطابع الشخصي أكثر من الحزبي و الذين قدموا العون للحركة الحوثية أغلبهم من غير الهاشميين والكثير من أصوات اعضاء المؤتمر التي استنكرت وقوف المؤتمر بصف انصار الله هم من الأسر الهاشمية .
3 - حزب الإصلاح : الذي يعد من الأحزاب الذي وقف في وجه المد الخاطف لأنصار الله وسالت دماء اعضائه في معارك شتى وهذا الحزب الكبير معظم قياداته والمؤثرين فيه بما فيهم رئيس الكتلة البرلمانية للحزب من أسر هاشمية. بل إن أقوى خطب الجمعة ضد أنصار الله سمعناها من هاشميين في هذا الحزب.
4 - حتى الأحزاب الأخرى الأصغر والمنظمات الجماهيرية التي تجاهر بوقوفها ضد أنصار الله نجد أن قادة الكثير منها من أصل هاشمي .
5 - أكبر من هذا كله أن أكبر من وقف ضد انصار الله والذين لولاهم لكان أنصار الله قد اكتسحوا الجوف ومأرب وشبوه وحضرموت والمهرة هم أشراف الجوف ومأرب الهاشميين.
6 - حتى على مر التاريخ لم تكن الحروب أو الفتن على أساس سلالي فحتى ثورة 1948م ضد الإمامة الهاشمية كان قائدها الأول هاشمي من بيت الوزير وكذلك ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كثير من قادة الثورة كانوا من أسر هاشمية.
بهذا أكاد أجزم أن القارئ قد وصل معي إلى ذات الإستنتاج أو ما يمكن أن نسميه الحقيقة ألا وهي: أن الصراع في اليمن ليس سلالياً.
القضية الأخرى تتعلق بما إذا كان الصراع مذهبياً؟؟؟
رغم أنها نشأت في حاضنة زيدية وكان معظم اعضائها من نفس المذهب ولكن مع انتشارها في المحافظات اكتسبت الحركة الحوثية العديد من الأنصار من المذهب الشافعي, أو لم تكن المواجهة التي قوبلت بها في المناطق الشافعية لأسباب مذهبية على حد علمنا. وحتى مقولة انتشار المد الحوثي في المناطق ذات الأكثرية الزيدية أسرع منها في المناطق ذات الأغلبية الشافعية . حتى هذه المقولة أو الفرضية باختبارها على أرض الواقع نجد أنها لاتستند إلى دليل قاطع. والصحيح أن المد الحوثي كان أسرع وأكثر قبولاً في المناطق التي تخضع لنفوذ احزاب وجماعات وقوى متحالفة مع انصار الله بغض النظر عن كون المذهب السائد زيدي أو شافعي بحسب الشواهد على أرض الواقع من خلال شهادات للعديد من المراقبين.
حقيقة أخرى يغفلها الكثير من المتابعين أن أنصار الله قد لاقوا الدعم من بعض الافراد والفئات والأحزاب والمشائخ من غير حزب المؤتمر الشعبي بدافع الانتقام من حزب الإصلاح أو من بعض المشائخ والمسئولين والقادة الذين صنفوا بموالاتهم لحزب الإصلاح أو لمجرد وجود خلافات سابقه معهم.
كما أن الكثير من أفراد الشعب العاديين أو المحايدين وحتى كثير من قواعد الأحزاب المنافسة للحوثيين على الساحة اليمنية , حتى هؤلاء قد ناصروا الحوثيين لأسباب اقتصادية لأنه تبنى سياسات اقتصادية مضادة للإصلاحات الاقتصادية والتي اشتهرت بمصطلح (الجرعه). ومن سخرية الأقدار أن كل الأحزاب السياسية تقريباً خدمته في هذا المجال لأنها شنت حملة مضادة لهذه الاصلاحات فالتقطها الحوثيون واستخدموها بطريقة فائقة الإحتراف وتثير الإعجاب وكان لها الفضل الكبير في تسهيل دخولهم صنعاء.
كما أنهم رغم إتهام الأحزاب الأخرى وكثير من الكتاب لهم بالعنصرية والسلالية (غالباً ما يذكر الحوثيون إلا ويذكر معهم أنهم سيحولون المجتمع إلى سادة أو قناديل وهم الهاشميون وعبيد أو زنابيل وهم بقية أفراد الشعب) رغم ذلك إلا أنهم نجحوا نجاحاً باهراً بالتأثير على الطبقات الفقيرة والمعدمة بل إنهم تمكنوا من اختراق المهمشين أو ما يسمى بالأخدام باللغة الدارجة وهو أمر يحسب لهم وبكل تقدير ولم اسمع عن حزب آخر قد سبقهم لذلك.
الصراع إذاً لازال حتى كتابة هذه الورقة صراعاً سياسياً تدور رحاه بوسائل تقليدية من صميم التراث العربي., تسعى اطرافه لخطب ود الشارع أو التقرب إليه بذات الوسائل التقليدية حيث يسعى كل طرف للظهور بمظهر المحافظ على المصلحة الوطنية وخدمة الشعب وحمايته من الآخر الذي عادة ما ينعت بأبشع صفات العمالة والفساد و.....الخ.
هذا فضلاً عن سعي كل طرف إلى خطب ود القوى الدولية والإقليمية بعمل كل ما يمكن لإقناعهم أنه الاكثر قدرة على منع التهديد الذي يطال تلك الدول من خطر ما يسمى بالتطرف الديني أو “المنظمات الإرهابية”.
هذه النتائج لا تعني بأي حال عدم وجود أثر للمذهبية . فاستدعاء العامل المذهبي قد بدأ مع بداية الفتنة حيث أخذت أصوات عدة تتعالى في هذا الاتجاه منها ما يحذر بحسن نية ومنها ما يقصد تأجيج الفتنة المذهبية لخدمة أهداف سياسية.
إلا أن هذه الصيحات يبدو أنها لا تجد لها ولن تجد لها صدى في اليمن لأنها كما يبدو تتناقص والحكمة اليمانية أو العقلية اليمانية التي جبلت على السمو فوق مثل هذه الصغائر, ونهجت حياة التعايش عبر عقود مضت من تاريخ اليمن . ومع ذلك ففي هذا الزمن العجيب يصعب الجزم بعدم حدوثه وخاصة إذا ما تم احتكار السلطة لطرف فإن المنطق يقتضي عدم استبعاد تأجيج الفتنة المذهبية.
أعتقد أن القارئ الكريم سيصل معي إلى الحقيقة الثابتة التي لا لبس فيها وهي طبيعية الصراع القائم في اليمن هو كما كان عبر التاريخ لم يتغير على الإطلاق.فهو سياسي بإمتياز, يدور حول الكرسي. لقد كان كذلك قبل ثورة 26من سبتمبر عام 1962م واستمر بعدها. مقتضيات الدقة تحتم علينا ذكر فارق بسيط بين الماضي والحاضر وهو أن الدماء في الماضي كانت تزهق من أجل شخص واحد(الإمام) بينما في عصرنا هذا فقد توسعت قاعدة اللاعبين لتشمل العديد من اللاعبين الذين يريدون الصراع من أجل مصالحهم الشخصية والمتمثلة في الحصول على الكعكة أو حتى جزء منها. كما أن العامل الخارجي قد صار مألوفاً بل قد أصبح القاعدة اللازمة مع كل صراع.
خلفية الوضع الراهن
عند قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر1962م والرابع عشر من أكتوبر بأهدافها الستة التي نصت على :
1 - التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق و الامتيازات بين الطبقات .
2 - بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها.
3 - رفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
4 - انشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد انظمته من روح الإسلام الحنيف.
5 - العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة .
6 - احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الايجابي وعدم الانحياز والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم .
وبهذا استبشر الناس خيراً ليمن جديد يمن العزة والحرية والمساواة والعدالة . وذلك بعد أن تخلصوا كما كان يوصف بحكم الفرد السلالي المستبد في الشمال والاستعمار البغيض في الجنوب.
ولكن الطريق لم تفرش بالورود كما كانت التطلعات أو« لم تجر الرياح بما تشتهي السفن». فقد اهدرت سنوات من عمر الثورة في حرب طاحنة للحفاظ على الجمهورية في الشمال , لم تنته مرحلة تقاسم للسلطة بين المتحاربين . افرزت مرحلة التقاسم هذه نظاماً مترهلاً برزت فيه مراكز قوى عسكريه سياسية قبلية متداخلة ومتشابكة أخذت قوتها تتزايد على حساب سلطة الدولة حتى شوهت عمل الدولة وعرقلتها عن اداء الدور المنشود منها.
وفي محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها وتحقيق طموحات الشعب في غدٍ أفضل قام الجيش بقيادة الرئيس إبراهيم الحمدي بحركة تصحيحية عملت على إعادة هيبة الدولة بعد التخلص من مراكز القوى. إلا أن مراكز القوى سرعان ما استعادت ما سلب منها من سلطة وقضت على ما تبقى من الدولة وحولتها بمدة قصيرة ((في عهد الغشمي)) إلى حكم الفرد المستبد المتسلط الذي لا يثق إلا بالأقارب والقبيلة دون أن ينسى طبعا أن يضع بعض الموظفين في مناصب عالية بالدولة لزوم الديكور حتى يظهر أن هناك اختلافاً عما كان عليه الوضع قبل الثورة .
وبعد مقتل الغشمي انتقلت السلطة إلى الرئيس علي عبد الله صالح وقد كان شاباً نشيطاً حينها حاول استيعاب الجميع وعلق الكثيرون آمالهم عليه لاستعادة الدولة ولكنه كما يبدو قد صار مكبلاً بمصالح مراكز القوى التي صارت حقيقة واقعة أو بسبب الانقلاب العسكري الفاشل الذي هدد سلطته وما حدث قبله من احداث للرؤساء السابقين تحت كل هذه الضغوط وربما لأسباب أخرى لا نعلمها ضاقت دائرة الثقة لتنحصر في قبيلة واحدة والبعض من المقربين والأصدقاء .
ومع الزمن تحولت المؤسسة العسكرية إلى جناح من اجنحة القبيلة على حد تعبير بعض السياسيين وتبعتها بالتدريج المؤسسات المدنية . وحتى عندما اقتضت الضرورة الداخلية والخارجية تحريك ملف الحقوق السياسية والديمقراطية لم يتم اختيار النهج الذي يحقق الغرض الذي يحتم تغيير المادة التي تحرم الحزبية بالدستور وإتاحة الفرصة للمواطنين لتشكيل الأحزاب بإرادتهم وتحمل مسئوليتهم أمام الشعب وعوضاً عن ذلك قامت السلطة بإنشاء ما سمي حينذاك بتنظيم المؤتمر الشعبي العام اختير أعضاؤه بعناية من بين موظفي الحكومة المواليين وقيادات الأحزاب التي كانت تعمل تحت الطاولة بسبب تحريم الدستور لها.
ورغم حرص الحكومة عند انشائه على التدخل بكل شئونه كأي مؤسسة حكومية وتحملها كل الأعباء المالية لتسيير شئونه المالية إلا أنه مع الزمن لوحظ أن التيار الديني كان له الغلبة في إدارة المؤتمر وتسيير شئونه والتعبير عنه .
وربما كانت هذه التجربة مجرد محاكاة لما حصل في الشطر الجنوبي حيث تم تجميع الأحزاب القومية والوطنية والأممية في حزب واحد وهو الحزب الاشتراكي اليمني. ورغم تجمع تيارات سياسية إلا أن التوجهات لما يسمى «بالاشتراكية العلمية الأممية » الشكل ،العصبية الشخصية المسنودة قبلياً بالجوهر قد تملكته وغلبت عليه وطغت على باقي التوجهات .
وفي الشطر الجنوبي من الوطن خاض شعبنا نظالاً شاقاً حتى رحيل الاستعمار في 30 نوفمبر 1967م وبدأ الحكم على أساس الشرعية الثورية لفترة قصيرة انتهت فيما سمي بالحركة التصحيحية في 22 مايو 1969تغلب فيها الماركسيون على القوميين ولكنها اسست لمرحلة دموية جديده قدمت قادة الجبهة القومية قرباناً لها . واستمرت المحطات الدموية ومع الزمن اخذت الامور تنكشف عن صراع رهيب على السلطة كما كان في شمال الوطن الهدف منه التربع على البقاء فيه بغض النظر عن الأرواح التي تزهق والموارد التي تهدر .
ولأجل هذه الغاية لا مانع لديهم من الاستعانة بشعارات الاشتراكية العلمية الاممية للتقرب لبعض الدول لجلب الدعم الدولي واستدعاء العصبية القبلية ( وهي النقيض الأبرز للأممية ) لحماية الكرسي داخليا. في اغرب جمع للمتناقضات على أرض كانت تتنازعها تناقضات اقل حدة تتراوح بين القومية والوطنية والسلطة .
وكلما تزايد التكالب على الكرسي تزايدت التضحيات بالدماء والموارد ومقدرات وسيادة الوطن وحقوق المواطن . لصالح تعاظم دور القبيلة التي صارت الاداة الحاسمة لخدمة الفرد المتربع على الكرسي . على حساب مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية التي تحولت إلى اقطاعيات لقبائل مراكز القوى بالسلطة .
والحقيقة ان استدعاء القبيلة يعد من اخطر الأعمال التي تهدد أي دولة . فالمسئول الذي يعتمد هذا النهج قد يستفيد من القبيلة لبعض سنين ومع الزمن ترسخت جذور القبيلة في مفاصل السلطة وتصبح القبيلة عبئاً عليه وعلى الدولة ، وتبدأ بفرض إرادة افرادها ومصالحها عليه وعلى الدولة تماماً كما تفعل عصابات الفساد في أي دولة.
بعد الوحدة المباركة في 22مايو1990م ورغم أن دستور دولة الوحدة قد نص على حرية تشكيل الأحزاب السياسية ( وهو مكسب عظيم ) ما كان يحدث لولا الوحدة المباركة رغم ذلك فقد كان لمصالح حزبي المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني الغلبة على الدستور وعلى القوانين .
فاتفاقية الوحدة قد أسست لمرحله جديدة من التقاسم للسلطة بين الحزبين الرئيسيين . ورغم أن أي منهما لم يقف حائلاً أمام تشكيل أحزاب أخرى إلا أن هذه الأحزاب الجديدة ظلت هامشية ولا تشكل بالنسبة للسلطة الحاكمة سوى زائد يستحسن وجوده لتجميل الصورة أمام العالم الخارجي توحي بدولة ديمقراطية .
بعد حرب عام 1994م حل حزب الإصلاح محل الاشتراكي في التقاسم لفترة وجيزة ثم ما لبث أن عاد مع الاشتراكي وبضع أحزاب صغيرة ليصبحوا مجرد خلفية رائعة للمحافظة على جمال الصورة وعدنا إلى حكم يشبه المجموعة الشمسية . يمثل فيه المؤتمر الشعبي دور الشمس وتمثل الأحزاب الأخرى دور الكواكب التي تدور حوله تنعم بشيء من ضيائه و يا ويلها لو استعر الضياء وصار لهيباً يشوي الوجوه ويقطع الأوصال. باختصار فقد تم الالتفاف على دستور دولة الوحدة ليعود اليمن إلى الوراء مع الزمن حتى اعيد ترسيخ سياسة حزب حاكم وحيد.
مع تفجر ثورة الحادي عشر من فبراير الشبابية الشعبية السلمية عاد الأمل من جديد بمستقبل أفضل. إلا أنه سرعان ما انكشف الغطاء عن الحقيقة المرة. فما أن بدت بوادر انتصار الثورة حتى بدا وكأن العقد قد انفرط بين الثوار وصار كلاً يغرد بسربه وتزايدت الأطماع وما بدى وكأنه ميلان أو رجحان كفة حزب الإصلاح تحول إلى كارثة على الحزب.
فبدلاً من أن يعمل يداً بيد مع الأحزاب الأخرى التي وقفت في صف الثورة بأن يكون عوناً لهم بالعمل الجماعي من أجل الإسراع في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية وصولاً إلى إنتخابات حرة ونزيهة . بدلاً من ذلك بدى وكأنه يسير بخطى المؤتمر الشعبي أو يقلده وذلك بإعادة الوضع كما كان قبل الثورة بأن يكون هو اللاعب الأكبر (الشمس) والبقية يدورون حوله (الكواكب). فأعادوا الوضع إلى حالة عدم التوازن فتكاتفت القوى السياسية ضده وتحول الأمر إلى خسارة فادحة له.
هذا الأمر بالإضافة إلى أمور أخرى قد أغرى قوى سياسية فاعلة بالدفع بحركة أنصار الله إلى الواجهة . ورغم أن انصار الله كانوا يتمتعون بميزة لا تتوفر للأحزاب الأخرى (وتلك الاحزاب التي يعتبرها المواطن قد ساهمت بشكل أو بآخر مع النظام السابق في ما يعانيه الوطن من حالة الفساد والجمود والإعاقة باعتبار تلك الاحزاب كانوا جزءاً لا يتجزأ من ذلك النظام سواء بالمساهمة فيه أو بالسكوت عنه.) رغم ذلك فإن حركة أنصار الله سرعان ما وصفها البعض أن بدأت تحذو نفس تلك الأحزاب .
فقد كانت الحركة أكثر حظًاً باعتبارها حركة جديدة على الساحة وهذا يعني أن اسمها لم يرتبط بأي من سلبيات النظام السابق كما هو حاصل بالنسبة لأحزاب المعارضة الأخرى. وفضلاً عن ذلك حازت على تعاطف الكثير من المواطنين باعتبارها تعرضت للظلم والاضطهاد من قبل النظام السابق , كما أنها بهرت الناس لأن قياداتها كلها من الشباب غير المعروف عنهم أنهم تولوا أي مناصب قد تنسب إليهم أي تهم فساد أو تقصير هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى تميزت بها حركة أنصار الله منها:
1 - استطاعوا بنجاح باهر اختراق الطبقات الإجتماعية الفقيرة وبما فيها المهمشين (الأخدام باللهجة الدارجة) وهذا أمر مهم لأن هذه الفئة هي الأغلب بالمجتمع وهي وقود الحرب الذي لاينضب.
2 - أثناء سيطرتهم على صعده قاموا بتشكيل لجان لحل الخلافات بين الناس وقد نجحوا في إصدار أحكام عادلة في قضايا لم يتمكن القضاء من إنصاف الناس فيها لسنين طويلة. وهذه كان لها وقع طيب لدى المواطن لأن فساد القضاء أو عجزه عن إصدار أحكام في الوقت المناسب خلق مظالم عدة وأجبر الكثيرين على استخدام القوة وما يترتب عليها من فتن .
3 - اهتموا أيضاً بتوفير الأمن في صعدة ومنعوا التقطعات والقطاع في الطرقات هذا فضلاً عن تصديهم لأصحاب النفوذ ومراكز القوى من المشائخ وغيرهم ممن يتجبروا على الناس والدعم الذي حصلوا عليه من قوى سياسية وعسكرية قوية. وكما أنهم استطاعوا التقاط معاناة المواطن وهموم الوطن الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ووظفوها بكل احترافية , وجندوا وسائل الإعلام بخطاب إعلامي قوي يخدم توجهاتهم وأهدافهم. هذه العوامل مجتمعة جعلتهم مرحباً بهم في كل مكان وبسرعة قياسية وغير معهودة.
رغم كل هذه الظروف المواتية إلا أن عداد الخسائر اخذ يتسارع بشدة إلى حد يمكن معه القول إن أنصار الله خسروا ببضعة أشهر ماكسبوه بسنوات والسبب هو ذات المرض الذي أصاب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح.
رغم أن وقود الصراع كان ولايزال هو المواطن العادي من رجال القبائل إلا أن صانعي الفتنة و مؤججيها واللاعبين أو الذين بيدهم خيوط اللعبة رغم أنهم قد زادوا بعد الثورة السبتمبرية والاكتوبرية إلا أنهم يظلوا حفنة من الأفراد على رأس هرم السلطة. لا يعنيهم أمر المواطن العادي ولا يأبهوا لتطلعاته المشروعة ولا يلقوا بالاً لأناته ومعاناته ولا للدماء الزكية التي تزهق .
ففي ظل ظلام الجهل ومستوى الأمية الأعلى على مستوى الاقاليم وتدني مستوى التعليم الذي رغم انتشاره الكمي إلا أن مخرجاته قد غلب عليها انصاف المتعلمين. ففي ظل ظروف كهذه لم تكن عملية الاستيلاء على السلطة والحفاظ عليها تشكل أدنى مشكلة. فكلما تحتا جه هو مجرد تحريك بضع وحدات أو كتائب عسكرية أو التفاهم مع بعض من قادتها لتسهيل الاستيلاء على الاذاعة والتلفزيون وإصدار البيان الأول حتى يصم أذنيك المتسلقون و المتطلعون للأفضل من شاغلي الحيز الأعلى لهرم السلطة بصيحات التأييد والدعم بينما جماهير الشعب على قاعدة الهرم تعاني حالة من واقع تعيس ينحصر في جهل مطبق يعمي البصر والبصيرة أو قد اعياها التعب والبؤس والجور والإحباط والقهر إلى درجة أنهم لم يعودوا يكترثوا لما يدور في أعلى الهرم.
والآن الكثير منهم عاطلين عن العمل أو في وظائف حكومية تحت رحمة المتسلط الجديد فبالإمكان استئجارهم لاستخدامهم للخروج إلى الشوارع أو الساحات للهتاف والتصفيق كلما تطلب الأمر لتحسين مزاج الحاكم الجديد أو لإرسال رسائل للخارج لإظهاره بمظهر المحبوب شعبياً. وقد عبر عن هذه الحقيقة الثائر اليمني المعروف الشهيد احمد الثلايا في مقولته الشهيرة “ويل لشعب أردت له الحياة فأراد لي الموت”.
ما لا يعلمه اللاعبون السياسيون أن قواعد اللعبة قد تغيرت إلى الأبد فعوامل كثيرة منها وسائل التواصل الالكترونية وغيرها من وسائل الإعلام التي جعلت من العالم قرية واحدة. بدعم من طبيعة البنية المجتمعية بموروثها وتشابك علاقاتها فضلاً عن الهزات والصدمات التي عانت منها دولة الوحدة الفتية منذ تأسيسها. كل هذه العوامل قد احدثت تغيرات جوهرية في بنية هرم السلطة محدثة الأثر البالغ في قاعدة الهرم.
هذا التغيير على قاعدة هرم السلطة اخذت بشائره تطل علينا من بوابة ما سمي حينذاك الحراك الجنوبي. مؤذنة بخيوط فجر جديد سيغير قواعد اللعبة السياسية إلى الأبد. فسرعان ما امتد زخم الحراك إلى المحافظات الشمالية والشرقية, ولولا أن أيادي أخذت تنحرف به نحو الانفصال لتعاظم أواره ولكانت بلادنا بثورتها السلمية سبقت دول الربيع العربي بسنوات.
الخلاصة إنه على الرغم أن قلة لا زالت غائبة عن الوعي وبإمكان استخدامها من قبل أطراف سياسية ضد مصلحة الشعب إلا أن الأغلبية العظمى من الشعب اليمني قد بلغت من الوعي والإدراك حداً جعلها تشكل سداً منيعاً وحصناً حصيناً سيقف في وجه الأطماع السياسية لأي من اللاعبين السياسيين في أعلى الهرم إذا ما حاولوا التلاعب بطموحات الشعب اليمني العظيم.
هذا يعني أن الزمام قد انتقل من القلة من السياسيين على رأس الهرم إلى الشعب. وفي ظل عدم وعي السياسيين بهذه الحقيقة فمن المتوقع أن تتفاقم الاضطرابات لفترة حتى تعي قيادات الأحزاب هذه الحقيقة وتأخذها بعين الاعتبار وترضخ لإرادة الشعب.
والمتتبع للأحداث خلال الاشهر الستة الماضية يدرك كيف أن الشارع اليمني قد اختط له خطاً واضحاً نحو التغيير الحقيقي بغض النظر عن إملاءات الأحزاب.
فقد وقفت الجماهير بما فيها قواعد الأحزاب التقليدية بكل حزم مع أنصار الله حتى سهلت لهم اكتساح صنعاء ومدن اخرى لأنها عبرت عن تطلعات الشعب بطريقة واضحة وأظهرت التزام بالوفاء بها .وسرعان ما غيرت الجماهير رأيها وتحولت ضد المشروع السياسي لأنصار الله فور أن قدرت او اعتقدت أن أنصار الله قد تجاوزوا اوتعدوا الحد والتي رسمتها الجماهير في مخيلتها للمطلوب منهم.
خيط من الحرير لايصنع حبلاً
ولا شجرة تصنع غابة
بعد هذا الاستعراض السريع للخلفية التاريخية للوضع الراهن الذي وصلنا الية يبرز السؤال التالي :
ما العمل ؟؟
أوكيف نتجاوز هذه المحنة ؟؟ .
للرد على تساؤل كهذا ادعو القارئ للتكرم بجزء من وقته الثمين للاطلاع على دراسة كنت قد نشرتها في بداية عام 2012م والثورة في خطواتها الأولى بعنوان الثورة الشبابية كيف تتحول الى قصة نجاح وسيلاحظ معي القارئ الكريم إن ماكنت أتوجس منه قد حث فعلاً . ومع ذلك يبدو لي العلاج الذي ورد في تلك الدراسة هو ذاته يصلح اليوم كما بالأمس . والآن هذه الدراسة .
الثورة الشبابية كيف تتحول إلى قصة نجاح.
مع نهاية القرن الثامن عشر وفي عام 1789م تقريباً بدأ زخم الثورة الفرنسية يكتسح الأقطار المجاورة لفرنسا مهدداً أنظمتها من إيطاليا إلى هولندا وبدلاً من أن يتولد عنها تحول دستوري سلمي يفرز نظاماً سياسياً أكثر تمثيلاً للشعب فقد اقتاتت هذه الثورات على جسدها وتمخض عنها ظهور قيادات انتهازية وغوغاء ساخطة وعنف وحرب امتدت لتشمل الساحة الأوروبية بأسرها.
ونتيجة لذلك فقد ردت السلطات الحاكمة على اختلاف أنظمتها من بريطانيا جورج السادس حتى روسيا القيصرية، بقمع تلك التيارات الثورية وأما الأصوات المعتدلة فقد وجدت نفسها كما هو شأنها دوماً بين فكي كماشة هما : ازدراء اليسار وتهديد اليمين.
وبينما أفلتت بريطانيا أو تجاوزت أو تخطت الواقع المأساوي بثلاثي الثورة الزراعية والهجرة والثورة الصناعية، فإن الآمال التي عقدت على الثورة الفرنسية الأولى قد تلاشت تحت وطأة الإرهاب والارتداد ومن ثم البونابرتية..
فقد توزعت جموع غفيرة من الشباب والنشطاء والرجال الساخطين والمحبطين على وحدات الجيوش التي توجهت خارج فرنسا،حيث لقي الكثير منهم حتفهم في ساحات القتال أو بسبب المرض.
وهكذا مارست حروب التوسع الإقليمي دورها التقليدي كمتنفس للنمو المفرط في السكان والتوتر الاجتماعي والإحباط السياسي، بالرغم من فشله على المدى البعيد في مجارات الإبداع التكنولوجي والنمو الاقتصادي والتوسع الاستعماري الذي شكل طوق النجاة للنظام البريطاني.
إن المسببات أو العوامل الدافعة للثورة العربية السلمية أو ما عرف(بالربيع العربي) لم تبعد كثيراً عن تلك المشكلات التي شكلت الطاقة الدافعة للثورات الأوروبية في نهاية القرن الثامن عشر والمتمثلة في الانفجار السكاني واشتداد الضغط على الأرض الزراعية والاضطراب الاجتماعي والإحباط السياسي من جهة ومدى قدرة التكنولوجيا على زيادة الإنتاج والتخلص من المهن التقليدية من جهة أخرى.
ربما ينحصر الفرق في أنها اليوم أكثر حدة وعنفواناً أو عدم توازن، إذ أن الانفجار السكاني في بلداننا اليوم هو أشد وأكثر عنفواناً عما كان في أوروبا في القرن الثامن عشر.
بينما نشهد في عصرنا هذا انفجاراً معرفياً في حقول شتى من التكنولوجيا والإنتاج نسمع عنه أو نشهد آثاره دون أن نتمتع بنتائجه أو فوائده، لأنه ببساطة يحدث في الشمال الغربي بعيداً عنا في بلدان متقدمة.
فسهولة وسرعة وتعدد وسائل نقل المعرفة قد مكن الأغلبية العظمى من مواطني العالم الثالث من المقارنة مع الدول المتقدمة والإلمام بالحد الأدنى من المستوى البائس الذي يعانونه جراء الفجوة المعرفية والاقتصادية التي تعاني منها بلدانهم وعوامل استمرارها المدعومة بمنظومة سياسية واقتصادية واجتماعية متخلفة ضاربة الجذور.. لقد بلغ الفساد في أنظمتنا السياسية حداً لم يبعدنا عن الأمم القادرة على تسخير العلوم والوسائل الحديثة لمصلحتها فحسب، بل صرنا نصنف ضمن الدول التي بلغت مرحلة من الفشل إلى حد لحقها الضرر من جراء عدم استعدادها للاستجابة للمتغيرات التكنولوجية والثقافية والسياسية.
يصعب أن نتخيل أن تقوم قوى التخلف التي ثار الشعب اليمني ضد هيمنتها وتسلطها بمجرد التفكير بالإقتداء بالطريقة أو النهج البريطاني أو حتى الفرنسي في مواجهتها أو حربها ضد الثورة الشعبية الشبابية.. السبب ببساطة يعود لكونها لا تملك الوسائل المادية ولا الفكرية ولا التكنولوجية ولا السياسية التي تتيح لها ذلك،فهي تعلم أكثر من غيرها أنها تعدم أبسط الوسائل، فقد أحرقت كل السفن التي كان من الممكن أن تعبر بها بالشعب اليمني إلى ضفة القرن الواحد والعشرين أو حتى الوصول إلى مشارف القرن العشرين، بل إنها قد قضت على كل ذرة أمل بإجهازها على كل مكونات البنية التحتية للنهضة سواء منها المادية أو الأخلاقية المعنوية..
البديل الوحيد أمامها في حالة اختارت استمرار المقاومة للثورة هو ما تفعله الآن ويتمثل في إغراق البلاد في بحر من الصراعات التي قد تظهر وكأنها مناطقية أو قبلية أو سياسية أو اجتماعية أو دينية، ولكنها في جوهرها تهدف إلى تشتيت الزخم الثوري وإلهاء الثوار في صراعات جانبية وتدخلهم في نفق مظلم يشعرهم بالإحباط ويرخي أوتار حبال الثورة الشعبية لتصبح بما تحمله من أهداف وطموحات مجرد طارئ ثانوي يمكن إزاحته جانباً..
طبعاً كل هذا لم يكن ليتحقق بدون الوقت وهو ما حصلت عليه هذه القوى من جراء التسويف والمماطلة ووضع العراقيل أمام تنفيذ المبادرة الخليجية.
أهم مكسب لقوى التخلف هذه حتى الآن أنها تمكنت من نزع فتيل الثورة أو بمعنى آخر أنها أزالت الفعل الثوري الذي يفترض به اقتلاعها من جذورها وحولته إلى مسار للإصلاح أو للتغيير التدريجي الذي قد يمنحها فرصاً عديدة للنجاة، باعتبار أن« الضربة التي لا تقصم الظهر تقويه».
لا يمكننا إنكار عظم المنجزات التي تحققت لشعبنا بفضل الثورة الشبابية الشعبية حتى اليوم ما كان لأي مراقب سياسي ليتخيل حدوث شيء منها قبل أيام من الحدث العظيم وبمقاييس أو معايير ما قبل الثورة ومع ذلك فإنها لا تمثل شيئاً يذكر وفق معايير الراهن (الربيع العربي).. أما بالنسبة للشباب الثائر فقد شكلت خيبة أمل أصابتهم بالذهول إلى حد عمقت الهوة بينهم والجيل الذي يقود الدفة وبالتالي فبقدر ما عمل الوقت حتى الآن لصالح قوى التخلف فإنه بالمقابل قد شكل عامل إحباط كبير لقوى الثورة.
والحقيقة أن هذه العوامل قد تركت أبلغ الأثر على مسار الثورة، حيث أصابت ما يمكن أن نسميه بأوتار الشد الثوري بالوهن، فأضعفت أهم مرتكزات النضال أو قلبها النابض وأغرت أو أغوت بعض مكونات الثورة وبالذات تلك المنظمة في أطر من نوع ما (سياسي أو غير سياسي رسمي أو غير رسمي)بتوجيه اهتمامها من الفعل الثوري الجماعي إلى ما يمكن تسميته بالفيد الفردي أو الوصولي باستعجال الحصول على أكبر مكاسب آنية ذاتية لهذه الأحزاب أو الجماعات ،ولو كانت على حساب أهداف الثورة الشبابية الشعبية ذاتها.
هذا الأمر أدى إلى تنامي مشاعر انعدام الثقة والتنافس والتناحر والتفكك، بل وإلى صراع بين بعض مكونات أو رفاق العمل الثوري وتزايد الشك والريبة فيما بين هذه المجاميع وحلت الانتهازية في الكسب غير المشروع لصالح الحزب أو الجماعة محل الفعل الثوري الجماعي لاستعادة الوطن وكرامته المسلوبة وبناء يمن جديد يسوده العدل والمساواة والحرية في ظل نظام ديمقراطي حر يكفل الحياة الكريمة لكل أبنائه.
حينما يصل الأمر إلى هذا الحد تتغلب مصالح الانفراد للتيارات والجماعات على المصلحة العليا للوطن وبالتالي فهم يتصرفون وكأنهم غير معنيين بالتحقيق الفوري لأهداف الثورة بقدر اهتمامهم بتقاسم الغنائم أو المكاسب الآنية والتي قد تصبح شيئاً من الوهم إذا لم تتحقق أهداف الثورة.. إذا ما أستمر الوضع على هذا النحو ستنخفض المعنويات إلى حد قد تفقدهم احترام ذواتهم ويزداد شعورهم بالإحباط وهو أخطر وضع يمكن أن يهدد الثورة الشبابية، إذ أنه مع ارتفاع المعنويات تهون الصعاب ويصبح كل شيء ممكناً.
هذا الوضع المأساوي الذي نعاني منه ما هو إلا نتاج طبيعي للبيئة أو المناخ الاستبدادي الدكتاتوري الموروث، فالنظام الاجتماعي والسياسي الدكتاتوري الاستبدادي المنغلق الذي عانى منه شعبنا يفضي إلى مثل هذه الأوضاع، لأنه لا ينتج عنه إلا أشخاص غير مبدعين وحتى لو توفر قلة من المفكرين والقادة المبدعين في مجتمع كهذا، فإن النظام سرعان ما يحبطهم بوضعهم ببيئات تكبت ملكات خيالهم وقدراتهم الخلاقة وتحولهم إلى اتباع خائبين يغشاهم الخذلان والجمود والإحباط واليأس.
إذا ما أضفنا إلى ذلك أن النظام السابق رغم أنه في الرمق الأخير، إلا أنه لم يصل إلى مرحلة اليأس بعد،بل إن المتبقي من فلوله يعمل على جمع كل ما تبقى له من قوة وتسخيرها لإحباط الثورة ووضع صنوف العراقيل أو المعوقات أمامها.. إذا ما أدركنا ذلك سنعرف حجم وعظم التحديات التي تعيشها قوى الثورة الشبابية.
ما العمل ؟
يجب أن يعي الجميع أن وطننا بل أمتنا كلها تواجه تحديات جسام وأنه ما من أمة من الأمم التي شهد لها التاريخ بالارتقاء إلى أعلى مراتب الحضارة قد أصابها ما أصابنا من تدنٍ وهوان، ويتحتم علينا جميعاً أن نسخر كل ما لدينا من المخزون الإبداعي الهائل الذي يتوفر لدى أفراد أمتنا إذا ما أردنا أن يكون لنا مكان تحت الشمس وأنه إذا ما قدر لنا أو إذا عزمنا الأمر على خوض معركة الشرف والكرامة هذه فليس أمامنا إلا بديلاً أو طريقاً واحداً يجب أن ننهجه يتمثل فيما يلي :
1 - على الجميع أن يدركوا أن الثورة لازالت في مراحلها الأدنى وبالتالي يجب عدم التسرع في التهافت لجني الأرباح أو حصد المكاسب الفردية الآنية وعوضاً عن ذلك على الجميع أن يكرسوا كل الطاقات للإسراع في إنجاز أهداف الثورة دونما إبطاء،فلا شيء أخطر على الثورة من ضياع الوقت.
2 - علينا جميعاً التخلص من مشاعر انعدام الثقة وإيقاف كافة الاتهامات ومظاهر التوجس واحترام كل من شارك بالثورة بغض النظر عن نوع مشاركته،وتقوية أواصر الود والمحبة حتى مع من لم يشارك بالثورة مادام لم يعمل ضدها، بل وفتح حوار جاد مع من وقفوا ضد التغيير احتراماً وإجلالاً لأهداف الثورة والترفع إلى مستوى سمو أهدافها، باعتبار أن الكل شركاء بهذا الوطن، وبإمكانهم إذا ما تم توعيتهم أن يعطوا بسخاء أو على الأقل أن لا يكونوا معاول هدم وإحلال مبدأ العدالة محل الانتقام في التعامل مع من أجرموا في حق الوطن.
3 - أهم ما يميز أي ثوره أنها تنتصر للشعب، أي أنها ترتكز على استجابة لتحدٍ ما ورد فعل له.. فإذا وهن هذا العامل ضعفت المعنويات ووهنت قوى الثورة ولهذا يجب الحفاظ على التحدي في أعلى مستوياته حتى يبقى الزخم الثوري عالياً، فالسهم لا ينطلق مسرعاً إلى هدفه إلا عندما يبلغ التوتر الناتج عن الشد أقصاه ولا يبلغ الشد أقصاه إلا في ظل معنويات عالية وهو أمر لا يتم إلا في مناخ ديمقراطي حر يزيل التسلط والاستبداد والإقصاء.
4 - إحلال روح التعاون البناء محل الاختلافات والتنافس التناحري الهدام حتى يكون الاحترام المتبادل والغايات المشتركة والجهود الموحدة المتضافرة سمة لازمة للمجتمع.
5 - عدم الانجرار إلى معارك جانبية مع دول الجوار أو أي طرف في المجتمع الدولي حتى لا تنشأ فيها قوى تعمل على التآمر لإحباط منجزات ثورتنا وتضييق الخناق عليها كما حدث في أوروبا في القرن الثامن عشر.
6 - لقد حان الوقت لإحداث تغيير جذري في أسلوب تعاملنا وتناولنا مع كافة القضايا وذلك بالتخلص النهائي من الأنانية المفرطة ونستبدلها بالعمل الجماعي التعاوني البناء وذلك بإيجاد مناخ ينمي في النفوس روح الإيثار والسماحة والتعاضد، مناخ تسوده(نحن)بدلاً عن(أنا).. علينا أن نؤمن أن (البناء الجماعي) أكبر بكثير من مجرد فكرة تقال، بل إنها إستراتيجية عملية مضمونة وقادرة على تحويل مسار ثورتنا وحياتنا إلى مستويات جديدة متقدمة من التحصيل والإنجاز وأكثر من ذلك فهي تشكل روح الثورة وقلبها النابض، بل وسر نجاحها وأكبر ضمان لنجاحها.
لقد علمنا التاريخ أن عمليات الإقصاء لجماعات أو أفراد غالباً ما تجر المجتمع إلى هاوية التمرد والتشرذم والانعزال وأن قيام أي طرف بالاستحواذ على السلطة مستنداً على قوة عسكرية ومجموعة من المعتقدات يفرضها على الآخرين لابد أن ينتهي به الأمر إلى الهلاك وأي عملية كبت لتطلعات الشعب لابد أن تؤدي إلى التشرذم والتخلف.
إن الأمم التي ارتقت إلى أعلى سلم التقدم وبنت أعظم الحضارات، إنما تكمن قوتها في أنها أمة يعمل أفرادها معاً يداً بيد بعزيمة لا تلين وبأعلى مستويات الثقة المتبادلة وبمنتهى النزاهة أو الاستقامة الشخصية وبشعورهم الجارف بالمصير المشترك (فيد الله مع الجماعة) و(خيط من الحرير لا يصنع حبلاً، ولا شجرة تصنع غابة) و(عندما يتحد ثلاثة أشخاص ويعملون كرجل واحد يتحول التراب إلى ذهب).
7 - الإيمان بمجموعة القيم والمسلكيات الضرورية لإقامة دولة النظام والقانون وبالأخص التركيز على ما يلي :
أ- الإلتزام بالحق في الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص.
ب- الاعتراف بتباين مواقف ومصالح الأفراد والجماعات.
ج- حق كل الأفراد في المشاركة بالحكم وإبداء الرأي.
د- حق كل جماعة أو فرد في الترويج لأفكارهم والدفاع عن مصالحهم بالوسائل القانونية.
وأخيراً يجب أن يعي الجميع أن عجلة التغيير قد دارت ولن تعود إلى الوراء، كما أكد عليه فخامة الأخ رئيس الجمهورية المشير/عبد ربه منصور هادي، وأنه ليس هناك طريقاً أسرع من الثورة الشبابية لتجاوز جاذبية التخلف وتأهيل بلادنا للولوج إلى القرن الواحد والعشرين وعلى الجميع أن يسرع الخطى لإنجاز أهداف الثورة، فالوقت من ذهب.
كما أنه على الشباب ألا يسمحوا بتضييع المزيد من الوقت وأن يسارعوا الخطى لإنجاز أهداف الثورة.. ونظراً لخطورة هذا العامل عليهم أن يقوموا وبأسرع ما يمكن بوضع رؤية واضحة وإستراتيجية طويلة المدى للعمل الوطني وخطط عملية مرنة لضمان تحقيق أهداف الثورة وعدم انحرافها لأي سبب كان عن إيصال مجتمعنا إلى غاياته المنشودة..
كما أن عليهم أن يبذلوا كل جهد لمنع اختطاف الثورة من قبل أي قيادات انتهازية والحيلولة دون إقحام الثورة في الانجرار وراء أي أعمال غوغائية أو انتهازية تؤدي إلى العنف.
* أستاذ الاقتصاد السياسي , رئيس مركز دراسات النهضة, رئيس الجمعية اليمنية للنهضة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.