لم أكن أتصور قبل الآن أن تبلى شريحة اجتماعية بالويلات كشريحة الأطفال “الأحداث”.. تلك الشريحة التي تزرع البسمة في أفئدتنا كلما تأملناها وتعيد إلينا الثقة بغدٍ جميلٍ بعد أن يثقلنا اليوم بأوجاعه , الشريحة التي يفترض أن نسخر كل إمكاناتنا لتمكينها من الحصول على نشأة سليمة لتلون مستقبلنا جمالاً وثقةً وروعةً وإبداعاً وتميزاً غير أن ما وجدته في مركز المراقبة الاجتماعية وحماية الطفولة شل حواسي عن الرؤية وجعلني أشك بكل مداركي فهل يعقل أن يمتهن والد كرامة ابنه ويستخدم ضده أساليب قمع تخر من هولها القلوب حزناً. وهل يتصور أن يتواجد بين ظهرانينا أناس فقدوا المشاعر والقيم الإنسانية وأصبحوا لا يتورعون عن نهش لحم الأطفال واستغلالهم جسديا وجنسيا دون وازع أو ضمير؟ غير أن ما خفف صدمتي ومكنني من إعادة ترتيب قواي تلك اللمسات الإنسانية الحنونة لمركز المراقبة الاجتماعية وحماية الطفولة والذي لم يتوان العاملون فيه من بذل كل جهودهم رغم الإمكانيات الشحيحة من أجل انتشال الأطفال “الذين قدر لهم مصير كهذا” من براثن التشرد والضياع والاستغلال وإعادة تأهيلهم وتشذيبهم كي يتمكنوا من لملمة أوجاعهم والعودة إلى طبيعتهم الإنسانية التي هتكت خصوصياتها ذات جريمة عفنة ...«ملحق الإنسان» يسلط الضوء على دور مركز المراقبة الاجتماعية وحماية الطفولة ويستعرض بعض الحالات التي وفدت على المركز في الملف التالي:- مراكز المراقبة الاجتماعية وحماية الطفولة:خدمات ترمم أوجاع الطفولة المهدورة. يقوم مركز المراقبة الاجتماعية وحماية الطفولة بدور محوري في توفير الحماية الاجتماعية لشريحة الأطفال التي تعد أهم الشرائح الاجتماعية التي يفترض أن يوليها المجتمع اهتمامه الأكبر كونها جزءاً من الحاضر والمستقبل كله وهذه الشريحة بحكم محدودية خبرتها بالحياة وحاجتها المستمرة للرعاية والعناية والاهتمام عرضة لمخاطر جسيمة سواء فيما يتعلق باستغلالها «جنسيا وبدنياً» انحرافها عن الخط القويم وسلوكها طريقا يضر بالمجتمع ك «التسول, والسرقة, وتهديد سلامة الأفراد بمختلف أشكاله» جعلت دور المركز يتعاظم خاصة وهناك عدد من المعضلات التي تقف في طريق تحقيقه للأهداف التي أنشئ من أجلها بالدقة المطلوبة «الأستاذ عبدالجليل عبدالله احمد مدير المركز حدثنا عن أهداف المركز والأعمال التي ينفذها من في السطور التالية:- أهداف المركز •حدثنا عن طبيعة المركز وأهدافه؟ افتتح مركز المراقبة الاجتماعية وحماية الطفولة التابع لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل في مارس 2007م بهدف الوقاية من تعرض الأطفال للانحراف، والعنف والإساءة والاستغلال وتشجيع جهات الضبط القضائي للعمل بالتدابير غير الاحتجازية عند التعامل مع قضايا الأحداث بما يساعد في تأهيل الحدث وسط الأسرة والمجتمع وتوفير الرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين الذين حكم عليهم بتدبير سالب للحرية وانتهت مدة أحكامهم ومساعدتهم في الاندماج وسط أسرهم ومجتمعهم بما يساعد في الحد من مشكلة عودتهم للانحراف مرة أخرى وتحفيز المجتمع للمشاركة في حماية الطفولة وإيجاد بدائل مجتمعية لوقاية الأطفال من الانحراف والمساعدة في إعادة إدماجهم وحمايتهم من العنف والإساءة والاستغلال والتأهيل الاجتماعي للأطفال المنحرفين الصادر ضدهم أحكام قضائية بالإضافة إلى مساعدة الحدث على التكيف مع البيئة ( الأسرة ، المدرسة ، العمل)وتقديم خدمات الرعاية الاجتماعية ( مأوى ، غذاء ، ملبس ) والرعاية الصحية لمعالجة المرضى جسمياً ونفسياً وتأهيلهم في مجال (اللحام ، النجارة، الكمبيوتر) . الفئات المستهدفة •ما هي الفئات المستهدفة من قبل المركز؟ الفئات المستهدفة هي الأطفال من سن 7 18 سنة ذكوراً أو إناثاً , الأحداث الجانحون أو المنحرفون الذين ثبت عليهم ارتكاب أو مشاركة في إحدى الجرائم المحددة بقانون الجرائم والعقوبات, الأحداث المعرضون للانحراف, الأطفال المعرضون للعنف والإساءة والاستغلال, الأسرة باعتبارها أساس المجتمع . آلية العمل •حدثنا عن آلية العمل المتبعة لديكم في المركز؟ قبل القيام بالمتابعة والعلاج للحالات نقوم بإعداد دراسة اجتماعية ونفسية للطفل وذلك من خلال استمارة خاصة بهذا الغرض لنتعرف على حقائق المشكلة من المصادر المختلفة والمتمثلة بالمقابلة بأنواعها المختلفة سواء مقابلة الطفل أو الأسرة أو الأقارب أو الأصدقاء ...الخ, الزيارة المنزلية أو المؤسسية للعمل والمدرسة..الخ, جمع الحقائق والمعلومات في مرحلة الدراسة لتمكيننا من تحديد طبيعة العوامل البيئية والذاتية التي أدت إلى إحداث الموقف الإشكالي الذي يعاني منه الطفل وكيفية تفاعل هذه العوامل وذلك بغرض وضع خطة العلاج الملائمة لمشكلة الطفل وفقاً لفرديته بعد ذلك نبدأ بخطوات العلاج والمتابعة للحالة. •ما هي أساليب المعالجة إذا؟ تتعدد أساليب المعالجة فهي إما على مستوى الطفل نفسه وإما على مستوى الطفل والجماعة المحيطين به وأما على مستوى الطفل والمجتمع الذي يأخذ عدة أشكال ونتناول منها أولا: العلاج البيئي وينقسم إلى نوعين .. مباشر: وهي الخدمات المادية الملموسة والتي نقدمها في حدود إمكانيات المركز وغير مباشرة وتتمثل في نزول المراقبين الاجتماعيين والنفسيين بهدف تعديل اتجاهات الأفراد المحيطين بالطفل, سواء الأسرة, المدرسة, العمل ... الخ ويكون ذلك بتخفيف ضغوطهم الخارجية على الطفل من اثر اتجاهاتهم ومعاملتهم غير السليمة أو بزيادة فاعليتهم في مساعدة الطفل. وبإشراك ممثلي المجتمع المحلي في المحافظة « أئمة مساجد , أعضاء المجلس المحلي , شخصيات اجتماعية وغيرهم». ثانيا العلاج الذاتي «الأساليب المعنوية والنفسية»: وهي عبارة عن مجموعة من الأساليب التي تهدف أساسا إلى تخفيف الضغوط والتوترات التي يعاني منها الطفل بسبب الموقف الإشكالي الذي يمر به وتعتمد المعونة التدعيمية على أساليب متعددة منها العلاقة التدعيمية والتأثيرية والتصحيحية والتعاطف والمبادرة والفراغ الوجداني. وتتم معالجة هذه الحالات إلى جانب ما نقدمه من نصح وتوجيه للمراقبين في هذا الجانب تحت اشراف وتوجيه د/ أنيسة دوكم رئيس “مركز الإرشاد والبحوث النفسية” في جامعة تعز شاكرين ومقدرين تعاونها معنا. الأعمال المنفذة •ما هي المهام التي تم انجازها خلال العام 2010م قام المركز خلال هذا العام بدراسة حالات الأطفال المحالين إليه من قبل (الشرطة – النيابة – المحكمة – مركز الطفولة الآمنة – المجتمع المحلي ) بواسطة البحث الاجتماعي والنفسي ورفع التقارير للجهات ذات العلاقة عن سلوكهم , تم النزول الميداني لعدد ( 3 ) من المراقبين الاجتماعيين والنفسيين لأماكن تجمع الأطفال في مديريات (المظفر القاهرة صالة) ورفع التقارير بذلك , وتم تقديم الحماية لعدد ( 10 ) من الأطفال المعرضين للانحراف وتم تقديم الإرشاد والتوعية للأطفال وأسرهم لضمان عدم عودتهم مرة أخرى, قام المركز خلال العام 2010م بحماية ووقاية عدد ( 63 ) طفلاً تم إحالتهم من قبل شرطة الأحداث والنيابة والمجتمع المحلي واستقطاب من قبل المركز,حيث قام المركز بإعادة دمجهم في أسرهم ومنهم ( 36 ) طفلاً معرضاً للانحراف في إطار المحافظة وعدد(16) خارج المحافظة في كلاً من( صنعاء ، إب ، عدن ، الحديدة ، المكلا ، شبوة )حيث تم إعادة إدماجهم في أسرهم وعدد (11) طفلاً معرضين للعنف والإساءة والاستغلال , تم الإشراف والمراقبة على عدد ( 108) أطفال جانحين محكوم عليهم بتدابير غير احتجازية ومن خلال المتابعة تم رفع التدابير لعدد( 100) طفل جانح بعد أن استقرت حالته ورفع تقارير بذلك للمحكمة ومازال هناك (8) أطفال تحت المتابعة في العام القادم حيث لم تنتهي فترة الإشراف والمتابعة, قام المركز بمتابعة عدد (17) حدثاً خاضعين للرعاية اللاحقة بعد دمجهم في الأسرة والمجتمع ومازال منهم (3) أطفال خاضعين للمتابعة للعام القادم , توزيع مساعدات للأسر المستهدفة وهي أسر الأطفال المعرضين للانحراف والأحداث الخاضعين لمتابعة المركز (التمور كسوة عيد الفطر الزي المدرسي والحقائب – وكسوة عيد الأضحى المقدمة من مؤسسة الصالح الأحذية وأدوات منزلية مقدمة من مصنع هزاع طه , حضور دورات تدريبية وتأهيلية لموظفي المركز خلال عام 2010 , استضافة المركز لحالة استثنائية معرضة للعنف الأسري (أم وولديها) ووضع الحلول المناسبة بالتعاون والتنسيق مع منظمة حقوق الإنسان , قام المركز بتقديم كافة الرعاية الاجتماعية للأطفال والأحداث الخاضعين لقسم الإيواء المؤقت ( مأوى وغذاء ملبس), تقديم الرعاية الصحية لعدد (16) طفلاً من خلال إحالتهم لمستشفى الكرامة للعلاج , وتقديم الدعم النفسي لهذه الحالات. الصعوبات •ماذا عن الصعوبات؟ هناك عدد من الصعوبات منها أن المحافظة كبيرة ومترامية الأطراف وكثيرة السكان كما أن تضاريسها وعرة الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة الانتقال بين المديريات المختلفة ومتابعة الحالة بصورة مستمرة حتى تستقر ونضمن عدم عودتها للانحراف حيث هناك حالات حكم عليها من قبل محكمة الأحداث بتدابير غير احتجازية ووضع لها برامج إعادة تأهيل بالأسرة والمجتمع ما بين “6” أشهر وسنة وهذا يتطلب منا نزولاً ميدانياً مستمراً خلال فترة التأهيل كما أن المركز لا يمتلك الإمكانيات المادية للنزول الميداني والمتابعة وحماية الأطفال في مديريات المحافظة ناهيك عن عدم رغبة الطفل في العودة إلى الأسرة والعكس ووجود أسر مفككة الروابط كما أن هناك صعوبات متمثلة في نقص الأثاث ونقص الكادر الوظيفي المؤهل وعدم وجود وسيلة مواصلات للمركز وعدم تثبيت المتعاقدين مع المركز. [email protected]