يترك خلفه رصيفاً من التساؤلات، وراء كل خطوة ألم يردّده اصطدام عكازتيه في وجه الشارع.. عبدالله العزي فازع, الفتى العشريني الذي تُنبئ ملامحه عن عشر سنوات إضافية عاشها مع الإصابة نتيجة عدم الرعاية الكاملة للجرحى.. في 18 فبراير 2011 بداية انطلاق الثورة الشبابية السلمية في اليمن كان عبدالله مع زملائه قرب منصّة ساحة الحرية في تعز.. يتحدّث عبدالله عن البدايات الأولى للحادثة فيقول: كنّا جالسين على الرصيف, فمرّت سيارة وألقت قنبلة قفز لها أول شهيد في تعز مازن البذيجي وشهيد آخر لا يحضرني اسمه، وبلغ عدد المصابين ثمانية وخمسين شخصاً من ضمنهم أنا، دخلت عدة شظايا في رجلي، حينها رأيت الدم ينزف ولم أشعر بالألم، فأخذوني إلى مستشفى الثورة واستخرجوا بعض الشظايا والبعض الآخر بقي في ساقي حتى تم إخراجها في مستشفى الصفوة لاحقاً. عبدالله الذي كان يحلم أن يصير محاسباً يوماً ما، يقبع اليوم في أحد أسرّة المستشفى الميداني بساحة التغيير في صنعاء، يتناول القات مع زملائه الجرحى هروباً من الروتين اليومي الذي يعيشه بعد أن نُقل من المستشفى الميداني في تعز لخطورة حالته؛ أصيب عبدالله بعدة شظايا في رجله اليسرى أدّت إلى تفتق بعض الأعصاب وتهشّم بعض العظام، حالته استعصت على الأطباء اليمنيين والأجانب الذين قدموا في بعثات علاجية إلى اليمن وقالوا إنها تحتاج إلى العلاج في الخارج. عانى عبدالله الكثير من الألم منذ بداية الثورة إلى اليوم, مرّت سنة وهو يمنّي نفسه بالتئام الجرح ليعود إلى الساحة وإلى هوايته وعمله كمدرب رياضي لإحدى الفرق الشعبية في مديرية القاهرة؛ حيث كان ينظم بطولات رياضية لجميع الفئات “البراعم والناشئين والشباب” بالإضافة إلى كونه شاعراً وله 89 قصيدة منها أربع قصائد كتبها بعد إصابته. عبدالله واحد من جرحى الثورة الذين برزت قضيتهم اليوم على السطح بعدما طفح الكيل بهم لعدم توفير الرعاية لهم, وسبق للجرحى أن احتلوا منصة ساحة التغيير في صنعاء قبل أسابيع للضغط على الجهات المختصة لتحقيق مطالبهم؛ لكن الجهات المسؤولة عنهم لم تحرّك ساكناً!!.